مركز المسبار ينتج فيلمًا وثائقيًا عن الإمام فيصل بن تركي

يتناول رحلة المبعوث البريطاني لويس بيلي إلى الرياض عام 1865

من مشاهد الفيلم
من مشاهد الفيلم
TT

مركز المسبار ينتج فيلمًا وثائقيًا عن الإمام فيصل بن تركي

من مشاهد الفيلم
من مشاهد الفيلم

أنتج مركز المسبار للدراسات والبحوث بدبي، فيلما وثائقيا قصيرًا عن رحلة المبعوث البريطاني لويس بيلي إلى العاصمة السعودية الرياض، واجتماعه بالإمام فيصل بن تركي بن عبد الله، عام 1865.
«فيلم رحلة لويس بيلي إلى الرياض، تضمن تسليط الضوء على التحولات السياسية في تلك الفترة، وقناعة البريطانيين بأن السعوديين هم الأقدر على فرض الاستقرار في المنطقة، في حقبة اتسمت بالاضطرابات وعقد التحالفات، ومطامع الدول الكبرى وسعيها إلى توسعة مناطق نفوذها»، بحسب مدير مركز المسبار، منصور النقيدان، الذي بين أن الفيلم «أشار إلى الوضع الجغرافي والصعوبات المناخية القاسية، التي جعلت من فيصل بن تركي يفكر جديًا بالتوسع شمالاً، لفرض الاستقرار لرعاياه وتحضيرهم؛ حيث كان مهمومًا ببناء تحالفات مع القوى العظمى لتحقيق ذلك».
كما تضمنت رحلة بيلي الإشارة إلى بعض السلوكيات الاجتماعية للأشخاص العاديين من المجتمع النجدي، وذلك «في ذروة رسوخ الطواعة التي نتجت عن دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واعتناقها وفرضها سياسيا، مثل صدق الالتزام الديني، والتوافق بين الظاهر والباطن، وهو ما يمكن العمل عليه مستقبلاً في عمل آخر»، بحسب النقيدان.
مدير عام «المسبار» أوضح أن الفيلم يأتي ضمن «سلسلة من الأفلام القصيرة الوثائقية، التي تسلط الضوء على وقائع وأحداث وتحولات سياسية واجتماعية وتحولات دينية في تاريخ الدولة السعودية منذ القرن الثامن عشر إلى عصرنا الحالي». مستطردا: «تسلط الأفلام الضوء على نقاط يغفل عنها الكتاب أو الباحثون، بينما هي معروفة جيدًا عند المؤرخين والباحثين في تاريخ وسط الجزيرة العربية، كما أنها تساعد على فهم أسباب بعض الظواهر والتحولات الدينية والسياسية».
يشار إلى أن بريطانيا في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، كانت في حاجة إلى التواصل مع الإمام فيصل بن تركي بن عبد الله، الذي كان وقتها أكبر حاكم في الجزيرة العربية. وكان للتواصل أسبابه الموضوعية وفقا للأوضاع في جنوب شرقي الجزيرة العربية، وما حصل من تدمير الأساطيل في الخليج، والقضاء على الممالك العربية في شرق أفريقيا، إضافة إلى التوتر مع سلطان عمان، وهي العوامل التي دفعت البريطانيين إلى التواصل مع الرياض. كما أن القلق البريطاني من تنامي نفوذ الفرنسيين والتقارير التي تؤكد أنهم كانوا يسعون إلى التواصل مع السعوديين، عجل بهذه الخطوة.
ولم يكن أمام البريطانيين من هو أكثر جدارة من الكولونيل لويس بيلي، الذي بادر ورشح نفسه لهذه لمهمة وزيارة الرياض والاجتماع بالأمير فيصل بن تركي. وفي ديسمبر (كانون الأول) 1864 وافقت الحكومة البريطانية على طلب بيلي.
وفي تقريره الطويل إلى التاج البريطاني، الذي استند عليه الفيلم، يروي بيلي تفاصيل اجتماعه بالأمير (كما يلقبه بيلي أحيانًا) مرتين، والنقاش الذي دار بينهما، مع توصيف دقيق لشخصية الإمام، وصفاته الجسمانية وشمائله التي استشفها بيلي أثناء لقائه به. كما يتناول الوثائقي شكوى الإمام فيصل من قلة الموارد المائية في مناطق حكمه، التي تحول دون استقرار غالبية رعاياه من البدو الرحل، مشيرًا إلى رغبته في التوسع شمالاً وشرقًا.
وفي أكثر مشاهد الفيلم تأثيرًا يشرح فيصل بن تركي للبريطاني سياسته في الحكم وجمعه بين الشدة والحزم، وإصراره على الدفاع عن أرضه ضد الأتراك وغيرهم مهما كلفه الأمر.
ويتناول الفيلم الوثائقي الذي تبلغ مدته 19 دقيقة، وصفا للقصر ومجلس الأمير المتواضع.
يشار إلى أنه قام بدور الأمير فيصل بن تركي الممثل السعودي مشعل المطيري، في حين جسد دور لويس بيلي الممثل السوري أدهم منذر. ويتوفر الفيلم على موقع «يوتيوب» الشهير.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».