استراتيجية جديدة لفك الحصار عن حلب.. و«درع الفرات» تتحضّر لمعركة «الباب»

المعارضة تستعيد نقاطًا خسرتها شرق حلب

صبي سوري يجتاز أبنية مدمرة في قرية الوقف في ريف حلب الشمالي أول من أمس (رويترز)
صبي سوري يجتاز أبنية مدمرة في قرية الوقف في ريف حلب الشمالي أول من أمس (رويترز)
TT

استراتيجية جديدة لفك الحصار عن حلب.. و«درع الفرات» تتحضّر لمعركة «الباب»

صبي سوري يجتاز أبنية مدمرة في قرية الوقف في ريف حلب الشمالي أول من أمس (رويترز)
صبي سوري يجتاز أبنية مدمرة في قرية الوقف في ريف حلب الشمالي أول من أمس (رويترز)

لم يطرأ أي تغيير على المشهد العسكري في مدينة حلب، التي بقيت جبهاتها مشتعلة خصوصًا على محاور الأحياء الشرقية التي كانت أمس هدفًا للقصف الجوي، وهجمات قوات النظام والميليشيات الموالية له. وكشف قيادي عسكري في المعارضة عن «استراتيجية جديدة تضعها الفصائل لفكّ الحصار عن المدينة».
وتزامن التطور الميداني في المدينة، مع تقدّم «قوات درع الفرات» المدعومة من تركيا في ريف حلب الشمالي، وانتزاع عدد إضافي من القرى من تنظيم داعش على طريق معركة الباب. فقد تواصلت أمس الاشتباكات على مختلف محاور أحياء حلب الشرقية، وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، بأن المعارك «تركزت بشكل خاص على حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق)، وترافقت مع قصف جوي عنيف على مناطق الاشتباك استمر طوال ليل الأحد حتى صباح أمس، كما تعرضت أحياء أخرى في المنطقة الشرقية لقصف جوي ومدفعي محدود».
بدوره أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن «مقتل شخصين وإصابة آخرين بجروح جراء سقوط صاروخ أرض - أرض أطلقته قوات النظام على حي الشعار». وقال إن «اشتباكات عنيفة دارت في محور منطقة العويجة شمال حلب، بين فصائل المعارضة من جهة، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة أخرى، وسط قصف صاروخي من قبل النظام على المنطقة». وأشار إلى أن هذه الاشتباكات «امتدت إلى محوري كرم الجبل وسليمان الحلبي في المدينة».
وأعلن عضو المجلس العسكري في الجيش الحرّ أبو أحمد العاصمي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «معركة فك الحصار عن حلب لن تتأخر». وأكد أن هناك «تغييرًا استراتيجيًا وعمليات عسكرية مختلفة عن التكتيك الذي كان متبعًا في المعارك السابقة». ودعا إلى ترقب تطورات معارك ريف حلب الشمالي، وقال: «عندما نجتاز مدينة الباب ونصل إلى منطقة الشيخ نجار المعروفة باسم (المنطقة الصناعية)، سنشكّل ضغطا مباشرا على النظام، الذي يأمن جانب (داعش) في هذه المنطقة حاليًا».
وتنفذ قوات النظام السوري هجوما على الأحياء الشرقية منذ 22 سبتمبر (أيلول) الماضي. وحققت منذ ذلك الوقت تقدمًا بطيئًا تمكنت معه من السيطرة على مخيم حندرات، وتحقيق اختراق في حي بستان الباشا، كما تقدمت يوم السبت نحو منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة.
أما القيادي العسكري المعارض في مدينة حلب عمّار أبو ياسر، فأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثوار استعادوا جميع النقاط التي تقدمت إليها قوات الأسد وعصابات (حركة النجباء) الطائفية في الأيام الأخيرة». وقال: «لقد أخرجناهم من النقاط التي وصلوا إليها في بستان الباشا وحي الشيخ سعيد وكبدناهم خسائر كبيرة، وغنمنا آليتين عسكريتين من نوع (بي إم بي) وبعض الأسلحة». وأضاف: «لأول مرّة لاحظنا وجود مقاتلين من عصابات الأسد، حيث عثرنا من بين القتلى على عنصر من الأمن العسكري للنظام، بينما كان القتلى الآخرون من حركة النجباء»، مؤكدًا أن «القصف الجوي تراجع نسبيًا لكنه لم ينقطع، بدليل قصف طال اليوم (أمس) حي الشعار، وسقوط شهداء من المدنيين». وتابع أبو ياسر، أن «ما يؤلمنا هو الوضع الإنساني المأساوي نتيجة قصف المشافي والمراكز الطبية، وفقدان الأدوية والإسعافات، وتوقف محطات المياه نتيجة استهداف عصابات الأسد لمحطات ضخ المياه»، مؤكدًا أن الوضع الإنساني «لم يعد مرتبطًا بالقصف الجوي والتدمير، بقدر ما هو مرتبط بضرب مقومات الحياة لدى المدنيين».
وعلى صعيد المعارك في ريف حلب الشمالي، فقد سيطرت فصائل المعارضة المدعومة من الجيش التركي وطيران التحالف الدولي، على بلدات الفيروزية ومريغل وراعل وشويرين وتل حسين، بعد اشتباكات مع تنظيم داعش، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من الطرفين. وأعلنت الفصائل، في بيان نشرته على مواقع التواصل الاجتماعي، أن «المناطق الممتدة بين مدينة مارع وبلدة أخترين وصولا إلى قرية كفرغان شمال غربي بلدة صوران أعزاز بريف حلب الشمالي باتت مناطق عسكرية». ودعت المدنيين فيها إلى «إخلائها بشكل مؤقت حتى يتم انتزاعها من التنظيم وتأمينها بشكل كامل».
ورأى أبو أحمد العاصمي، أن «معركة شمال حلب التي يخوضها الجيش الحر بدعم تركي، لها أهمية استراتيجية على مستقبل الوضع في سوريا». وقال، إن هذه المعركة «تجعلنا نتجاوز خطرين، الأول هو تنظيم داعش الذي كان له الدور الأكبر في الحد من نفوذ المعارضة في الشمال، خصوصًا بعدما قطع خطوط تواصلها الجغرافي مع تركيا، والثاني هي الحركات الانفصالية مثل الـ(pyd) التي لها أهدافها وأجندتها الخاصة».
وأكد العاصمي أن «المعارك التي تخوضها (قوات درع الفرات) حررت 110 قرى في ريف حلب الشمالي، وأمنت حتى الآن نحو 7 آلاف متر مربع، وهي اقتربت من إعلان المنطقة الآمنة التي تلغي تهجير السوريين من أرضهم».
وقال عضو المجلس العسكري في الجيش الحرّ: «نحن أمام مرحلة مهمة من مراحل الثورة السورية»، مشددًا على أن «معركة الريف الشمالي وإن كانت منفصلة عن معركة حلب، إلا أنها مفيدة لها، وستظهر نتائجها قريبًا».



مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
TT

مصر وسلطنة عمان تبحثان سلامة الملاحة في البحر الأحمر

نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)
نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء بسلطنة عُمان يستقبل وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية)

بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في سلطنة عمان، الاثنين، ملفَ التوترات الأمنية في البحر الأحمر، مؤكداً أهمية سلامة الملاحة البحرية وحرية التجارة الدولية، وارتباط ذلك بشكل مباشر بأمن الدول المشاطئة للبحر الأحمر.

وحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية، أشار عبد العاطي إلى «تأثير تصاعد حدة التوترات في البحر الأحمر على مصر، بشكل خاص، في ضوء تراجع إيرادات قناة السويس».

وأدى تصعيد جماعة «الحوثيين» في اليمن لهجماتها على السفن المارة في مضيق باب المندب والبحر الأحمر، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، بداعي التضامن مع الفلسطينيين في غزة، إلى تغيير شركات الشحن العالمية الكبرى مسارها من البحر الأحمر، واضطرت إلى تحويل مسار السفن إلى طرق بديلة منها مجرى رأس الرجاء الصالح.

وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار (الدولار الأميركي يساوي 50.7 جنيه في البنوك المصرية) خلال العام المالي (2022 - 2023)، إلى 7.2 مليار دولار خلال العام المالي (2023 - 2024)، حسب ما أعلنته هيئة قناة السويس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وخلال لقاء الوزير عبد العاطي مع فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء، أشار إلى تقدير مصر الكبير للقيادة الحكيمة للسلطان هيثم بن طارق، وللدور الإيجابي الذي تضطلع به سلطنة عمان على المستويين الإقليمي والدولي.

وأكد عبد العاطي أهمية التعاون المشترك لتعزيز الأمن العربي، وحرص مصر على التنسيق والتشاور مع السلطنة لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما في ظل الاضطرابات غير المسبوقة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط على عدة جبهات.

وطبقاً للبيان، تناول اللقاء مناقشة عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، على رأسها القضية الفلسطينية واستمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والجهود المصرية لاحتواء التصعيد في المنطقة، والتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن، كما تم تبادل الرؤى حول الأوضاع في سوريا واليمن والسودان وليبيا.

وخلال لقائه مع بدر البوسعيدي، وزير خارجية سلطنة عُمان، في إطار زيارته الرسمية إلى مسقط، ناقش عبد العاطي مجمل العلاقات الثنائية والتنسيق المشترك حيال القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.

مباحثات سياسية بين وزير الخارجية المصري ونظيره العماني (الخارجية المصرية)

تناول الوزيران، حسب البيان المصري، أطر التعاون الثنائي القائمة، وسبل تعزيز مسار العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، والارتقاء بها إلى آفاق أوسع تنفيذاً لتوجيهات قيادتي البلدين.

وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مسقط، في يونيو (حزيران) 2022، بينما زار السلطان هيثم بن طارق القاهرة في مايو (أيار) 2023.

وأكد الوزيران على أهمية التحضير لعقد الدورة السادسة عشرة للجنة المشتركة بين البلدين خلال الربع الأول من عام 2025، لتعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات.

وشدد عبد العاطي على الأهمية التي توليها مصر لتطوير وتعزيز علاقاتها مع سلطنة عُمان، مشيداً بالعلاقات الوطيدة والتاريخية التي تجمع بين البلدين. وأشار إلى الاهتمام الخاص الذي توليه مصر للتعاون مع أشقائها في الدول العربية في مجال جذب الاستثمارات والتعاون الاقتصادي والتبادل التجاري، مستعرضاً برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي الجاري تطبيقه في مصر، والخطوات التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ الاستثماري وتوفير الحوافز لجذب الاستثمارات الأجنبية.

كما أشار إلى أهمية العمل على تعزيز التعاون بين المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بـالدقم، وكذلك الربط البحري بين ميناءي «الدقم» و«صلالة»، والموانئ المصرية مثل ميناء الإسكندرية وميناء العين السخنة وغيرهما، بما يعزز التبادل التجاري بين البلدين، ويساهم في تعميق التعاون بينهما في مجالات النقل الملاحي والتخزين اللوجستي، في ضوء ما تتمتع به مصر وعُمان من موقع جغرافي متميز يشرف على ممرات ملاحية ومضايق بحرية استراتيجية.

وفيما يتعلق بالأوضاع الإقليمية في ظل التحديات المتواترة التي تشهدها المنطقة، ناقش الوزيران، وفق البيان المصري، التطورات في سوريا، والحرب في غزة، وكذلك الأوضاع في ليبيا ولبنان، وتطورات الأزمة اليمنية وجهود التوصل لحل سياسي شامل، وحالة التوتر والتصعيد في البحر الأحمر التي تؤثر بشكل مباشر على أمن الدول المشاطئة له، كما تطرق النقاش إلى الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي والتطورات في السودان والصومال.

وأكد البيان أن اللقاء عكس رؤيةً مشتركةً بين الوزيرين للعديد من التحديات التي تواجه المنطقة، وكيفية مواجهتها، وأكدا على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين والحرص على تكثيف التشاور والتنسيق بشأن مختلف القضايا، كما اتفق الوزيران على تبادل تأييد الترشيحات في المحافل الإقليمية والدولية.