لبنان: أزمة الرئاسة إلى تأجيل جديد ومشاورات الحريري لا تسوّق لأي مرشح

مصادر بري: جاهزون لانتخاب رئيس من بين مرشحين.. أما تعيين عون فشيء آخر

لبنان: أزمة الرئاسة إلى تأجيل جديد ومشاورات الحريري لا تسوّق لأي مرشح
TT

لبنان: أزمة الرئاسة إلى تأجيل جديد ومشاورات الحريري لا تسوّق لأي مرشح

لبنان: أزمة الرئاسة إلى تأجيل جديد ومشاورات الحريري لا تسوّق لأي مرشح

لم تحمل الجلسة 45 لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية التي انعقدت في مجلس النواب أمس أي جديد، فهي لم تخالف التوقعات بأن تكون شبيهة لسابقاتها، لكنّ اللافت فيها، أنها المرّة الأولى التي يدفع رئيس مجلس النواب نبيه بري بتأجيلها لأكثر من شهر، حيث حدّد 31 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل موعدًا للجلسة رقم 46، مبديًا استعداده لتقريبها في حال إنضاج اتفاق نهائي.
ورغم كل الأجواء التفاؤلية التي جرى تعميمها عشية الجلسة، والحديث عن التوصل إلى توافق سياسي واسع سيفضي إلى انتخاب النائب ميشال عون رئيسًا للجمهورية، مرفقًا بتسريب معلومات تفيد بأن زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري، وافق على السير بانتخاب عون، فإن الحيّز الأكبر من هذا التفاؤل تبدد مع حلول موعد جلسة الأمس، بالاستناد إلى عاملين أساسيين، الأول تمسّك بري ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط برفضهما العلني انتخاب عون، والثاني تأجيل الجلسة المقبلة إلى مدى بعيد نسبيًا، ما يعني أن صفقة إيصال عون إلى قصر بعبدا ما زال دونها عقبات كبيرة.
وكان عشرات النواب توافدوا أمس إلى مبنى البرلمان في ساحة النجمة (وسط بيروت) للمشاركة في الجلسة، إلا أن النصاب القانوني الذي يحتاج إلى 73 نائبا لم يكتمل، ما استدعى صدور بيان عن بري بتأجيل الجلسة إلى 31 أكتوبر.
مصادر مقرّبة من الرئيس نبيه بري، أوضحت لـ«الشرق الأوسط»، أن «المشكلة ليست في تأجيل الجلسات، إنما في عدم نزول المقاطعين إلى المجلس النيابي لانتخاب رئيس». وأكدت أن شيئا «لم يتبدّل على صعيد دعم بري ترشيح رئيس (تيار المردة) سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية». وفيما لم تعرف بعد الأسباب التي تحول دون قبول بري بانتخاب عون، سألت المصادر «هل عون مرشّح لرئاسة الجمهورية؟، وإذا كان مرشحًا فعلاً، ما الذي يمنعه من النزول مع نوابه إلى المجلس لننتخبه؟». وقالت: «معلوم أن الانتخاب يحصل عندما يكون هناك أكثر من مرشّح، لكن إذا كان مطلوبًا منّا تعيين عون رئيسًا للجمهورية هذا شيء آخر».
وعمّا إذا كان زعيم تيار «المستقبل» الرئيس سعد الحريري يحمل بالفعل مبادرة تفضي إلى انتخاب عون، أوضحت مصادر رئيس مجلس النواب، أن «اللقاء بين الحريري والرئيس بري لم يحصل بعد لتأكيد أو نفي هذه المعلومات، لكن في ضوء هذا اللقاء المرتقب قد تتبلور رؤية مشتركة حيال الملف الرئاسي»، مذكرًا بأن الحريري «عندما زار بنشعي لم يعلن تخليه عن ترشيح سليمان فرنجية، وبالتالي لم يتغيّر شيء حتى الآن».
وواصل الحريري أمس جولته على المسؤولين، فزار أمس رئيس حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل، وتشاور معه في الاستحقاق الرئاسي، ثم لبّى دعوة الجميل إلى الغداء في مدينة بكفيا في جبل لبنان. وقد أكد عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «اللقاءات والمشاورات التي يجريها الرئيس سعد الحريري، هدفها استطلاع الآراء كافة ومحاولة إيجاد مخرج للأزمة الرئاسية». وأوضح أن الحريري «ليس بصدد ترجيح أي مرشح على آخر، وهو ليس بصدد تسويق مرشحين»، مشيرًا إلى أن «نواب كتلة المستقبل ليس لديهم أي انطباع عن حصول تبدل في خيار الحريري، والانتقال من ترشيح فرنجية إلى ترشيح عون».
وعمّا إذا كان الحريري أبلغ فرنجية تخليه عن ترشيحه، قال الجسر: «أبدا لم يحصل هذا الأمر، ولكن الزعيمين بحثا كل الأسباب التي حالت دون انتخاب فرنجية بعد عشرة أشهر على ترشيحنا له، كما جرى بحث في الخيارات التي تخرج لبنان من هذه الأزمة». وكشف أن فرنجية «يجري اتصالات بهذا الخصوص لأنه لا يمكن ترك الأمور معلقة إلى ما لا نهاية»، ونفى الجسر بالمطلق أن يكون الحريري «بدأ تسويق عون لدى حلفائه».
وفيما لم تعرف بعد الأسباب التي تحول دون قبول بري بانتخاب عون حتى الآن، رغم أنه مرشّح حليفه ما يسمى «حزب الله»، أكدت المصادر المقربة من رئيس البرلمان اللبناني، أن بري «ليست لديه أزمة أسماء (المرشحين للرئاسة)، إنما همّه التوصل إلى التفاهم الوطني الواسع، من خلال السلة المتكاملة، من رئيس الجمهورية إلى قانون الانتخابات وصولاً إلى الحكومة»، مضيفة «إذا اتفقنا على الرئيس فقط، نكون خطونا مترين فقط في النفق الطويل». وسألت «ماذا ينفع أن نتفق على رئيس الجمهورية، ولا نستطيع بعدها تشكيل حكومة؟ ما الإنجاز الذي سيحققه رئيس الجمهورية غير الانتظار في قصر بعبدا؟»، معتبرة أن «السلة هي الوحيدة القادرة على تعبيد الطريق أمام العهد الجديد».
وكان وزير التنمية الإدارية نبيل دوفريج، قال من مجلس النواب: «لو اكتمل نصاب جلسة اليوم (أمس) لكنا انتخبنا النائب سليمان فرنجية، أما غدا فيوم آخر». أما النائب عاطف مجدلاني، فقال: «حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي إنقاذا للبنان، ونحن بانتظار جولة الرئيس الحريري لمناقشة الطروحات».
أما عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، فاعتبر عقب الجلسة أن «ما يقوم به الرئيس الحريري خطوة أساسية بتحريك ملف الرئاسة، ونحن نعوّل عليه ولكن يجب أن يستكمل وصولاً إلى الرئيس برّي للوصول إلى نهاية سعيدة». وقال عدوان: «(حزب الله) لديه قدرة كبيرة على التحرك وعليه بذل الجهد المقنع باتجاه كل الفرقاء بـ(8 آذار) لدفعهم على انتخاب العماد عون، ومن هنا تظهر مدى جدّية دعمه لعون». وأضاف: «ليس المطلوب من الكتل النيابية أن يكون بداخلها رأي واحد، والعلاقة مع (المستقبل) ممتازة وبتنسيق دائم».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.