مواجهات بين النظام والمعارضة داخل حي جوبر تعيد تسخين جبهة دمشق

الفصائل تستعيد الديرخبية بالريف الغربي بعد أسبوع على خسارتها

مواجهات بين النظام والمعارضة داخل حي جوبر تعيد تسخين جبهة دمشق
TT

مواجهات بين النظام والمعارضة داخل حي جوبر تعيد تسخين جبهة دمشق

مواجهات بين النظام والمعارضة داخل حي جوبر تعيد تسخين جبهة دمشق

عادت العاصمة دمشق وريفها إلى واجهة الأحداث السورية، بعد التصعيد الذي شهده حي جوبر والاشتباكات العنيفة بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام خلال الساعات الماضية، بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي يشهدها الريف الغربي والشرقي للعاصمة، حيث نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مصادر مقربة من النظام، أن «اشتباكات عنيفة اندلعت مساء بالأسلحة المتوسطة والثقيلة بين الجيش السوري والمجموعات المسلحة في حي جوبر الدمشقي، ترددت أصدؤها بوضوح في العاصمة».
وقال سكان في أحياء دمشق الشرقية للوكالة الألمانية، إن «أصوات قصف بالمدفعية على حي جوبر، واشتباكات مسلّحة ظلّت تسمع في كل الأحياء الشرقية للعاصمة حتى فجر (أمس) الاثنين».
مصدر عسكري معارض، رأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبهة جوبر هي إحدى أهم الجبهات السورية إن لم تكنّ أهمها، لأنها تقع داخل العاصمة، وتمثّل خنجرًا في خاصرة النظام الذي فشل منذ أكثر من ثلاث سنوات في استعادتها». لكنّ المصدر اعتبر أن «نقطة ضعف الثورة هي أن أحد الفصائل (غامزًا من قناة فيلق الرحمن) يصرّ على الاستئثار بها، من أجل إظهار أنه القوّة الوحيدة الممسكة بهذه الجبهة». وشدد المصدر على أن «جبهة جوبر ستشكّل نقطة مهمّة لعمليات أوسع باتجاه قلب العاصمة، واستهداف مواقع وحواجز النظام، إلا أن ذلك يتطلّب توحيد عمل الفصائل ضمن قيادة عسكرية مشتركة». ويعتبر حي جوبر الدمشقي الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة أبرز أحياء شرق العاصمة دمشق، لكونه يتصل بساحة العباسيين التي تعتبر بوابة دمشق الشرقية.
أما مناطق الغوطة الشرقية فكانت معظمها هدفًا لعمليات قوات النظام، التي شنّت هجومًا على جبهة تل كردي، وأدت إلى مواجهات عنيفة مع مسلحي «جيش الإسلام». وأفاد الناشط المعارض في ريف دمشق ضياء الحسيني، بأن مدينة دوما «تعرضت لقصف شديد، أمس، بالقنابل العنقودية والصواريخ، ما أدى إلى سقوط عشرة (شهداء) وعدد كبير من الجرحى»، لافتًا إلى أن القصف «تركز على المشافى والنقاط الطبية والأسواق لقتل أكبر عدد ممكن من المدنيين».
وأعلن الناشط الحسيني، المقرّب من «جيش الإسلام»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مظاهرات انطلقت في عدد من مدن وبلدات الغوطة الشرقية تطالب بتغيير الوضع القائم حاليًا». وقال إن «الفعاليات الثورية رفعت ثلاثة مطالب لا تنازل عنها، الأول إعادة الحقوق لأصحابها، وتسليم الأسلحة التي استولى عليها (فيلق الرحمن) من (جيش الإسلام) أثناء قتالهما الصيف الماضي، والثاني فتح جبهات جديدة تخفف الضغط عن مناطق الغوطة الشرقية والغربية، والثالث إنشاء غرفة عمليات مشتركة للفصائل الثورية في الغوطة الشرقية، لتحرير الأراضي التي استولى عليها النظام، وإبعاد شبح التهجير القسري».
وفي ريف دمشق، شنت طائرات حربية روسية، وأخرى مروحية تابعة للنظام السوري، غارات على بلدة خان الشيخ في ريف دمشق الجنوبي الغربي. وقالت مصادر إعلامية مقربة من النظام للوكالة الألمانية، إن «اشتباكات مستمرة منذ ساعات الصباح الأولى من فجر الاثنين (أمس) في منطقة المزارع بمحور خان الشيح الديرخبية، وسط تمهيد بصواريخ أرض - أرض قصيرة المدى وقذائف المدفعية الثقيلة».
من جهته، كشف الناشط ضياء الحسيني، أن «كتائب الثوار تمكّنت من تحرير بلدة الديرخبية في ريف دمشق الجنوبي الغربي مجددًا، بعد أسبوع من سيطرة النظام عليها». وأكد أن «هجومًا نفذه مقاتلون ينتمون إلى (أجناد الشام) و(أحرار الشام) و(شهداء الشام)، انطلاقًا من مزارع خان الشيح، وتمكنوا من استعادة تحرير الديرخبية، وقتل 20 عنصرًا من النظام وأسر عدد آخر»، مشيرًا إلى «أن قوات الأسد ردّت على هذه العملية بقصف جوي عنيف بالطائرات الروسية وإلقاء البراميل المتفجرة من مروحيات النظام، بالإضافة إلى قصف خان الشيح بالمدفعية الثقيلة من اللواء 62 واللواء 790 التابعين للفرقة السابعة»، لافتًا إلى أن «قوات الأسد وحلفاءها يصرّون على تدمير خان الشيح، التي تعدّ خزانًا لمقاتلي المعارضة، وهي لا تزال آخر نقطة عصيّة على سيطرته في الريف الغربي للعاصمة»، مشيرًا إلى أن النظام «حاول يفصل بين الديرخبية وزاكية بساتر ترابي، وهدد أهالي زاكية بإقفال الطريق بشكل كلي، إلا أن الثوار شنّوا عملية مباغتة وسيطروا عليها».
بدورهم، أفاد ناشطون، بأن مقاتلي المعارضة السورية في ريف دمشق «صدوا هجوما لقوات النظام باتجاه مدينة خان الشيح وكبدوها خسائر كبيرة». وأكدوا أن «سيارات إسعاف قامت بنقل قتلى وجرحى النظام باتجاه مشافي العاصمة دمشق، وأن قوات النظام وبعد فشل هجومها، قامت باستهداف مناطق الثوار بالطائرات الحربية والبراميل المتفجرة». كما اتهم الناشطون ما يسمّى «حزب الله» اللبناني، بـ«اتباع سياسة التهجير القسري في بلدتي مضايا والزبداني، لإتمام عملية احتلاله للمنطقة». وأعلنوا أن عناصر الحزب «أبلغوا 25 عائلة تقطن في منطقة سهل مضايا الخاضع لسيطرة الحزب منذ 2012 بإخلاء منازلهم إلى جهات غير معلومة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.