الجزائر: وزير الدولة يرفض التشكيك في قدرة بوتفليقة على الحكم

أويحيى يدافع عن أفضال ضباط الجيش الفرنسي في بناء جيش قوي

الجزائر: وزير الدولة يرفض التشكيك في قدرة بوتفليقة على الحكم
TT

الجزائر: وزير الدولة يرفض التشكيك في قدرة بوتفليقة على الحكم

الجزائر: وزير الدولة يرفض التشكيك في قدرة بوتفليقة على الحكم

انتقد وزير الدولة الجزائري أحمد أويحيى المعارضة وقطاعا من الإعلام بسبب الإكثار من التساؤل «إن كان الرئيس بوتفليقة قادرا على الاستمرار في الحكم»، وقال: إن التسديد المبكر للدين الخارجي، مكن الدولة من مواجهة صدمة انهيار سعر النفط، ودافع عن «ضباط الجيش الفرنسي»، الذين بنوا حسبه جيشا جزائريا قويا، حسب تعبيره.
وقال أويحيى أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة، نظمه من موقعه أمين عام حزب «التجمع الوطني الديمقراطي»، (القوة الثانية في البرلمان)، إن الرئيس عقد أربعة مجالس وزراء خلال العام الجاري «ما يعني أنه هو من يسير البلاد.. صحيح أن الرئيس بوتفليقة ليس في لياقة صحية جيدة قياسا إلى سنوات مضت، ولكنه هو من يسير البلاد». ويفهم من كلام أويحيى أن ما يدور في الأوساط السياسية والإعلامية بأن أشخاصا في السلطة «يسيرون دفة الحكم نيابة عن الرئيس»، ليس صحيحا.
ويتداول الإعلام المحلي بأن شخصين أساسيين هما من يتوليان شؤون الحكم منذ إصابة الرئيس بوعكة خطيرة قبل نحو 4 سنوات، هما شقيقه كبير مستشاريه السعيد بوتفليقة، ونائب وزير الدفاع رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح.
وتناول أويحيى، وهو أيضا مدير الديوان برئاسة الجمهورية، الصعوبات المالية الكبيرة التي تواجهها الحكومة، بسبب تقلص المداخيل من بيع النفط والغاز، وقال بهذا الخصوص إنه «لتغطية عجز الموازنة يلزمنا الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، فنحن بحاجة إلى 10 مليارات دولار. غير أننا لن نطلب دينا من الخارج حتى نجنب المواطن الجزائري أوضاعا اقتصادية خطيرة عاشها من قبل، على إثر لجوئنا إلى الاستدانة بعد انهيار سعر النفط عالم 1986»، وأضاف موضحا أن «أوضاعنا في تلك الفترة كانت كارثية على الصعيد المالي، وهي أصعب بكثير من أوضاع اليوم»، مشيرا إلى أن «الفضل في صمودنا أمام الأزمة يعود إلى الرئيس بوتفليقة، الذي حررنا من الدين بتسديده مبكرا، كما أنه حافظ على احتياطي العملة الصعبة عندما رفض دعوات إنشاء صناديق سيادية».
وقدم أويحيى، الذي كان رئيسا للوزراء، حصيلة إيجابية لسنوات حكم بوتفليقة. فقد تم بناء 3 ملايين سكن خلال 16 سنة من التسيير، ويجري حاليا إنجاز 1.2 مليون سكن، حسب أويحيى.
وتعرف الجزائر أزمة سكن خانقة منذ الاستقلال، أوعزها مراقبون إلى سوء توزيعه، زيادة على احتكار الدولة مشاريع البناء، بدل التنازل عن ذلك للقطاع الخاص. وأضاف أويحيى في هذا السياق «قد تكون أزمتنا المالية نعمة، ولكن في حالة واحدة فقط هي أن نعيد الاعتبار للعمل كقيمة اقتصادية واجتماعية».
وسئل أويحيى عن تصريحات نارية لزعيم الأغلبية البرلمانية عمار سعداني، ضد مدير المخابرات المعزول الجنرال محمد مدين، الذي حمله مسؤولية جرائم واغتيالات وأحداث دامية وقعت خلال 25 سنة الماضية، فقال: «إن اتهام رئيس جهاز الأمن يعني بالضرورة اتهام هذه الهيئة، ولا يجب أن نغفل بأن وراء الرجل كان هناك آلاف الضباط والجنود المنتسبين إلى الجيش». وبينما حمل سعداني الجنرال مدين مسؤولية أحداث عرقية بجنوب البلاد، خلفت عشرات القتلى قبل 3 سنوات، قال أويحيى إن المواجهات التي جمعت الشعانبة العرب ببني ميزاب الأمازيع «حركتها أياد في الداخل والخارج»، من دون توضيح كيف تم ذلك.
وأطلق سعداني أيضا تصريحات خطيرة بخصوص «سيطرة ضباط فرنسا على الدولة»، وكان يقصد بذلك أن جيلا من ضباط الجيش الجزائري ممن اشتغلوا في الجيش الفرنسي أيام الاستعمار، هم من يتحكمون في مصادر القرار. وبحسب هذا المفهوم فالحكم في الجزائر بين أيدي فرنسا. وبخصوص ذلك قال أويحيى «بوتفليقة كان ضابطا برتبة رائد في جيش التحرير الوطني، ومارس مسؤوليات في الحكومة بعد الاستقلال كوزير للخارجية، وقد اشتغل مع ضباط (جزائريين) سابقين بالجيش الفرنسي، ومع هؤلاء الضباط بنى صاحب الشنبات (الرئيس هواري بومدين) جيشا قويا». وتجمع أويحيى وسعداني خصومة سياسية شديدة، رغم أنهما يشتركان في دعم سياسات الحكومة، التي تتكون في أغلبها من وزراء ينتمون للحزبين.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.