كابوس «داعش».. هل ينتهي في 2016؟

مقاتلون تابعون لتنظيم داعش
مقاتلون تابعون لتنظيم داعش
TT

كابوس «داعش».. هل ينتهي في 2016؟

مقاتلون تابعون لتنظيم داعش
مقاتلون تابعون لتنظيم داعش

بعد إعلان أبو بكر البغدادي خلافة «داعش» على أراض سورية وعراقية في يونيو (حزيران) 2014، ثم التوسع في العام التالي، يبدو أن 2016 هو عام الأفول بالنسبة للتنظيم المتطرف الذي يوشك على خسارة مدينة الموصل معقله الأبرز في شمال العراق.
وتقوم قوات من الجيش العراقي وميليشيات الحشد الشعبي وقوات البيشمركة الكردية، يدعمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، بشن عملية موسعة لتحرير مدينة الموصل، ثاني أهم مدينة عراقية ومعقل «داعش» الثاني بعد مدينة الرقة في سوريا والتي سيطر عليها في عام 2013، من قبضة «داعش».
وفي ليبيا، وتحت وطأة عملية البنيان المرصوص التي تقوم بها قوات موالية لحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا، يوشك «داعش» أن يخسر معقله الوحيد بمدينة سرت في ظل تقدم القوات الحكومية منذ إطلاق العملية في أغسطس (آب) الماضي.
كذلك شهدت الشهور الأخيرة تراجعا في الهجمات التي يشنها «داعش» خارج قواعده، وبالتحديد في أوروبا في ظل المجهود المبذول من أجهزة الاستخبارات والأمن في دول كانت مسرحًا لهجمات التنظيم المتطرف، وعلى رأسها فرنسا وبلجيكا.
ونفذت عناصر تابعة للتنظيم هجمات انتحارية وبإطلاق نار متزامنة بالعاصمة الفرنسية باريس أودت بحياة 130 شخصا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 ثم حادث الدهس بشاحنة في نيس والذي راح ضحيته 84 شخصا في يوليو (تموز) الماضي. وفي بلجيكا، أودت تفجيرات بمطار بروكسل ومحطة مترو مالبيك في مارس (آذار) الماضي بحياة 34 شخصا.
ولم تقتصر هجمات التنظيم المتطرف على دول أوروبية، وإنما امتدت إلى دول عربية، من بينها تونس المجاورة لليبيا؛ حيث معقل «داعش» الوحيد خارج أراضيه في سوريا والعراق، إذ عانت من هجمات كبرى للتنظيم، أبرزها إطلاق النار على نزلاء فندق بمدينة سوسة الساحلية في يونيو 2015 والذي راح ضحيته 38 شخصا أغلبهم من الأجانب، وقبلها بثلاثة شهور كان «داعش» قد قتل 22 شخصا في هجوم مسلح على متحف باردو.
ميدانيًا، وبحسب تحليل نشر في مارس الماضي، خسر تنظيم داعش منذ بداية 2015 نحو 22 في المائة من الأراضي التي كان قد سيطر عليها من قبل، و16 في المائة خلال العام المنصرم وحده، ومعظمها في شمال شرقي سوريا، لكن النسبة مرشحة للارتفاع في حال خسارته معقله الأخير في العراق والمتمثل في مدينة الموصل.
وفي مايو (أيار) الماضي، أعلن المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية بيتر كوك، أن تنظيم «داعش» خسر قرابة نصف أراضيه في العراق، وأكثر من 15 في المائة من الأراضي التي كانت خاضعة لسيطرته في سوريا منذ يونيو 2014.
ويرى مراقبون أن تراجع عمليات «داعش» الإرهابية في أوروبا مرتبط بتفكيك عدة خلايا إرهابية على صلة بتنظيم داعش ومن بينها القبض على الفرنسي من أصل مغربي صلاح عبد السلام أحد مدبري هجمات باريس الدامية العام الماضي، وذلك خلال مداهمة منزله في حي مونبيليك في مارس على إثر تفجيرات بروكسل.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم