العاهل المغربي قرع الطبول الأفريقية.. ورئيس تنزانيا فتح الباب أمام الاستثمارات المغربية

توقيع اتفاقيات تعاون جديدة بين الرباط ودار السلام

العاهل المغربي الملك محمد السادس مصحوبًا بالرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي خلال زيارته لدار السلام في تنزانيا (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مصحوبًا بالرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي خلال زيارته لدار السلام في تنزانيا (ماب)
TT

العاهل المغربي قرع الطبول الأفريقية.. ورئيس تنزانيا فتح الباب أمام الاستثمارات المغربية

العاهل المغربي الملك محمد السادس مصحوبًا بالرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي خلال زيارته لدار السلام في تنزانيا (ماب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مصحوبًا بالرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي خلال زيارته لدار السلام في تنزانيا (ماب)

وقف العاهل المغربي الملك محمد السادس، مصحوبًا بالرئيس التنزاني جون بومبي ماغوفولي، أمام عدد من قارعي الطبول الأفريقية، وأضاف الملك عدة إيقاعات أفريقية إلى اللحن المعزوف له وهو يستعد لعبور بوابة القصر الرئاسي بدار السلام، المطل على المحيط الهندي، الذي احتفظ بكثير من طابعه المعماري، شاهدًا على القرون التي حكم فيها «آل سعيد» هذا الجزء من «ساحل الزنج» أو أفريقيا الشرقية.
واستحضر الرئيس التنزاني، في كلمة ألقاها خلال حفل توقيع اتفاقيات تعاون بين البلدين، الرحالة الإسلامي المعروف ابن بطوطة، الذي قال إنه كان أول مغربي يحط رحاله في هذا الساحل بعد أن تقاذفته المراكب في رحلة أسطورية من طنجة إلى زنجبار. وأضاف الرئيس التنزاني أنه يُكبر في العاهل المغربي الملك محمد السادس رغبته الكبيرة في إكمال مهمة «ابن بطوطة»، حين جلب معه إلى تنزانيا عددًا كبيرًا من رجال الأعمال المغاربة، الذين «سيبنون شراكة رابحة بين المغرب وتنزانيا»، على حد وصفه. وأضاف الرئيس التنزاني بحماس واضح: «لديكم الفوسفات، ونحن لدينا المعادن، تعالوا خذوا كل شيء.. خذوا كل شيء».
وبدأ المشهد في القاعة الكبيرة بالقصر الرئاسي مفعمًا بالحماس، كأنه يكشف عن ملامح مرحلة جديدة من التقارب بين البلدين بدأت تتأسس، خصوصا بعد أن أشرف قائدا البلدين على حفل توقيع جملة من اتفاقيات التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وذلك بحضور أعضاء من حكومتي البلدين، وممثلين عن القطاع الخاص والفاعلين في المجال الاقتصادي بكل من المغرب وتنزانيا.
وتم التوقيع على أكثر من 15 اتفاقية تعاون، من ضمنها اتفاقية تعاون لدعم المزارعين الصغار، ومذكرة تفاهم في مجال الصيد البحري، ومذكرة تفاهم في مجال الطاقة المتجددة، كما وقع المكتب الوطني المغربي للسياحة مذكرة تفاهم مع اللجنة التنزانية للسياحة. كما وقعت حكومتا البلدين على اتفاقية تعاون من أجل إنشاء وتطوير التأمين الزراعي في تنزانيا، ومذكرة تفاهم لتطوير ودعم مجمع صناعي ولوجيستي في تنزانيا، بالإضافة إلى مذكرة تفاهم للتعاون الثنائي بين الخطوط الملكية المغربية وشركة الخطوط التنزانية المحدودة.
في غضون ذلك، أجرى العاهل المغربي الملك محمد السادس مباحثات مع الرئيس التنزاني في اليوم الثاني من زيارة «صداقة وعمل»، يقوم بها العاهل المغربي إلى تنزانيا، وهي المحطة الثانية من جولة في بلدان شرق أفريقيا، بدأت من رواندا وستنتهي في إثيوبيا.
وجرت المباحثات بين قائدي البلدين على انفراد وفي قاعة بالقصر الرئاسي في دار السلام، عاصمة تنزانيا، وتعد هذه المباحثات الأرفع تمثيلاً بين البلدين منذ عقود، في ظل توجه المغرب نحو تعزيز دبلوماسيته في منطقة شرق أفريقيا، واستكشاف المستثمرين المغاربة لهذه المنطقة، التي تعد واحدة من أكثر مناطق أفريقيا نموًا.
وفي أعقاب المباحثات التي أجراها القائدان، تبادلا هدايا رمزية، فيما قام العاهل المغربي بتوشيح الرئيس التنزاني بـ«قلادة الوسام المحمدي»، وهي أرفع وسام تمنحه المملكة المغربية.
من جهة أخرى، أكد وزير الشؤون الخارجية التنزاني، أوغوستين ماهيغا، أن الزيارة، التي يقوم بها الملك محمد السادس لجمهورية تنزانيا تعد «حدثا تاريخيا غير مسبوق» بالنسبة لهذا البلد الشرق أفريقي، قائلا في تصريح للصحافة: «نحن من دون شك ممتنون لزيارة جلالة الملك.. التي ستمكن البلدين من ربط علاقات وثيقة وعميقة، مستندة في ذلك على العلاقات السياسية، التي تجمع بين جلالته وفخامة الرئيس جون ماغوفولي، والتي فتحت الباب أمام تعاون اقتصادي أوسع».
أما وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار فقد قال لـ«الشرق الأوسط» إن الهدف من زيارة العاهل المغربي إلى تنزانيا هو «تطوير العلاقات وتجديد إطارها القانوني وفتح مجالات التعاون وتنويعها على مستويات متعددة، منها الدبلوماسي والسياسي والاقتصادي، والمجالات المرتبطة بالجانب الروحي والأمني».
وأضاف مزوار أن الزيارة الملكية «تدخل في إطار تقوية العلاقات بين المغرب ودول أفريقيا، وتقوية التعاون جنوب - جنوب، وتدعيم التجربة وتنويع العلاقات على المستوى الأفريقي»، وفق تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.