المعارضة تصعد على جبهة حماه.. وتستعجل الوصول إلى ريف حمص الشمالي

الفصائل تصدّ هجومًا واسعًا على أحياء حلب وتترقب دورًا لـ«درع الفرات» في فك الحصار

المعارضة تصعد على جبهة حماه.. وتستعجل الوصول إلى ريف حمص الشمالي
TT

المعارضة تصعد على جبهة حماه.. وتستعجل الوصول إلى ريف حمص الشمالي

المعارضة تصعد على جبهة حماه.. وتستعجل الوصول إلى ريف حمص الشمالي

أخفق النظام السوري والميليشيات الداعمة له أمس، في وقف تقدم فصائل المعارضة المسلّحة في ريف حماه الشمالي والشرقي، ولم تفلح قوات نظام الأسد ومعها ميليشيات «قوات الدفاع الوطني» و«اللجان الشعبية» في صدّ الهجوم العنيف الذي نفذته أمس «جبهة فتح الشام» ومجموعات مسلّحة أخرى على غرب مدينة السلمية، الذي تحاول من خلاله قطع طريق حماه - حمص والسلمية - حماه اللذين يربطان مدينة حلب بباقي المناطق السورية، في وقت أحبطت فيه المعارضة المسلّحة هجومًا واسعًا شنته قوات النظام وحلفاؤها على أحياء حلب الشرقية، ولم تحقق أي تقدّم يذكر رغم الغطاء الجوي والغارات الكثيفة للطائرات الروسية على مناطق الاشتباك وفي عمق المدينة، الذي تسبب بسقوط أكثر من عشرين قتيلاً، كما قال ناشطون.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن قوات النظام «انسحبت من نقاط عدّة لها في ريف حماه الشمالي الشرقي، تحت تأثير الهجوم العنيف والكثافة النارية التي تستخدمها الفصائل، الذي أسفر عن مقتل ثمانية عناصر للنظام والمسلحين الموالين له، وإصابة أكثر من عشرين آخرين بجراح متفاوتة الخطورة». وأكد المرصد أن الاشتباكات العنيفة «استمرت طوال اليوم في محاولة من الفصائل للتقدم على حساب قوات النظام التي تحاول إيقاف الهجوم وتنفيذ هجوم معاكس، لكنها لم تنجح في ذلك».
ويأتي هذا الهجوم ليحبط محاولات قوات النظام بدء عملية عسكرية معاكسة في ريف حماه الشمالي الشرقي وريفها الشمالي، لاستعادة السيطرة على عشرات البلدات والقرى والمناطق التي خسرتها قبل شهر، والتي سيطرت فيها الفصائل وتنظيم «جند الأقصى» على عشرات القرى والبلدات في ريف حماه.
وتنطوي معركة ريف حماه على أكثر من هدف، إذ أوضح عضو «تجمّع ثوار سوريا»، سليم قباني، أن هذه المعركة «لها هدفان، الأول فك الحصار عن ريف حمص الشمالي، لا سيما مدن تلبيسة والرستن والغنطو وغيرها، وفتح طرق الإمداد لها ووصل ريفي حمص وحماه، والثاني تخفيف الضغط عن حلب، ومحاولة قطع طريق الإمداد الرئيسية للنظام، مع إمكانية أن تكون له ممرات فرعية».
وعزا قباني تراجع قوات النظام أمام المعارضة إلى «ضعف القدرات البشرية لديه، ولجوئه إلى التسويات التي يجريها في المناطق المحاصرة، لأنه يريد نقل جنوده إلى جبهات أخرى». وقال: «إذا تمكنا من ربط الريف الشمالي لحمص بريف حماه الجنوبي سيكون مقتلاً للنظام، لأن الثوار سيتوجهون عندها إلى حمص».
وكانت فصائل المعارضة، هاجمت أمس ثلاثة حواجز عسكرية للنظام في منطقة المزيرعة بريف السلمية الغربي جنوب غربي مدينة حماه الخاضعتين لسيطرة القوات النظامية، وتمكنت من السيطرة على هذه الحواجز، إلا أنها عادت وانسحبت منها. وأفاد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، بأن فصائل المعارضة العاملة في غرفة عمليات ريف حمص الشمالي «هاجمت الحواجز واشتبكت مع العناصر النظاميين، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، إضافة إلى استيلاء الفصائل على كميات من الأسلحة والذخائر». وقال إن الفصائل «سيطرت على الحواجز لساعتين تقريبا، إلا أنها انسحبت منها إلى نقاط تمركزها الخلفية، بسبب القصف بقذائف المدفعية والصواريخ الذي تعرضت له الحواجز أثناء سيطرة المعارضة عليها، فضلا عن وجود عدة حواجز عسكرية قريبة للنظام منها».
ولا تزال هناك عقبات أساسية ومكلفة يجب تخطيها، للوصول إلى تحقيق أهداف هذه المعركة، وفق ما أعلن عضو «تجمّع ثوار سوريا»، سليم قباني، الذي قال: «هناك مواقع ونقاط استراتيجية يخطط الثوار للسيطرة عليها مثل جبل زين العابدين، لكن معركة السيطرة على هذا الجبل تخضع لحسابات دقيقة، لأنه جبل مرتفع وتتمركز عليه دبابات ومدافع وصواريخ للنظام، ومهاجمته ستكون مكلفة بشريًا وعسكريًا، لكن تحريره سيغيّر المشهد، إن لجهة فتح طريق ريف حمص، أو الاقتراب مع معركة حماه المدينة».
وعلى جبهة حلب، واصلت الطائرات الروسية والسورية قصفها أحياء المناطق الشرقية، حيث قتل 20 شخصًا، جراء الغارات الجوية على الأحياء الشرقية للمدينة، بينهم ثماني جثث مجهولة الهوية نتيجة تشوهها، وذلك على أثر القصف الذي طال أحياء بعيدين، والهلك، والصاخور، وبستان الباشا، والشيخ سعيد، والحيدرية والزبدية، بينما قتل أربعة آخرون. كما تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام من جهة، وفصائل المعارضة على محاور بستان الباشا وسليمان الحلبي وصلاح الدين بمدينة حلب والـ1070 شقة بجنوب غربي حلب، فيما قتل خمسة أشخاص جراء سقوط قذائف أطلقتها الفصائل على مناطق في منطقة الحرم الجامعي ومحيط كليات العلوم والزراعة وحي السبيل والميرديان بمدينة حلب، وقد أصيب عشرات الأشخاص بجراح نتيجة هذا القصف.
الناشط المعارض في مدينة حلب عبد القادر علاف، صرح لـ«الشرق الأوسط»، بأن النظام «شنّ ليل الاثنين هجومًا على أربعة محاور على مناطق حلب الشرقية، وهي محاور طريق عزيزة، والشيخ سعيد والحرابلة، إلا أنه فشل في التقدم ولو لمتر واحد».
وتتجه أنظار سكان مناطق حلب المحاصرة إلى الإنجازات العسكرية التي تحققها قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا، حيث أشار علاف إلى أن «معنويات أهالي حلب ارتفعت اليوم (أمس) مع ورود أخبار سارة من الشمال، التي تحدثت عن تقدم كبير لقوات (درع الفرات) والرهان على فك الحصار عن المنطقة الشرقية». ودعا الناشط إلى التوقف عند «التقدم الكبير لدرع الفرات أمس، حيث تمكن من ربط مدينتي مارع والراعي، والاستعداد للتوجه إلى مدينة الباب، ما يجعل (درع الفرات) على تماس واحتكاك مع قوات النظام».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.