جبهة حماه: تقدّم سريع لفصائل المعارضة وانهيارات في دفاع النظام

شكّلت ردًا على مجازر حلب وضربة قوية لمشروع «سوريا المفيدة»

قوات تابعة للمعارضة السورية تطلق صاروخ غراد من بلدة حلفايا بريف حماه على قوات الأسد في جبل زين العابدين.. والصورة تعود ليوم 4 سبتمبر الحالي (رويترز)
قوات تابعة للمعارضة السورية تطلق صاروخ غراد من بلدة حلفايا بريف حماه على قوات الأسد في جبل زين العابدين.. والصورة تعود ليوم 4 سبتمبر الحالي (رويترز)
TT

جبهة حماه: تقدّم سريع لفصائل المعارضة وانهيارات في دفاع النظام

قوات تابعة للمعارضة السورية تطلق صاروخ غراد من بلدة حلفايا بريف حماه على قوات الأسد في جبل زين العابدين.. والصورة تعود ليوم 4 سبتمبر الحالي (رويترز)
قوات تابعة للمعارضة السورية تطلق صاروخ غراد من بلدة حلفايا بريف حماه على قوات الأسد في جبل زين العابدين.. والصورة تعود ليوم 4 سبتمبر الحالي (رويترز)

اختارت فصائل المعارضة المسلّحة الردّ على المجازر التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه في حلب، بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في ريف حماه الشمالي، الذي حققت فيه تقدمًا كبيرًا، وتمكنت أمس من السيطرة على بلدتين كبيرتين ليرتفع إلى 42 عدد المدن والبلدات المحررة، منذ بدء «غزوة مروان حديد» التي أطلقتها المعارضة في محافظة حماه قبل شهر.
وإذا كانت جبهة حلب تتصدّر الأولوية لدى قوات الأسد والروس والإيرانيين، لاستكمال رسم معالم ما يسمّى بـ«سوريا المفيدة»، فإن المعارضة وجّهت ضربة قوية لهذا المخطط، عبر التقدم اللافت على جبهة حماه التي تعني تقطيعًا لأوصال مشروع هذه «الدولة»، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «قوات النظام بدأت تنهار أمام هجمات المعارضة والضربات القوية التي تتلقاها في ريفي حماه الشمالي والشمالي الشرقي، بعد مرور شهر على بدء هجوم الفصائل». وقال إن «مقاتلي المعارضة تمكنوا أمس من السيطرة على قريتي خفسين وكراح، ليرتفع إلى 42 على الأقل عدد القرى والبلدات والمدن والتلال الاستراتيجية التي سيطرت عليها الفصائل منذ 29 أغسطس (آب) الماضي».
وتخوض معركة ريف حماه غرفة عمليات «غزوة مروان حديد» المشكّلة من حركة «أبناء الشام» بقيادة أبو حذيفة الحمصي، و«جند الأقصى» بقيادة خالد خطّاب، التي استطاعت تحرير عشرات البلدات والمواقع الاستراتيجية، بحسب ما كشف الحمصي لـ«الشرق الأوسط»، وأعلن أن «الثوار وصلوا الآن إلى قرية الإسكندرية التي تبعد 10 كيلومترات عن مدينة حماه»، مشيرًا إلى أن «المعارك تدور حاليًا على أبواب بلدة طيبة اسم ومعر شحور، وبعد تحريرهما سنتجه إلى جبل زين العابدين الاستراتيجي، الذي يطل على مدينة حماه وعلى المطار العسكري». وقال الحمصي: «إن تحرير على جبل زين العابدين يعني إحكام السيطرة بالنار على مواقع النظام وقطع طريق مطار حماه وعزله عن المناطق المحيطة به».
ويبدو أن هذه المعركة تنطوي على أهداف كثيرة، حسبما أعلن أبو حذيفة الحمصي، لافتًا إلى أن «الأهداف التي وضعتها (غزوة مروان حديد) تبدأ بتخفيف الضغط عن مدينة حلب، ونقل المعركة من المناطق السنيّة إلى معاقل النظام، وتحرير مدينة حماه بالكامل، وفتح الطريق نحو مدينة تلبيسة المحاصرة في ريف حمص الشمالي». وكشف قائد حركة «أبناء الشام»، أن فصائل كبيرة وأساسية دخلت على هذه المعركة أبرزها «جيش الفتح» و«أحرار الشام»، و«هذا الدعم سيعطي دفعًا قويًا للمعركة التي ستغيّر كثيرًا في خريطة الحرب السورية بإذن الله».
ولم تفلح كل التعزيزات التي استقدمتها قوات النظام، في استعادة السيطرة على أي منطقة خسرتها في ريفي حماه الشمالي والشمالي الشرقي، كما أعلن المرصد السوري الذي قال: «إن وتيرة الاستياء ارتفعت لدى المواطنين من جمهور النظام، نتيجة هذه الانسحابات التي يقوم بها عناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية الموالية للنظام وقوات النظام، وانهزامهم خلال هذا الهجوم في عشرات البلدات والقرى والتلال».
ورغم الأهمية الاستراتيجية لمعركة حماه، فهي لا تكفي وحدها لتغيير الموازين على الأرض، بحسب الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني نزار عبد القادر، الذي اعتبر أن قوى المعارضة «باتت أمام حتمية اتخاذ مبادرة في كل سوريا، تقوم على تنفيذ هجمات تستهدف كل معاقل النظام ليس في حماه فحسب، بل في حمص ودمشق وحتى حلب». وأكد أن «العملية الهجومية ستؤدي حتمًا إلى تخفيف الضغط عن حلب، وإجبار النظام على إعادة حساباته، لأن اشتعال الجبهات الأخرى، سيجعل معركة حلب مكلفة جدًا على النظام وحلفائه».
ورأى عبد القادر وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «معضلة فصائل الثورة السورية يكمن في تشتتها». وقال: «المطلوب الآن أن تتوحد الفصائل تحت غرفة عمليات مشتركة قادرة على رسم خطوط العمليات العسكرية التي تغطي كل الأراضي السورية بدقّة، وتجعل من الحرب معركة واحدة وعلى كل الجبهات».
وقال قائد ميداني في الجيش السوري الحر لوكالة الأنباء الألمانية، إن «الثوار سيطروا اليوم، أمس، على قرية خفسين في ريف حماه الشمالي، وقتلوا عددًا من عناصر القوات الحكومية، بينما فر الآخرون تاركين أسلحتهم خلفهم». وأضاف القائد أن السيطرة على القرية «جاءت بعد السيطرة على قرية كراح وحاجزي الشيلكا والتفتيش شرق القرية».
ولم يتفاجأ الخبير الاستراتيجي في الانهيارات التي تلحق بخطوط دفاع النظام في حماه، ورأى أن «إمكانات النظام وحلفاءه البرية محدودة، فهو أراد القيام بعملية سريعة وحاسمة في حلب، واضطر لسحب قوات من عدد من الجبهات لتركيز الهجوم على المدينة، وهذا ما أضعف الجبهات الأخرى من بينها حماه، ما فتح الباب أمام المعارضة للاستفادة من شن عمليات هجومية ناجحة وإحداث اختراقات على جبهات النظام». وأكد عبد القادر أن «العمل الناجح الذي يفترض بالمعارضة اللجوء إليه، هو القيام بعمليات عسكرية على الخطوط الخلفية للنظام، وقطع طرق تمويله، بحيث لا تقتصر العمليات على أيام معدودة هنا وهناك، بل إضعاف النظام بقطع وتدمير قواعده اللوجستية والتمويلية».
يذكر أن أبرز المناطق المحررة في ريف حماه وهي: كراح، خفسين، وحواجز الخزان والتفتيش والشيلكا والسعدو، تل الراية، القاهرة، تل أسود، الشعثة، حلفايا، صوران، طيبة الأمام، معردس، الزلاقيات، البويضة، المصاصنة، زور الحيصة، زور المحروقة، زور الناصرية وتلتها، زور أبو زيد، الإسكندرية، كوكب، معان، الكبارية وكتيبة الصواريخ شرق معردس.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.