لبنان: بروز تشكيلات عسكرية مؤيدة للنظام السوري يثير مخاوف معارضي الأسد

وئام وهاب يُطلق «سرايا التوحيد».. و«القومي الاجتماعي» يُدرّب قاصرين

لبنان: بروز تشكيلات عسكرية مؤيدة للنظام السوري يثير مخاوف معارضي الأسد
TT

لبنان: بروز تشكيلات عسكرية مؤيدة للنظام السوري يثير مخاوف معارضي الأسد

لبنان: بروز تشكيلات عسكرية مؤيدة للنظام السوري يثير مخاوف معارضي الأسد

أثار إعلان رئيس حزب «التوحيد العربي» الوزير السابق وئام وهاب في الساعات الماضية نيته إطلاق «سرايا التوحيد» بحجة «دعم القوى الأمنية اللبنانية في مواجهة أي خطر على لبنان»، كما إتمام «الحزب السوري القومي الاجتماعي» دورة تدريب عسكرية لقاصرين أطلق عليهم تسمية «الأشبال والطلبة»، مخاوف قسم كبير من اللبنانيين المعارضين للنظام السوري، باعتبار أن الطرفين المذكورين تابعان له بشكل مباشر.
وكثُرت التساؤلات حول الهدف من هذه التشكيلات ومهامها في هذا التوقيت بالذات، علما بأنه وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، برز اسم تشكيل «حماة الديار» الذي انتشرت صور لعناصره وهم يتدربون على السلاح ما دفع وزير الداخلية نهاد المشنوق حينها للإعلان عن نيته «تحضير ملف أمني وقانوني، ليتقدم في مجلس الوزراء بطلب لإلغاء الترخيص المعطى لحماة الديار»، مشددا على أن «الديار لا تحمى بمزيد من الميليشيات، ولا بمزيد من القوى المسلحة غير الشرعية، بل بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة، وبمزيد من السعي لتثبيت أركان نظامنا السياسي بملء فراغاته».
وأعلن وهاب، أول من أمس، خلال استقباله وفدا من كشافة «طلائع التوحيد» في دارته في الجاهلية في جبل لبنان، أنّه سيُطلق قريبا «سرايا التوحيد» التي قال إنها ستشمل كل المناطق اللبنانية، مشيرا إلى أن «دورها يكمن في درء أي خطر محتمل على لبنان، وستقف إلى جانب الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية في مواجهة أي خطر على لبنان». وأضاف: «هي لن تكون محصورة في منطقة معينة، أو في فئة معينة، بل ستكون مفتوحة أمام الجميع للانضمام إليها».
وكان وهاب أقر في عام 2013 بإرسال «وفود من المقاتلين الدروز اللبنانيين الذين ينتمون إلى حزب التوحيد العربي للقتال في سوريا». ومطلع شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، تم توقيف أحد مرافقي وهاب، بتهمة زرع عبوة استهدفت سيارة أحد المواطنين في بلدة مجدل عنجر في البقاع شرق لبنان. وردّ رئيس «حزب التوحيد» المُقرّب من النظام السوري، على عملية التوقيف، معربًا عن عدم ثقته بقوى الأمن الداخلي. وقال في تصريحات تلفزيونية، إن «ما حصل ليس تفجيرًا بل ولدنة»، وذلك على الرغم من إصابة طفلتين سوريتين جراء انفجار العبوة. وسبق أن تم توقيف مسؤول الأمن لدى وهاب عام 2011 حين ادعى القضاء اللبناني عليه بجرم التعامل مع الاستخبارات الإسرائيلية.
وتزامنت تصريحات وهاب الأخيرة مع إعلان «الحزب السوري القومي الاجتماعي» تخريج عدد من القاصرين المنتمين إليه بعد مشاركتهم في مخيم للتدريب العسكري. وأشارت صحيفة «البناء» الناطقة باسم الحزب المذكور إلى أن المخيم كان لـ«الأشبال والطلبة» الذين شاركوا في «دورة نسور الزوبعة». وأظهرت صور نشرتها الصحيفة المذكورة عشرات القاصرين، شبانا وفتيات وهم يخضعون لتدريبات ويرتدون بزات عسكرية. ونُقل عن وكيل عميد التربية والشباب في الحزب إيهاب المقداد قوله للمتخرجين: «ستمتشقون سلاح الحقّ في وجه الطغيان والمفاسد وستواجهون عدوّنا اليهودي وقوى الإرهاب والاستيطان».
واعتبر النائب في تيار «المستقبل» محمد قباني أن تفاقم ظاهرة «التشكيلات العسكرية» و«الميليشيات» «إشارة تدعو للقلق»، مشددا على أن «دعم الجيش اللبناني معنويا وماديا وزيادة كثيرة، من المسلمات لدى اللبنانيين ولا خلاف عليه على الإطلاق، أما السعي لدعمه بميليشيات مسلحة، فأمر يثير التعجب». وقال قباني لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان هناك من يحضر لحرب أهلية في لبنان، فنسأله ضد من؟ خاصة أن لا وجود لميليشيات معارضة للنظام السوري على الأراضي اللبنانية»، لافتا إلى أن «بروز هذه التشكيلات في هذا التوقيت بالذات يظهر وكأنّه دعوة للآخرين لإنشاء ميليشيات مماثلة».
وأعرب قباني عن أسفه لعدم تحرك الجهات المعنية لملاحقة الذي يخرجون بالعلن ليتحدثوا عن نيتهم تشكيل تنظيمات عسكرية، لافتا إلى أنه ينطبق في لبنان المثل المحلي القائل: «ناس بسمنة وناس بزيت»، بإشارة إلى أنه «لا تتم ملاحقة من يُعلن التسلح عبر شاشات التلفزة، فيما يسجنون مساكين بتهم أنّهم على علاقة بمسلحين». وأضاف: «عدم العدالة بالمحاسبة أمر يشكل قهرا لكثيرين ولا يجوز أن يستمر لأنّه يُهدد بانفجار».
أما العميد الركن المتقاعد الدكتور هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، فرد تفاقم ظاهرة «الميليشيات» إلى «غياب الدولة»، مذكرا بأن «لا رئيس للبلاد، كما أن الحكومة شبه معطلة والمجلس النيابي بحالة شبه شلل». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «في لبنان لا دولة بل سلطة مجزّأة وموزعة على الطبقة السياسية التي تحكم البلد.. وأنا كلي ثقة أن تشكيلات عسكرية مماثلة ما كانت لتظهر لو كان الوضع طبيعيا والحكومة قادرة ومتماسكة». وإذ استبعد جابر تماما أن تكون هذه المجموعات تتحضر لحرب أهلية في لبنان نظرا إلى أن «لا ظروف على الإطلاق تسمح اندلاعها»، رأى أن هناك «فراغا تستفيد منه لتقوية نفوذ مؤسسيها». وأضاف: «الشعب اللبناني يرفض الفتنة المذهبية والطائفية كما أن هناك قرارا دوليا واضحا بعدم انحدار لبنان إلى الفوضى كي يبقى قاعدة للدول المعنية بالصراع السوري».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.