تفاقم الأزمة الغذائية في جنوب السودان بسبب الجفاف

49 % من السكان بحاجة إلى مساعدات

تفاقم الأزمة الغذائية في جنوب السودان بسبب الجفاف
TT

تفاقم الأزمة الغذائية في جنوب السودان بسبب الجفاف

تفاقم الأزمة الغذائية في جنوب السودان بسبب الجفاف

في شمال دولة جنوب السودان، تفاقمت الأزمة الغذائية بسبب موجة الجفاف التي تشهدها منطقة شرق أفريقيا حاليا إلى جانب مآسي بلد اقتصاده منهار بسبب الحرب الأهلية المدمرة.
وتبدو منطقة بحر الغزال في شمال غربي البلاد التي تمكن صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية من زيارتها مؤخرا، في منأى نسبيا عن المعارك التي ما زالت جارية في مناطق أخرى في البلاد، لكن سكانها يعانون من الجوع.
وفي مدينة أويل يسجل المركز الصحي الذي تديره منظمة «أطباء بلا حدود» كل أسبوع دخول 60 مريضًا يعانون من نقص التغذية أسبوعيًا.
وقالت لوسيا أدينغ وهي أم طفل يبلغ من العمر ثلاثة أعوام يدعى ويل وول ويك ويدل ذراعاه النحيلان وتنفسه بصعوبة على خطورة الوضع إنها «ليست مجاعة كاملة لكن هناك نقصا فعليا. تتوفر لدينا أغذية في المنزل في بعض الأحيان لكن في أوقات أخرى لا يتوفر منها إطلاقا». وبصمت، يقوم الأطباء بفحص أطفال آخرين صغار السن ويبدو عليهم الضعف.
وفي الخارج، في الحقول المجاورة يلقي تونغ دينغ المزارع، نظرة حزينة على ما يزرعه من حبوب الذرة البيضاء التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه. ويقول إن «محصولنا ضعيف لأنها فترة البذار. نشعر بجوع كبير ولم نكن قادرين على زراعة الأرض بشكل جيد».
ويضيف أن «المحصول القليل الذي جنيناه تأثر بالجفاف الذي لم يسمح بأن يثمر بشكل جيد»، مشيرًا أيضًا إلى الآثار المدمرة للذباب الصغير الذي يهاجم الزراعات.
وتبدو النتيجة واضحة في السوق المحلية. فالبسطات النادرة بالكاد تضم بضائعا والبعض الآخر منها مغلق.
قال برنامج الأغذية العالمي إن نحو 4.8 مليون من سكان جنوب السودان، أي 49 في المائة من السكان بحاجة إلى مساعدة غذائية.
أما منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) فقد حذرت هيئتها المخصصة لمراقبة الأمن الغذائي، الشهر الماضي من أن بعض العائلات تواجه مجاعة.
وإلى جانب الجفاف شهدت البلاد انهيار اقتصادها بعد تفاقم أعمال العنف في يوليو (تموز) في العاصمة جوبا بين قوات الرئيس سلفا كير والمقاتلين الموالين لنائبه السابق رياك مشار الذي غادر البلاد.
ودفعت المعارك الكثير من الجهات الاقتصادية المشغلة وخصوصا التجار الأوغنديين والكينيين الذين كانوا يعملون في استيراد المواد الغذائية، إلى مغادرة البلاد.
وأدى غياب الأمن على محاور الطرق الرئيسية وخصوصا إلى أوغندا حيث تعرض سائقو الشاحنات لكمائن قتل فيها عدد منهم، إلى اضطراب في نقل المواد الغذائية وإلى ارتفاع كبير في نسبة التضخم.
وقال مكتب جنوب السودان للإحصاءات إن أسعار بعض الحبوب ارتفع بنسبة تتجاوز 1000 في المائة منذ يوليو في بعض ولايات البلاد.
وتقول الفاو إن أكثر من سبعين ألفا من سكان منطقة بحر الغزال لجأوا في الأشهر الأخيرة إلى السودان المجاور ليضافوا إلى نحو 2.5 مليون جنوبي سوداني فروا من بيوتهم منذ اندلاع الحرب الأهلية التي أسفرت عن سقوط عشرات الآلاف من القتلى منذ ديسمبر (كانون الأول) 2013.
ووقع اتفاق سلام بين معسكري مشار وكير وأثار آمالا محدودة في أغسطس (آب) 2015. لكن المعارك التي جرت في يوليو 2015 أغرقت البلاد في عدم استقرار من جديد.
وفي الأسابيع الأخيرة شهدت مدينتا ملكال ولير مواجهات عنيفة أدت إلى سقوط قتلى ونزوح عشرات الآلاف من الأشخاص. كما أثرت على نشاطات المزارعين ومربي الماشية مما يثير مخاوف من تفاقم الوضع الإنساني.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.