رعاية أميركية لاتفاق بين بغداد وأربيل للحفاظ على خطة تحرير الموصل من الانهيار

المتحدث باسم العبادي لـ«الشرق الأوسط»: حسم تفاصيل الخلاف حول حصة إقليم كردستان من النفط خلال أيام

مقاتلة فرنسية من طراز «رافال» تنطلق من على متن حاملة الطائرات «ديغول» لاستهداف «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلة فرنسية من طراز «رافال» تنطلق من على متن حاملة الطائرات «ديغول» لاستهداف «داعش» (أ.ف.ب)
TT

رعاية أميركية لاتفاق بين بغداد وأربيل للحفاظ على خطة تحرير الموصل من الانهيار

مقاتلة فرنسية من طراز «رافال» تنطلق من على متن حاملة الطائرات «ديغول» لاستهداف «داعش» (أ.ف.ب)
مقاتلة فرنسية من طراز «رافال» تنطلق من على متن حاملة الطائرات «ديغول» لاستهداف «داعش» (أ.ف.ب)

بعد أنباء عن أن زيارة مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، إلى العاصمة العراقية بغداد الأسبوع الفائت كانت لبحث حقيبة وزارة الخارجية، ولتقريب وجهات النظر بين الإقليم والحكومة العراقية، نشرت وكالة الأنباء «رويترز» معلومات وصفتها بـ«الحصرية» عن اتفاق نفطي رعته واشنطن بين أربيل وبغداد، ونتج عنه بقاء القوات الكردية «البيشمركة» للقتال في الموصل ضد تنظيم داعش، بعد أن أبدت رغبتها في ذلك، وكان ذلك جزءا من دعم أميركي للحفاظ على خطة معركة الموصل من الانهيار.
وقال المتحدث الإعلامي باسم رئيس الوزراء حيدر العبادي، الدكتور سعد الحديثي، لـ«الشرق الأوسط، إنه تم الاتفاق خلال زيارة رئيس إقليم كردستان إلى بغداد لحل المشكلات والإشكاليات العالقة بين بغداد وأربيل في مسارين، الأول الذي يتعلق بمعركة الموصل، حيث تم الاتفاق بشكل نهائي على الآليات والأدوار، والمسار الثاني الأمور الأخرى بما فيها النفط، وحل الإشكال القائم بين الحكومتين، وهناك إطار عام سيحل خلال الأيام المقبلة بحضور خبراء من الجانبين ومنها النقل والتسليم وحصة الإقليم من الموازنة.
وحسب الوكالة، فإن المبعوث الأميركي إلى العراق بريك مكجورك كان يتنقل بكثرة الأسابيع الفائتة بين بغداد وأربيل، بداية من أبريل (نيسان) من العام الجاري، حتى نتج عن هذه الرحلات المكوكية اتفاق على تقسيم إيرادات النفط بين الإقليم والعراق
وأضافت المصادر الدبلوماسية، في حديثها لـ«رويترز»: «الاتفاق الخاص بتقسيم إيرادات النفط المبرم في أغسطس (آب) له أهمية حيوية لحمل الحكومة المركزية وحكومة الإقليم على تنسيق التخطيط من أجل الهجوم هذا الشهر على معقل التنظيم في الموصل التي تحاصرها قوات البيشمركة الكردية من ثلاث جهات».
وقال مصدر رفيع مقرب من بارزاني: «لولا مكجورك لما تم هذه الاتفاق». وظل الخلاف على الإيرادات النفطية لبعض الحقول شمال العراق قائمًا لفترات طويلة.
وفي أوائل عام 2014 خفضت بغداد الأموال المخصصة لإقليم كردستان الذي بدأ آنذاك تصدير النفط بشكل مستقل عبر خط أنابيب إلى ميناء جيهان التركي.
وتقول مصادر في أربيل، إن حكومة بارزاني أبلغت مكجورك وبغداد أنها خسرت إيرادات قيمتها نحو مليار دولار منذ مارس (آذار)، لأن حقل كركوك يعيد ضخ نحو 150 ألف برميل يوميا في باطن الأرض بدلا من تصديرها مع بقية إنتاج إقليم كردستان البالغ نحو 450 ألف برميل يوميا إلى الأسواق العالمية عن طريق تركيا.
ودفع ذلك كل الأطراف إلى التوصل إلى اتفاق نهائي أعلن في أعقاب اجتماع عقد في 29 أغسطس في بغداد بين العبادي ومكجورك والبرزاني.
وأدى ذلك إلى تحاشي انقسام أكبر في إقليم كردستان نفسه، حيث كانت السلطات التي تحكم كركوك من مدينة السليمانية تطلب شحن النفط إلى إيران بدلا من تركيا، وهو ما رفضته حكومتا أربيل وبغداد وكذلك واشنطن.
وقال دبلوماسي غربي رفيع، إن انفراج الموقف ساهم في بدء حوار منفصل حول ترتيبات القوات لمعركة الموصل والحدود الداخلية المتنازع عليها بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان.
وبعد الاتفاق، تدل المؤشرات أن الجيش العراقي سيبدأ التوجه نحو الموصل بنهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أمر لم يكون متصورا قبل بضعة أشهر. وزار البرزاني بغداد الأسبوع الماضي للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات في مؤشر على تحسن العلاقات.
المبعوث الأميركي الذي قاد الصفقة، له باع طويل في التعامل مع الأطراف العراقية، فقد ساعد بوصفه مستشارا لواشنطن في صياغة دستور مؤقت والإشراف على انتقال الحكم إلى حكومة عراقية مؤقتة.
ونادى مكجورك بزيادة أعداد القوات الأميركية، وهي السياسة التي ينسب إليها الفضل جزئيا في وقف العنف الطائفي الذي بلغ ذروته في العراق في عامي 2006 و2007.
وعندما اجتاح «داعش» ثلث الأراضي العراقية منتصف 2014 لعب دورا في الدفع برئيس الوزراء العبادي إلى السلطة لمعالجة هذا الخطر.
وفي السنة الأخيرة جاب مكجورك، الذي تعذر الاتصال به للحصول على تعليق منه، مختلف أنحاء العالم لتنفيذ سياسة إدارة أوباما الرامية لإنزال الهزيمة بالمتطرفين، بما في ذلك الحفاظ على وحدة العراق الذي يقول بعض المراقبين إنه أكثر انقساما من أي وقت مضى.
لكن متحدثة باسم السفارة الأميركية في بغداد ردت حول الاتفاق النفطي الأخير بقولها: «نحن ننسب للحكومة العراقية الفضل كله في هذا الاتفاق».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.