كينيث براناه بدأ بأفلام شكسبيرية بعد أن أدى أعماله مسرحيا

الممثل البريطاني حول إخراجه «جاك رايان»: فيلمي مليء بالأسئلة لأننا نعيش فترة قلقة

كينيث براناه
كينيث براناه
TT

كينيث براناه بدأ بأفلام شكسبيرية بعد أن أدى أعماله مسرحيا

كينيث براناه
كينيث براناه

تغير عالم الجاسوسية من المعالجات التي سادت في الأربعينات إلى تلك التي ساقتها وروجتها أفلام جيمس بوند الأولى، وصولا إلى ما هي عليه اليوم. حتى جيمس بوند، الذي كان قسـم العالم ما بين «معنا» و«علينا» في الستينات والسبعينات والثمانينات، بات يعلم أن المسألة ليست أبيض وأسود، بل إن من بين من هم «معنا» من هم «علينا» والعكس بالعكس.
خذ مثلا فيلم «جاك رايان: ظل مجنـد»، الفيلم الذي أخرجه وقام بأحد أدواره الرئيسةكينيث براناه أخيرا، تجد أن الخط الماثل لم يعد واضحا كما كان الحال عليه من قبل، أو كما يقول لي: «لقد انتقل العالم من الحرب الباردة التي مورست فيها مناهج سريـة خطرة، إلى حيث تسود نوع من الحرب التكنولوجية التي لا تعرف معسكرات معيـنة. هي هناك لكي تصل إلى كل شيء وتكشف كل شيء أو تتجسس على كل شيء من دون أن يلعب الجاسوس التقليدي أي دور. على الأقل، ليس الدور الذي كان يلعبه في السابق حين كان عليه الوجود في أرض الأعداء لينقل منها ما يستطيع من معلومات».
في هذا الوارد، لا تستبعد إذا ما وجدت برانا وقد عاد بعد سنتين أو ثلاث في فيلم جاسوسي آخر يدور عن إدوارد سنودون، الأميركي الذي لجأ إلى روسيا مع وثائقه: «بالأمس كنت و(المنتج) لورنزو دي بوانفينتورا نتطرق إلى هذا الموضوع». هو من أنتج «جاك رايان..» أيضا، والسبب في إنتاجه هذا العمل، كما قال لي، هو أنه يريد تقديم فيلم جاسوسي ينقل إلى المشاهد مدى الاختلاف الذي طرأ على هذا النوع من المهن.
قبل أن يصبحكينيث براناه مخرجا عمل طويلا ممثلا مسرحيا وسينمائيا، ولعله أجرى في مهنته تغييرات ووصل إلى قرارات جذرية أخرى جعلته في السنوات الأخيرة يتصدى لأعمال أكثر تنوعا مما اعتاده. ولد في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) عام 1960 ببلفاست من أبوين آيرلنديين. قبله بخمس سنوات، ولد شقيقه ويليام، وبعده بعشر سنوات ولدت شقيقته جويس. في سن الثالثة والعشرين، انضم إلى «رويال شكسبير كومباني» متحولا إلى ممثل شكسبيري محترف. هنا، شحذ هوايته وقدم، من بطولته، دوري روميو في «روميو وجولييت» وهنري في «هنري الخامس».
حسب بعض المؤرخين الإنجليز، وجد برانا نفسه في صحبة مؤسسة فنية أكبر شأنا مما يرغب. كان يرغب في فرقة مسرحية أكثر خصوصية وحميمية فأنشأ «رينيسانس ثيتر كومباني». وكان لا يزال في التاسعة والعشرين من عمره عندما أخرج فيلمه الأول «هنري الخامس» عام 1989 والفيلم قاده إلى ترشيحات الأوسكار في مجالي أفضل ممثل وأفضل مخرج في ذلك الحين. بعد أربع سنوات، عاد إلى شكسبير ليقتبس منه «لغط كبير حول لا شيء» (Much Ado About Nothing) الذي طلب له بعض الوجوه الأميركية المعروفة، ومن بينها كيانو ريفز ودنزل واشنطن ومايكل كيتون.
بعد أن عالج عام 1994 رواية ماري شيلي «فرنكنستاين»، عاد إلى ويليام شكسبير وقدم عام 1996 «هاملت»، حيث لعب بطولته إلى جانب جولي كريستي وريتشارد أتنبوروف، ثم حقق فيلمين آخرين مستلهمين عن شكسبير هما: (Love‪›‬s Labour‪›‬s Lost) عام 2000، و«كما تحب» (2006).
هذه الرحلة الشكسبيرية انتهت عند ذلك الفيلم، وبعده التفت إلى حيث يستطيع أن يصل إلى جمهور أكبر، فكان «تحري» (عن مسرحية هارولد بنتر التي سبق تقديمها في فيلم من إخراج أنطوني شافر عام 1972)، ثم فيلم «ثور» المقتبس من الكوميكس عام 2011 قبل أن ينتقل إلى سينما الجاسوسية والمخابرات وسلاح التخريب في «جاك رايان: ظل المجند» المأخوذ، طبعا، عن سلسلة روائية مشهورة وضعها توم كلانسي، انتقلت قصصها إلى الشاشة الكبيرة أكثر من مرة.
كممثل، لم يكن أقل نشاطا على الإطلاق، ومن بين الـ65 فيلما وحلقة تلفزيونية مثـلها، برز له أكثر من دور، بينها تلك الشكسبيرية (أيضا)، ومنها شخصية الشرير أياغو في «عطيل»، وشخصية هاملت، وشخصية بنادك في «لغط كثير حول لا شيء». خارج إطار شكسبير، ظهر في دور العالم فرنكنستاين في «فرنكنستاين»، وفي دور التحري المهدد في فيلم روبرت ألتمن «جنجربرد مان»، ولو أنه أساء الاختيار عندما وافق على دور رئيس في «وايلد وايلد وست» عام 1999.‬
‬يمكن اختصار وضعه بأنه فنان سبق الإنترنت ودخل عصره معا، مما يقودنا إلى «جاك رايان: ظل المجنـد». كنيث لا يدعي أنه يعرف الكثير عن عصر الديجيتال هذا، إذ يقول:‬ «من ناحية، أعمل على الكومبيوتر في أكثر من مجال. كل الاجتماعات التي أقوم بها من مكان إقامتي تجري عليه. كل المراسلات. السيناريوهات والمشاريع. المعلومات... كنت قبل أسابيع في جلسة عمل من بيتي بالسويد مع أربعة أشخاص؛ ثلاثة في كاليفورنيا، وواحد في أستراليا. في ذلك أنا كشأن غالبية الناس. لكني لا أحاول أن أستزيد. أعرف كيف أصبحت هذه التكنولوجيا عالما لا حدود له، لكني أحاول أن أبقى بسيطا. لا أملك صفحة (فيسبوك) ولا أستخدم الـ(تويتر)، لكني سعيد بأني أستطيع متابعة الأخبار وقراءة ما أريد من أحداث».‬
> هناك علاقة بين شكسبير والنص المطبوع أكثر مما هناك علاقة بين شكسبير والإنترنت رغم أن هذا أصبح شائعا...
- ملاحظة صحيحة. ما زلت أفضل النص المطبوع ولا أكترث لقراءة رواية إلا في كتاب مطبوع للغاية. أفضل الكتاب وأفضل المجلة والصحيفة المطبوعة. مشترك في أكثر من مجلة وما زلت أشعر بالإثارة عندما يجري إرسالها لي عبر البريد. أفتح الصندوق وأجدها هناك. حين كنت شابا كان ذلك حدثا كبيرا (يضحك).‬
‬> عندما أخرجت فيلمك الأول لحساب «باراماونت» عام 1992 وهو «ميت مرة أخرى» كانت الشركة مشغولة بتحقيق أول فيلم لها من سلسلة «جاك رايان» في ذلك الوقت...
- «نعم. كنت في الثامنة من العمر آنذاك (يضحك). نعم أذكر أنني عندما جئت إلى هوليوود قبل أكثر من عشرين سنة بقليل لمتابعة العمل على «ميت مرة أخرى»، كانت «باراماونت» تشعر بالإثارة لكونها تقوم على إنتاج «صيد أكتوبر الأحمر» الذي كان الأول في سلسلة «جاك رايان».‬
‬> هذا الإدراك كان صلتك الأولى بجاك رايان؟‬
- نعم. بعد ذلك، تابعت الأفلام التي جرى إنتاجها عن روايات كلانسي والتي لعب بطولتها هاريسون فورد وبعد ذلك بن أفلك. أحببت في هذه الأفلام فرادتها وتميـزها. أحببت شخصيتها الرئيسة. إنه إنسان عادي، لكنه ذكي ولامع. لكن، ما جذبني أكثر للعمل في هذا المشروع هو أنني وجدته فرصة للعمل على فيلم جاسوسي. هذا نوع لم أعمل عليه سابقا وهو يثيرني.‬
‬> ما الذي جذبك إليه تحديدا؟‬
- لقد استمتعت بفيلم يتحدث عن تبادل المعلومات الجاسوسية في هذا العصر. النوع بأسره كذلك لأن روايات كلانسي ثرية جدا بشخصياتها. حين تخرج فيلما منها تجد أنك تستطيع أن تشتغل على كل هذه الشخصيات، فكلها مثيرة التأليف وعميقة الشأن»‬
‬> الدور الذي اخترته لنفسك هو دور فيكتور، ذلك العميل الروسي. لماذا اخترت هذا الدور تحديدا؟‬
- أعجبني فيه أنه دور يمنحني الفرصة لأمثل شخصية غير شخصيتي. كريس باين وكيفن كوستنر كانا في المكانين الملائمين لهما كممثلين. كلاهما أميركي يمكن قبوله على هذا النحو. كوني آت من المسرح وكوني إنجليزيا، جعلا من المستحسن أن أقوم بدور الروسي.‬
‬> كيف تخرج وتمثل في الوقت ذاته؟ ليس أنك الوحيد الذي فعل ذلك، لكن بخبرتك المسرحية وبمنوالك المختلف من الأداء هل هناك وقت لاستحضار دورك بالصورة التي ترضى عنها؟‬
- أولا أستدعي ممثلا صديقا اسمه جيمي يوويل ظهر معي في الكثير من أفلامي وأطلب منه أن يراقبني ليتأكد من أنني أفعل الشيء الصحيح. لكن الأساس في ذلك ولكي أجيب عن سؤالك المثير للاهتمام، هو أنني أحضـر نفسي قبل التصوير. أتدرب على الدور جيدا حتى أكون جاهزا لكيفن كوستنر وكريس باين حين تجمعنا المشاهد المشتركة. لكني أريد العودة إلى السؤال الأول: واحد من التفاصيل التي أعجبتني في شخصية فيكتور هو أنه من عمري أنا. لقد عاش الفترة السوفياتية وشهد التحولات التي تبعت انهيار النظام السابق ولا يزال يشعر بالنقمة على أميركا لأنه يعتقد أنها كانت السبب فيما حدث للإمبراطورية الروسية. هذا كله ثري، وثري على نحو شكسبيري. ‬
‬> هل تستطيع أن تصفه بالشكسبيري أو هو من تراث تشيخوف؟‬
- هناك القليل من شكسبير فيه بلا ريب. لكنه يمتلك قليلا من كآبة تشيخوف. إنه يعلم أن الوقت يمر وأن أيام حياته باتت معدودة، لكنه مؤمن بأن الفرصة واتته للانتقام لابنه الذي قتل في الحرب الأفغانية ولوطنه الذي تغيـر شأنه. هذا الانتقام على كآبته هو ما يبعثه على الحركة والسعي. أكاد أقول علي الأمل في تسديد ضربة انتقام ضد الغرب.‬
‬> هناك مشاهد لمدينة موسكو، من بينها المشهد الذي نرى فيه جاك رايان يتوجـه مع زوجته (كيرا نايتلي) لمقابلة فيكتور الذي دعاهما لذلك. مشهد مثير بكامله، خصوصا أن هناك خطر أن يكتشف فيكتور حقيقته في أي وقت... هل جرى التصوير في موسكو فعلا؟‬
- صورنا مشاهد كثيرة، لكن معظمها للشوارع والمباني والسير في بعض الأحياء. لكن المشاهد الداخلية التي تتحدث عنها صورت في مونتريال وفي باينوود ستديو. المشاهد الخارجية هي أكثر ما استخدم مما صورناه في موسكو. إنها مدينة تبني نفسها من جديد وهناك حركة وطاقة وحياة اجتماعية نشطة. ‬
‬> جاك رايان في هذا الفيلم يحارب من أجل ماذا؟‬
- لقد حاولنا أن نوحي بالإجابة. لم أكن أريد عميلا أميركيا يحارب على طريقة فلاش غوردون. الوطنية مهمـة، لكننا اليوم في عالم أكثر تعقيدا. أردت جاك رايان أن يكون إنسانا ذكيا وأن يحب وطنه على نحو مخلص وواضح وليس على نحو عاطفي. السؤال الذي أردنا طرحه هنا هو إنه إذا كنت تحب وطنك فعلا، فعليك أن تحب الآخر. عليك أن تسعى إلى السلام ولا أن تكون مهددا للسلامة. ‬
‬> من يأخذ هذا القرار؟ جاك رايان الذي عليه تنفيذ الأوامر أو الحكومة ذاتها؟‬
- هذا هو السؤال الصعب الذي لم نرد أن نحكم على نتائجه. لم أسع إلى الإجابة، بل لمجرد الطرح، لكنه واحد من الأسئلة. وبعضها يحمل مثل هذا التناقض. مثلا في الفصل الأخير عندما يكتشف الأميركيون هوية الإرهابي الذي دخل البلاد من خلال المعلومات التي وفـرها الكومبيوتر سريعا، ينشأ سؤال من نوع: هل تهنئ الحكومة على نجاحها هذا أو ستنتقد الوسائل المعتمدة لكشف مثل هذه الأسرار الشخصية؟ هل هناك خرق لحقوق الإنسان أم لا؟ إنه فيلم مليء بالأسئلة لأن حياتنا مليئة بالأسئلة، خصوصا في هذه الفترة القلقة التي نعيش ما يحدث فيها في أي مكان من العالم باللحظة ذاتها ونتأثر على نحو كامل.‬
‬> هناك قليل من هيتشكوك هنا؟ أليس كذلك؟‬
- ربما أكثر مما تعتقد. هيتشكوك كان الإلهام في هذا الفيلم لأني معجب جدا بموهبته العظيمة التي أنتجت ما تستطيع تسميته «التشويق القائم على المؤامرة» (Conspiracy Thriller)، وأحد الأفلام التي شاهدتها قبل أن أبدأ العمل هو «شمال شمال غرب»، ودعوت كريس باين لمشاهدته أيضا بسبب أداء (بطله) كاري غرانت. كما تعلم شخصية كاري في الفيلم هي لإنسان وجد نفسه ملما بقدر من المعلومات بسبب خطأ في الهوية. ما يهمـني هو كيف تصرف. كيف أنه كان الشخصية التي تتمحور حولها الأحداث وفي الوقت ذاته الشخصية الأكثر عرضة للخطر. أردت كريس باين أن ينقل هذا الإحساس عبر أدائه. ‬
‬> أفلامك الأولى كانت مستوحاة، في غالبها، من أعمال ويليام شكسبير، ثم توقـفت عنها وبدأت تحقق أفلاما مختلفة. هل السبب في ذلك أن المرحلة الأولى كانت تأسيسية أو تمهيدا لما بعدها؟‬
- بدأت بأفلام شكسبيرية، لأنني مثـلت مسرحياته على المسرح أولا. عندما أخذت أمثـل للسينما لم يكن علي أن أختار منهجا معيـنا. فقط تمثيل الدور أو عدم تمثيله بصرف النظر عن مصدره. حين أدركت أنني أريد الإخراج للسينما قررت أن أبدأ ببعض أعمال شكسبير وما زلت أعتقد أنني سأعود يوما إلى أعماله. لكني لم أجد ذلك تمهيدا لنقلة. فجأة، وجدت أن الفرصة متاحة لي لكي أحقق أفلاما أخرى وهذا ما قمت به.‬



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».