كان خبر التحاق المصمم الكولومبي الأصل هايدر أكرمان، بدار «بيرلوتي» مفاجأة بكل المقاييس. فرغم أن اسمه كان مقترحًا لكثير من بيوت الأزياء؛ من «ديور» إلى «لانفان» و«ميزون مارتن مارجيلا» من قبل، فإن الأغلبية لم تكن تتوقع أن تُطلب خدماته مصمما لماركة رجالية محضة. فهايدر دخل مجال التصميم الرجالي، منذ ثلاث سنوات فحسب مقارنة بتاريخه في مجال التصميم للمرأة الذي يعود إلى عشر سنوات تقريبا. من هذا المنطلق جاء التحاقه بـ«بيرلوتي» مفاجأة، لا سيما أن أسلوبه مطبوع برومانسية تخاطب شابا حالما، بينما دار «بيرلوتي» تخاطب رجلا عمليا وناجحا. بيد أن هذا لا يمنع أن أوساط الموضة تهلل إعجابا بأسلوبه الرومانسي الحداثي منذ انطلاقته. فهو أسلوب يجمع دفء جذوره الكولومبية، ودقة وبساطة التصميم الأوروبي بحكم أنه درس في جامعة أنتوورب البلجيكية ويعيش في باريس.
«بيرلوتي»، من جهة أخرى، عريقة يعود تاريخها إلى عام 1895، وظلت ملكا عائليا إلى عام 1993 حين اشترتها مجموعة «إل في آم آش»، وفي عام 2011، تولى أنطوان أرنو، ابن برنار أرنو، أغنى رجل في فرنسا ومالك المجموعة، وظيفة مدير تنفيذي فيها. لإنعاش الدار، عين أليساندرو سارتوري منذ خمس سنوات تقريبا، مؤكدا أن نظرته للموضة متفتحة لا تميل إلى المضمون السهل، على شرط ألا يثير الصدمة. عندما غادر سارتوري «بيرلوتي» مؤخرا، أكد نظرة أنطوان أرنو الصائبة، حيث ارتفعت مبيعات الدار إلى أكثر من مائة مليون يورو، مقارنة بـ30 مليون يورو قبل ذلك.
أنطوان ابن عصره، وبالتالي يعرف أن عالم الرجل يدخل مرحلة جديدة. فالرجل العصري يبحث عن أسلوب خاص يعبر به عن شخصيته وطموحاته، ولم يعد يُقبل على الأسلوب الكلاسيكي المضمون وحده، كما أن عالم الموضة الرجالية تحديدا، يتعرض لتغييرات جذرية منذ فترة.. فبعد سنوات طويلة من النمو الذي شجع وبرر إطلاق أسابيع موضة خاصة به، بدأ صناع الموضة يتراجعون ويعيدون ترتيب أوراقهم بهذا الشأن، الأمر الذي تمخض عن دمج العروض الرجالية بالنسائية، وهو ما سنراه هذا الموسم خلال عروض «بيربري»، و«بوتيغا فينيتا»، و«توم فورد».. وغيرها. قد يبدو في الأمر بعض التناقض بحكم أن صناع الموضة يرددون أن قطاع الأزياء الرجالية منتعش، لكنه تناقض بسيط تفرضه الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي فرضت تدخلا حتى لا تفلت الأمور فيما بعد، مثلما حصل عندما توسعوا في السوق الصينية بشكل مبالغ فيه، وها هم الآن يدفعون الثمن غاليا بسبب تباطئها.
من جهتهم، رحب كثير من المصممين بهذه الخطوة، مشيرين إلى أن عدد التشكيلات التي بات عليهم طرحها في كل سنة لا تُثقل كواهلهم فحسب، بل تؤثر على عملية الإبداع ونسبة الابتكار أيضا.
هايدر أكرمان، وبالتحاقه لدار «بيرلوتي» سينضم إلى لائحة من المصممين الذين التحقوا ببيوت أزياء كبيرة، نذكر منهم الأسترالي جاستين أوشيا، الذي عُين مديرا فنيا لدار «بريوني» في شهر أبريل (نيسان) الماضي، مع أنه لم يكن اسما عالميا من قبل. فالواضح أن المجموعات الكبيرة تتبع منذ فترة سياسة تبني أسماء مغمورة، ولا تحب الأضواء، حتى لا تطغى أسماؤهم على أسمار الماركات التي يُمثلونها. قد يكون المصمم جون غاليانو هو السبب، لأن اسمه خلال عهده في دار «ديور» أصبح مرادفا لاسم الدار والمؤسس إلى حد ما، وهو ما لا يروق دائما للمديرين والرؤساء التنفيذيين. طبعا تعززت هذه الظاهرة بعد اختيار مجموعة «كيرينغ» أليساندرو ميشال مصمما فنيا لدار «غوتشي» وتحقيقه نجاحات باهرة خلال فترة وجيزة، مع أنه لم يكن معروفا من قبل.
ورغم أن هايدر أكرمان لم يكن مغمورا من قبل، فإنه لم يحقق النجومية بمعناها العالمي، وهو ما يمكن أن يتغير عندما يقدم تشكيلته لـ«بيرلوتي» في يناير (كانون الثاني) من عام 2017.
هايدر أكرمان مصممًا في دار «بيرلوتي»
هايدر أكرمان مصممًا في دار «بيرلوتي»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة