حلب.. بين إصرار واشنطن على الخيار العسكري وتهديدات موسكو

جلسة طارئة لمجلس الأمن لوقف حمام الدم في المدينة السورية

حلب.. بين إصرار واشنطن على الخيار العسكري وتهديدات موسكو
TT

حلب.. بين إصرار واشنطن على الخيار العسكري وتهديدات موسكو

حلب.. بين إصرار واشنطن على الخيار العسكري وتهديدات موسكو

لا يزال التصعيد الكلامي بين واشنطن وروسيا مستمرًا، على خلفية النزاع في سوريا، خصوصًا بعد إعلان روسيا أنّها ستعترض أي ضربة أميركية للنظام السوري بأنظمة الصواريخ الروسية، وستنزل قواتها على الأرض في نطاق العملية. وعلى الرغم من التهديد الروسي، لم تسحب واشنطن الخيار العسكري من خياراتها في سوريا، بل جاء ردّها تأكيدًا بأن واشنطن لن تسقط هذا الخيار كاحتمال تدرسه لمواجهة الانزلاق الكامل للعملية السياسية في سوريا.
بعد هذه التطورات والتصريحات النارية، يعقد مجلس الأمن، اليوم (الجمعة)، جلسة طارئة بشأن سوريا بدعوة من روسيا نفسها، فيما يفترض أن يتوجه المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا إلى المجلس ليجدد تحذيره من تحويل حلب إلى مقبرة بسبب قصف النظام وروسيا، حلب التي قد يسوى قسمها الشرقي تماما بالأرض في غضون ثلاثة أشهر، إذا ما استمر القتال على الوتيرة ذاتها.
وتتابع فرنسا مساعيها لتمرير مشروع قرارها لوقف حمام الدم في حلب. فيما تواصل موسكو نقل المزيد من الترسانة البحرية والصاروخية إلى المياه الدافئة.
من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيربي: «نحن مستمرون في حوار نشط في الحكومة الأميركية حول الخيارات المتاحة أمامنا بخصوص سوريا». وأضاف: «كما قلتُ سابقًا ليس كل من هذه الخيارات تدور حول الدبلوماسية، وكذلك هو الحال اليوم، وقد تابعت التصريحات الصادرة عن موسكو، لكن على الرغم من تلك التصريحات ستستمر الحكومة الأميركية في نقاشاتها».
على صعيد متصل، حثت الحكومة الألمانية اليوم، روسيا وإيران باعتبارهما أكبر داعمين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، على استخدام نفوذهما لوقف تصعيد العنف في سوريا والسماح بتسليم الإمدادات الإنسانية للمدنيين هناك.
وعندما سئل إن كانت ألمانيا تدعم فرض عقوبات على روسيا بسبب دورها في القصف، قال المتحدث باسم الحكومة شتيفن زايبرت، إنّ برلين تدرك أن كل الخيارات يجب أن توضع في الحسبان، لكن الأولوية هي وقف إطلاق النار، مضيفًا خلال مؤتمر صحافي اعتيادي للحكومة: «نعتقد أن روسيا وإيران على وجه الخصوص ملزمتان باستخدام نفوذهما على نظام الأسد لوقف تصعيد العنف ومعاناة المدنيين».
وصعدت قوات النظام السورية المدعومة من سلاح الجو الروسي هجومها على الأجزاء الخاضعة للمعارضة في مدينة حلب. ويقول متابعون للحرب إنّ مستشفيات تعرضت للقصف كما تضررت إمدادات المياه بالمدينة في أشد أعمال القصف فتكًا في الصراع الدائر منذ نحو ست سنوات. فيما تدّعي موسكو ودمشق أنّهما تستهدفان المتشددين فقط وتنفيان قصف المستشفيات.
وقال نوربرت روتغين وهو عضو في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان لصحيفة «سويدوتشه تسايتونغ»، إنّ مسؤولية روسيا لا خلاف عليها. وتابع: «غياب العواقب والعقوبات عن أخطر جرائم الحرب سيكون فضيحة»، مضيفًا أن الإجراءات العسكرية ستكون النهج الخاطئ. ومضى قائلا: «فرض عقوبات اقتصادية لن يكون له أثر على المدى القصير، لكن على المدى الطويل سيكون له تأثير بالتأكيد على حسابات بوتين».
وبينما دعا بعض المشرعين الأوروبيين ومن بينهم المار بروك وهو عضو أيضًا في حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي إلى فرض عقوبات قال دبلوماسي أوروبي كبير إنّ فرضها يمكن أن يكون صعبا لأبعد حد.
ويطبق الاتحاد الأوروبي عقوبات على روسيا لدورها في نزاع أوكرانيا. وقالت إيطاليا ودول أخرى في الاتحاد إنّه يجب تخفيف تلك العقوبات، لكن احتمالات ذلك ضعفت تماما بسبب الصراع السوري.
وانتقد روتجين أوروبا لأنّها لا تدين بوضوح الدور الروسي قائلاً: «أقل ما يجب أن تفعله أوروبا هو أن تستخدم لغة واضحة تسمي جريمة الحرب جريمة حرب».
على الساحة الميدانية، قال الجيش التركي اليوم، إنّ تسعة من مقاتلي المعارضة السورية المدعومين من تركيا قتلوا وأصيب 32 في اشتباكات جرت يوم أمس، خلال عملية استهدفت طرد مسلحي تنظيم داعش من منطقة في سوريا على الحدود مع تركيا، مضيفًا أن طائرات حربية تركية قصفت 18 هدفا في المنطقة خلال الساعات الـ24 الماضية، مما أدى إلى تدمير أبنية يستخدمها مقاتلو التنظيم، في حين قتلت طائرات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ثلاثة من المتشددين في ضربات جوية.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.