عودة المخدرات في أفغانستان مع تزايد قوة طالبان

ارتفاع ملحوظ في زراعة الخشخاش التي ينتج منها الأفيون القاتل خلال 2016

قوات أفغانية تستعد لشن عملية عسكرية ضد عناصر طالبان في ولاية هلمند أمس (إ.ب.أ)
قوات أفغانية تستعد لشن عملية عسكرية ضد عناصر طالبان في ولاية هلمند أمس (إ.ب.أ)
TT

عودة المخدرات في أفغانستان مع تزايد قوة طالبان

قوات أفغانية تستعد لشن عملية عسكرية ضد عناصر طالبان في ولاية هلمند أمس (إ.ب.أ)
قوات أفغانية تستعد لشن عملية عسكرية ضد عناصر طالبان في ولاية هلمند أمس (إ.ب.أ)

يقول مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات في آخر دراسة سنوية له بأن إنتاج الأفيون في أفغانستان زاد بشكل حاد هذا العام، بالمقارنة بالعام الماضي. وأضاف مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة في بيان أمس إن إنتاج الأفيون في الدولة التي دمرتها الحروب زاد بنسبة 43 في المائة، ليصل إلى 4800 طن متري هذا العام.
وأشار البيان إلى أن المنطقة المزروعة بالخشخاش زادت أيضا، لتصل إلى 201 ألف هكتار في عام 2016، بزيادة بنسبة 10 في المائة مقارنة بما كانت عليه عام 2015.
وخلال أحدث حملة للقضاء على الخشخاش، قتل ثمانية أشخاص وأصيب سبعة، طبقا للمكتب التابع للأمم المتحدة. وفي عام 2015 قتل خمسة أشخاص وأصيب 18 بشكل إجمالي. وبينما تقاتل القوات الأفغانية حركة تمرد متصاعدة على نحو غير مسبوق في مختلف أنحاء البلاد، تتزايد الاضطرابات ويصعب الوصول إلى حقول الخشخاش بالنسبة للفرق المعنية بتدمير تلك الحقول. وما زال إقليم هلمند، الإقليم الرئيسي بالنسبة لإنتاج الأفيون في البلاد في عام 2016 مما يمثل نحو نصف الإجمالي الوطني في البلاد. يذكر أن كثيرًا من المناطق في الإقليم الذي يعاني من المشكلات الواقع جنوب أفغانستان يخضع لسيطرة حركة طالبان، مما يصعب اتخاذ أي جهود للقضاء على الأفيون هناك».
وتعتبر ولاية هلمند الحدودية مع باكستان إحدى أكثر مناطق البلاد اضطرابا فهي تفلت بشكل كبير من سيطرة الحكومة وتتعرض لهجمات متواصلة من حركة طالبان التي تتحرك بها بحرية شبه مطلقة فارضة الرسوم على مزارعي الخشخاش لتمويل عملياتها. وأشار الجنرال باز محمد أحمدي نائب وزير الداخلية المكلف مكافحة المخدرات إلى أن غالبية الحروب في أفغانستان تمولها زراعة الخشخاش. فأينما وجد الخشخاش في أفغانستان تجدون معارك.
وفي عام 2015 تراجعت للمرة الأولى في غضون ست سنوات زراعة الخشخاش في أفغانستان بنسبة 20 في المائة، في حين انخفض إنتاج الأفيون بالنصف، فيما شكل انتصارا نسبيا عزته الأمم المتحدة إلى الظروف المناخية غير المواتية.
وأكد أفيتيسيان مدير مكتب الأمم المتحدة في كابل أن التقرير السنوي الأممي يوفر أفضل تقييم لزراعات الخشخاش، معربا عن أسفه للتراجع الأخير في الدعم الدولي لمكافحة المخدرات.
وأخذت زراعة المخدرات ترتفع وتيرتها في أفغانستان منذ الغزو الأميركي لها عام 2001م، مما أدى إلى تصاعد الاتهامات الأميركية ضد السلطات الأفغانية بأنها تحمي تجارة الأفيون في أفغانستان‏، وبأنها تسير على نهج حركة طالبان نفسه التي تشجع زراعة المخدرات في المناطق التي تخضع لسيطرتها.
وبلغت صادرات أفغانستان السنوية من الأفيون والهيروين 5.2 مليار دولار بما يوازي ‏50 في المائة من ناتجها القومي، ما كان له أثرٌ إيجابي في ارتفاع مستويات المعيشة لسكان المناطق الجنوبية على مدى السنوات الماضية في دولة تعد من أكثر البلدان فقرا في العالم‏.‏
وقالت سلامت عظيمي وهي وزيرة مكافحة المخدرات في حكومة الوحدة الوطنية: «نحن بالفعل نفقد أطفالنا في الهجمات الانتحارية والصاروخية والقنابل، غير أن الإدمان حاليا أصبح نوعًا آخر من الإرهاب الذي يقتل رجالنا».
وتدير وزارة الصحة 95 مركزا لمكافحة الإدمان في شتى أرجاء البلاد تسع لنحو 2305 أشخاص، فضلا عن تخصيص الحكومة ميزانية علاج إجمالية لمليون مدمن بقيمة 2.2 مليون دولار سنويا، بما يعادل أكثر من دولارين لكل مدمن سنويا. وطلبت أفغانستان قبل بضعة أشهر من روسيا المساعدة في مكافحة المخدرات والإرهاب معا.
ومنذ يونيو (حزيران) الماضي شهدت المنطقة في إقليم هلمند الجنوبي المضطرب سلسلة من هجمات طالبان، من بينها هجمات من قبل مئات المقاتلين للاستيلاء على نقاط تفتيش للشرطة والطرق الرئيسية.
ويعتبر إقليم هلمند أكبر منتج للخشخاش في البلاد، ويمثل 46 في المائة من إجمالي ما يزرع في أفغانستان. وتعد كمية الأفيون المزروعة في المناطق الشمالية هي الأكبر، حيث يزداد العنف أيضا.
ويقول رحمة الله، الذي يعيش الآن مع عائلته في مخيم للمشردين على مشارف كابل، إن الحكومة الأفغانية لا تسيطر على الإطلاق على المنطقة التي يعمل بها.
وأضاف: «ذهبت إلى هناك للعمل لفترة قصيرة أثناء موسم الزراعة. عملت في حقل يملكه مالك الأرض.. مكثنا في حقل الخشخاش طوال النهار والليل لأن العمل كان متواصلا». وعمل هو واثنان من أصدقائه في المخيم بحقول الخشخاش من قبل شروق الشمس حتى وقت متأخر من بعد الظهر. وقال إنه سيفعل ذلك مرة أخرى في العام المقبل. وفي كل عام يعمل الآلاف من العمال في مزارع بجميع أنحاء البلاد خلال موسم زراعة الخشخاش وموعد الحصاد لكسب أموال إضافية. ويقدر مسؤولون أن هذا القطاع يعمل به بشكل غير مباشر نحو نصف مليون أفغاني، أي أكثر من إجمالي عدد قوات الأمن. وأنفقت مليارات الدولارات في السنوات الـ15 الماضية من أجل جهود مكافحة المخدرات لكنها لم تحقق سوى نتائج محدودة في أفغانستان.
وأصبحت أفغانستان حاليا مصدر 90 في المائة من سوق الأفيون العالمي، والتي تشمل الهيروين.
ويرجع المسؤولون المحليون والدوليون هذه الزيادة إلى انعدام الأمن على نحو متزايد وعدم الاستقرار السياسي، وجهود مكافحة المخدرات الفاشلة في الماضي. وغادر جمعة جول (38 عاما) وهو من سانجين أيضا، قريته قبل عامين بعد أن رفض طلب حركة طالبان بالانضمام إلى المقاتلين المتمردين. وكان يعمل في السابق لدى رجل قوي يمتلك مزرعة خشخاش كبيرة وكان يأخذ الأفيون الخام كأجر مقابل عمله هو وثلاثة مزارعين آخرين.
وكان يعمل في موسم الحصاد الأخير هناك، وقال إنه باع حصته البالغة 5.‏4 كيلوغرام من الأفيون مقابل 30 ألف روبية باكستانية (300 دولار). وأضاف جول «في منطقتي، تجارة الأفيون ما زالت مستمرة لكن الآن تحت حماية طالبان. من يدعمون طالبان هم فقط من يمكنهم العيش هناك، وليس نحن». المشكلة ممنهجة في جميع أنحاء البلاد.



جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
TT

جرائم العنف الأسري تحصد امرأة كل 10 دقائق في العالم

نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)
نساء يشاركن في احتجاج لإحياء اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة أمام بوابة براندنبورغ ببرلين (أ.ب)

قُتلت 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنحاء العالم عام 2023، معظمهن بأيدي أفراد عائلاتهنّ، وفقاً لإحصاءات نشرتها، (الاثنين)، الأمم المتحدة التي رأت أن بلوغ جرائم قتل النساء «التي كان يمكن تفاديها» هذا المستوى «يُنذر بالخطر».

ولاحظ تقرير لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في فيينا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة في نيويورك أن «المنزل يظل المكان الأكثر خطورة» للنساء، إذ إن 60 في المائة من الـ85 ألفاً اللاتي قُتلن عام 2023، أي بمعدّل 140 كل يوم أو واحدة كل عشر دقائق، وقعن ضحايا «لأزواجهن أو أفراد آخرين من أسرهنّ».

وأفاد التقرير بأن هذه الظاهرة «عابرة للحدود، وتؤثر على كل الفئات الاجتماعية والمجموعات العمرية»، مشيراً إلى أن مناطق البحر الكاريبي وأميركا الوسطى وأفريقيا هي الأكثر تضرراً، تليها آسيا.

وفي قارتَي أميركا وأوروبا، يكون وراء غالبية جرائم قتل النساء شركاء حياتهنّ، في حين يكون قتلتهنّ في معظم الأحيان في بقية أنحاء العالم أفرادا من عائلاتهنّ.

وأبلغت كثيرات من الضحايا قبل مقتلهنّ عن تعرضهنّ للعنف الجسدي أو الجنسي أو النفسي، وفق بيانات متوافرة في بعض البلدان. ورأى التقرير أن «تجنّب كثير من جرائم القتل كان ممكناً»، من خلال «تدابير وأوامر قضائية زجرية» مثلاً.

وفي المناطق التي يمكن فيها تحديد اتجاه، بقي معدل قتل الإناث مستقراً، أو انخفض بشكل طفيف فقط منذ عام 2010، ما يدل على أن هذا الشكل من العنف «متجذر في الممارسات والقواعد» الاجتماعية ويصعب القضاء عليه، بحسب مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أجرى تحليلاً للأرقام التي استقاها التقرير من 107 دول.

ورغم الجهود المبذولة في كثير من الدول فإنه «لا تزال جرائم قتل النساء عند مستوى ينذر بالخطر»، وفق التقرير. لكنّ بياناً صحافياً نقل عن المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، شدّد على أن هذا الواقع «ليس قدراً محتوماً»، وأن على الدول تعزيز ترسانتها التشريعية، وتحسين عملية جمع البيانات.