جنبلاط يتجه إلى تأييد جزئي لعون رغم «التحفظات»

مصادر: القرار من منطلق أنه لا يستطيع الوقوف بوجه التوافق المسيحي - السني

جنبلاط يتجه إلى تأييد جزئي لعون رغم «التحفظات»
TT

جنبلاط يتجه إلى تأييد جزئي لعون رغم «التحفظات»

جنبلاط يتجه إلى تأييد جزئي لعون رغم «التحفظات»

لا يزال رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، يتريّث مترقبا سير المستجدات الرئاسية في لبنان قبل الإعلان عن موقف كتلته النيابية، النهائي من ترشيح النائب ميشال عون لرئاسة الجمهورية في جلسة الانتخاب المقبلة المحدّدة في 31 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وإن كانت المعلومات تشير إلى توجّه لتوزيع أصوات نوابه بما ينسجم مع مصلحته السياسية والانتخابية.
وبعدما كان من المتوقع أن يعلن اللقاء الديمقراطي موقفه النهائي من هذا الموضوع في الاجتماع الموسع الذي عقد أول من أمس السبت، للتشاور في المسار الرئاسي، أعلن عن عقد اجتماع آخر الأسبوع المقبل لاتخاذ موقف نهائي من جلسة الانتخاب الـ«46»، وهو ما أرجعته أوساط «الحزب الاشتراكي» إلى عدم توفّر التوافق اللبناني العام حول هذا الترشيح وعدم وضوح الموقف الدولي والإقليمي منه لغاية الآن لضمان نجاح العهد الجديد. وأوضحت مصادر في «اللقاء الديمقراطي» لـ«الشرق الأوسط»: «إن هناك توجهًا لدى جنبلاط لترك الخيار أمام غير الحزبيين فيما لم يحسم لغاية الآن الموقف النهائي بشأن الحزبيين، مع ترجيح أن يكون قرار التصويت لصالح عون، انطلاقا من أسباب ومعطيات عدّة، أهمها أن مصلحته تقضي بأن لا يخرج عن موقف المسيحيين في الجبل، وموقف السنة أيضا في إقليم الخروب، اللذين توافقا اليوم على ترشيح عون، خاصة أن الطرفين يشكلان قاعدة انتخابية أساسية له في منطقته، كما أنّه لا يمكن أن يغامر بالرفض الجذري وبالتالي الذهاب إلى المعارضة والبقاء خارج السلطة». هذه الأسباب، بحسب المصادر، أضيفت إليها أخيرا رسالة لا تقل أهمية عما يعرف بـ«القمصان السود» والتي تجسّدت عبر إعلان رئيس «حزب التوحيد» الوزير السابق وئام وهاب، نيته تأسيس «سرايا التوحيد» في الجبل، وهو ما رأت فيه المصادر ضغطا بدورها على جنبلاط من قبل النظام السوري وحلفائه للسير بخيار ما يسمى «حزب الله» الرئاسي.
من جهته، يقول مصدر مقرّب من «التيار الوطني الحر» لـ«الشرق الأوسط»: «بعد اتفاق عون – الحريري لا يمكن لجنبلاط أن يغرّد خرج هذا السرب، من دون أن ينفي المأزق الذي يقع فيه رئيس الحزب الاشتراكي اليوم، بعدما كان قد أعطى وعدا لرئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية بانتخاب الثاني»، مضيفا: «لكن في وضع كهذا، مصلحة جنبلاط الانتخابية هي أن تكون مع المسيحيين، وتحديدا (الوطني الحر) و(حزب القوات) اللذين سيؤدي تحالفهما في الانتخابات النيابية في الجبل، إلى (الإطاحة به)، وكيف إذا أضيف إليهما الطائفة السنيّة في المنطقة». من هنا، يرجّح المصدر أن لا يخرج قرار جنبلاط النهائي عن هذا التوجّه. ولا تنفي مصادر في «الحزب الاشتراكي»، أهمية ما يمكن وصفه بالتوافق المسيحي والسني، وتؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن اعتبارات وطنية أكثر أهمية هي التي تحكم وتقف خلف أي موقف سيتخذه رئيس الحزب الاشتراكي، مضيفة: «هناك أمور أساسية ينتظر جنبلاط توضيحها ليبنى على الشيء مقتضاه، متعلقة بشكل أساسي بمسألة التفاهمات السياسية المحلية لتحصين العملية الانتخابية والقبول الدولي والإقليمي للعهد الجديد ليكون كاملا وناجحا، وهي لا تزال غير متوفرة لغاية الآن، ومن هنا يرى ضرورة بذل الجهد اللازم للوصول إلى توافق عام حول هذا الانتخاب وأن لا يكون مدخلا لمشكلات أو انقسامات قادمة». وإذا كانت أصوات كتلة اللقاء الديمقراطي الذي عقد بكامل أعضائه، أول من أمس، ستتوزّع «بالتراضي» في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة، في حال عقدت، فإن هذا المشهد يعيد إلى الذاكرة ما حصل في العام 2011 عند تسمية رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لرئاسة مجلس الوزراء، وأدّى حينها «الانقسام العامودي» بين جنبلاط وعدد من نوابه، إلى نعي «اللقاء الديمقراطي» بنفسه.
وبانتظار قرار «اللقاء الديمقراطي» النهائي الأسبوع المقبل، لا تستبعد مصادر متابعة أن يتكرّر السيناريو نفسه في جلسة الانتخاب المقبلة، وذلك بعدما بات موقف النائب مروان حمادة معروفا في رفضه انتخاب عون وإعلان النائب محمد الحجار التزامه بقرار «تيار المستقبل»، باستثناء هنري حلو الذي كان قد رشّحه جنبلاط للرئاسة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.