خروج آخر دفعة من مهجري «المعضمية».. وسيناريو التهجير بدأ في حي الوعر

ناشطون في الحي يؤكدون أن النظام يحاول القفز على الاتفاق والضغط لإخراج الأهالي

طفلة من «معضمية الشام» بريف دمشق تجلس أمس بين أغراضها مستعدة للرحيل مع عائلات أخرى إضافة لمعارضين مسلحين (أ.ب)
طفلة من «معضمية الشام» بريف دمشق تجلس أمس بين أغراضها مستعدة للرحيل مع عائلات أخرى إضافة لمعارضين مسلحين (أ.ب)
TT

خروج آخر دفعة من مهجري «المعضمية».. وسيناريو التهجير بدأ في حي الوعر

طفلة من «معضمية الشام» بريف دمشق تجلس أمس بين أغراضها مستعدة للرحيل مع عائلات أخرى إضافة لمعارضين مسلحين (أ.ب)
طفلة من «معضمية الشام» بريف دمشق تجلس أمس بين أغراضها مستعدة للرحيل مع عائلات أخرى إضافة لمعارضين مسلحين (أ.ب)

خرجت أمس آخر دفعة من أهالي معضمية الشام في الغوطة الغربية؛ تنفيذًا لبنود الاتفاق بين ممثلي المعارضة والنظام، في وقت صعّد الأخير حملته على حي الوعر المحاصر في حمص للضغط على سكانه ووضعهم أمام خيار الخروج أو الموت جوعًا، استكمالاً لسياسة التهجير القسري التي يعتمدها في عدد من المناطق، بحسب ما يقول ناشطون من داخل الحي لـ«الشرق الأوسط». وفي حين كان اتفاق وقّع قبل نحو أربعة أشهر بين ممثلين من النظام والمعارضة نصّ على بنود عدّة تبدأ من وقف إطلاق النار، مرورًا بإطلاق سراح المعتقلين، وصولاً إلى خروج الأهالي من الحي، يحاول النظام اليوم القفز فوق الاتفاق، وتحديدًا بند الإفراج عن المعتقلين عبر الضغط على الأهالي بإقفال ما يعرف بـ«معبر المهندسين»، مانعًا دخول وخروج المدنيين، وهو ما يرى فيه الناشطون محاولات للسيطرة حي الوعر وضمّه إلى مناطق مدينة حمص الخاضعة للميليشيات الموالية له.
وقال محمد سباعي، المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي، لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو واضحا أن النظام بدأ ومنذ نحو شهرين بحملة عسكرية تهدف إلى تهجير الحي بعد ثلاث سنوات من الحصار الخانق، واليوم بعدما حان وقت تطبيق البند المتعلق بالإفراج عن المعتقلين بدأ المناورة للضغط على المعارضة والأهالي للتراجع عن هذا المطلب ووضعهم أمام خيار التهجير القسري، بعدما هدّدنا بشكل واضح بالخروج من الحي أو الإبادة». ولفت السباعي إلى أن النظام وضمن الاتفاق معه، كشف عن مصير 1850 معتقلاً، بينهم 200 أكد أنهم فارقوا الحياة، فيما لم يطلق سراح إلا نحو 200 آخرين، مضيفًا: «ويبدو أن ما قام به أمس بإقفال المعبر إشارة واضحة إلى نيته لنسف الاتفاق وإخراج الأهالي من الحي، مكررًا بذلك سيناريو التهجير الذي طبق في داريا وقدسيا والهامة والمعضمية، مع العلم أن الاتفاق كان ينص على خروج دفعة من الثوار والمعارضين مقابل الإفراج عن قسم من المعتقلين».
من جهته، قال حسن الأسمر الناشط في حي الوعر، لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم تجميد تنفيذ الاتفاق نتيجة حملة النظام على الحي وما رافقها أمس من إقفال للمعبر، وذلك للضغط على الأهالي للتراجع عن طلبهم بإطلاق سراح 480 معتقلاً محكومين بالإعدام في سجونه، قائلا: «كل هذه المحاولات لا شك أنها تهدف إلى نتيجة واحدة التي لطالما سعى إليها النظام وهي إخضاع كامل مدينة حمص لسيطرته، وضمها بالتالي إلى تلك الخاضعة للميليشيات التابعة له».
وفي هذا الإطار، أشارت «شبكة شام» المعارضة إلى أنه ومنذ الأول من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، شهد ملف المفاوضات بين ممثلي الحي وممثلي النظام عدة تطورات، أبرزها وضع آلية تنفيذ واضحة لاستمرار الاتفاق بعد أن تم إيقافه بسبب ملف المعتقلين وعدم قبول النظام إخراج أي معتقل، بعدما كان بدأ بمرحلته الأولى بفك الحصار عن الحي بشكل تام، وإخراج 200 معتقل من سجون النظام، مقابل خروج 250 مقاتلا من حي الوعر.
في المقابل خرجت أول دفعة من المهجرين الذين بلغ عددهم نحو 250 مقاتلا مع عائلاتهم بعددٍ إجمالي وصل إلى 700 مهجر إلى الريف الشمالي، كما تم دخول وفد كبير من الموظفين بكل القطاعات في محاولة لإعادة تفعيل القصر العدلي والمدارس الحكومية، والتي كانت بمثابة وفاء لجنة الحي بالتزاماتها، الأمر الذي يتطلب بالمقابل أن يبين النظام مصير 7361 معتقلا، موثقين بالأسماء لدى لجنة التفاوض.
وفي بداية الشهر الحالي تسلمت لجنة الحي ملفًا يحوي مصير 1800 معتقل على أن يتم تسليم ملف آخر خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة أيام، لكن النظام لم ينفذ هذا الأمر، حيث عاد من جديد يطالب بخروج المقاتلين من الحي وإخلاء الحي من ساكنيه، كما أنه رفض إخراج المعتقلين السياسيين الذين اعتقلوا على خلفية الثورة ويبلغ عددهم 481 معتقلا، الأمر الذي لم يوافق عليه الأهالي في الحي. ومع تعثر المفاوضات أغلق النظام أمس طريق المواد الغذائية ومعبر الدخول والخروج للحي وأتى ذلك ضغطًا على الأهالي بقبول متطلباته، والتي تنص على إخلاء الحي.
وفي المعضمية في الغوطة الغربية التي وصل الاتفاق إلى آخر مراحله، خرج منها يوم أمس، ما بين 3 آلاف و3500 شخص، بحسب ما قال الناشط داني قباني لـ«الشرق الأوسط»، متجهين في حافلات نحو إدلب. وأشار قباني الذي كان يوم أمس ينقل بعض مشاهد خروج الأهالي مباشرة على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن الحافلات خرجت من دون مرافقة أو وجود للهلال الأحمر.
من جهتها، قالت مصادر ميدانية لـ«شبكة شام» إنه من المقرر أن يغادر أمس قرابة 3000 شخص مدينة المعضمية باتجاه الشمال السوري، إدلب، ضمن اتفاق برعاية وإشراف روسي، في حين غابت الأمم المتحدة عن الاتفاق الذي اشترط فيه عدم المواكبة الإعلامية بغية عدم إحداث أي بلبلة اتجاه ملف التهجير الذي بات المشهد الأكثر حضورًا منذ بداية هذا العام، بعد أن تم إفراغ الكثير من المناطق في سوريا بشكل جزئي (قدسيا - الهامة - الوعر) أو كلي كما حدث في «داريا».



مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
TT

مئات المهاجرين الأفارقة يتدفقون إلى اليمن رغم تشديد الأمن

آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)
آلاف المهاجرين يتخذون اليمن ممراً للوصول إلى دول الخليج العربي (إعلام حكومي)

على الرغم من الإجراءات الأمنية التي اتخذتها السلطات اليمنية للحد من الهجرة غير الشرعية، بدأ العام الميلادي الجديد أيامه بتدفق المئات من المهاجرين القادمين من القرن الأفريقي الذين وصلوا إلى سواحل البلاد على متن قوارب متهالكة استقلوها من سواحل جيبوتي والصومال.

ومع تسجيل المنظمة الدولية للهجرة وصول أكثر من 60 ألف مهاجر خلال العام المنتهي، ذكر مركز الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية أن الأيام الأولى من العام الجديد شهدت وصول 336 مهاجراً غير شرعي قادمين من القرن الأفريقي إلى سواحل مديرية رضوم بمحافظة شبوة شرق عدن.

وبحسب الداخلية اليمنية، فإن قاربي تهريب أنزلا المهاجرين بساحل منطقة «كيدة»، منهم 256 مهاجراً من حاملي الجنسية الإثيوبية؛ بينهم 103 نساء، أما البقية وعددهم 80 مهاجراً، فإنهم يحملون الجنسية الصومالية. وذكرت أن الشرطة في مديرية رضوم قامت بتجميع المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.

اعتراض قارب يقل 130 مهاجراً في سواحل محافظة لحج اليمنية (إعلام حكومي)

وفي سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت وحدات خفر السواحل التابعة للحملة الأمنية في منطقة الصبيحة (مديرية المضاربة ورأس العارة) أنها ضبطت قارب تهريب كان يحمل على متنه 138 مهاجراً من الجنسية الإثيوبية حاولوا دخول البلاد بطرق غير شرعية.

سلسلة عمليات

وفق بيان للحملة الأمنية، فإنه وبعد عمليات رصد دقيقة، تمكنت من اعتراض القارب في منطقة الخور بمديرية المضاربة ورأس العارة. وأوضح البيان أن المهاجرين الذين كانوا على متنه كانوا في حالة مزرية نتيجة لسوء المعاملة التي تعرضوا لها أثناء الرحلة، حيث نُقلوا إلى أحد مراكز تجميع المهاجرين في محافظة لحج.

وتأتي هذه العملية ضمن سلسلة من العمليات الأمنية التي تنفذها الحملة الأمنية في الصبيحة في سواحل محافظة لحج جنوب باب المندب بهدف التصدي لظاهرة التهريب والهجرة غير الشرعية، التي تشكل خطراً على الأمن الوطني والإقليمي.

المهاجرون الأفارقة يتعرضون للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (إعلام حكومي)

وأكدت قيادة الحملة الأمنية أنها ستواصل جهودها المكثفة لتعزيز الأمن والاستقرار بالتعاون مع مختلف الجهات المختصة، من خلال تنفيذ المزيد من العمليات النوعية، خصوصاً في المناطق الساحلية التي تعد مركزاً رئيسياً للتهريب. ودعت السكان إلى التعاون والإبلاغ عن أي تحركات مشبوهة، مؤكدة أن الحفاظ على الأمن مسؤولية مشتركة بين الجميع.

ويعاني المهاجرون في اليمن من الحرمان الشديد مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن، وفق منظمة الهجرة الدولية، التي أكدت أن الكثيرين منهم يضطرون إلى العيش في مآوٍ مؤقتة أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

إساءة واستغلال

نبهت منظمة الهجرة الدولية إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عُرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدة أن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن إلى دول الجوار.

وبحسب المنظمة، فإنها سجلت في أكتوبر (تشرين الأول) فقط قيام أكثر من 1900 مهاجر برحلات محفوفة بالمخاطر، إما عائدين إلى مناطقهم في القرن الأفريقي، وإما مُرَحَّلين على متن القوارب. وتم الإبلاغ عن 462 حالة وفاة واختفاء (على الأقل) بين المهاجرين أثناء عبورهم البحر بين جيبوتي واليمن في 2024.

المهاجرون من القرن الأفريقي عرضة للاستغلال وسوء المعاملة من المهربين (الأمم المتحدة)

ووثقت المنظمة الأممية 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على طول الطريق الشرقي في العام ذاته، وقالت إنه من المرجح أن يكون عدد المفقودين وغير الموثقين أكثر من ذلك بكثير.

وبينت أنها ومن خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة، تعمل على تقديم الخدمات على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات التي تقدم للمهاجرين ما بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود، تقول الأمم المتحدة إن فجوات كبيرة في الخدمات لا تزال قائمة في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.