ثورة نسوية في دار «ديور» ورومانسية جديدة تشوب أسبوع باريس لربيع وصيف 2017

مصممون يتأرجحون بين الماضي والمستقبل لإثبات أنفسهم

من عرض «لويفي»  -  من عرض جوناثان اندرسون لدار «لويفي»  -  اللعب على السميك والشفاف والبسيط والمطرز في عرض «ديور»  -  من عرض «ديور»  -  من عرض «ديور»  لربيع وصيف 2017
من عرض «لويفي» - من عرض جوناثان اندرسون لدار «لويفي» - اللعب على السميك والشفاف والبسيط والمطرز في عرض «ديور» - من عرض «ديور» - من عرض «ديور» لربيع وصيف 2017
TT

ثورة نسوية في دار «ديور» ورومانسية جديدة تشوب أسبوع باريس لربيع وصيف 2017

من عرض «لويفي»  -  من عرض جوناثان اندرسون لدار «لويفي»  -  اللعب على السميك والشفاف والبسيط والمطرز في عرض «ديور»  -  من عرض «ديور»  -  من عرض «ديور»  لربيع وصيف 2017
من عرض «لويفي» - من عرض جوناثان اندرسون لدار «لويفي» - اللعب على السميك والشفاف والبسيط والمطرز في عرض «ديور» - من عرض «ديور» - من عرض «ديور» لربيع وصيف 2017

ما يجعل أسبوع باريس لموسمي ربيع وصيف 2017 مثيرا ومختلفا ليست ثورة التصاميم أو عبقرية المصممين بقدر ما هو عدد المصممين الذين قدموا تشكيلات لأول مرة لصالح بيوت كبيرة. من أنطوني فاكاريللو الذي خلف هادي سليمان في دار «سان لوران» مرورا ببشرى جرار التي دخلت دار «لانفان» بعد عام تقريبا من إقالة ألبير إلباز، إلى الحدث الأكبر: انتقال ماريا غراتزيا تشيوري من دار «فالنتينو» إلى «ديور». ما يجعله الحدث الأكبر أنها أول امرأة تدخلها كمصممة وليس كزبونة. فمنذ تأسيس الدار في عام 1947 تعاقب عليها عدة مصممين من إيف سان لوران، جيانفرانكو فيري، جون غاليانو إلى راف سيمونز وآخرون، ولحد الآن، لم يخطر على بال أحد توظيف امرأة لهذا الدور، رغم أن الدار تقوم على الأنوثة والرومانسية أساسا، وليس هناك أفضل من المرأة لكي تفهم هذه الرومانسية وتقدرها. لكن لا بد من الإشارة إلى أن اختيار ماريا غراتزيا تشيوري في هذه الفترة بالضبط ليس اعتباطا أو صُدفة، بل العكس تماما. فقد انتظرت الدار عاما لكي تجد المصمم المناسب، وهذا ما وجدته فيها حسب تصريحات سيدني توليدانو، الرئيس التنفيذي فيها. فهو يتفق مع الكل أنها ليست مصممة عادت، حيث برهنت خلال فترتها في دار «فالنتينو»، حيث عملت لأكثر من عقد من الزمن، أنها تتمتع بحس رومانسي وتجاري في الوقت ذاته، وهذا هو عز الطلب.
من حسن حظها أن مهمتها ليست صعبة، ومن المفترض أن تكون مفروشة بالورود، بالنظر إلى رومانسية الدار من جهة، وعشق مؤسسها للورود والأزهار. فالدار تتمتع بإمكانيات عالية من جهة، كما أنها تدخلها في الوقت المناسب من جهة ثانية، أي بعد فترة فراغ خلفتها استقالة راف سيمونز في العام الماضي. لا أنطوني فاكاريللي ولا بُشرى جرار يتمتعان بهذا الترف. فالأول يدخل دار «سان لوران» بعد هادي سليمان، وهو ما يعني أن مهمته أصعب، لأن سليمان حقق للدار الكثير من النجاح التجاري والأرباح، كما أضفى عليها هالة من الغموض جعلت الكثير من الشباب يرغبون فيها. لحد الآن لا تزال الدار تجتر هذا النجاح وتعيش عليه إن صح القول. بُشرى جرار بدورها دخلت «لانفان» وهي غير مستقرة. فالدار تعاني من تراجع الأرباح وتغييرات داخلية كثيرة، الأمر الذي يضع المصممة تحت المحك فضلا عن مقارنة غير عادلة مع ألبير إلباز الذي كانت أوساط الموضة تعشقه على المستويين الفني والشخصي. وفيما احتمى أنطونيو فاكاريللو بالراحل إيف سان لوران حتى يتجنب المقارنة بينه وبين سلفه، بإغراقنا بتصاميم تعود بنا إلى الثمانينات، فإن بشرى جرار كانت أكثر جرأة وشجاعة، لأنها بقيت وفية لأسلوبها الخاص من دون أن تنسى رموز «لانفان» ومزجها بطريقة عصرية، قد تخض البعض ممن تعودن على أسلوب ألبير إلباز، وتروق للبعض الآخر لما فيها من ثقة وقوة.
ماريا غراتزيا تشيوري في المقابل تأتي في الوقت المناسب والطريق معبد أمامها لكي تستعرض عضلاتها الفنية من دون تعقيدات أو تحامل.
فهي تأتي بعد فراغ تركه راف سيمونز الذي استقال منذ أكثر من سنة شهدت فيه الدار هدوءا ينتظر عاصفة من الابتكار والإبداع. صحيح أن الكل يحترم راف سيمونز، ويعترف أنه أدخل «ديور» أسواقا شابة، إلا أنه لم يعط أفضل ما عنده فيها، ولم يُجسد روح كريستيان ديور الرومانسية ولا نظرته للأنوثة. فهو يتمتع بنظرة عملية وأسلوب هادئ، وما قدمه خلال سنواته الثلاث فيها، كان عبقريا لكن يفتقد إلى العاطفة. كل هذا عبد الطريق أمام ماريا غراتزيا تشيوري وجعل العالم يتحمس لها، تماما مثلما استقبل المؤسس كريستيان ديور، في عام 1947 عندما قدم ما أصبح يعرف بـ«ذي نيو لوك»، وأعاد الرومانسية إلى خزانة المرأة بعد سنوات طويلة من التقشف بسبب الحرب العالمية الثانية. ولأن التاريخ يعيد نفسه، فإن الآمال كانت معقودة على ماريا غراتزيا لكي تعيد للدار رومانسيتها القديمة. وهنا تكمن مشكلة المصممة، فالحماس كان كبيرا لا يضاهيه سوى الآمال المعقودة عليها وكانت غير معقولة بالنظر إلى ما تابعناه يوم الجمعة الماضي. لأن المصممة تتمتع بالاحترام، فإن تبريرات المعجبين كانت أنه لم يكن لديها متسع من الوقت لكي تقدم الجديد بالمعنى الثوري، ستة أسابيع فقط، لكن هذه الفترة أكثر من كافية لمصمم يتمتع بالخيال الخصب وتتوفر لديه إمكانيات «ديور» من أنامل ناعمة إلى حرفيين مهرة يمكنهم تنفيذ كل شيء في وقت وجيز. بيد أن هذا لا يعني أن ما قدمته كان سيئا، وكل ما في الأمر أنه لم يرق إلى حجم التوقعات والآمال.
فقد كان المتوقع أن تكون مثل طفلة صغيرة في محل حلوى وهي تغوص في أرشيف الدار لتترجمه في قطع رومانسية تداعب خيالنا وتوقظ الأحلام بداخلنا. في المقابل كانت هنا تأثيرات كثيرة من «فالنتينو» كادت أن تطغى على روح الدار، باستثناء التفصيل الذي ظهر في مجموعة قليلة شملت فساتين وتايورات وجاكيتات منفصلة.
أقيم العرض في حديقة متحف «رودان»، وهو نفس المكان الذي كان يزينه راف سيمونز، المصمم السابق بالورود والأزهار حتى يعبر عن رومانسيته. هذه المرة، لم تر ماريا غراتزيا تشيوري داعيا لذلك، واستعاضت عن الورود بالتحف الفنية المعروضة في المدخل، وبأرضية وجدران، أقرب إلى القتامة بلونها الرمادي منها إلى حديقة تتفتح بالورود. في البداية أعطى هدوء الديكور وبساطته الإحساس بأنها كانت تستهدف استعماله كخلفية لتصاميم تضج بالألوان والنقشات، لكن يبدأ العرض وتتوالى الإطلالات، وينتابك شعور عارم بأن الفصل الجديد من تاريخ «ديور» يدور حول مفهوم نسوي أكثر مما يدور حول مفهوم أنثوي. فماريا غراتزيا تشيوري، على ما يبدو، واثقة من أنوثتها، ولم تشعر بالحاجة إلى إثباتها، على العكس من راف سيمونز، الذي وجد نفسه تحت عدة تساؤلات وضغوطات لكي يُثبت رومانسيته حتى قبل دخوله الدار بعد خروج جون غاليانو. فهو لا ينتمي إلى المدرسة البلجيكية التي تميل إلى الهدوء فحسب، بل خريج قسم التصميم الصناعي، الأمر الذي يجعل نظرته عملية أكثر منها رومانسية. وحتى يُثبت العكس، بالغ أحيانا في استعمال الورود والأزهار في الديكورات فيما قدمها بجرعات خفيفة في الأزياء. وفي كل الأحوال حقق للدار نجاحا تجاريا لا يستهان به. ماريا غراتزيا تشيوري لم تتعرض لأي تساؤلات من هذا النوع، فهي امرأة، ولا يمكن أن يتم التشكيك في مدى فهمها لما تريده بنات جنسها. يوم الجمعة الماضي أكدت أنها فعلا ستقوم بثورة لكنها نسوية تريد أن تقول بأن بنات جنسها واثقات يردن أزياء عصرية وعملية، ولو من خلال أحذية من دون كعوب. بيد أنه من الظُلم القول: إنها لم تقدم تصاميم أنثوية، فالرومانسية كانت حاضرة في الفساتين المنسابة والتنورات الشفافة والمطرزة بسخاء. المشكلة كانت في لغتها الشبابية، التي كانت تميل في الكثير من الإطلالات إلى الـ«سبور» أكثر منها إلى الرومانسي، إضافة إلى إخضاعها أسلوب السيد كريستيان ديور، الذي ارتبط بجاكيت «البار» المشدود عن الخصر، والتنورات المستديرة، إلى عملية تخفيف وزن وحجم بشكل واضح. فالجاكيتات جاءت أكثر تفصيلا وعصرية، والتنورات أكثر انسيابية وانسدالا مع مبالغة في التطريزات واستعمال الأقمشة الشفافة. وحتى تزيد من خفتها، أرسلتها ماريا غراتزيا من دون تبطين حتى تلعب على مفهوم الخفيف والسميك، والمفصل والمنساب، وذلك بتنسيقها تنورات شفافة مع كنزات صوفية أو جاكيتات مفصلة، وكأنها تريد أن تقول للمرأة بأن التأويلات أمامها مفتوحة على الآخر. فكل ما عليها القيام به أن تضع بصمتها عليها بإضافة ما تريده من تبطين أو عدمه.
الرومانسية بالنسبة للمصمم جوناثان سوندرز كانت أكثر عقلانية وسلاسة. فبعد تشكيلة ناجحة بكل المقاييس في لندن، قدم لدار «لويفي» الإسبانية في باريس، تشكيلة لا تقل نجاحا، عبر فيها عما تعنيه له الموضة وكيف يجب أن تترجم بسهولة في المحلات من دون أن تُعقد حياة المرأة. وإذا كانت إمكانياته الخاصة لا تسمح له بأن يذهب بعيدا في خطه الخاص، فإنه في «لويفي» يتمتع بإمكانيات تفتح له المجال لمنافسة الكبار، بدءا من ديكور العرض إلى الخامات المستعملة، لا سيما الجلود الفخمة، التي طوعها في تصاميم كلاسيكية، لا تحتاج إلى أي جهد لتنسيقها، لأنه قام بهذه العملية بنفسه. أجمل ما في التشكيلة ككل، خطوطها الأنيقة التي قد تبدو كلاسيكية، إلا أنها لا تفتقد إلى التفاصيل المثيرة والمبتكرة التي تجعلها قابلة لتحدي تغيرات الزمن، وفي الوقت ذاته تناسب العصر، من ناحية أنها تخاطب امرأة ناضجة لها الإمكانيات لشراء معطف من جلد «النابا» كما تخاطب فتاة شابة منطلقة تريد أن تستمتع بحياتها وبالموضة في شواطئ إببيزا. وإذا كان في عرضه الخاص بلندن عاد إلى هنري الثامن ليستقي منه فكرة الأكمام المنفوخة، فإنه في عرضه هذا لم ينس أن يضيف رشة إسبانية تجلت في الشراشيب وأقمشة القطن مثلا، ليستحضر لنا راقصات الفلامنكو.
اللافت أيضا في العرض أن الدار التي تأسست على الجلود وتشتهر بها، قدمت حقائب من قماش التنجيد ظهرت فيه صورة وطواط، في لفتة إلى الثقافة الصينية التي تعتبره جالب حظ.
البريطانية كلير وايت كيلر، مصممة دار «كلوي» قررت مؤخرا الانتقال من باريس إلى لندن، وهو ما انعكس على ديناميكية تشكيلتها الأخيرة لربيع وصيف 2017. وظهور خطوط مختلفة تمثلت في بنطلونات مستقيمة ومفصلة، وقطع أخرى أكثر تحديدا. التصاميم المنسدلة بسخاء والبليسيهات والكشاكش التي تُشكل جزءا من إرث الدار الفرنسية، لم تغب تماما، إلا أن اللافت أن ابتعادها عن باريس جعلها تنظر إلى الأشياء من زاوية مختلفة ومتجردة إلى حد ما عن رموز الدار الثابتة.
وهذا ما تشعر به منذ ظهور أول إطلالة، حين ظهرت عارضة في «توب» من القطن الأبيض مزين بالدانتيل تم تنسيقه مع بنطلون أزرق غامق بأزرار ليذكرنا ببنطلونات البحارة، إلى آخر العرض: ديناميكية مع رومانسية شبابية.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.