وزير الخارجية اليمني: سنلاحق الحوثيين في المحكمة الجنائية الدولية

المخلافي قال لـ «الشرق الأوسط» إن الانقلاب لم يتجاوب مع مساع دولية للسلام

وزير الخارجية اليمني: سنلاحق الحوثيين في المحكمة الجنائية الدولية
TT

وزير الخارجية اليمني: سنلاحق الحوثيين في المحكمة الجنائية الدولية

وزير الخارجية اليمني: سنلاحق الحوثيين في المحكمة الجنائية الدولية

كشف عبد الملك المخلافي وزير الخارجية اليمني، عن إعداد الأجهزة المعنية في اليمن حاليًا ملفًا مدعمًا بوثائق ومعلومات دقيقة، عن جرائم الحرب التي قامت بها ميليشيات الحوثي وحليفهم المخلوع علي صالح، تمهيدًا لتقديمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، مؤكدًا فشل المساعي الأميركية لإعادة الحوثيين إلى طاولة المشاورات.
وأضاف المخلافي لـ«الشرق الأوسط»، أن هذا الملف ضمن الخيارات المتاحة للحكومة اليمنية، لتوضيح الصورة كاملة للمجتمع الدولي عمّا تقوم به هذه المجموعة المتمردة من جرائم، لافتًا إلى أن كثيرا من الناشطين والمنظمات غير الحكومية يعملون على تجهيز ملفات في هذا الجانب مزودة بكل المعلومات المطلوبة والشهادات والوثائق.
وشدد الوزير اليمني، على أن المجرمين لن يفلتوا من العقاب؛ لأن الجرائم التي ارتكبت من قبل الانقلابيين بحق الشعب اليمني ازدادت وتنوعت، مشيرًا إلى أن الشعب - وإن تسامحت الحكومة - لن يترك المجرمين طليقين ينعمون بالحياة، وسيلاحقهم قضائيًا من خلال المنظمات المدنية.
وفيما يتعلق بتقديم شكوى ضد إيران في مجلس الأمن، قال الوزير المخلافي، إن مختصين في القانون يدرسون الملف المزمع تقديمه خلال الفترة المقبلة لمجلس الأمن، ويعملون على استيفائه كل المتطلبات القانونية المدعومة بالأدلة حول التدخل الإيراني في الشأن الداخلي اليمني والمخالف لأنظمة الأمم المتحدة، إضافة إلى مخالفة إيران القرار «2216» الذي يلزم الدول بعدم تقديم أي مساعدات عسكرية للانقلابيين، كذلك عمل مواطنيها على الأراضي اليمنية، والحكومة بصدد التعامل مع هذا الموضوع وإنهائه قريبًا.
وأشار إلى أن الحكومة تتابع وترصد جميع الأنشطة غير القانونية، وما تقوم به طهران من أعمال تسعى من خلالها لاستقطاب الشباب، وسعيها لتغيير المجتمع اليمني ديموغرافيًا، موضحًا أنه على الرغم من محاولاتهم الحثيثة لتغيير وتحويل اليمن إلى بؤرة، فإنهم يخسرون، والانقلابيون يندحرون شيئًا فشيئًا، وستكون جماعة الحوثي معزولة تمامًا، وخصوصًا أن غالبية الشعب ترفض أي تدخل وتغيير في تركيبة المجتمع اليمني.
وعمّا توصلت إليه مساعي إطلاق سراح وزير الدفاع اليمني، أكد المخلافي، أن الحكومة اليمنية تطرح هذه القضية في كل اجتماع، وخصوصًا أن القرار الأممي «2216»، أشار بوضوح إلى موضوع الأسرى، وطلب الإفراج عنهم دون قيد أو شرط، لكن الانقلابيين يرفضون على الرغم من جميع المحاولات، ليس فقط الإفراج عن وزير الدفاع والأشخاص الذين أشار إليهم قرار الأمم المتحدة، والمعتقلين السياسيين، بل إنهم تمادوا أكثر، فهم في كل يوم يعتقلون العشرات.
ودعا وزير خارجية اليمن، المجتمع الدولي، إلى الحزم فيما يتعلق بإطلاق جميع الأسرى الذين تجاوز عددهم 7 آلاف في سجون الانقلابيين، جميعهم معتقلون سياسيون وناشطون حقوقيون، إضافة إلى اعتقال العاملين في قطاع الإعلام من صحافيين وغيرهم.
وذكر المخلافي، أن أنشطة مختلفة تقوم بها الحكومة ومنظمات المجتمع المدني في جنيف، لفضح الأعمال التي تقوم بها الميليشيات بحق المعتقلين، وعدم التزام هذه الجماعة بحقوق الإنسان، وخصوصًا أن الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع، لا يزالون يتهربون من تطبيق هذه القرارات منذ مشاورات الكويت، للإفراج عن المعتقلين، وهي محاولة لتوفير قوة لهم، ولو كان عن طريق ابتزاز الحكومة والمجتمع الدولي، وهو ما يكشف بشاعة هذا الانقلاب وتصرفاته تجاه المجتمع المدني.
وحول التحركات الدبلوماسية لعودة الطرفين إلى المشاورات، قال المخلافي: «من بعد انتهاء مشاورات الكويت، وما تلاه من اجتماع جدة، واجتماع الرباعية الذي جمع أميركا والسعودية وبريطانيا والإمارات، هناك أفكار لاستئناف المشاورات، والحكومة اليمنية ترحب بتوجه الرباعية، وستتعاطى بإيجابية مع هذا التوجه لاستئناف مشاورات السلام، وفقًا لخطة شاملة ملتزمة بالمرجعيات الثلاث المتمثلة بالمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرار 2216».
وأضاف أن الحكومة لم تعترض ولم ترفض أي مقترح لعودة المشاورات، ويوافق توجه الحكومة المجتمع الدولي بما في ذلك التحالف العربي الذي تقوده السعودية، في إيجاد حل عبر القنوات الشرعية من خلال عودة المشاورات، ولكن الطرف الآخر يزج بالمعوقات والعقبات لإفشال أي محاولات لإيجاد نقطة التقاء.
وأشار المخلافي، إلى أن الأيام الماضية، شهدت سعي كثير من الأطراف ومنها أميركا، ودولة عربية، ودول غربية، لحث وفد الحوثيين الذين التقوهم على العودة إلى طاولة المشاورات، لكن تلك المساعي باءت بالفشل؛ «لأن استجابتهم لهذه المساعي ضعيفة ولا تتوافق مع المساعي الدولية، ورغبتهم في السلام قد تكون منعدمة بحسب ما اطلعنا عليه من معلومات».
وتطرق إلى أن ضغوطًا دولية تمارس على الانقلابيين، بعد فشل كل المساعي لإعادتهم إلى طاولة الحوار، وإلى الآن لا يوجد أي مؤشرات إيجابية على رغبتهم في السلام والعودة إلى المشاورات، لافتًا إلى أن الحكومة حريصة على السلام وجاهزة للوفاء بمتطلباتها متى كان الطرف الآخر جاهزًا للحوار.
وحول التواصل مع روسيا، أكد المخلافي، أن للحكومة علاقات جيدة مع روسيا، لافتًا إلى أن هناك إجماعًا دوليًا على موضوع اليمن، ولا خلافات في هذا الجانب، والجميع حريص بمن فيهم الحكومة الروسية على السلام، وإنهاء الحرب، وفقًا لقرارات الأمم المتحدة، وهناك حوار دائم ومستمر. موضحًا أنه لا توجد في الوقت الراهن خطط لزيارة الرئيس عبد ربه منصور هادي لروسيا، إلا أن ذلك وارد في المستقبل.
وعن السقف الزمني للدبلوماسية اليمنية في ظل تقدم الجيش الوطني، أوضح المخلافي، أن سقف الحكومة هو استعادة الدولة من قبضة الانقلابيين، ولا يوجد تناقض في الأدوار والمهام التي تصدر من الجانب السياسي أو العسكري، فهي عملية تكاملية وتنطلق من منظور واحد لعودة الدولة في اليمن، لذا كل جانب يعمل بما يلزم لتحقيق هذا الهدف.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.