هايدر أكرمان مصممًا في دار «بيرلوتي»

هايدر أكرمان - من اقتراحات دار «بيرلوتي» لخريف وشتاء 2016
هايدر أكرمان - من اقتراحات دار «بيرلوتي» لخريف وشتاء 2016
TT

هايدر أكرمان مصممًا في دار «بيرلوتي»

هايدر أكرمان - من اقتراحات دار «بيرلوتي» لخريف وشتاء 2016
هايدر أكرمان - من اقتراحات دار «بيرلوتي» لخريف وشتاء 2016

كان خبر التحاق المصمم الكولومبي الأصل هايدر أكرمان، بدار «بيرلوتي» مفاجأة بكل المقاييس. فرغم أن اسمه كان مقترحًا لكثير من بيوت الأزياء؛ من «ديور» إلى «لانفان» و«ميزون مارتن مارجيلا» من قبل، فإن الأغلبية لم تكن تتوقع أن تُطلب خدماته مصمما لماركة رجالية محضة. فهايدر دخل مجال التصميم الرجالي، منذ ثلاث سنوات فحسب مقارنة بتاريخه في مجال التصميم للمرأة الذي يعود إلى عشر سنوات تقريبا. من هذا المنطلق جاء التحاقه بـ«بيرلوتي» مفاجأة، لا سيما أن أسلوبه مطبوع برومانسية تخاطب شابا حالما، بينما دار «بيرلوتي» تخاطب رجلا عمليا وناجحا. بيد أن هذا لا يمنع أن أوساط الموضة تهلل إعجابا بأسلوبه الرومانسي الحداثي منذ انطلاقته. فهو أسلوب يجمع دفء جذوره الكولومبية، ودقة وبساطة التصميم الأوروبي بحكم أنه درس في جامعة أنتوورب البلجيكية ويعيش في باريس.
«بيرلوتي»، من جهة أخرى، عريقة يعود تاريخها إلى عام 1895، وظلت ملكا عائليا إلى عام 1993 حين اشترتها مجموعة «إل في آم آش»، وفي عام 2011، تولى أنطوان أرنو، ابن برنار أرنو، أغنى رجل في فرنسا ومالك المجموعة، وظيفة مدير تنفيذي فيها. لإنعاش الدار، عين أليساندرو سارتوري منذ خمس سنوات تقريبا، مؤكدا أن نظرته للموضة متفتحة لا تميل إلى المضمون السهل، على شرط ألا يثير الصدمة. عندما غادر سارتوري «بيرلوتي» مؤخرا، أكد نظرة أنطوان أرنو الصائبة، حيث ارتفعت مبيعات الدار إلى أكثر من مائة مليون يورو، مقارنة بـ30 مليون يورو قبل ذلك.
أنطوان ابن عصره، وبالتالي يعرف أن عالم الرجل يدخل مرحلة جديدة. فالرجل العصري يبحث عن أسلوب خاص يعبر به عن شخصيته وطموحاته، ولم يعد يُقبل على الأسلوب الكلاسيكي المضمون وحده، كما أن عالم الموضة الرجالية تحديدا، يتعرض لتغييرات جذرية منذ فترة.. فبعد سنوات طويلة من النمو الذي شجع وبرر إطلاق أسابيع موضة خاصة به، بدأ صناع الموضة يتراجعون ويعيدون ترتيب أوراقهم بهذا الشأن، الأمر الذي تمخض عن دمج العروض الرجالية بالنسائية، وهو ما سنراه هذا الموسم خلال عروض «بيربري»، و«بوتيغا فينيتا»، و«توم فورد».. وغيرها. قد يبدو في الأمر بعض التناقض بحكم أن صناع الموضة يرددون أن قطاع الأزياء الرجالية منتعش، لكنه تناقض بسيط تفرضه الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي فرضت تدخلا حتى لا تفلت الأمور فيما بعد، مثلما حصل عندما توسعوا في السوق الصينية بشكل مبالغ فيه، وها هم الآن يدفعون الثمن غاليا بسبب تباطئها.
من جهتهم، رحب كثير من المصممين بهذه الخطوة، مشيرين إلى أن عدد التشكيلات التي بات عليهم طرحها في كل سنة لا تُثقل كواهلهم فحسب، بل تؤثر على عملية الإبداع ونسبة الابتكار أيضا.
هايدر أكرمان، وبالتحاقه لدار «بيرلوتي» سينضم إلى لائحة من المصممين الذين التحقوا ببيوت أزياء كبيرة، نذكر منهم الأسترالي جاستين أوشيا، الذي عُين مديرا فنيا لدار «بريوني» في شهر أبريل (نيسان) الماضي، مع أنه لم يكن اسما عالميا من قبل. فالواضح أن المجموعات الكبيرة تتبع منذ فترة سياسة تبني أسماء مغمورة، ولا تحب الأضواء، حتى لا تطغى أسماؤهم على أسمار الماركات التي يُمثلونها. قد يكون المصمم جون غاليانو هو السبب، لأن اسمه خلال عهده في دار «ديور» أصبح مرادفا لاسم الدار والمؤسس إلى حد ما، وهو ما لا يروق دائما للمديرين والرؤساء التنفيذيين. طبعا تعززت هذه الظاهرة بعد اختيار مجموعة «كيرينغ» أليساندرو ميشال مصمما فنيا لدار «غوتشي» وتحقيقه نجاحات باهرة خلال فترة وجيزة، مع أنه لم يكن معروفا من قبل.
ورغم أن هايدر أكرمان لم يكن مغمورا من قبل، فإنه لم يحقق النجومية بمعناها العالمي، وهو ما يمكن أن يتغير عندما يقدم تشكيلته لـ«بيرلوتي» في يناير (كانون الثاني) من عام 2017.



الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
TT

الجينز الياباني... طرق تصنيعه تقليدية وأنواله هشة لكن تكلفته غالية

في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)
في معمل كوجيما تعكف عاملة على كي قماش الدنيم (أ.ف.ب)

تحظى سراويل الجينز اليابانية المصبوغة يدوياً بلون نيلي طبيعي، والمنسوجة على أنوال قديمة، باهتمام عدد متزايد من عشاق الموضة، الذين لا يترددون في الاستثمار في قطع راقية بغض النظر عن سعرها ما دامت مصنوعةً باليد. وعلى هذا الأساس يتعامل كثير من صُنَّاع الموضة العالمية مع ورشات يابانية متخصصة في هذا المجال؛ فهم لا يزالون يحافظون على كثير من التقاليد اليدوية في صبغ قطنه وتصنيعه من الألف إلى الياء.

يوضع القطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن لا يلوّنها وحدها بل أيضاً أيدي العاملين (أ.ف.ب)

داخل مصنع «موموتارو جينز» الصغير في جنوب غربي اليابان، يغمس يوشيهارو أوكاموتو خيوط قطن في وعاء يحتوي على سائل أزرق داكن يلوّن يديه وأظافره في كل مرّة يكرر فيها العملية. يتم استيراد هذا القطن من زيمبابوي، لكنّ الصبغة النيلية الطبيعية المستخدَمة مُستخرجةٌ في اليابان، ويؤكد أوكاموتو أنّ لونها غني أكثر من الصبغات الاصطناعية. وكانت هذه الطريقة التي يشير إلى أنها «مكلفة» و«تستغرق وقتاً طويلاً»، شائعةً لصبغ الكيمونو في حقبة إيدو، من القرن السابع عشر إلى القرن التاسع عشر.

العمل في هذه المصانع صارم فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع من صبغة إلى خياطة (أ.ف.ب)

وتشكِّل «موموتارو جينز» التي أسستها عام 2006 «جابان بلو»، إحدى عشرات الشركات المنتِجة لسراويل الجينز، ويقع مقرها في كوجيما، وهي منطقة ساحلية تشتهر بجودة سلعها الحرفية، بعيداً عن سراويل الجينز الأميركية المُنتَجة على نطاق صناعي واسع. ويقول رئيس «جابان بلو»، ماساتاكا سوزوكي، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نحن صارمون جداً فيما يتعلق بمختلف جوانب التصنيع». ويشمل ذلك «جودة الخياطة والصبغة»، ما يجعل الاعتماد على مهارات التصنيع التقليدية للحرفيين المحليين، مسألة ضرورية.

بيد أن كل ما هو منسوج يدويا ومصنوع بهذا الكم من الحرفية له تكلفته، إذ يبلغ سعر النموذج الرئيسي من الجينز الذي تنتجه «موموتارو» نحو 193 دولاراً. أما النموذج الأغلى والمنسوج يدوياً على آلة خشبية محوّلة من آلة نسج كيمونو فاخرة، فيتخطى سعره 1250 دولاراً.

يعمل أحد الحرفيين على تنفيذ بنطلون جينز باليد بصبر رغم ما يستغرقه من وقت (أ.ف.ب)

ومع ذلك، ازداد الاهتمام بما تنتجه «جابان بلو» على أساس أنها إحدى ماركات الجينز الراقية على غرار «إيفيسو»، و«شوغر كين». وتمثل الصادرات حالياً 40 في المائة من مبيعات التجزئة، كما افتتحت الشركة أخيراً متجرها السادس في كيوتو، ويستهدف السياح الأثرياء بشكل خاص. يشار إلى أن صناعة الجينز ازدهرت في كوجيما بدءاً من ستينات القرن العشرين لما تتمتع به المنطقة من باع طويل في زراعة القطن وصناعة المنسوجات. وخلال حقبة إيدو، أنتجت المدينة حبالاً منسوجة للساموراي لربط مقابض السيوف. ثم تحوّلت بعد ذلك إلى صناعة «تابي»، وهي جوارب يابانية تعزل إصبع القدم الكبير عن الأصابع الأخرى، وانتقلت فيما بعد إلى إنتاج الأزياء المدرسية.

تعدّ سراويل الجينز الياباني من بين أغلى الماركات كونها مصنوعة ومصبوغة باليد (أ.ف.ب)

ويقول مايكل بندلبيري، وهو خيّاط يدير مشغل «ذي دينيم دكتور» لتصليح الملابس في بريطانيا، إنّ سوق سراويل الجينز اليابانية «نمت خلال السنوات الـ10 إلى الـ15 الماضية». ومع أنّ محبي الجينز في الدول الغربية يبدون اهتماماً كبيراً بهذه السراويل، «لا يمكن للكثيرين تحمل تكاليفها»، بحسب بندلبيري. ويتابع قائلاً: «إن ماركات الجينز ذات الإنتاج الضخم مثل (ليفايس) و(ديزل) و(رانغلر) لا تزال الأكثر شعبية، لكن في رأيي تبقى الجودة الأفضل يابانية». ويرى في ضعف الين وازدهار السياحة فرصةً إضافيةً لانتعاش سوق هذه السراويل.

رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها فإن الأنوال القديمة لا تزال هي المستعملة احتراماً للتقاليد (أ.ف.ب)

يعزز استخدام آلات النسيج القديمة رغم هشاشتها والضجيج الذي ينبعث منها، وبالتالي لا تملك سوى رُبع قدرة أنوال المصانع الحديثة، من سمعة «موموتارو جينز» التي تعود تسميتها إلى اسم بطل شعبي محلي. وغالباً ما تتعطَّل هذه الأنوال المصنوعة في الثمانينات، في حين أنّ الأشخاص الوحيدين الذين يعرفون كيفية تصليحها تزيد أعمارهم على 70 عاماً، بحسب شيغيرو أوشيدا، وهو حائك حرفي في موموتارو.

يقول أوشيدا (78 عاماً)، وهو يمشي بين الآلات لرصد أي صوت يشير إلى خلل ما: «لم يبقَ منها سوى قليل في اليابان» لأنها لم تعد تُصنَّع. وعلى الرغم من تعقيد هذه الآلات، فإنه يؤكد أنّ نسيجها يستحق العناء، فـ«ملمس القماش ناعم جداً... وبمجرّد تحويله إلى سروال جينز، يدوم طويلاً».