السعودية وتركيا.. علاقات تاريخية عززها المجلس التنسيقي الاستراتيجي

تنسيق عسكري وأمني على أعلى المستويات.. وسعي لزيادة حجم التبادل التجاري البالغ 8 مليارات دولار

السعودية وتركيا.. علاقات تاريخية عززها المجلس التنسيقي الاستراتيجي
TT

السعودية وتركيا.. علاقات تاريخية عززها المجلس التنسيقي الاستراتيجي

السعودية وتركيا.. علاقات تاريخية عززها المجلس التنسيقي الاستراتيجي

وصلت العلاقات السعودية - التركية إلى أعلى مستوياتها بعد تشكيل المجلس التنسيقي الاستراتيجي بين البلدين في أبريل (نيسان) الماضي (2016)، وذلك في تركيا، بحضور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ويُعد المجلس تتويجًا لمسيرة العلاقات بين البلدين التي بدأت منذ عام 1929. ويضمن مزيدًا من التعاون والتفاهم بين السعودية وتركيا في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصاد، والتجارة، والبنوك، والمال، والملاحة البحرية، علاوة على مجالات الصناعة والطاقة، والزراعة، والثقافة والتربية، والتكنولوجيا، والصناعات العسكرية، والأمن، والإعلام، والشؤون القنصلية.
ورغم تعدّد الأزمات وتجددها في المنطقة، فإن وجهات نظر البلدين ظلت متطابقة تجاه معالجة هذه الأزمات، وفي مقدمتها ما يحدث في سوريا، والعراق، واليمن، إلى جانب التعاون في مواجهة الإرهاب، ودعمت السعودية جهود الحكومة التركية في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية أمنها.
وتأكيدًا لتميز هذه العلاقات، كانت السعودية من أوائل الدول التي وقفت إلى جانب تركيا بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تعرضت لها قبل شهرين تقريبًا، إذ أجرى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز اتصالاً هاتفيًا بالرئيس التركي، هنأه فيه بعودة الأمور إلى نصابها بعد محاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا، مبديًا ترحيب السعودية باستتباب الأمن والاستقرار في تركيا بقيادة الحكومة التركية لممارسة أعمالها.
وتمثلت قوة العلاقات السعودية التركية في الزيارات بين قيادتي البلدين، ففي 11 جمادى الأولى عام 1436هـ عقد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في الرياض جلسة مباحثات مع الرئيس رجب طيب إردوغان رئيس تركيا، ناقشا خلالها آفاق التعاون بين البلدين، وسبل تعزيزها في مختلف المجالات.
وفي 29 ديسمبر (كانون الأول) 2015م استقبل الملك سلمان بن عبد العزيز بالرياض الرئيس إردوغان، كما زار خادم الحرمين الشريفين تركيا يومي 15 و16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015. لرئاسة وفد السعودية في قمة العشرين التي عقدت بمدينة أنطاليا التركية، وأشاد في برقية بعث بها إلى الرئيس التركي عقب مغادرته تركيا بالنتائج الإيجابية التي توصلت إليها أعمال القمة، والتي سيكون لها كبير الأثر في توثيق التعاون بين دول المجموعة في المجالات كافة.
وفي شهر أبريل عام 2016، وصل خادم الحرمين الشريفين إلى أنقرة في مستهل زيارة رسمية لتركيا تلبية لدعوة الرئيس إردوغان الذي منح الملك سلمان بن عبد العزيز «وسام الجمهورية»، وهو أعلى وسام في تركيا يمنح لقادة ورؤساء الدول، كما عقد الزعيمان جلسة مباحثات رسمية أشار خلالها إردوغان إلى أهمية استمرار اللقاءات بين مسؤولي البلدين في مختلف المجالات السياسية والتجارية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والاجتماعية لما فيه تحقيق المصالح المشتركة وتعزيز العلاقات بين البلدين، فيما شدد خادم الحرمين الشريفين على ثقته أن المباحثات ستفضي إلى نتائج مثمرة ترسخ علاقات البلدين الاستراتيجية مما يفتح آفاقًا واسعة لتعزيز الروابط السياسية والاقتصادية والتجارية والعسكرية والأمنية بما يعود بالنفع عليهما.
بعدها توجه الملك سلمان بن عبد العزيز إلى مدينة إسطنبول ليرأس وفد السعودية إلى القمة الإسلامية الثالثة عشرة لمنظمة التعاون الإسلامي يومي 7 – 8- 07- 1437هـ.
وفي إطار تميز العلاقات بين البلدين، التقى الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس وفد السعودية في أعمال الدورة السنوية الـ(71) للجمعية العامة للأمم المتحدة بالرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وبحثا آخر تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والجهود المبذولة تجاهها وموقف البلدين منها إلى جانب بحث أوجه التعاون بين البلدين خصوصًا ما يتعلق بالمجال الأمني.
ويعد ذلك اللقاء الثاني بين ولي العهد والرئيس إردوغان، حيث زار الأمير محمد بن نايف تركيا في أبريل عام 2015م عندما كان وليًا لولي العهد، والتقى حينها إردوغان في القصر الرئاسي.
كما التقى الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في مدينة هانغجو الصينية إبان ترؤسه وفد السعودية في قمة مجموعة العشرين التي عقدت في الصين مؤخرًا، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، واستعرضا العلاقات الثنائية وسبل دعمها، فضلاً عن بحث مستجدات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط.

تمرينات عسكرية مشتركة
ونتج عن التفاهم المشترك بين السعودية وتركيا السعي نحو تبادل الخبرات في مجال التدريب العسكري، فانطلقت عام 1434هـ فعاليات التمرين التحضيري للقوات الجوية الملكية السعودية بمشاركة عدد من طائرات القوات الجوية بأنواعها الهجومي والدفاعي وطائرات الإنذار المبكر بكامل أطقمها الجوية والفنية والمساندة، للمشاركة في مناورات «نسر الأناضول - 3 - 2013م» التي أقيمت في قاعدة كونيا الجوية في تركيا.
وفي 27 فبراير (شباط) 2016م، انطلقت في المنطقة الشمالية من السعودية فعاليات تمرين «رعد الشمال»، بمشاركة 20 دولة عربية وإسلامية منها تركيا، وعدّ هذا التمرين واحدًا من أكبر التمارين العسكرية في العالم، من حيث عدد القوات المشاركة واتساع منطقة المناورات، وحظي بالاهتمام على المستوى الإقليمي والدولي، لا سيما أنه أتى في ظل تنامي التهديدات الإرهابية وما تشهده المنطقة من عدم استقرار سياسي وأمني.

التعاون الاقتصادي
شهد التعاون في المجال الاقتصادي بين السعودية وتركيا منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973م تطورًا ونموًا مستمرًا حتى وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين عام 2006م إلى نحو 3000 مليون دولار.
وتشكلت على ضوء ذلك اتفاقية اللجنة السعودية التركية المشتركة، ومجلس رجال الأعمال السعودي التركي.
وأعلنت الحكومتان العزم على توثيق العلاقات الاقتصادية وعقدتا مجموعة من الاتفاقيات الثنائية شكلت الإطار القانوني المناسب لهذه العلاقات.
وتمثل تطور العلاقات الاقتصادية في تبادل الزيارات والمعارض وإنشاء الشركات المشتركة، وارتفاع مستوى التبادل التجاري بين البلدين، كما قام الصندوق السعودي للتنمية بدور رائد في توفير التمويل الميسر لعدد من مشروعات وبرامج التنمية في تركيا خلال العقود الثلاثة الأخيرة.
وأكد مجلس الأعمال السعودي التركي المشترك المنبثق عن مجلس الغرف السعودية قدرة القطاع الخاص في السعودية وتركيا على العمل سويًا من أجل رفع مستوى التبادل التجاري الحالي البالغ 8 مليارات دولار ليصل إلى أكثر من ذلك خصوصًا في ظل وجود علاقات متميزة بين البلدين وأنظمة مشجعة على الاستثمار.
وطالب ملتقى أصحاب الأعمال السعودي التركي، بالعمل على مواجهة التحديات الاقتصادية الإقليمية وتعزيز الاستثمارات المشتركة بين البلدين، وإقامة جسور للتعاون بين شركات ومؤسسات القطاع الخاص في مختلف المجالات، بهدف الاطلاع على أحدث التقنيات وتبادل الفرص الاستثمارية، بهدف تنشيط القطاعات التجارية والصناعية ورفع مستوى التبادل التجاري لأفضل مستوياته خلال الفترة المقبلة.
وقدمت 22 شركة تركية ممثلة بـ26 خبيرًا ومختصًا في المعدات والماكينات، والتغليف، والمنتجات الإلكترونية، والصناعات الغذائية، والإنشاءات والاتصالات، والكهربائيات، والألبسة، والمنسوجات، ومواد البناء والديكور، والجلديات، خدماتها على أصحاب الأعمال السعوديين خلال لقاء عقد بجدة بحضور عدد من المسؤولين التنفيذيين بغرفة جدة، وعدد كبير من أصحاب الأعمال في البلدين.
وضمن التعاون الاقتصادي بين السعودية وتركيا، وافق الصندوق السعودي للتنمية عام 1434هـ على تقديم تسهيلات ائتمانية من خلال خطوط ائتمان لتمويل تصدير سلع وخدمات وطنية غير نفطية متنوعة من السعودية بمبلغ 70 مليون دولار (262.5 مليون ريال) لصالح عدد من البنوك بتركيا شملت كلاً من بنك الزراعة، والبنك العربي التركي، وبنك فيبا.
كما طرح وفد تجاري تركي بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض فرصًا استثمارية في مجال صناعة الأثاث الخشبي بأنواعه وإيجاد منافذ للسوق في السعودية مع نظرائهم من الجانب السعودي.

100 ألف تركي بالسعودية
ويفد إلى السعودية سنويًا أكثر من 250 ألف تركي لأداء مناسك الحج والعمرة فيما تستضيف السعودية نحو 100 ألف تركي يعملون في مختلف المجالات ويشاركون في تنمية الوطن وإعماره، كما يزور تركيا عشرات آلاف السياح السعوديين سنويًا.

تعاون في إغاثة السوريين
وإنفاذا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين بتقديم جميع أشكال المساعدات للأشقاء السوريين، يسيّر مكتب الحملة الوطنية السعودية لنصرة الأشقاء السوريين في تركيا قوافل إغاثية متعددة من مدينة «غازي عنتاب» التركية محملة بالمساعدات الغذائية والصحية للسوريين النازحين في المخيمات على شريط الحدود التركية والداخل السوري.
وشهد مطلع العام أيضًا توقيع وكالة الأنباء السعودية ووكالة أنباء الأناضول، مذكرة تعاون إخباري بين الوكالتين، وذلك على هامش المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء في العالم تهدف إلى تقديم أفضل مستوى من المعلومات وتبادل الأخبار المتعلقة بالتطورات في السعودية وتركيا.



عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية

عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية
TT

عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية

عبد الله بن زايد وأنتوني بلينكن يبحثان القضايا الإقليمية

بحث الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي مع أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، عدداً من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك.

واستعرض الشيخ عبد الله بن زايد وبلينكن، خلال اتصال هاتفي تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وجهود المجتمع الدولي للتوصل إلى وقف مستدام لإطلاق النار، بما يسهم في حماية أرواح المدنيين كافة، وتعزيز الاستجابة الإنسانية لاحتياجات المدنيين في قطاع غزة.

كما بحث الجانبان بحسب ما نقلته وكالة أنباء الإمارات (وام) التطورات في لبنان، إضافة إلى الأوضاع في السودان وتداعياتها الإنسانية.