ملك المغرب ورئيس رواندا يترأسان توقيع اتفاقيتين بين مؤسستين اجتماعيتين

مليون يورو هبة من مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة لـ«إمبوتو فوندايشن»

العاهل المغربي مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، خلال حضورهما حفل التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة «إمبوتو فوندايشن» في كيغالي أمس (ماب)
العاهل المغربي مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، خلال حضورهما حفل التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة «إمبوتو فوندايشن» في كيغالي أمس (ماب)
TT

ملك المغرب ورئيس رواندا يترأسان توقيع اتفاقيتين بين مؤسستين اجتماعيتين

العاهل المغربي مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، خلال حضورهما حفل التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة «إمبوتو فوندايشن» في كيغالي أمس (ماب)
العاهل المغربي مع الرئيس الرواندي بول كاغامي، خلال حضورهما حفل التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة «إمبوتو فوندايشن» في كيغالي أمس (ماب)

ترأس العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس الرواندي بول كاغامي، الذي كان برفقة عقيلته جينيت كاغامي، رئيسة مؤسسة «إمبوتو فوندايشن»، أمس الجمعة بكيغالي، حفل التوقيع على مذكرة تفاهم بين مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ومؤسسة «إمبوتو فوندايشن».
ووقع هذه الاتفاقية، التي ترسي تعاونا وثيقا بين المؤسستين في ميادين الصحة والتربية وتقوية كفاءات الشباب، والنهوض بالأنشطة المدرة للدخل، الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة مصطفى التراب، والنائبة الأولى لرئيسة «إمبوتو فوندايشن» ريتا زيريم واباغادو.
وألقى التراب كلمة أمام قائدي البلدين، أكد فيها أن مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة، التي تأسست بمبادرة من الملك محمد السادس سنة 2008، هي منظمة غير ربحية تتمثل مهمتها الرئيسية في التنمية البشرية والاجتماعية في القارة الأفريقية. وأضاف التراب أن المؤسسة، التي تدعم عدة مبادرات بسبع دول (السنغال، ومالي، وغينيا كوناكري، وغينيا بيساو، وكوت ديفوار، والغابون، ومدغشقر) تعمل من أجل النهوض بالولوج إلى الصحة والتربية والتنمية الاجتماعية - الاقتصادية بهذه البلدان، وإعداد برامج لمحاربة الفقر.
وقال التراب إن المؤسسة قامت في المجال الصحي ببناء وتجهيز عيادة لطب العيون بدكار، وعيادة متخصصة في الصحة الإنجابية بباماكو، ومستشفى «الأم والطفل» في كوناكري، فضلا عن تزويد السلطات الصحية في كل من كوت ديفوار والسنغال والغابون وغينيا بيساو بالأدوية والمعدات الطبية الحيوية. كما وضعت المؤسسة، يضيف التراب، رهن إشارة المراكز الصحية بالبلدان الشريكة 170 سريرا، مشيرا إلى أن هذه المراكز الصحية تقوم سنويا بـ16 ألف استشارة طبية و800 عملية في طب العيون.
وبخصوص تعزيز قدرات الشباب، ذكَّر التراب بالمشروعات الرائدة التي أقامتها المؤسسة، وخصوصا بناء وتجهيز مراكز التكوين المهني في مهن السياحة والبناء والأشغال العمومية، والصحة والنقل واللوجيستيك، فضلا عن بناء مدارس للتعليم الأولي.
وفيما يتعلق بدعم الأنشطة المدرة للدخل، أشار الرئيس المنتدب لمؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة، إلى أن هذه الأخيرة، ساهمت في بناء نقاط تفريغ تم تهيئتها لصالح مهنيي الصيد التقليدي في كل من كوت ديفوار وغينيا كوناكري والسنغال، إضافة إلى تطوير برامج للتخصيب الاصطناعي لصالح مربي الماشية الماليين.
وأبرز أن مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة ستواصل بشراكة مع مؤسسة «إمبوتو» عملها، انسجاما مع رؤية العاهل المغربي الذي يعطي الأولوية للنهوض بالعنصر البشري وللتعاون جنوب – جنوب، من أجل تنمية أفريقيا على أساس قيم التضامن.
من جهتها، ثمنت المديرة العامة لـ«إمبوتو فوندايشن» سانديرن إيموتوني، التوقيع على هذه الشراكة، مؤكدة أن مؤسسة «إمبوتو» التي تأسست قبل 15 سنة، تعمل من أجل النهوض بأوضاع النساء والشباب على أساس قيم التميز والاندماج والالتزام، وهي القيم التي تتقاسمها مع مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة.
وأضافت إيموتوني موضحة أن «إمبوتو»، التي أطلقت كثيرا من المشروعات في انسجام تام مع الأولويات الوطنية لرواندا في مجال التنمية، تروم بالأساس المساهمة في تنشئة شباب متعلم، ومزدهر وقادر على المساهمة بشكل فاعل في تقدم البلاد. وأعربت عن رغبة مؤسستها في العمل يدا في يد مع مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة، بهدف تجسيد الأهداف المشتركة وتعزيز تقاسم الخبرة بين الهيئتين.
وبمقتضى مذكرة التفاهم هذه ستستفيد المؤسسة الرواندية من هبة بقيمة مليون يورو، تمنحها مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة. وستخصص هذه الهبة لتمويل مشروعين في مجالي الصحة والتربية.
وجرى هذا الحفل بحضور أعضاء الوفد المرافق للملك محمد السادس وأعضاء من المؤسستين، وكذا كثير من الشخصيات السامية.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.