الانقلابيون يكلفون شخصية جنوبية تشكيل «حكومة إنقاذ»

الانقلابيون يكلفون شخصية جنوبية تشكيل «حكومة إنقاذ»
TT

الانقلابيون يكلفون شخصية جنوبية تشكيل «حكومة إنقاذ»

الانقلابيون يكلفون شخصية جنوبية تشكيل «حكومة إنقاذ»

في الوقت الذي تسربت أنباء عن جهود تبذلها بعض القيادات الخليجية لعقد اجتماع في سلطنة عمان بخصوص الوضع في اليمن، وفي حين عاود المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد تحركاته الدبلوماسية بشأن الملف اليمني، فاجأ الانقلابيون المراقبين بقرار تكليف، الدكتور عبد العزيز بن حبتور، بتشكيل ما سميت «حكومة إنقاذ وطني»، وفقا لقرار أصدره رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد.
وبن حبتور كان محافظا لعدن وتسربت أنباء، بعد وصول الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى المحافظة في فبراير (شباط) 2015 بأنه على ارتباط وثيق بالمخلوع علي عبد الله صالح، وأشرف وسهل مهاجمة الميليشيات الانقلابية لمدينة عدن.
وتنص قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن على منع اتخاذ الانقلابيين لأي إجراءات أحادية الجانب. غير أنهم وقبيل اختتام مشاورات السلام في دولة الكويت بداية أغسطس (آب) الماضي، شكلوا مجلسا سياسيا، وأفشلوا المشاورات.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي بحث، أمس، مع المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، مساعي السلام في اليمن. ونقل عن الرئيس هادي تجديد تأكيده و«حرصه التام نحو السلام وتطلعه إلى سلام جاد لا يحمل في طياته بذور حرب مقبلة بما يؤسس لمستقبل آمن لليمن أرضا وإنسانا». ووفقا لوكالة الأنباء اليمنية «سبأ»، فقد استعرض هادي «محطات السلام المختلفة التي ذهب إليها وفد الحكومة للتشاور بنوايا صادقة نحو السلام استجابة لدعوات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي من رعاة التشاور والسلام»، مؤكدا أن تلك الجهود «للأسف جوبهت بالتعنت والصلف والاستكبار من قبل الانقلابيين الذين لا يعولون أو يعيرون اهتماما لدماء اليمنيين التي يسفكونها في عدوانهم السافر على الشعب من الأطفال والعزل الأبرياء».
وأشاد الرئيس اليمني بـ«جهود ولد الشيخ الدؤوبة ومساعيه المبذولة لتحقيق السلام في اليمن وفق المرجعيات المعلنة المتمثّلة بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات الأمم المتحدة ومنها قرار2216»، وقد عبر مبعوث الأمم المتحدة عن «سروره بلقاء فخامة الرئيس وما تمخض عنه من حرص تام نحو السلام لمصلحة اليمن وأمنه واستقراره»، مؤكدًا «حرص المجتمع الدولي على تحقيق السلام في اليمن المرتكز على قرارات الشرعية الدولية وآخرها قرار 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني». وقال ولد الشيخ إن «اليمن عانى كثيرا، وجدير باليمنيين اليوم تحقيق السلام خدمة لوطنهم ومجتمعهم».
في السياق ذاته، قال شربل راجي، المتحدث الإعلامي في مكتب مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، لـ«الشرق الأوسط» إنه «لم يتم حتى الآن تحديد موعد لجولة جديدة من المشاورات»، مؤكدا أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ يوجد في الرياض حاليا، وسينتقل منها إلى مسقط في سلطنة عمان، وقال إن المبعوث الأممي «يتابع جهوده للتوفيق بين تصورات الوفدين من أجل التوصل إلى اتفاق سلام يضمن الأمن والسلام لليمن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم