اجتماع مجلس أمن قومي مصغر في مصر عقب اغتيال ضابط كبير بالجيش

الحادث تزامن مع صدور أول حكم نهائي وبات بحق مرسي بالسجن 20 عامًا

عناصر من شرطة الشغب المصرية في مكان الحادث التي أودى بحياة العميد رجائي (الإطار) في مدينة العبور أمس (أ.ف.ب)
عناصر من شرطة الشغب المصرية في مكان الحادث التي أودى بحياة العميد رجائي (الإطار) في مدينة العبور أمس (أ.ف.ب)
TT

اجتماع مجلس أمن قومي مصغر في مصر عقب اغتيال ضابط كبير بالجيش

عناصر من شرطة الشغب المصرية في مكان الحادث التي أودى بحياة العميد رجائي (الإطار) في مدينة العبور أمس (أ.ف.ب)
عناصر من شرطة الشغب المصرية في مكان الحادث التي أودى بحياة العميد رجائي (الإطار) في مدينة العبور أمس (أ.ف.ب)

في تطور نوعي جديد، اغتال مسلحون في مصر أمس ضابطا كبيرا في الجيش أمام منزله في مدينة العبور المتاخمة للعاصمة المصرية القاهرة، بحسب مسؤول رفيع في الجيش. وعقد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اجتماعا لمجلس الأمن القومي المصغر، وطالب خلاله برفع درجات اليقظة والحذر والعمل على زيادة تأمين المنشآت الحيوية.
وبينما أعلن تنظيم مسلح جديد مسؤوليته عن الحادث، حذر خبراء أمن من دلائل تشير إلى نجاح تنظيم أنصار بيت المقدس بسيناء في إقامة اتصالات بتنظيمات هامشية في الوادي، بعد أن كثف الجيش ضرباته لمواقعهم في شبه الجزيرة.
وتزامنت العملية الإرهابية مع صدور أول حكم نهائي وبات بحق الرئيس الأسبق محمد مرسي، حيث قضت محكمة النقض أمس برفض طعن مرسي والقياديين بجماعة الإخوان محمد البلتاجي وعصام العريان و6 آخرين على الأحكام الصادرة ضدهم بالسجن المشدد ما بين 10 أعوام و20 عاما في القضية المعروفة إعلاميا «بأحداث قصر الاتحادية».
وعقد الرئيس السيسي اجتماعا لمعظم أعضاء مجلس الأمن القومي، بالإضافة لمحافظ البنك المركزي، وخلال الاجتماع طالب الرئيس السيسي، برفع درجات اليقظة والحذر والعمل على زيادة تأمين المنشآت الحيوية.
وقال علاء يوسف، المتحدث باسم الرئاسة، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن السيسي ناقش في اجتماع مع رئيس الوزراء، ومحافظ البنك المركزي، وزراء الدفاع، والخارجية، والداخلية، والمالية، والتموين، ورئيسي المخابرات، موضوعات عدة، وفي مقدمتها مستجدات الأوضاع الأمنية بالبلاد.
وأضاف المتحدث، أن السيسي أكد على ضرورة «قيام جميع أجهزة الدولة بتوخي أقصى درجات اليقظة والحذر، والعمل على زيادة تأمين المنشآت الحيوية بما يضمن الحفاظ على أمن الوطن وسلامة المواطنين».
وتابع، أن السيسي قال، خلال الاجتماع بحسب البيان، إن «مصر لن تنسى التضحيات التي قدمها شهداء الوطن من أبناء القوات المسلحة والشرطة الذين ضحوا بحياتهم فداء لمصر»، وشدد على أن «دماءهم لم ولن تذهب هباء».
وقال المتحدث، إن السيسي بحث مع المسؤولين جهود استهداف البؤر الإجرامية والمتطرفة، حيث تم التأكيد على استمرارها حتى القضاء عليها.
ويأتي اجتماع مجلس الأمن القومي المصغر، بعد ساعات من اغتيال العميد رجائي، ورغم تصريح مصدر رفيع بالجيش، لـ«الشرق الأوسط» بأن «ما نستطيع تأكيده حتى هذه اللحظة أن مسلحين ملثمين فتحوا نيران أسلحتهم على العميد عادل رجائي؛ ما أدى إلى استشهاده، لكن من المبكر جدا الحديث عن أسباب هذا الاستهداف أو صلته بما يجري في سيناء»، يعتقد طيف واسع من المراقبين أن الحادث على صلة وثيقة بالعمليات الدائرة في سيناء ضد التنظيمات الإرهابية.
والعميد أركان حرب رجائي الذي قتل أمس هو قائد الفرقة التاسعة مدرعات في منطقة دهشور غرب القاهرة. وعمل العميد رجائي لمدة طويلة في شمال سيناء وكان له دور بارز في عملية هدم الأنفاق بين قطاع غزة ورفح، بحسب مصدر مسؤول في الجيش. وتشهد شبه الجزيرة منذ أكثر من عامين معركة عنيفة بين قوات الجيش والشرطة وتنظيمات إرهابية، أبرزها تنظيم أنصار بيت المقدس.
وقال شهود عيان إن «ثلاثة مسلحين ملثمين يستقلون سيارة أطلقوا وابلا من الرصاص على العميد رجائي أمام منزله وأصابوه في أماكن متفرقة من جسده؛ ما أدى لمقتله وإصابة حارسه الشخصي».
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين من الحكم في يوليو (تموز) عام 2013، قامت تنظيمات مسلحة عدة باستهداف قيادات في الدولة، أبرزهم النائب العام المستشار هشام بركات الذي اغتيل في يونيو (حزيران) من العام الماضي، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم ومفتي مصر السابق علي جمعة، بالإضافة إلى اغتيال ضباط في جهاز الأمن الوطني وقضاة.
ورغم مقتل عشرات من ضباط الجيش في المواجهات مع التنظيمات الإرهابية، يعد استهداف العميد رجائي هو أول عملية منظمة تستهدف ضابطا كبيرا في الجيش بشكل مباشر. قالت الصحافية سامية زين العابدين، زوجة العميد رجائي، إنها فوجئت بسماع أصوات طلقات الرصاص عقب نزوله من المنزل مباشرة. وأوضحت أن هناك سيارة ملاكي بها ثلاثة إرهابيين انتظروا زوجها أثناء خروجه من منزله بالعبور، وأطلقوا الرصاص عليه بسلاح آلي؛ مما أدى إلى مقتل زوجها فور وصوله إلى المستشفى، متأثرا بجراحه، فيما ما زال حارسه الشخصي بغرفة العمليات حتى كتابة هذا التقرير. وشيع العميد رجائي أمس في جنازة عسكرية من مسجد المشير طنطاوي.
وقال مصدر أمني إن «حالة استنفار أعلنت في محافظة القليوبية المتاخمة للعاصمة المصرية القاهرة لضبط العناصر المتورطة في عملية اغتيال العميد رجائي»، مشيرة إلى أن قوات الشرطة أعدت أكمنة على مداخل مدينة العبور ومخارجها.
واتهم مصدر أمني بالقليوبية، في تصريحات صحافية أمس جماعة «الحراك المسلح»، التابعة لجماعة الإخوان، باغتيال العميد رجائي، مشيرا إلى أن «التحريات الأولية رصدت تردد 4 أشخاص من تلك العناصر على 3 مكاتب عقارية، لاستئجار شقة بمدينة العبور منذ 25 يوما، ولكنهم لم يتمكنوا بسبب عدم وجود شقق على أطراف المدينة، توافق رغبتهم». وأعلن تنظيم جديد يدعى «لواء الثورة» مسؤوليته عن العملية. وسبق لهذا التنظيم أن تبنى حادث الهجوم على كمين للشرطة في وسط الدلتا. ويشير مقطع مصور على حساب تنظيم «لواء الثورة» على موقع «تويتر» إلى ارتباطه بالتنظيمات الإسلامية المتشددة، واستخدم التنظيم في دعايته مشاهد من فض اعتصام رابعة العدوية، كما بث مقطعا أيضا لمقتل الناشطة اليسارية شيماء الصباغ.
ويشكل استهداف ضباط كبار في الجيش داخل الوادي تطورا نوعيا جديدا في المواجهات مع العناصر المسلحة التي يصف نشاطها الخبراء عادة بـ«العشوائي».
وقال اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، إن «الضغوط التي يواجهها تنظيم أنصار بيت المقدس في سيناء خلال الأيام الماضية دفعته إلى اختيار مناطق جديدة لكي يبقى داخل المشهد». وأضاف اللواء المقرحي، «بعيدا عن المسميات المختلفة للجماعات الإرهابية سواء (أجناد مصر) أو (حسم) أو (اللواء الثوري) أو (أنصار بيت المقدس)، يجب أن نظل منتبهين أن كل هذه التنظيمات جاءت من رحم جماعة الإخوان المسلمين». وشنت قوات من الشرطة والجيش خلال الأيام الماضية حملات موسعة على مواقع للتنظيمات الإرهابية في شمال سيناء شاركت فيها مقاتلات الجيش، ردا على استهداف العناصر الإرهابية كمينا للجيش في منطقة بئر العبد؛ ما أسفر عن مقتل 12 جنديا.
وقال بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة أمس، إنه «استمرارا لجهود أبطال قواتنا المسلحة في ملاحقة العناصر التكفيرية ومداهمة البؤر الإرهابية في شمال سيناء، قامت قواتنا الجوية فجر اليوم (أمس) يعاونها عناصر المدفعية بقصف جوي لـ(24) ملجأ تستخدمها العناصر التكفيرية بالتزامن مع تكثيف هجمات القوات البرية والقوات الخاصة للقضاء على البؤر والعناصر الإرهابية، وقد أسفرت أعمال القتال عن مقتل 21 فردا تكفيريا، بالإضافة إلى تدمير 40 دراجة نارية، واكتشاف وتدمير 16 عبوة ناسفة كانت معدة ومجهزة لاستهداف قواتنا».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.