الأحزاب الإسلامية تستعين بالتكنوقراط للتأثير على الناخب جنوب العراق

تجاوز عددهم نصف المرشحين.. والألقاب العلمية برزت في الدعاية الانتخابية

الأحزاب الإسلامية تستعين بالتكنوقراط للتأثير على الناخب جنوب العراق
TT

الأحزاب الإسلامية تستعين بالتكنوقراط للتأثير على الناخب جنوب العراق

الأحزاب الإسلامية تستعين بالتكنوقراط للتأثير على الناخب جنوب العراق

عند التجول في مدينة البصرة، مركز كبرى محافظات جنوب العراق، تجد أن شوارعها امتلأت بالدعاية الانتخابية التي طغى عليها بروز الألقاب العلمية والأكاديمية في ظاهرة تعد مميزة لكثرة مشاركة التكنوقراط وخاصة مع الأحزاب الإسلامية كمرشحين في الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة المزمع إجراؤها في 30 أبريل (نيسان) الحالي.
وفي الوقت الذي وصف فيه قاض ووزير سابق عن محافظة البصرة لجوء تلك الأحزاب للتكنوقراط بـ«التحايل» للتأثير على الناخب، أكدت إحدى المرشحات من التكنوقراط أن فرص النجاح ستكون أكبر وخاصة لأصحاب الكفاءات وأن التغيير قادم. وقال الوزير السابق القاضي وائل عبد اللطيف إن «هناك فسادا كبيرا حدث في العراق جراء سياسات الأحزاب وخاصة التي تحمل الصبغة الدينية حيث أفسدوا العملية السياسية عندما زجوا بشخصيات بائسة وجعلوهم يتولون مناصب بالدولة لذا نجدهم اليوم يلجأون للتكنوقراط حتى يحسنوا صورهم».
وأضاف عبد اللطيف، وهو مرشح للانتخابات المقبلة في البصرة، أن «تلك الأحزاب ضمنت في قوائمها شخصيات من التكنوقراط للاستفادة من برامجهم الانتخابية لكنها احتفظت بشخوصها في تلك الكتل السياسية أو أنهم شكلوا ثلاث أو أربع قوائم رديفة بتمويل لا نعرف من أين حصلوا عليه للتأثير على الناخب البسيط وإيهامه بأن تلك القوائم مستقلة». وتابع أن «على تلك الأحزاب الدينية الابتعاد عن السياسة والتوجه إلى مؤسساتهم الاجتماعية لأن العراق فشل بسببهم حيث إن أداءهم في المؤسسات الحكومية كان فاشلا، فلبناء دولة مدنية، دولة مؤسسات، يجب إبعاد تلك المؤسسات عن السياسة».
إلى ذلك، قالت القاضية رغد مؤيد الكناني إحدى المرشحات من التكنوقراط «نعتقد أن حظوظ التكنوقراط في الانتخابات المقبلة ستكون أفضل وخاصة أن الناخب العراقي في عام 2014 يختلف عن الناخب في عام 2010 حيث أصبح هناك وعي كبير للشعب ومعرفة بمن سيخدمه ويقدم له حكومة قوية لتنفذ برامج جيدة ترفع من مستوى الخدمات وتقضي على البطالة، وهذه تتمثل في اختيار التكنوقراط القادرين على إنقاذ العراق بعد فشل حكومات الأحزاب والمحاصصة».
وأضافت الكناني، وهي خريجة المعهد القضائي العالي عام 2007، أن «الكتل السياسية وخاصة الكبيرة منها لجأت إلى التكنوقراط في هذه الانتخابات بعد قراءتهم للشارع وميول الكثير من الناخبين للتغيير، لذا وجدوا في التكنوقراط السبيل لتحسين صورتهم، لكن أنا لديّ إيمان بأن التكنوقراط سيكونون في حال فوزهم ليسوا واجهة للأحزاب وإنما واجهة لشعب يؤمن بضرورة التغيير»، مشيرة إلى أن «توجه الشارع سيكون مع الأفضل، مع القادر على تنفيذ برامج ومشروعات ستخدمه خلال السنوات الأربع المقبلة، لذا أعتقد أن التوجه سيكون مع التكنوقراط، فورقة المحاصصة والطائفية والتخندق الحزبي بدت منبوذة لدى الغالبية من الناخبين، والتغيير سيحصل إذ ما استطاع التكنوقراط إقناع البقية من الناخبين بضرورة التغيير والقضاء على الفساد وعدم اختيار الباحثين عن فرص الفائدة المادية على حساب مصلحة الشعب».
من جهته، قال المرشح المهندس علي الفرطوسي، إن «الناخب لديه توجه وقناعة نحو التغيير باختيار وجوه جديدة من ذوي الخبرة والاختصاص ومن أصحاب الكفاءة والنزاهة ممن يمتلك المؤهلات والإمكانات وبذلك ستكون الفرصة أفضل للتكنوقراط من أي وقت مضى».
وأضاف الفرطوسي، وهو رئيس مهندسين أقدم ومدير لمعهد النفط في البصرة، أن «الكتل السياسية الكبيرة تسعى لحكومة أغلبية لأنه لا يمكن أن يبنى العراق بدولة المحاصصة وحتى يأخذ الجميع موقعه في الحكومة داخل المؤسسات أو البرلمان من دون تهميش لأي مكون بالاحتكام للهوية الوطنية وتتحمل المعارضة مسؤوليتها الرقابية في دولة الأغلبية السياسية مع الوطن والشعب».



مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».