جمال سليمان: ليس لدينا مشروع ثقافي.. و«أفراح القبة» من أهم أعمالي الفنية

الفنان السوري قال لـ«الشرق الأوسط» إنه حرم من زيارة وطنه في السنوات الأربع الماضية

جمال سليمان: ليس لدينا مشروع ثقافي.. و«أفراح القبة» من أهم أعمالي الفنية
TT

جمال سليمان: ليس لدينا مشروع ثقافي.. و«أفراح القبة» من أهم أعمالي الفنية

جمال سليمان: ليس لدينا مشروع ثقافي.. و«أفراح القبة» من أهم أعمالي الفنية

يرفض الفنان جمال سليمان أن يلعب دور الشيطان الأخرس في قضية بلده (سوريا)، كما يفعل العديد من الفنانين السوريين؛ فهو مهموم بقضية بلده ويعبر عن رأيه بمنتهى الوضوح والصراحة.
بصوت مليء بالحزن والأسى قال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن الآن معرضون لخسارة وطننا بأكمله والبحث عن وطن بديل»، موضحا أنه يعمل ليل نهار حتى لا يخسر بلده.
وبعيدا عن مأساة وطنه، تحدث سليمان عن «أفراح القبة»، مسلسله التلفزيوني الأخير الذي عرض في شهر رمضان الماضي، كما تحدث أيضًا عن مشروعاته الفنية المقبلة. وعن سر تحمسه لتقديم جزء ثانٍ من مسلسل «حدائق الشيطان» الذي عُرض منذ سنوات، وإليكم نص الحوار:
* ماذا عن تقديمك جزءًا ثانيًا من مسلسل «حدائق الشيطان» التي عُرض منذ سنوات؟
- بالفعل، كان هناك مشروع لعمل جزء ثانٍ من مسلسل «حدائق الشيطان» العام الماضي، ولكن لأسباب تتعلق بالسوق والتوزيع فقد تعثر المشروع، وفي الحقيقة كان لدي عرضان؛ عرض لجزء ثانٍ من مسلسل «أفراح إبليس» وجزء ثانٍ من مسلسل «حدائق الشيطان»، عندما تعثر عمل جزء ثانٍ من العمل الثاني «حدائق الشيطان». ارتبطتُ بالمشاركة لجزء ثانٍ من العمل الأول «أفراح إبليس» وبإذن الله سوف نبدأ التصوير في يناير (كانون الثاني) المقبل حتى يتم عرضه إما في رمضان أو قبل ذلك، حسبما يتم الاتفاق عليه، ولكن فكرة تقديم جزء ثانٍ من مسلسل «حدائق الشيطان» ما زالت قائمة، ولكن ليس هذا العام أو في هذه الفترة.
* ألا تقلق من قبول عمل جزء ثانٍ من «حدائق الشيطان» على الرغم من مرور 8 سنوات تقريبًا على تقديم الجزء الأول؟
- هو سلاح ذو حدين؛ الجزء الأول حقق نجاحًا كبيرًا قد يساعد على نسبة المتابعة والتسويق وغيره كمسلسل له اسم كبير، ولكن هناك قلق، خصوصًا بعد مرور كل هذه السنوات على تقديم الجزء الأول؛ أن تكون المقاييس قد تغيرت، ولكننا نحاول أن نخرج مسلسلاً جيدًا قدر الإمكان، ولكن حتى لو قمنا بعمل جديد فإن أي عمل فيه جزء كبير من المغامرة والقلق، وتقديم أجزاء ثانية لأعمال فنية موجود في كل الدول وعلي رأسها أميركا. هناك أجزاء تُخرج لأفلام قد مر على عرضها عشرة سنوات وأكثر، وعلى سبيل المثال فيلم «ماتريكس» وغيره من الأعمال، ولكن بالتأكيد لدينا الوضع مختلف، إذ إننا نعاني من ميزانيات الإنتاج والتوزيع والأجور أصبحت صعبة، وأصبح ذلك يعود على المستوى الفني للعمل. اليوم ظروف العمل التلفزيوني أصبحت في منطقة المخاطر، ولم نعد نعرف ماذا نريد من عمل المسلسلات الدرامية، هل نحن نعمل دراما للتسلية فقط ويتم نفخها ببعض الإعلانات لتسويق المسلسل، أم أننا نعمل دراما للتنوير وفك شفرة الواقع الذي نعيش فيه ونفهم مشكلاتنا ونحلها، وتكون الدراما هدفها التوعية ونتحرك بروح إيجابية إلى الأمام؟! في الحقيقة اليوم مع ما نراه يحدث في واقع الوطن العربي وتنامي النفوذ الإعلامي الخاص ونفوذ شركات الإعلان أصبح هناك مشهد ضبابي، «أحنا عايزين إيه بالضبط؟!»، فهناك عنصر اقتصادي يحدده مبدأ الربح من خلال الإعلانات، وهناك أيضًا عنصر الاجتماعي والثقافي والفكري والفني للموضوع، وفي رأيي فإننا لم نصل بعد لمعادلة صحيحة تنصف الجانبين. نحن نحاول أن نقلد الأتراك، ولكننا في النهاية لسنا كذلك، وليس هذا هو مجتمعنا أو هذه هي مشكلاتنا كعرب، فتخرج الأعمال وتصبح «مسخًا».
* يري البعض أن تقديم جزء ثانٍ لأي عمل حتى لو كان ناجحًا نوع من «الإفلاس».
- لا، ليس بالضرورة، فهذه المعادلة ليس لها قاعدة، وإلا لمَ تقوم أشهر المحطات العالمية مثل «HPO» بعمل كثير من المواسم، نحن في مهنتنا ليس هناك قواعد ثابتة أو رهان «كسبان» على طول الخط، ولكن دائمًا هناك جانب من المغامرة؛ فنحن نجتهد ونعمل ما بوسعنا لتقديم عمل يصل إلى الناس.
* لماذا تصرح بأن مسلسل «أفراح القبة» الذي عُرِض ضمن الماراثون الرمضاني الماضي من أهم أعمالك الفنية؟
- نعم.. أرى أن هذا العمل من أهم الأعمال التي قدمتها لعدة أسباب: أولاً: لا أخفي أنني وفنانين كثيرين في المسلسل كان لدينا الخوف من أن يكون هذا المسلسل «نخبويًا زيادة عن اللزوم»، ويُقدَّر من فئة قليلة من الجمهور، لكن عندما وصلنا إلى «الحلقة السادسة»، ورأينا هذا الجذب الجماهيري الممتاز كنا سعداء، وهذا في الحقيقة واجه بعض المقولات الخاطئة بأنه ليس صحيحًا أن الجمهور يريد أن يرى أعمالاً سخيفة وبلا هدف أو متواضعة، الجمهور عندما يكون هناك عمل هادف ومهم ومحترم حتى لو كانت متابعته تحتاج إلى مجهود فهو مستعد لأن يبذل هذا المجهود، وبذله لهذا المجهود هو شكل من أشكال المتعة، ويمكن تحديدها بالتلقي الكسول لشيء ما، ثانيًا: أعتقد أنه من غير المعقول أن لا يكون هناك أربع أو خمس روايات عربية خاصة بالتلفزيون سواء بإنتاج مصري أو سوري أو خليجي، نحن لدينا تراث عربي وإسلامي عظيم يمكن أن يتحول إلى أعمال درامية وإلى مادة تلفزيونية راقية وعظيمة بدلاً من أن نشتري الفورمات من الثقافات الغربية التي لا تمثلنا، ورغم أن حجم دوري في مسلسل «أفراح القبة» والعائد المادي متواضع، لكنني كنت أقدمه بصدق وبارتياح وانبساط، فكان لدي إحساس بقيمة هذا العمل منذ أول لحظة دخلت في التصوير، والعمل مع مخرج مثل محمد ياسين، رغم أنه كان متعبًا، إلا أنه كان ممتعًا، لتقديمه عملاً ذا قيمة.
* ألم تخشَ من تقديم الوسط الفني بهذا الشكل وقد عملت الرواية علي نوع من التعرية لكثير من كواليس الحياة الفنية؟
- في الحقيقة، لقد سُئِلت كثيرًا هذا السؤال: ألا تقلقون من تصوير الوسط الفني بهذه الطريقة؟! ولكن الرهان كان على المشاهد أن يرى هذا المجتمع ليس مجتمعًا فنيًا فقط، وبالفعل لم يرَه كذلك، ولكنه شاهد حكاية مجتمع من خلال هذا الوسط الفني، هذه الرواية للرائع نجيب محفوظ فيها شيء عبقري، وهذا ما سوف يجعلها رواية تعيش مع أنها كُتبت منذ زمن، وهو حقيقتنا في الكواليس، وما نقدمه على المسرح، والفرق بين الوهم والحقيقة، الكذب والصدق، الوجه الحقيقي والقناع، وهذه هي مشكلة البشرية وكل المجتمعات عبر التاريخ، والجمهور يريد أكبر قدر من الحقيقة وأقل قدر من الزيف، ومن هذا المنطلق هذه الرواية سوف تحافظ على نفسها وكأنها رواية معاصرة حتى لو بعد 100 سنة، وأظن أن الرواية لا تزال تحافظ على جديتها مثل كثير من الروايات العربية لأن لم يتغير شيء فينا منذ خمسين عامًا وحتى الآن، فقد تغير فقط نوع السيارات وشكلها ووجود التكنولوجيا والهاتف والإنترنت فهناك ناس تتعامل مع مواقع التواصل الاجتماعي بعقلية القرن الحادي عشر. لذلك فإن استلهام الأدب العربي الممتاز والمحترم المعاصر وتقديمه على الشاشة في التلفزيون والسينما من الممكن أن يساعدنا على أن نعيد أمورنا ونحل مشكلاتنا وخبراتنا، ونجد لأنفسنا الطريق الصحيح الذي سوف يجعلنا نسير خارج هذا الجحيم الذي نعيش فيه الآن.
* هل ترى ذلك كافيًا لكي نسير خارج هذا الجحيم الذي نعيش فيه الآن؟
- هناك أمران يجب أن نعرفهما؛ أن اليوم يوجد صراع شديد جدًا بين كل شيء يحمل قيمة معتبرة وهدف والاتجاه الآخر الذي يعتقد ويرى أن المطلوب الآن هو تسلية الناس وإلهاؤهم. والأمر الآخر الذي يجب أن نتنبه له هو أنه لا يوجد فيلم أو مسرحية أو عمل درامي سوف يغير من حياة الناس في لمح البصر، فالعمل الثقافي عمل تراكمي، ووحده لن يستطيع أن يفعل شيئًا، فالعمل الثقافي عندما يمشي مع مشروع وطني كبير فإنه يسهم في إنجاح وتعزيز ذلك المشروع الوطني، ويسهم في إطلاقه، ويسهم في الشراكة الوطنية والالتفاف الوطني حول المشروع الوطني، لذلك فهي عملية تراكمية، وبالتأكيد للفن دور عظيم جدًا، ولكن يجب أن لا نحمله كل هذا الدور حتى لا نقول في النهاية إنه قد «فشل»، وإذا كان هناك عمل درامي أو أكثر يغير مجتمعًا، فهذا ليس معناه أن الفن فاشل، ولكن هي عملية تراكمية سوف تأخذ زمنًا حتى تظهر تأثيرها على الواقع المعيشي والمجتمع.
* هل لدينا مشروع ثقافي؟
- ليس لدينا مشروع ثقافي، ونحن ندفع ثمن ذلك، وكان لدينا في الستينات ثم شيئًا فشيئًا تخلينا عنه، لأننا اعتبرنا أن وزارات الثقافة هي وزارة هامشية واعتبرناها «شحادة»؛ تحضر اجتماعات مجلس الوزراء لتقسيم الميزانية وتُقسم الميزانية على باقي الوزارات و«الفكة» تُعطى لوزارة الثقافة، لأن مشكلة وزراء المالية وكثير من الاقتصاديين أنهم يعتبرون أن مردودها ليس مهمًا؛ فهو يعطي الميزانية بلا هدف محدد. وهذا تفكير خاطئ، فبريطانيا ليست بشواطئها الرملية فقط، ولكن بريطانيا في مسارحها وفي التماثيل والشوارع والقصور والمتاحف وفي الصورة التي يجب أن يكون لها تكاليف، وهذه النظرة هي التي ترتقي بالأمم؛ فيجب أن يكون هناك استراتيجيات بعيدة المدى ومن يفكر بهذه الطريقة هو من يصلح لأن يكون رجل دولة.
* يرى البعض أنك لم تؤدِّ اللهجة المصرية بشكل متقن في مسلسل «أفراح القبة»؟
- لا أعلم.. أعتقد أن هذا يرجع إلى تقييم الناس المفروض أن أؤدي اللهجة المصرية، ولكن هذا كان دور لرجل مدير مسرح، وهو يقيم نصوص وأدب إلى آخره، وفي الحقيقة عندما التقيت مع كثير من مديري المسرح في حياتي لم أرَهم يتكلمون مثل سواق التاكسي على سبيل المثال، فرأيت في طريقتهم وكلامهم اختلاف في مخارج الألفاظ، لذلك أديت دوري بهذه الطريقة، ونواجه مشكلة فأي لهجة ليست هي لهجتك «الأم»، بالتأكيد سوف تواجهين مشكلة معها، ولكن هذا يختلف من لهجة إلى لهجة، وأميل إلى اللهجة الصعيدي وأقرب لي من اللهجة المصرية العامية، واللهجة الصعيدية فيها مخارج الحروف تخرج وكأنها منحوتة عكس اللهجة المصرية العادية التي تجدي فيها حروف كثيرة تؤكل من الكلمة فيصبح الجرس الموسيقي هو الذي يصل إلى المعنى أكثر من الحروف.
* ألم تقلق من هجومك المستمر ضد النظام السوري وتعتبر من أوائل الفنانين السوريين الذين تحدثوا وعبروا عن آرائهم فيما يحدث في سوريا بمنتهى الوضوح؟
- بالتأكيد، قد انتابني هذا الشعور وقد قلقت وما زلت قلق، ولكن في الحقيقة لم يكن هناك خيارات هذه ليست مسألة سياسية عادية فهذه بلدي، من البداية استشعرتُ بمصير وطن والحقيقة العين كانت على الفنانين في سوريا بشكل كبير، وبدأ من النظام السياسي القائم ومن المعارضة أيضًا، فقد حدث ضغط باتجاه الفنانين من كل الجهات، لأن سوريا ليس بها شخصيات عامة كثيرة، وتعرف سوريا بفنانيها ونجومها، وهناك بضعة أشخاص معروفين في المشهد السياسي لا يتجاوزن اليد الواحدة، وبها فنانون معروفون في الوطن العربي بشكل كبير، وبالتأكيد ذلك شيء مؤسف؛ أن لا يكون لسوريا شخصيات عامة من الأدباء والمفكرين والرياضيين والاقتصاديين، فوجود شخصيات عامة مسألة مهمة في أي مجتمع، النظام السياسي كان يريد منا تأييدًا مطلقًا، وتفويضًا مطلقًا فيما يفعل، وقد كنت جاهزًا في البداية لذلك، ولكني استشعرت مثل كثيرين أن المشهد السياسي في سوريا ليس ديمقراطيًا وأن سوريا بلد استبداد، وتعيش داخل جهاز أمني متحكم، ولا يوجد بسوريا قضاء مستقل وهذه أشياء نحن متفقون عليها جميعًا، ولا أحد يستطيع أن ينكرها، بها مستوى عالٍ من الفساد والمحسوبية، وبالتالي الناس كانت تحتاج إلى تغيير في النظام السياسي يلغي كل هذه الأشياء، وتغيير ديمقراطي، ولو شعرت أن النظام السياسي متفهم لمثل هذه المطالب ويريد أن يكون شريكًا في حدوث هذا التغيير لوقفت إلى جانبه، وقد قلت ذلك وحتى الآن أقوله، ولكن كان الرد أنه لا بد من رد أمني عنيف، وبالتالي فأنا توقعتُ أن ذلك سوف يؤدي إلى كارثة وطنية، سواء بالنسبة للنظام أو المعارضة نفسها، وللبلد بصورة عامة، ولذلك كان من الصعب أن ألعب دور الشيطان الأخرس، كان من الضروري أن أعبر عن رأيي ولم يكن ينفع أن أتظاهر بأن هذه ليست بلدي، أو أن هذه الأشياء لا تحدث في بلدي، لأنني أقيم في منطقة لا تزال المطاعم بها تعمل، هذه مسألة وطنية وليست شخصية، فبالحسابات الشخصية لم أكن أستطيع أن أفعل ذلك.
* ماذا عن خسارتك الشخصية في ظل الأحداث التي تمر بها سوريا؟
- رغم خسارتي الكبيرة فليس من اللائق الحديث عنها وغيري من السوريين لم يكن لديهم شيء، ولكنهم خسروا أولادهم وبيوتهم، وهذه خسارة أكبر بكثير ممكن خسرته؛ فهناك من خسر أبويه وعائلته، الخسارة في سوريا كانت هائلة، وكلنا معنيون بذلك، فكلنا سوريون بالحسابات الوطنية، أما بالحسابات الشخصية لم يكن يجب أن أتدخل في هذا الشأن أو أن أقول رأيي وأتظاهر بأنني متعاطف، كما حدث من كثير من الفنانين، بأنني أحب بلدي وأتمنى له الخير، أكبر شيء خسرته هو أنني حُرِمت من أن أذهب لبلدي خلال أربع سنوات أو أن يتربى أبني في بلده سوريا، نحن الآن معرضون لخسارة وطننا بأكمله، والبحث عن وطن بديل، رغم أنني أعمل ليل نهار حتى لا نخسر بلدنا ولكي نرجع مرة أخرى إليه نبنيه ونعيش فيه مواطنين محترمين، ولكن الاحتمال الآخر قائم حتى لا نكون كاذبين أو حالمين أو خياليين، فالاحتمال أن لا نستطيع الرجوع إلى سوريا مرة أخرى قائم واحتمال أن تذهب سوريا إلى الأبد قائم؛ فنحن بالتأكيد نعمل حتى يختفي هذا الاحتمال وينتصر الاحتمال الأول في أن نخرج ببلدنا إلى بر الأمان.
* ماذا عن آخر تطورات وتحركاتك الخارجية تجاه القضية السورية؟
- ذهبت إلى موسكو الأسبوع الماضي ومعي الدكتور شهاب مقدسي نمثل مؤتمر القاهرة للمعارضة السورية، في حوار مع وزارة الخارجية الروسية حول الاتفاق المحتمل وانطلاق العملية السياسية وطبيعة المفاوضات والحوار والتفاهمات القائمة بينهم وبين الأميركان، قد طرحنا وجهة نظرنا بكل وضوح وصراحة. نحن في مؤتمر القاهرة لا نقبل بأي شكل من الأشكال بأن تقع الدولة السورية في يد الجماعات الإرهابية الإسلامية المتطرفة بأي حال من الأحوال، فنحن نريد دولة ديمقراطية مدنية باختصار شديد، ولكن نحن لا نعتقد أن الحل بالنسبة لسوريا هو المحافظة على نظام استبدادي وقمعي، ولا نعتقد أبدًا أن هناك حلاً عسكريًا سوف ينهي هذه الأزمة، بل هناك حل سياسي ينهي هذه المسألة، وعندما نتمكن من الحل السياسي فسوف يصبح أي حل عمل عسكري هو عمل مشروع، لأنه عندما يكون هناك حل سياسي منصف لغالبية السوريين يكون هناك فارس حقيقي بين من يريد الدولة والوطن ومن يعمل لصالح أجندات خارجية أو أجندات عابرة للحدود، وبالتالي في هذه اللحظة يصبح كل من يعمل في هذه السبيل خارج الدولة السورية غير شرعي، وقتاله مسألة وطنية، دون هذا الحل السياسي الذي يعيد ترتيب الأوراق ويعيد الفارس في سوريا ويعيد التواصل بشكل وطني سوري لا نعتقد أن هناك أي أفق، وبالتالي نحن نقول كما قلنا في وثائق المعارضة إننا قدمنا تصورات للحل السياسي هي شديدة الالتصاق بالوثائق الدولية. نحن نريد الشرعية الدولية ونؤيد ما اتفق عليه العالم، والمجتمع الدولي بدأ من تفاهمات جنيف وفيها القرار 52524 مرورًا باتفاقيات فيينا 1 و2، فنحن نؤيد كل ذلك، نؤيد العملية السياسية ونطالب المجتمع الدولي بوضع يده في يد القوى الوطنية السورية من أجل تطبيق ذلك على أرض الواقع.
* هل ترى أن هذه التحركات تأتي بنتيجة؟
- حتى الآن لم تأتِ بنتيجة، ولكن يجب أن نفهم أن ما يحدث في سوريا هي حرب ليست بين السوريين فقط، وإنما هي حرب إقليمية ودولية، ونفهم أن من يتصدر المشهد الآن على الأقل إعلاميًا هم النظام والجماعات المتطرفة والميليشيات غير السورية الموجودة في كل مكان في الأراضي السورية، ومصلحة كل هؤلاء في اختفاء الصوت الوطني السوري، ونحن لا نريد لهم أن يحققوا هذه المصلحة، والإنجاز الذي نحققه حتى الآن على تواضعه جيد؛ بأننا نريد أن يكون الصوت الوطني السوري الذي يؤمن بالدولة ويؤمن بالشرعية ويؤمن بالديمقراطية والعدالة وحقوق الجميع في دولة المواطنة مسموعًا، وهو أهم شيء. إنه غير عنفي لا يدعو إلى القتال أو الحرب، وإنما يدعو إلى مشروع سياسي وطني سوري، يقوم على مبادئ الدولة الحديثة فقط، فهذا في حد ذاته واجب مقدس ونحن نعمل من أجله. ونعتقد أيضًا أنه يومًا ما (قد يكون بعد يوم أو بعد سنة، وأتمنى بأن لا يطول) فإن هذا العالم سوف يعود إلى رشده، ويستيقظ فيه الضمير وشيء من الأخلاق والإنسانية ويرحم سوريا ويرحم السوريين من هذه الحرب الإقليمية والدولية.
* أين أنت من السينما؟
- وأين السينما الآن؟! السينما أصبحت في حالة ركود في الوطن العربي ولم تعد صناعة السينما كما كانت، والسينما في مصر تدار بطريقة معينة ولها ناسها الذين يعملون بها بشكل كبير، بعض الناس يحبها والبعض الآخر لا تلقى رضاه، وكان لدي منذ فترة مشروع سينما لفيلم كبير ولكنه تضارب مع المسلسل فاعتذرت عنه، أما بشكل عام فأنا لم يُعرض عليّ تقديم أدوار في السينما، لكن الدور الذي تمنيت تقديمه دور المثلي لخالد الصاوي في فيلم «عمارة يعقوبيان» فقد كان دورًا مميزا وأعجبني كثيرًا في الفيلم، وقد قام به الصاوي بشكل عبقري ومتميز.



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».