اقتصاديون: سوق الأسهم السعودية تحتاج إلى مواكبة «رؤية المملكة 2030»

أكدوا ضرورة زيادة الشفافية لجذب المستثمرين الأجانب

السوق تتعرض في الفترة الراهنة إلى ظاهرة بيع عشوائية مما تسبب في حدوث مستويات متدنية من قيم التداول وانخفاض المؤشر (أ.ف.ب)
السوق تتعرض في الفترة الراهنة إلى ظاهرة بيع عشوائية مما تسبب في حدوث مستويات متدنية من قيم التداول وانخفاض المؤشر (أ.ف.ب)
TT

اقتصاديون: سوق الأسهم السعودية تحتاج إلى مواكبة «رؤية المملكة 2030»

السوق تتعرض في الفترة الراهنة إلى ظاهرة بيع عشوائية مما تسبب في حدوث مستويات متدنية من قيم التداول وانخفاض المؤشر (أ.ف.ب)
السوق تتعرض في الفترة الراهنة إلى ظاهرة بيع عشوائية مما تسبب في حدوث مستويات متدنية من قيم التداول وانخفاض المؤشر (أ.ف.ب)

أكد اقتصاديون حاجة سوق الأسهم السعودية إلى مزيد من الشفافية لإيضاح انعكاسات الإجراءات الجديدة وارتباطها بـ«رؤية السعودية 2030»، وأبعاد طرح الشركات الجديدة التي ستتزامن مع زيادة برامج الخصخصة في الخدمات الحكومية، الأمر الذي سيساهم في تطمين المستثمرين في السوق.
وقال محمد النفيعي، رئيس لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة (غرب السعودية) لـ«الشرق الأوسط» عقب فوزه بمعقد رئيس اللجنة، إن على سوق الأسهم السعودية أن تتزامن مع «رؤية السعودية 2030» من خلال إيضاح كل الإجراءات والتعديلات لرفع مستوى الشفافية، «بما يساعد في فهم توجه السوق وآلية التعامل مع مزيد من الشركات سيتم طرحها خلال السنوات المقبلة»، مشيرا إلى أن «ذلك الأمر يصب في مصلحة السوق ويشجع المستثمرين، خصوصا الأجانب، على فهم عمق السوق وضخ مزيد من السيولة التي ستساعد بدورها في إنعاش السوق وتشجيع الإقبال عليها».
وأشار النفيعي إلى أن السوق تتعرض في الفترة الراهنة إلى ظاهرة بيع عشوائية، «مما تسبب في حدوث مستويات متدنية من قيم التداول وانخفاض المؤشر»، مبينا أن «السوق بحاجة إلى استقرار من خلال تكوين المستثمرين مراكز جديدة؛ إذ إن ما يحدث حاليا جاء نتيجة الأوضاع التمويلية التي تؤدي إلى هلع وزيادة في البيع العشوائي».
من جانبه، قال سراج الحارثي، نائب رئيس لجنة الأوراق المالية، إن السوق مقبلة على تطورات جديدة، «خصوصا مع توجه الحكومة إلى طرح شركة (أرامكو السعودية)، وما يصاحب ذلك من تغيرات جذرية في توسع السوق ودخول شركات جديدة، إلى جانب دخول مستثمرين أجانب نتيجة لفتح مزيد من الفرصة الاستثمارية التي هي توجه الحكومة خلال السنوات المقبلة»، مشيرا إلى أنه «من الضروري أن يتم تكثيف مستوى الشفافية، والخروج إلى المستثمرين وتعريفهم بكل القرارات، مما يساهم في زيادة قدرتهم على اتخاذ القرار الاستثماري السليم».
من جهته، أوضح الدكتور عبد اللطيف باشيخ، أستاد الاقتصاد في جامعة الملك عبد العزيز عضو اللجنة، أن «الجهود التي تبذلها السعودية نحو الإصلاح الاقتصادي وتحسين بيئة الأعمال فيها، ستساهم في جلب كثير من الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق إضافة للاقتصاد الوطني»، مبينا أن («رؤية السعودية 2030) نصت على تطوير كل القطاعات لتتزامن مع الرؤية. ونظرا لأهمية سوق الأسهم، فإن النجاح في التخطيط ووضع مزيد من الإجراءات والضوابط، سيشجع الاستثمار الأجنبي ويعزز جودة وفعالية وشفافية السوق إذا جرى اختيار الشركات والمؤسسات المالية القوية التي تمتلك خبرات عالية».
وكانت سوق الأسهم شهد تحولات عدة على مدى الخمسة عشر عاما الماضية، كان من أبرز ملامحها محدودية أعداد المستثمرين من التسعينات الميلادية حتى 2003، حيث شهدت السوق قفزة كبيرة في الفترة من 2004 إلى 2006، أدت إلى ارتفاعها إلى 22 ألف نقطة، ثم انهارت لتخسر أكثر من نصف قيمتها السوقية نتيجة المضاربات العنيفة وغياب الوعي.
وفي الفترة من 2006 حتى 2012، ظلت السوق تراوح مكانها مع محاولات حثيثة لاسترداد عافيتها. وفي العامين الأخيرين، شهدت السوق كثيرا من الإصلاحات، منها تقليص نسبة التذبذب، وإعلان مبادئ حوكمة الشركات لضمان الشفافية وتعزيز الرقابة، كما زاد عدد الشركات لتعميق السوق وزيادة قدرتها العريضة على مقاومة الهزات الفجائية.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.