هدنة وقف إطلاق النار.. أبرز أولويات ولد الشيخ في مسقط

وزير يمني: الانقلابيون ليسوا في وضع يسمح لهم بوضع شروط

إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال المحادثات اليمنية - اليمنية التي عقدت في الكويت واستمرت 90 يومًا («الشرق الأوسط»)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال المحادثات اليمنية - اليمنية التي عقدت في الكويت واستمرت 90 يومًا («الشرق الأوسط»)
TT

هدنة وقف إطلاق النار.. أبرز أولويات ولد الشيخ في مسقط

إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال المحادثات اليمنية - اليمنية التي عقدت في الكويت واستمرت 90 يومًا («الشرق الأوسط»)
إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال المحادثات اليمنية - اليمنية التي عقدت في الكويت واستمرت 90 يومًا («الشرق الأوسط»)

يواصل المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، جولته ومباحثاته في المنطقة، لبحث سبل استئناف مشاورات السلام اليمنية – اليمنية، التي فشلت آخر جولاتها في دولة الكويت، بعد تعنت وفد الانقلابيين ورفضه التوقيع على خطة ولد الشيخ في الجانب الأمني والعسكري.
ويتواجد المبعوث الأممي في مسقط بسلطنة عمان حاليا، للقاء وفد الانقلابيين. وبحسب مصادر «الشرق الأوسط»، فإن المبعوث الأممي يحمل معه روزنامة للحل السياسي، واتفاقا شاملا لإنهاء الأزمة اليمنية، إلى جانب هدنة وقف إطلاق النار لـ72 ساعة.
وتشير المعلومات إلى أن خطة السلام التي يحملها ولد الشيخ «تنبني على ما تم التوافق عليه مع الأطراف خلال مشاورات السلام في الكويت، وما تم التباحث بخصوصه في جدة بالمملكة العربية السعودية ونيويورك»، وقال شربل راجي، المتحدث الإعلامي في مكتب مبعوث الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، إن الخطة «تتضمن خريطة طريق مزمنة لحل سلمي شامل، مبني على سلسلة خطوات مزمنة لإجراءات أمنية وسياسية»، مؤكدا أن موضوع هدنة وقف إطلاق النار هو في سلم أولويات المباحثات التي يجريها ولد الشيخ في مسقط.
في سياق متصل، تشير معلومات خاصة حصلت عليها «الشرق الأوسط» من مصادر مقربة من وفد الانقلابيين، إلى أن الوفد وافق مبدئيا على مقترح هدنة وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، وهي الهدنة التي اقترحها وزير الخارجية الأميركي، خلال زيارته الأخيرة إلى جدة في المملكة العربية السعودية. وتقول هذه المصادر إن الهدنة حظيت بموافقة جميع الأطراف، التحالف والحكومة الشرعية والأطراف الدولية، وفقا لعضو وفد الحوثيين، ناصر باقزقوز الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «عرضت علينا هدنة 72 ساعة، قلنا له موافقين وأبلغنا أن هادي والتحالف وافقوا عليها قبلنا ولو هي حتى ساعة سنوافق عليها نحن لا نريد الحرب».
وتأتي هذه الجهود الأممية، في وقت صعد فيه الانقلابيون إجراءاتهم أحادية الجانب، حيث يعكفون على تشكيل حكومة في صنعاء، بعد تكليفهم للدكتور عبد العزيز بن حبتور بتشكيل تلك الحكومة الانقلابية.
وعقدت اللجنة الرباعية الدولية بخصوص اليمن، الشهرين الماضيين، سلسلة لقاءات بخصوص اليمن في السعودية ولندن ونيويورك، وشددت تلك الاجتماعات، على أهمية استئناف عملية السلام والتوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
كما تأتي زيارة ولد الشيخ إلى مسقط ولقاؤه بوفد الانقلابيين، بعد إعلان الأخير شروطا مسبقة، قبل الدخول في أي مشاورات سلام جديدة، أبرزها إخضاع مؤسسة الرئاسة للنقاش في المشاورات، ورفع الحصار عن المياه اليمنية، والمقصود به الحصار الذي تفرضه قوات التحالف على واردات الأسلحة إلى اليمن، وفقا للقرارات الأممية، وكذا اشتراطهم وقف إطلاق النار والعمليات العسكرية.
في هذا السياق، قال عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان اليمني، إن الحكومة اليمنية على اتصالات مستمرة مع الأطراف الدولية الراعية لعملية السلام في اليمن، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» وجود اتفاق مع تلك الأطراف على عدم القبول بأي شروط مسبقة للجلوس على طاولة المشاورات للسلام، وأن هذه المشاورات تعتمد على الركائز الأساسية المتفق عليها، وهي قرارات الشرعية الدولية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.
واتهم الأصبحي الانقلابيين «بوضع عراقيل لخلق الفوضى وتخريب عملية السلام، ولا يمكن التعاطي مع ذلك بأي شكل من الأشكال على الإطلاق»، متابعا: «ما تقوم به ميليشيات الانقلاب في صنعاء، هو للاستمرار في تدمير مؤسسات الدولة التي كانت يمكن أن تمثل قواسم مشتركة في لحظة من اللحظات، لذلك لجأت إلى تدمير البرلمان، وتسعى إلى تدمير ما تبقى من مؤسسات الدولة بمختلف الطرق».
وأشار الأصبحي إلى أن الانقلابيين «ليسوا في وضع يتيح لهم أن يفرضوا شروطا»، وإلى أن المجتمع الدولي «عندما دعاهم إلى طاولة السلام، من أجل تجنيب اليمن مزيدا من الدمار وليس لنديتهم، وبالتالي لا يمكن التعاطي مع شروطهم من ناحية قانونية أو حتى منطقية أو عقلانية». وفي الجانب الإنساني أكد الوزير اليمني أنه وإزاء الأوضاع الإنسانية المتدهورة، فإن الحلول لا تكمن في مساعدات آنية تقدم للمتضررين فقط، وإنما في إنهاء الانقلاب وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات والأدوية وغيرها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم