لأول مرة في مصر.. شقق فندقية بمعايير «العمارة الخضراء»

تجمع بين المجتمعات المستقبلية والمنظومة البيئية النظيفة

أحد المشروعات التي تتبع نهج «العمارة الخضراء» في العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)
أحد المشروعات التي تتبع نهج «العمارة الخضراء» في العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)
TT

لأول مرة في مصر.. شقق فندقية بمعايير «العمارة الخضراء»

أحد المشروعات التي تتبع نهج «العمارة الخضراء» في العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)
أحد المشروعات التي تتبع نهج «العمارة الخضراء» في العاصمة المصرية القاهرة («الشرق الأوسط»)

يشهد قطاع العقارات في مصر تحركات سريعة ومكثفة بهدف تلبية الطلب الكبير على الشقق السكنية في البلاد التي يبلغ تعدادها أكثر من 90 مليون نسمة، وشهدت الفترة الأخيرة توسعًا كبيرًا في الوحدات الفاخرة، إلا أن ما شهدته القاهرة الأسبوع الماضي يمثل نقلة نوعية في القطاع، ألا وهو الشقق الفندقية بمعايير «العمارة الخضراء».
فعلى أطراف شمال شرقي القاهرة، يقع حي هليوبوليس، الذي يُعتبر واجهة العاصمة من الجهة الشرقية، وأحد مداخلها المضيئة، وأول ما يستقبل القادمين من أنحاء العالم، نظرًا لقربه من مطار القاهرة. وتعتزم شركة «أبراج مصر» المطور العقاري في مجال البناء باستخدام تكنولوجيا العمارة الخضراء، بناء أكبر وأول مشروع ذكي صديق للبيئة في مصر والشرق الأوسط، فضلاً عن الشقق الفندقية Element by Westin، التي تم الاتفاق عليها بعد توقيع عقد شراكة استراتيجي مع سلسلة فنادق «ماريوت» العالمية - المالكة لمجموعة فنادق ومنتجعات «ستاروود» العالمية أكبر الشركات العالمية العاملة في مجال الفندقة. والمشاريع الصديقة للبيئة تستخدم تكنولوجيا العمارة الخضراء، التي تراعي المعايير البيئية وتستخدم الكهرباء النظيفة، وتقلل من الإشعاعات الناتجة من الشبكات اللاسلكية، الأمر الذي يوفر سكنًا تقل فيها الأمراض وتزيد الرفاهية. وإضافة الشقق الفندقية، التي ستديرها إدارة فنادق «الماريوت» العالمية، إلى مشروع «ذي جيت» سيمثل إضافة إلى خيارات الباحثين عن السكن الفندقي.
ومشروع «ذي جيت» السكني في مصر يتميّز بتصميمه الفريد الذي وضعه المصمم المعماري العالمي «فنسنت كاليبو»، ويتكوّن من مجمّع من المباني المُتصلة يتخللها 9 أشجار عملاقة تعمل على إعادة توجيه الرياح للحصول على تهوية كافية لجميع المباني، وهو أسلوب بنائي مستوحى من الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، يقوم على التحول باتجاه نماذج معيشية حديثة تعتمد في المقام الأول على استخدام أحدث نظم تكنولوجيا البناء والطاقة النظيفة.
ويعتبر المشروع ضمن المشروعات الصديقة للبيئة وأعلن عنه منذ شهور، وتنفذه شركة «أبراج مصر»، ليوفر طاقة نظيفة تعتمد على خلايا كهروضوئية تغطي مساحة أسطح المباني ليستمد منها المشروع جزءًا من احتياجاته من الطاقة. بالإضافة لاستغلال الطوابق العليا من مباني المشروع لإقامة حدائق خضراء ومتنزهات تهدف إلى توفير طبقة عازلة طبيعية للحد من حرارة الشمس، مما جعله ضمن أهم خمسة مشاريع صديقة للبيئة في الوطن العربي.
وتتضمن قائمة المشاريع الإنشائية العملاقة في المنطقة العربية خمسة فقط في أربع دول، هي مجمّع «مدينة مصدر» بالإمارات العربية المتحدة، مسجد «خليفة التاجر» في دبي، وهو المسجد الأول من نوعه صديق للبيئة في المنطقة، جامعة «الملك عبد الله للعلوم والتقنية» في السعودية، وهو أكبر مشروع في العالم من حيث المساحة يحصل على تصنيف «ليد» LEED البلاتيني للمباني التي تُحافظ على البيئة، ومركز التجارة العالمي في البحرين والذي يبلغ ارتفاعه 240 مترًا، ويُعدّ أول ناطحة سحاب في العالم تتضمّن - كجزءٍ من تصميمها - طواحين هواء عملاقة لتوليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح.
ومن المتوقع أن تنمو قيمة رأسمال السوق العالمية للمدن الذكية من 411.31 مليار دولار في عام 2014، إلى 1.134.84 مليار دولار بحلول عام 2019.
وقال المهندس علي ربيع، رئيس مجلس إدارة شركة «أبراج مصر»، بعد توقيع عقد الشراكة، إن إدارة فنادق ماريوت العالمية «تتمتع بسمعة جيدة في مجال الضيافة، وهي الشروط التي تتفق مع أهداف واستراتيجية عمل شركة (أبراج مصر) في تقديم مجتمعات سكنية وإدارية فاخرة تضم جميع وسائل المعيشة المستقبلية وسط أجواء صحية صديقة للبيئة».
وأكد ربيع أن «الشقق الفندقية ستكون الخيار الأول لراغبي التميز والباحثين عن الهدوء وتجربة الإقامة وسط أجواء تنبض بكل مظاهر الحيوية والرفاهية»، لافتا إلى أهمية الدور الذي لعبته شركة إنجاز في إتمام هذا التعاقد، إذ إنها مستشار التجارة والضيافة لشركة «أبراج مصر».
من جانبه، قال المهندس فتح الله فوزي مستشار تطوير الاستراتيجيات العقارية ودعم الأداء بشركة «أبراج مصر»، إن «السوق العقارية المصرية استطاعت أن تثبت من جديد قدرتها على أن تكون قاطرة الدفع الرئيسية لعجلة الإنتاج في كل الظروف»، معربًا عن تفاؤله الكبير بمستقبل العمارة الخضراء صديقة البيئة في مصر على تحقيق المعادلة الصعبة والجمع بين عنصري المجتمعات العمرانية ذات الملامح المستقبلية، والمنظومة البيئية النظيفة. ولفت فوزي إلى أنه من المقرر إنشاء 344 شقه فندقية مزودة بأحدث وسائل التكنولوجيا والرفاهية وأعلى معايير الجودة العالمية التي تفتح آفاقًا جديدة للتطوير العقاري.
من جانبه قال حسان أهدب، نائب الرئيس الإقليمي لأفريقيا والمحيط الهندي، إن «مصر تعد سوقا مهمة بالنسبة لنا، ونحن متحمسون لدخولنا في شراكة مع (أبراج مصر) لبناء العلامة التجارية Element by Westin، التي ستكون إضافة مهمة لوجودنا ونشاطنا المتنامي ليضع تعريفًا جديدًا لمواصفات الضيافة والفندقة في مصر». ويقدم الفندق السكني خيارات متعددة للإقامة، سواء لفترة قصيرة أو طويلة من خلال توفير استوديوهات واسعة وأجنحة وغرف نوم فردية وثنائية وثلاثية مفروشة بأثاث عصري وراقي، ومطابخ مجهزة تجهيزا كاملا، بالإضافة إلى أسرّة تحمل العلامة التجارية Heavenly المعروفة عالميًا، لافتًا إلى أن فنادق by Westin Element تتميز بكونها صديقة للبيئة، الأمر الذي جعلها مقصدًا عالميًا قويًا نظرًا لما تتمتع به من أسلوب حياة متميز.
من جانبه، قال المهندس وليد عبد الفتاح، نائب الرئيس المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا لشركة هيل إنترناشيونال لإدارة المشروعات، التي أُسند إليها كل الأعمال الخراسانية للمشروع، إن التعاون المثمر بين أبراج مصر ومجموعة «ماريوت» سيمثل مرحلة فارقة في أعمال المؤسستين داخل السوق المصرية خلال السنوات المقبلة، وسينتج عنها أحد أبرز الفنادق العالمية بالقاهرة، لافتًا إلى أن مشروع The Gate - الذي تديره هيل إنترناشيونال - يعد من أكثر المشاريع الإنشائية تميزًا ويمثل نقلة نوعية في سوق العقارات المصرية، خصوصًا أن تنفيذه بالشكل والتصميمات التي وضعت له مع تطبيقه للمعايير العالمية في تكنولوجيا البنايات الخضراء والطاقة المتجددة كان تحديًا كبيرًا لكل القائمين على تنفيذه.
وشركة «أبراج مصر» تأسست في عام 2010، وعلى الرغم من حداثة تأسيسها، فإنها شهدت نموًا سريعًا وموسعًا جعلها تتبوأ مكانة متميزة في مجال التطوير العقاري، من خلال مشاريع فريدة، وذلك بفضل اعتمادها على الأفكار الفريدة والمبتكرة التي أهّلتها لأن تكون المطور العقاري الأول والرائد في مجال البناء باستخدام تكنولوجيا العمارة الخضراء.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».