هدنة 11 ساعة في حلب.. وموسكو تتحدث عن ضغوطات للتمديد

700 مثقف روسي يوجهون رسالة إلى مجلس الأمن تعتبر عرقلة المساعدات «جريمة حرب»

رئيس دائرة العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي يتحدث عن تمديد الهدنة في حلب أمس وتبدو خلفه خريطة عسكرية للمدينة (أ.ب)
رئيس دائرة العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي يتحدث عن تمديد الهدنة في حلب أمس وتبدو خلفه خريطة عسكرية للمدينة (أ.ب)
TT

هدنة 11 ساعة في حلب.. وموسكو تتحدث عن ضغوطات للتمديد

رئيس دائرة العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي يتحدث عن تمديد الهدنة في حلب أمس وتبدو خلفه خريطة عسكرية للمدينة (أ.ب)
رئيس دائرة العمليات الرئيسية لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية الجنرال سيرغي رودسكوي يتحدث عن تمديد الهدنة في حلب أمس وتبدو خلفه خريطة عسكرية للمدينة (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، عن تمديد الهدنة الإنسانية اليوم في حلب لمدة ثلاث ساعات، أي حتى الساعة السابعة مساء بالتوقيت المحلي، لتسهيل خروج المدنيين والمسلحين وفق ما يقول الجانب الروسي لتغدو الهدنة 11 ساعة بعد أن كانت 8 ساعات فقط.
وكان سيرغي رودسكوي، مدير دائرة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان الروسية، قد أعلن في تصريحات، أمس، أن قرار التمديد جاء «بعد تلقي عدد كبير من الطلبات للتمديد من منظمات دولية»، لافتا إلى أن التمديد «سيسمح لممثلي الأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري بتأمين خروج المرضى والمصابين ومن يرافقهم والمدنيين من المدينة». وحرص رودسكوي على طمأنة من يقرر الخروج، معلنا أن القوات السورية انسحبت مسافة كافية كي تضمن عبورا آمنا للمسلحين، معربا عن أمله في أن تؤثر الولايات المتحدة والقوى المؤثرة الأخرى على قادة المجموعات المسلحة «لإقناعهم بمغادرة المدينة»، وقال إن هناك مركزا يعمل فيه ضباط روس يقوم بتنسيق ما يزعم أنها «عملية إنسانية» لإخلاء المدينة من المدنيين والمقاتلين.
وأعلن رودسكوي أن الجانب الروسي حدد ممرين لخروج المسلحين، واحدا يتجه نحو الحدود التركية والآخر نحو محافظة إدلب، موضحا أن قوات من مركز حميميم وممثلين عن قوات النظام السوري وممثلين عن «محافظة حلب» سيشرفون على ممرات الخروج من حلب.
وكانت روسيا قد تعرضت لموجة انتقادات دولية واسعة بسبب القصف المستمر لمدينة حلب وما خلفه ذلك من قتل ودمار، وقد دفع الوضع هناك مجموعة من المثقفين الروس لتوجيه خطاب إلى مجلس الأمن الدولي، وقع عليه ما يزيد على سبعمائة شخصية روسية، يعربون في مقدمته عن بالغ قلقهم إزاء «الكارثة الإنسانية» التي تعيشها المدينة، ويحملون مجلس الأمن الدولي المسؤولية مشددين على أن «محاولات إنهاء الكارثة الإنسانية في حلب، بما في ذلك من جانب الدول الرئيسية في مجلس الأمن الدولي وصلت طريقا مسدودة»، وبناء عليه، يقترح الموقعون من المثقفين الروس على البيان مشروع قرار يطالبون مجلس الأمن باعتماده وينص على «إطلاق عملية للعمل المشترك في تشكيل قوافل مساعدات إنسانية وضمان أمنها لإنقاذ المدنيين في حلب، مع مشاركة ملزمة لممثلي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في تلك العملية الإنسانية». ويقترح الموقعون على البيان - مشروع القرار - «اعتبار أي اعتراض (عرقلة) تلك العملية الإنسانية جريمة حرب مع كل ما يترتب على ذلك من عواقب ضد منظمي ومنفذي تلك الاعتراضات».
في هذه الأثناء، وعلى المستوى الرسمي عارضت روسيا بشدة الجلسة التي سيعقدها مجلس حقوق الإنسان غدا بموافقة 33 دولة لبحث الوضع الإنساني في مدينة حلب. وكان أليكسي بوردافكين مندوب روسيا، لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف، قد اعتبر في تصريحات، فجر أمس، أن «الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان حول حلب غير بناءة على ضوء الاتفاقات التي تم التوصل لها خلال اللقاء في لوزان مؤخرا»، مشددا على أنها «غير بناءة الآن بصورة خاصة عندما بدأ عملا محددا بالفصل بين (جبهة النصرة) و(المعارضة المعتدلة) وطرد الإرهابيين من شرق حلب»، حسب قوله، مؤكدا أن روسيا تعارض مشروع القرار الذي سيصدر عن مجلس حقوق الإنسان، داعيًا «كل من يهتم بالعمل، لا بالقول، لإعادة السلام إلى حلب وسوريا بشكل عام، التصويت ضد مشروع القرار». ووصف بورودافكين الدعوة لجلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان بخصوص الوضع في حلب بأنها «خطوة ترويجية جديدة مناهضة لروسيا وسوريا (ويقصد النظام السوري)، يراد منها حماية الإرهابيين المتمترسين في شرق حلب»، بينما تهدف جلسة مجلس حقوق الإنسان حسب قوله إلى «تحميل المسؤولية عن كل الذنوب لأولئك الذين يتصدون للمجرمين العتاة».
تأتي هذه التطورات المتسارعة بالتزامن مع محادثات انطلقت، أمس، على مستوى الخبراء العسكريين من روسيا والولايات المتحدة وعدد من القوى الإقليمية الفاعلة في الشأن السوري لبحث الوضع في حلب، وتحديدا الفصل بين مجموعات المعارضة المعتدلة و«جبهة النصرة» الإرهابية، فضلا عن اقتراح دي ميستورا بشأن خروج «النصرة» من حلب. وقد أكد سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات، أمس، أن «نقاشات تدور اليوم في جنيف، وخلالها سيبحث الخبراء العسكريون من الدول التي شاركت في لقاء لوزان مسألة تمديد الهدنة في حلب»، مشددا على أن «هذه المسألة ستكون بين المسائل الرئيسية على جدول أعمال النقاشات في جنيف».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.