«الملاءة المالية».. سلاح قطاع المقاولات السعودي لمواجهة التحديات الراهنة

باتت شركات المقاولات السعودية، التي تتوافر لديها «ملاءة مالية» مرتفعة، هي القادرة على المضي قدما في تنفيذ المشاريع، والإيفاء بالتزاماتها الداخلية، وسط بوادر ملحوظة على عدم قدرة بعض الشركات على السير للأمام، وبالتالي عدم مقدرتها على تجاوز مرحلة تأخر تسلمها بعض مستحقاتها المالية خلال الفترة الماضية.
ومن المتوقع أن تتجاوز تلك المرحلة معظم شركات المقاولات السعودية عام 2016 بمرونة عالية، حيث ترتكز هذه الشركات على قدرات مالية جيدة، تم تحصيلها خلال السنوات العشر الماضية، وسط بوادر على ارتفاع حجم المشاريع التي سيتم ترسيتها خلال العام الجديد 2017 بنسبة 15 إلى 20 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في عام 2016.
وعلى صعيد قطاع الإنشاءات والتشييد، فمن الملاحظ أن مشاريع القطاع الخاص أصبحت خلال الفترة القريبة الماضية أحد أبرز محركات هذا القطاع، وسط بوادر على دخول المشاريع الحكومية مرحلة جديدة، أبرز ملامحها رفع كفاءة الإنفاق، وتحسين مستويات جودة التنفيذ.
وفي الوقت الذي توجهت فيه بعض شركات المقاولات إلى البنوك السعودية للحصول على التمويل المالي الذي يساعدها على تنفيذ مشاريعها الموكلة إليها، أكد مسؤولون في هذا القطاع أن معظم البنوك المحلية تعتذر عن عدم تمويل شركات المقاولات، خصوصا الصغيرة والمتوسطة منها.
والمتتبع نتائج قطاع البناء والتشييد في سوق الأسهم السعودية، التي تضم نحو 18 شركة مدرجة، يجد أن ربحية شركات القطاع خلال النصف الأول من العام الحالي انخفضت بنسبة 15.5 في المائة، حيث بلغت الأرباح المجمعة للشركات المدرجة في هذا القطاع 546.1 مليون ريال (145.6 مليون دولار).
وتأتي هذه المستجدات، في وقت كشف فيه رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية عن ارتفاع حجم تباطؤ المشاريع المنفذة، مبينا في وقت سابق أن حجم التباطؤ يتراوح بين 20 و40 في المائة خلال الفترة الراهنة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن بعض شركات المقاولات المحلية بدأت بتسريح جزء من عمالتها.
وفي هذا الخصوص، أكد فيصل العقاب، الخبير المالي لـ«الشرق الأوسط»، أن نتائج شركات القطاع والتشييد في سوق الأسهم السعودية جاءت أسوأ حالا خلال النصف الأول من النتائج المعلنة لجميع الشركات المدرجة، حيث انخفضت ربحية شركات سوق الأسهم السعودية خلال النصف الأول بنسبة 7.5 في المائة، في حين كان الانخفاض في قطاع البناء والتشييد بنسبة 15.5 في المائة. من جهة أخرى، توقع تقرير صدر قبل عامين عن الأمانة العامة لاتحاد غرف مجلس التعاون الخليجي، أن يسجل قطاع المقاولات في الدول الأعضاء نموا خلال الأعوام المقبلة، مما يتيح فرصا استثمارية واعدة للقطاع الخاص، خصوصا في المشروعات الحكومية التي رصدت ميزانيات ضخمة، ولفت التقرير إلى عدد من التحديات التي تواجه قطاع المقاولات بدول المجلس ويجب معالجتها من خلال التشاور بين القطاعين العام والخاص.
واستند التقرير في توقعاته الإيجابية لسوق الإنشاءات في دول مجلس التعاون إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي بنسب تتراوح بين خمسة وستة في المائة، إذ سيصل حجم الناتج المحلي الإجمالي لدول الخليج إلى 3.6 تريليون دولار خلال 2016، مقابل 2.4 تريليون خلال عام 2012، بالإضافة إلى النمو السكاني السريع لدول المنطقة وتطور البنية التحتية والحاجة الملحة لزيادة المساكن وتطوير الخدمات.
وتوقع التقرير أن يصل حجم المشروعات الإنشائية في المنطقة خلال الخمس سنوات المقبلة حتى عام 2019 إلى نحو 800 مليار دولار، تتنوع ما بين مشروعات البنى التحتية والخدمات، مما يسهم في نمو القطاعات المساندة لها مثل قطاع التجهيزات والمعدات.
وتأتي هذه التطورات في الوقت الذي كشف فيه فهد الحمادي، لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن بعض البنوك المحلية أحجمت عن تمويل شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة.