السلطات الأوروبية تستعد لموجة نزوح من مقاتلي «داعش» بعد الهجوم على الموصل

مهاجمو باريس وبروكسل ضمن 5 آلاف متطرف تلقوا تدريباتهم في العراق وسوريا

أفراد من القوات العراقية الخاصة يعاينون سيارة مدمرة لداعش في إحدى القرى القريبة من الموصل أمس ( رويترز)
أفراد من القوات العراقية الخاصة يعاينون سيارة مدمرة لداعش في إحدى القرى القريبة من الموصل أمس ( رويترز)
TT

السلطات الأوروبية تستعد لموجة نزوح من مقاتلي «داعش» بعد الهجوم على الموصل

أفراد من القوات العراقية الخاصة يعاينون سيارة مدمرة لداعش في إحدى القرى القريبة من الموصل أمس ( رويترز)
أفراد من القوات العراقية الخاصة يعاينون سيارة مدمرة لداعش في إحدى القرى القريبة من الموصل أمس ( رويترز)

يثير الهجوم، الذي طال انتظاره لطرد تنظيم داعش من معقله في مدينة الموصل، مخاوف من تجدد الهجمات الإرهابية، حيث يقول مسؤولون أوروبيون في مجال مكافحة الإرهاب إنه من المتوقع عودة المزيد من المقاتلين إلى موطنهم بعد مشاركتهم في القتال في سوريا والعراق.
وتعد المخاوف الأمنية محور اهتمام أجهزة الاستخبارات الأوروبية، مع هجوم الجيش العراقي، وشركائه على مدينة الموصل، التي استخدمها تنظيم داعش كعاصمة للتخطيط والعمليات لأكثر من عامين.
من نفذ الهجمات، التي وقعت في باريس وبروكسل خلال السنوات القليلة الماضية، كانوا من أهل البلد، الذين تم تدريب بعضهم لدى تنظيم داعش في العراق وسوريا، قبل أن يعودوا إلى أوطانهم.
ويمثل التهديد معضلة محورية تواجه قادة البلاد، التي شنّ فيها تنظيم داعش هجمات إرهابية؛ فحتى مع دعمهم لجهود هزيمة «داعش» على الأرض، يخاطرون بطرد أتباع التنظيم وإبعادهم إلى مكان آخر. يقول مسؤولون رفيعو المستوى إنهم يرفعون درجة التأهب مع نزوح الآلاف من مدينة الموصل، التي تتعرض حاليًا لقصف جوي مكثف في إطار أكبر عملية بالنسبة إلى قوات الأمن العراقية منذ تشكيلها بعد إسقاط نظام صدام حسين.
ويقول مسؤولو مكافحة الإرهاب إنه من المبكر جدًا معرفة ما إذا كانت عملية الموصل سوف تحدث موجة جديدة من المقاتلين العائدين إلى أوروبا. مع ذلك إنهم يقولون: إنه عندما تلقى تنظيم داعش ضربات قوية في ساحة المعركة خلال العام الماضي، عاد المزيد من أتباعه إلى أوطانهم.
وقال روب وينرايت، رئيس «يوروبول»، جهاز الشرطة الأوروبي، الذي يتولى تنسيق جهود مكافحة تنظيم داعش داخل حدود أوروبا: «ربما تؤدي المزيد من الخسائر العسكرية، والمزيد من الضغط العسكري عليهم في المنطقة، إلى رد فعل أكبر من جانب التنظيم في أوروبا». وازداد تدفق المقاتلين العائدين «قليلا» على مدى الأشهر القليلة الماضية على حد قوله. كما أضاف قائلا: «لم تصبح الأعداد كبيرة بعد. وربما يتغير ذلك بسبب الهجوم على الموصل والرقة» في إشارة إلى معقل تنظيم داعش في سوريا، والذي يعد الهدف التالي الكبير بعد مدينة الموصل.
ويُقدّر عدد الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق من أجل المشاركة في القتال، الذي اندلع خلال احتجاجات الربيع العربي في سوريا عام 2011، بين 4 و5 آلاف مواطن أوروبي. ويقال: إن أغلبية المقاتلين الأوروبيين لا يزالون هناك في ساحة المعركة، على حد قول وينرايت. وتشير التقديرات إلى عودة نحو الثلث، بينما تم قتل الباقي.
وأصبحت الرحلة أصعب بعد إغلاق تركيا لحدودها مع سوريا؛ وهي خطوة ساعدت بشكل كبير في الحد من الحركة في الاتجاهين. وصرح مسؤولون أتراك خلال الأيام القليلة الماضية بأنهم يرون هروب مقاتلي تنظيم داعش تهديدًا كبيرًا، مؤكدين التزامهم بتعزيز الأمن على طول الحدود الطويلة مع سوريا والعراق. ويُعرف تنظيم داعش بقتله للمقاتلين الذين يعودون إلى صوابهم ويحاولون الخروج من القتال، مما يقلل عدد العائدين.
كذلك يسعى التنظيم إلى تنفيذ هجمات ذات أهمية كبرى لإثبات تمتعه بالنفوذ. وتباطأت حركة تدفق الأتباع الجدد الأوروبيين إلى ساحة القتال خلال العام الحالي بعدما كانت تمثل تحديًا كبيرًا أمام السلطات في السنوات القليلة الماضية.
مع ذلك، ما زال هناك بعض الحراك الممكن على حد قول وينرايت. وأوضح قائلا: «لا يزال تنظيم داعش نشطا في إعادة أعوانه إلى أوروبا بطرق تزداد تعقيدًا»، ومنها دفع المال لعصابات الجريمة المنظمة من أجل تزوير وثائق السفر بجودة عالية. خلال الأشهر القليلة الماضية شهد معدل العودة قدرًا من الارتفاع، كان ملحوظًا بشدة في بريطانيا، والسويد، وإيطاليا على حد قوله.
ويحذر مسؤولو مكافحة الإرهاب الأوروبيون منذ أشهر من أن تؤدي سلسلة الضربات، التي يتلقاها تنظيم داعش داخل الأراضي التي يسيطر عليها، إلى وجود تهديد مع هروب مؤيديه، وسعي قادته إلى إثبات استمرار تمتع التنظيم بالقوة والنفوذ.
وكانت الهجمات المتكررة في باريس خلال العام الماضي، ثم هجمات مارس (آذار) في بروكسل، المؤشرات الأولى التي تنذر بأن هدف التنظيم الجديد هو أوروبا. وخلال الصيف الحالي، أوضحت الهجمات، التي تم تنفيذها تأثرًا بدعوات «داعش»، في يوم الباستيل في مدينة نيس بفرنسا، إمكانية تنفيذ عمليات قتل واسعة النطاق بموارد قليلة. وقال جيلي دي كيرشوف، منسق مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي: «علينا أن نكون مستعدين، هذه هي الفكرة؛ فهناك الكثيرون. نحن لا نعلم ما إذا كانت ستكون هناك عودة بأعداد كبيرة أم لا، أو ما إذا كان الأمر سيمتد لفترة طويلة من الزمن أم لا». وأوضح أنه حتى إذا اضطر التنظيم إلى الانسحاب بشكل كبير على الأرض، لن يتبدد الخطر بالنسبة إلى أوروبا. وأضاف دي كيرشوف قائلا: «لقد أظهروا حماسة في الماضي؛ وأخشى من محاولة الأفراد، الذين لم يتم قتلهم أو اعتقالهم، إعادة الكرّة». وأشار إلى المخاوف من استغلال المواطنين الأوروبيين المهارات، التي تعلموها في ساحة المعركة، وتطبيقها في أوطانهم، وهي احتمالية تشمل كل شيء بدءا بالأسلحة الكيماوية، ووصولا إلى السيارات المفخخة.
جعل هذا التهديد المركب المسؤولين الأوروبيين يراقبون جيدًا العملية، التي بدأتها القوات العراقية والكردية بالتعاون مع سلاح الجو الغربي، وبمساعدة جهود الدعم على الأرض، يوم الاثنين. وصرح وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إرو، يوم الخميس قائلا: «مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين» قد يحاولون الهروب من مدينة الموصل. وأكد أنه من الضروري أن تفحصهم القوات جيدًا للتأكد من أنهم ليسوا من مقاتلي تنظيم داعش، ويحاولون الهروب بالاندساس بين الحشود. وجاءت تلك التصريحات عقب مؤتمر صحافي عقد في باريس من أجل مناقشة أمر تلك المعركة.
* شاركت أنابيل فان دين بيرغ في كتابة هذا التقرير
* خدمة «واشنطن بوست»
ـ خاص بـ {الشرق الأوسط}



محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر
TT

محمد حيدر... «البرلماني الأمني» والقيادي الاستراتيجي في «حزب الله»

صورة متداولة لمحمد حيدر
صورة متداولة لمحمد حيدر

خلافاً للكثير من القادة الذين عاشوا في الظل طويلا، ولم يفرج عن أسمائهم إلا بعد مقتلهم، يعتبر محمد حيدر، الذي يعتقد أنه المستهدف بالغارة على بيروت فجر السبت، واحداً من قلائل القادة في «حزب الله» الذين خرجوا من العلن إلى الظل.

النائب السابق، والإعلامي السابق، اختفى فجأة عن مسرح العمل السياسي والإعلامي، بعد اغتيال القيادي البارز عماد مغنية عام 2008، فتخلى عن المقعد النيابي واختفت آثاره ليبدأ اسمه يتردد في دوائر الاستخبارات العالمية كواحد من القادة العسكريين الميدانيين، ثم «قائداً جهادياً»، أي عضواً في المجلس الجهادي الذي يقود العمل العسكري للحزب.

ويعتبر حيدر قائداً بارزاً في مجلس الجهاد في الحزب. وتقول تقارير غربية إنه كان يرأس «الوحدة 113»، وكان يدير شبكات «حزب الله» العاملة خارج لبنان وعين قادة من مختلف الوحدات. كان قريباً جداً من مسؤول «حزب الله» العسكري السابق عماد مغنية. كما أنه إحدى الشخصيات الثلاث المعروفة في مجلس الجهاد الخاص بالحزب، مع طلال حمية، وخضر يوسف نادر.

ويعتقد أن حيدر كان المستهدف في عملية تفجير نفذت في ضاحية بيروت الجنوبية عام 2019، عبر مسيرتين مفخختين انفجرت إحداهما في محلة معوض بضاحية بيروت الجنوبية.

عمال الإنقاذ يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية ضربت منطقة البسطة في قلب بيروت (أ.ب)

ولد حيدر في بلدة قبريخا في جنوب لبنان عام 1959، وهو حاصل على شهادة في التعليم المهني، كما درس سنوات عدة في الحوزة العلمية بين لبنان وإيران، وخضع لدورات تدريبية بينها دورة في «رسم وتدوين الاستراتيجيات العليا والإدارة الإشرافية على الأفراد والمؤسسات والتخطيط الاستراتيجي، وتقنيات ومصطلحات العمل السياسي».

بدأ حيدر عمله إدارياً في شركة «طيران الشرق الأوسط»، الناقل الوطني اللبناني، ومن ثم غادرها للتفرغ للعمل الحزبي حيث تولى مسؤوليات عدة في العمل العسكري أولاً، ليتولى بعدها موقع نائب رئيس المجلس التنفيذي وفي الوقت نفسه عضواً في مجلس التخطيط العام. وبعدها بنحو ثماني سنوات عيّن رئيساً لمجلس إدارة تلفزيون «المنار».

انتخب في العام 2005، نائباً في البرلمان اللبناني عن إحدى دوائر الجنوب.