الانتخابات الأميركية.. خطوة بخطوة

11 ولاية تملك مفتاح الفوز بكرسي الرئاسة

الانتخابات الأميركية.. خطوة بخطوة
TT

الانتخابات الأميركية.. خطوة بخطوة

الانتخابات الأميركية.. خطوة بخطوة

يختلف نظام التصويت والانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية عن أي دولة في العالم، وتتسم الانتخابات بسمات خاصة ونظام انتخابي متفرد، فالناخب لا يقوم بانتخاب الرئيس مباشرة إنما يمنح صوته لأحد المندوبين في الولاية التي يصوت فيها.
ويعود هذا الأمر كما يقول المؤرخون إلى أن الآباء الأوائل للولايات المتحدة لم يعتقدوا أن الشعب الأميركي لديه درجة كافية من النضج السياسي لاختيار الرئيس بشكل مباشر، لذا وضعوا نظاما يتحكم في اختيار الرئيس على مستويين. الأول هو مستوى أفراد الشعب، والثاني هو مستوى النخب السياسية أو ما يسمى المجمع الانتخابي. وبالتالي فإن كلمة الحسم تعود للمجمع الانتخابي.
ويعهد للمجمع الانتخابي مهمة التصويت لصالح المرشحين المتنافسين لمنصبي الرئيس. ويبلغ عدد الممثلين في المجمع الانتخابي 538 ممثلا أي ما يعادل عدد أعضاء مجلس النواب (435 عضوا) وأعضاء مجلس الشيوخ (مائة عضو) إضافة إلى ثلاثة ممثلين عن العاصمة الأميركية واشنطن دي سي (مقاطعة كولومبيا). ويتم تحديد عدد الممثلين في المجمع الانتخابي في كل ولاية وفقا لعدد السكان في هذه الولاية، وتعد ولاية كاليفورنيا أكبر ولاية من حيث عدد السكان وبالتالي تملك أكبر عدد من الممثلين في المجمع الانتخابي (55 صوتا انتخابيا).
يجري يوم الاقتراع في الثلاثاء الموافق 8 نوفمبر (تشرين الثاني) لاختيار الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة، ويقوم الناخب في يوم الاقتراع بالذهاب إلى أماكن الاقتراع المقررة وفق محل سكنه، التي عادة ما تكون مراكز محلية ومدارس، ويتم التأكد من هويته ومحل إقامته ثم يحصل على ورقة اقتراع كبيرة ليضع عليها اختياراته. ويكون عليه اختيار الرئيس ونائبه واختيار عضو مجلس الشيوخ الذي يختاره ليمثل ولايته وعضو مجلس النواب الذي يختاره ليمثل مقاطعته وأيضا يختار الممثلين للمجمع الانتخابي.
وعلى سبيل المثال، فإن ورقة الاقتراع للانتخابات عام 2016 ستشمل أربعة أسماء لمنصب الرئاسة، هم هيلاري كلينتون ودونالد ترامب وغاري جونسون وجيل ستاين. وعلى الناخب اختيار اسم واحد، ثم تحمل أسماء المرشحين لمنصب نائب الرئيس وعلى الناخب اختيار اسم واحد.
بعد ذلك يختار الناخب المرشحين لمجلس النواب عن دائرته ويختار المرشحين لمجلس الشيوخ عن ولايته ثم يختار الممثلين للمجمع الانتخابي عن ولايته.
ويتم احتساب الأصوات في كل ولاية إلكترونيا، وعلى مستوى اختيار الرئيس فإن الفائز بأكبر عدد من الأصوات يحصد كل أصوات المجمع الانتخابي. فعلي سبيل المثال إذا كانت غالبية الأصوات لصالح المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في ولاية ميريلاند، فإن كل أصوات ممثلي المجمع الانتخابي (10 أصوات) عن ولاية ميريلاند تذهب لصالح كلينتون، ويجري هذا النظام في 48 ولاية أميركية فيما عدا ولايتين فقط هما مين ونبراسكا.
كيف يبدأ الإعداد للانتخابات:
تحدد لجنة الانتخابات العامة، التي يتم تشكيلها من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، الجدول الزمني للانتخابات وإقامة المؤتمرات الحزبية، وتسير على إثرها كل الأحزاب السياسية والمرشحون، ففي ربيع العام الماضي 2015 أعلن المرشحون نياتهم بالترشيح وقدموا ملفاتهم للجنة. وتعقد المؤتمرات الحزبية اجتماعاتها الأولية بين شهر أغسطس (آب) 2015 إلى مارس (آذار) 2016. وفي الأول من شهر فبراير (شباط) تبدأ الانتخابات التمهيدية وتستمر حتى الرابع عشر من يونيو (حزيران).
وبعد ذلك، تعقد الأحزاب السياسية اجتماعاتها التي تعلن فيها عن المرشح النهائي. وفي شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) تقام الحملات الانتخابية والمناظرات، في حين يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في الثامن من شهر نوفمبر المقبل، ويسمى ذلك (يوم الانتخابات). وفي مطلع شهر يناير (كانون الثاني) 2017 يصادق الكونغرس الأميركي على نتائج الانتخابات.
ومع بزوغ شمس العشرين من يناير 2017 يتم تنصيب الرئيس الجديد للولايات المتحدة الأميركية ويسمى ذلك اليوم يوم التنصيب.
يتم الإعداد للانتخابات الرئاسية قبل موعدها بشهور طويلة، وتجري داخل كل حزب مشاورات كثيرة للدفع بأسماء قادرة على حصد الأصوات وخوض السباق. ويبدأ موسم الحملة الانتخابية عادة بعد انتخابات التجديد النصفي للكونغرس (كل عامين) وتجري التقاليد بأن يعلن المرشحون عن نيتهم لخوض السباق عن أحد الحزبين الكبار أو عن الأحزاب الأخرى الصغيرة (مثل حزب الخضر والحزب الليبرالي، وحزب الإصلاح الأميركي) أو مستقلين، ويخوضون تنافسا قويا في قدراتهم على كسب تأييد الحزب وعلى جمع أموال وتبرعات من المناصرين للحزب لتمويل حملاتهم الدعائية.
وقد بدأت الانتخابات الرئاسية التمهيدية منذ فبراير 2016 وعادة ما يجري التنافس بين أكبر حزبين في الولايات المتحدة وهما الحزب الجمهوري وله شعار الفيل والحزب الديمقراطي وله شعار الحمار.
ويتم داخل كل حزب عمليات انتخابات تمهيدية داخل الحزب حيث يتنافس المرشحون مع بعضهم لنيل ترشيح الحزب ويتم تصفية المترشحين حتى الوصول إلى مرشح واحد يتفق عليه الحزب ويتم إعلان اختياره مرشحا يمثل الحزب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في المؤتمر الحزبي.
وتعقد الأحزاب مؤتمراتها الحزبية في الفترة ما بين نهاية يونيو وأوائل أغسطس، وهي عملية يحيط بها كثير من التشويق لأنها تحسم شكل المعركة بين المرشح الذي اختاره الحزب أمام المرشح المنافس.
بعد الانتخابات التمهيدية داخل كل حزب، تعقد الأحزاب السياسية مؤتمراتها التي تعلن فيها بشكل رسمي المرشحين المخولين بدخول الانتخابات العامة. وفي الانتخابات الحالية عقد الحزب الديمقراطي مؤتمره الحزبي في مدينة فيلادلفيا في الخامس والعشرين من يوليو الماضي وأعلن خلاله اختيار وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون لتمثل الحزب في السباق الرئاسي لعام 2016. في حين عقد الحزب الجمهوري مؤتمره الحزبي في مدينة كليفلاند في الثامن عشر من يوليو الماضي وأعلن خلاله اختيار الملياردير الأميركي دونالد ترامب ليمثل الحزب في الانتخابات الرئاسية. ويوجد بالسباق أيضا مرشحان آخران مغموران هما غاري جونسون ممثلا عن الحزب الليبرالي، وجيل ستاين عن حزب الخضر.
بعد أن يعلن كل حزب سياسي عن مرشحه يبدأ المرشحون بالتنقل بين الولايات والمدن للحديث عن برامجهم وآرائهم وتطلعاتهم وخططهم وكسب أكبر عدد من المؤيدين، خلال الفترة من سبتمبر إلى نوفمبر يتم تنظيم 3 مناظرات تلفزيونية مباشرة بين المرشحين (الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون).
ويشترط أن يحصل المرشح على نسبة 15 في المائة في استطلاعات الرأي ليتمكن من الظهور في المناظرة. الجدير بالذكر أن المناظرات والإعلانات والمسيرات تمثل جزءا كبيرا من الحملات الانتخابية العامة.
كيف تفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية؟
وللفوز في الانتخابات الأميركية، يتطلب الأمر الحصول على أصوات 270 ممثلا من المجمع الانتخابي لذا تكون عملية اختيار الرئيس عملية حسابية في المقام الأول، فمن الممكن أن يفوز أحد المرشحين بمنصب رئيس الولايات المتحدة من خلال ضمان تصويت المجمع الانتخابي في 11 ولاية وتجاهل بقية الولايات الأميركية.
وبحسبة بسيطة يمكن القول إنه للحصول على 270 صوتا انتخابيا يكفي ضمان حصد تأييد المجمع الانتخابي في ولايات مثل كاليفورنيا (55 صوتا)، تكساس (38 صوتا)، نيويورك (29 صوتا)، فلوريدا (29 صوتا)، إلينوي (20 صوتا)، بنسلفانيا (20 صوتا)، أوهايو (18 صوتا)، ميتشيغان (26 صوتا)، جورجيا (16 صوتا)، كارولينا الشمالية (15 صوتا)، نيوجيرسي (14 صوتا). وضمان تأييد المجمع الانتخابي في هذه الولايات الإحدى عشرة فقط، يعني الحصول على 270 صوتا المطلوب للفوز برئاسة الولايات المتحدة.
لكن الأمر ليس بهذه السهولة فهناك ولايات تميل تقليديا للتصويت لصالح الحزب الجمهوري وتسمى الولايات الحمراء وهي اللون المميز للحزب وتشمل يوتا وميسيسبي ولويزيانا وساوث داكوتا وكنساس وألاباما وألاسكا وأركنساس وإيداهو وأنديانا وكنتاكي وميزوري ومونتانا ونبراسكا ونرث داكوتا وأوكلاهوما وساوث كارولينا وتنيسي وتكساس ووست فيرجينا ووايومينغ، وإجمالي أصوات المجمعات الانتخابية في هذه الولايات الحمراء هي 163 صوتا.
وهناك الولايات التي تميل تقليديا إلى التصويت للحزب الديمقراطي وهي الولايات الزرقاء (اللون المميز للحزب الديمقراطي) وتشمل ولايات رود إيلاند وواشنطن ودلاورير وماساتشوستس وكاليفورنيا وهاواي وميريلاند ونيويورك وفيرمونت وكولورادو وأوريغون ونيومكسيكو وكونتيكيت وإلينوي ونيوجيرسي ومجموع أصوات المجمعات الانتخابية فيها 193 صوتا.
ولذا يشتعل الصراع بين مرشحي الحزب الجمهوري والديمقراطي على الفوز بأصوات ولايات تتأرجح في تأييدها للحزب الديمقراطي أو الحزب الجمهوري، ولذا تسمى الولايات المتأرجحة.
ويوجد نحو 12 ولاية متأرجحة لم تحسم أمرها في الاتجاه ديمقراطيا أو جمهوريا وهي ولايات فلوريدا وأوهايو وبنسلفانيا ونورث كارولينا ونيفادا ومينيسوتا وميتشغان وأيوا وفيرجينيا ونيوهامشر ومين ووسكنسن. ولذا يشتعل التنافس والصراع الانتخابي على الفوز ببعض الولايات المتأرجحة بما يضمن تحقيق الوصول إلى رقم 270 صوتا في المجمع الانتخابي.
ماذا يحدث لو فشل المرشح في الحصول على 270 صوتا انتخابيا. إذا لم يحصل أي من المرشحين على تأييد 270 صوتا من المجمع الانتخابي، فإنه وفقا للتعديل الثاني عشر في الدستور يتم إعادة التصويت لكن في هذه المرة يكون لكل ولاية صوت واحد ويكون الفائز بالرئاسة هو الحاصل على أغلبية الأصوات وقد شهد تاريخ الانتخابات الأميركية الرئاسية أربعة انتخابات لم يحصد فيها أي من المرشحين الرقم المحدد بـ270 صوتا في المجمع الانتخابي كان آخرها في الانتخابات الرئاسية لعام 2000 بين جورج بوش الابن وآل جور، وفاز بوش بأغلبية المجمع الانتخابي، بينما كان آل جور يحصد كثيرا من التأييد الشعبي.



تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».