نادي كبار الطهاة في العالم باستضافة الرئيس الهندي.. ابتداء من اليوم

هذا الشهر ستكون المطابخ الخاصة لكل من الرئيس الأميركي، ورئيس موناكو، وملكة إنجلترا، والمفوضية الأوروبية، والكرملين، والرئيس الفرنسي، والمستشارة الألمانية، والرئيس الهندي، والمجلس المحلي لبكين، وغيرهم بلا مدير لمدة أسبوع، حيث سيتجول رؤساؤها من الطهاة في أنحاء الهند.
للمرة الأولى سيسافر الطهاة، الذين استضافهم البيت الأبيض، وقصر الإليزيه، وفي برلين، وستوكهولم، وأوتاوا، وموناكو من قبل الأمير ألبرت الثاني، وفي روما، وموسكو، وغيرهم من رؤساء الدول الأخرى، في وقت سابق، إلى الهند ليكونوا في ضيافة الرئيس الهندي.
* ما هو نادي كبار الطهاة؟
نادي كبار الطهاة، هو أهم تجمع نخبوي لخبراء الطعام على مستوى العالم، وقد تم تأسيسه في مطعم بول بوكوز، معبد فن تذوق الطعام الأسطوري في «كوولنج أو مون دور» Collonges Au Mont D›or عام 1977 على يدي رجل الأعمال الفرنسي جيل براغارد، الذي يعد بمثابة المعلم بالنسبة إلى الطهاة، وفن الضيافة العالمي.
منذ ذلك الحين، يجتمع كبار الطهاة في دولة مختلفة كل عام، حيث يستكشفون تذوق الطعام المحلي، ويشاركون في عدة أنشطة في مجال الطهي، وبطبيعة الحال يكشفون عن بعض أسرار مطابخهم.
ويعتمد النادي معايير عضوية صارمة، فحتى يتم قبول عضوية الفرد في نادي النخبة، لا بد أن يكون العضو هو الطاهي الشخصي الحالي لرئيس دولة. ولا يتم قبول سوى طاهٍ واحد من كل دولة، باستثناء الصين، حيث إن لها عضوين في النادي.
* من سيزور الهند من نادي كبار الطهاة؟
ستحضر هذا التجمع كريستيتا كامرفورد، من مطبخ البيت الأبيض، وهي واحدة من الطاهيتين الوحيدتين في النادي. وكانت لورا بوش هي من عينت كريستيتا، الطاهية فلبينية المولد، عام 2005، لتعد وجبات العشاء الرسمية، وقوائم الطعام خلال العطلات الرسمية. ومن باريس يأتي الطاهي المخضرم برنارد فوسيان، طاهي القادة الفرنسيين لنحو 40 سنة. كذلك يحضر هذا الحدث مارك فلاناغان، كبير الطهاة في قصر باكنغهام، الذي يقدم للملكة قائمة طعام اليومية المغلفة بالجلد الأحمر، ودو جيانلين، وزو شوانيو، الطاهيان اللذان يعملان لدى الرئيس الصيني شي جين بينغ. كذلك سيأتي طهاة رؤساء إسرائيل، وإيطاليا، وجنوب أفريقيا، وسريلانكا، وغيرها من الدول. سيكون من بين الحضور أولريخ كيرز، طاهي المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إضافة إلى طهاة ملوك تايلاند، والدنمارك، والسويد، وإسبانيا.
وسيقوم مونتو سايني، طاهي الرئيس الهندي، بدور المضيف. ويعد سايني، البالغ من العمر 31 عامًا، هو أصغر أعضاء النادي. سيقوم خمسة من هؤلاء الطهاة، ومن بينهم مونتو سايني، طاهي الرئيس الهندي، بطهي عشاء خيري سيقام في فندق الـ«إمبيريال». وسيتم تخصيص عائد هذا العشاء لتمويل أعمال خيرية إنسانية في الهند.
وقال جيل براغارد، رجل الأعمال الفرنسي، الذي زار دلهي أخيرا للتفاعل مع وسائل الإعلام: «يأتي الرؤساء ويرحلون، بينما يبقى الطهاة». ويلتقي أعضاء النادي للمرة الأولى في الهند خلال الفترة من 23 إلى 28 أكتوبر (تشرين الأول) . وسوف يتم بسط السجاد الأحمر في منزل الرئيس الهندي لاستقبال الرجال والنساء الذين يصنعون السحر والأعاجيب في مطابخ العالم المهمة. مع ذلك لن يكون العمل هو كل ما ينتظر الطهاة، حيث سيسافرون إلى أغرا، وجايبور، وسيتم دعوتهم لتناول الشاي مع الرئيس الهندي براناب مخرجي.
وقال مخرجي: «إنها طريقة لجعلهم يشعرون لمدة أسبوع بما يشعر به رؤساء الدول، الذين يخدمونهم، وليسترخوا بعد العمل الشاق الذي يقومون به طوال العام».
* الطعام والدبلوماسية
ما أهمية الطعام بالنسبة للدبلوماسية؟ لا يمكن للمرء أن يتجاهل دور تذوق الطعام في السياسة، ويدرك أهمية الطعام في الوصول إلى حسن المعاملة على حد قول براغارد خلال مؤتمر صحافي في الهند. وصرح خلال المؤتمر قائلا: «يلعب تذوق الطعام دورًا سياسيًا مهمًا. السياسة تفرق الرجال، في حين توحدهم طاولات الطعام. والطهاة هم أفضل دبلوماسيين».
الأكلات الفاخرة هي ما تحرك السياسة العالمية حاليًا. وأشار براغارد إلى أنه يتم مناقشة الاتفاقيات في الغرف الهادئة، وخلف الأبواب المغلقة، بينما عادة ما تتم إقامة الروابط الحقيقية على موائد الطعام. وأضاف قائلا: «الأمر يصدق كذلك على رؤساء الدول وأسرهم، فالمأكولات والمشروبات الجيدة تجمع الناس». وأوضح أن الطعام الجيد يقدم إلى النخبة من الزوار، وكذلك يعد تأكيدا على ما تتمتع به الدولة المضيفة من حسن ضيافة، وكذلك على قوتها.
* عادات الطعام لدى قادة العالم
رغم محاولات وسائل الإعلام لمعرفة عادات الطعام الغريبة لقادة العالم، عادة ما يحافظ الطهاة على ما يعرفونه من أسرار. ففي النهاية، كما يذكر براغارد: «لا يريد قادة العالم أن يعرف الناس أطباقهم المفضلة، خوفًا من إطعامهم الصنف نفسه في كل مرة، وهو أمر يبعث على السأم».
مع ذلك تمكن براغارد من معرفة بعض الأسرار، حيث لا يعلم سوى قليل من الأفراد حول العالم أن المستشارة الألمانية تحب الذهاب إلى باريس بسبب عشقها للمطبخ الفرنسي، وأنه من الأفضل تفادي تقديم الخرشوف إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. وقد منع نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق، دخول الجبن إلى قصر الإليزيه، بينما يعد حب هولاند لمنتجات الألبان أمرًا معروفًا.
من الأسرار الأخرى تنوّع أذواق أفراد الأسر المالكة، وزيارة ألبرت الثاني، أمير موناكو، للمطبخ كل صباح ليمنح موافقته على الوجبات، ويقدم خضراوات حديقته العضوية من مسقط رأسه خارج مونت كارلو، في حين أن الملكة إليزابيث الثانية، تفضل طبق الفواغرا، بينما تبتعد زوجة حفيدها، كيت ميدلتون، عن مثل هذه الأطعمة الغنية بالدهون.
تحتاج المهمة إلى أن يحافظ الطاهي على سرية وخصوصية القائد في كل الأوقات. وأضاف: «هناك مخاطر من الكشف عن الكثير، فقد كشف طاهي جاك شيراك، الرئيس الفرنسي الأسبق، ذات مرة عن حب الرئيس للحم العجل، وكانت النتيجة أنه أينما كان يذهب الرئيس، كان يتم تقديم رأس عجل له. وعلى الجانب الآخر، عندما كشف بوش عن مدى كرهه للبروكلي، شعر المزارعون بالغضب الشديد».
* هل لا يزال هناك متذوقو طعام لقادة العالم؟
هناك متذوقون معينون، لكن لا توجد وظيفة مختبر طعام رسمية إلا في الكرملين فقط، ومن مهام الوظيفة تناول جزء من الطعام المقدم إلى الرئيس الروسي، والتأكد من عدم التلاعب فيه بأي شكل من الأشكال.
وليس هذا من المستغرب، فقد كان لدى جورج بوش عميلان سابقان من مكتب التحقيقات الفيدرالي في مطابخ البيت الأبيض. يبدو أن القادة الأميركيين يشكون بشكل خاص في الطعام غير الأميركي، بينما يترك قادة العالم الآخرون معداتهم في أيدي طهاتهم.
ويحظى الطهاة، الذين يتعاملون يوميًا مع صناع القرار في العالم، بثقة أصحاب العمل المطلقة.
مع ذلك يتجاوز الأمر النميمة، حيث يحاول براغارد وسايني رسم صورة لشكل الحياة بالنسبة إلى أعضاء نادي كبار الطهاة الذين يتعاملون مع السيدات الأول، وأبناء القادة، ومتذوقي الطعام، ومختبريه. ويتم فحص الطهاة أمنيًا من قبل أجهزة الاستخبارات، ويقومون بالطهي للحيوانات الأليفة للرؤساء الزائرين.
وأوضح ماتشيندرا كاستور، الطاهي التنفيذي السابق في منزل الرئيس الهندي وعضو نادي كبار الطهاة، كيف مثّل الهند عندما ذهب إلى البيت الأبيض، ومقرّ الأمم المتحدة، عام 2013، وطهى بشكل خاص للملكة إليزابيث الثانية أثناء زيارته إلى قصر باكنغهام. ولأنه طهى مرتين لباراك أوباما، أعد كاستور طبقًا خاصًا من لحم الضأن يسمى «ران العلي شان» في إحدى المآدب الرسمية، حيث كان يعلم جيدًا مدى حب الرئيس الأميركي للحم.
وبينما عاد إلى آشوك في دلهي، حيث بدأ حياته المهنية، لا يزال يتذكر ماضيه في عالم الرؤساء باستمتاع. ويقول: «أكثر العمل كان خلال أيام المآدب الرسمية، والمراسم المختلفة، لكن التحدي الحقيقي كان يتمثل في أيام مثل 15 أغسطس (آب)، و26 يناير (كانون الثاني)، حين كان الرئيس يدعو إلى حفلات منزلية يحضرها نحو 3 آلاف شخص من علية القوم من مختلف أنحاء العالم. ويتولى تنظيم هذه الحفلات طاقم عمل دائم يتكون من 10 إلى 12 طاهيًا».
* ما شكل قائمة الطعام التي سيقدمها الطهاة؟
سيكون لها نكهة المطبخ الهندي، وروح ثقافة البلاد المتقدة بالحيوية. وقال مونتو سايني: «سوف أتولى أمر الأطباق الرئيسية، بينما سيعد طاهي الرئيس أوباما الحساء. سوف تكون قائمة الطعام متوازنة، وأتشوق لرؤية النتيجة النهائية». وينتوي سايني تقديم كل شيء من طبق «غول غاباس»، و«تشات»، وغيرها من الأطباق الهندية المعقدة إلى نظرائه الدوليين. وكل المنتجات الزراعية المستخدمة في كل تلك الأطباق محلية.
* ما هو شعور من يقف أمام الموقد، الذي يتم طهي الطعام عليه، لبعض من أكثر شخصيات العالم نفوذًا؟
قال سايني: «أن تكون طاهي رئيس أمر مختلف للغاية، لأنك في هذه الحالة لا تبيع الطعام، مثلما تفعل في المطاعم، بل يكون التركيز هنا على الخدمة التي يجب أن تخلو من أي خطأ».
وأشار سايني إلى أن وظيفة طاهي رئيس دولة قد تكون مسببة للتوتر والضغوط النفسية. وتحدث عن الأزمة، التي وقعت خلال مأدبة في القمة الهندية - الأفريقية، التي حضرها 400 ضيف، التي كانت تعد أكبر مأدبة عشاء يقيمها الرئيس في مقرّ إقامته. وكانت الأزمة هي أن قدم الخادم، الذي كان يحمل الحلوى في أكواب زجاجية صغيرة، قد انزلقت على الدرج فسقطت من يديه الصينية. وكانت تعد أزمة لأن أهم شيء في مآدب الدولة الرسمية هو الإدارة، والتوقيت الدقيق. لا يجب أن يحدث أي خطأ، ويجب أن تعقب الخطوة الأخرى كما هو مخطط، فالأمر يتعلق بالكرامة الوطنية. لحسن الحظ كان هناك بعض الحلوى المتبقية، رغم أن هذا الأمر قد أدى إلى التأخير والتعطيل بحسب ما قال سايني، الذي يرأس فريقًا مكونًا من 40 طاهيًا، ويشرف على كل وجبة، أو مشروب، أو وجبة خفيفة في مقر الإقامة الرسمي للرئيس الهندي.