الأسواق المالية تنحاز لكلينتون.. وتحسن أسهم «المخاطر العالية»

«التجارة العالمية»: النمو في 2016 هو الأبطأ منذ «الأزمة»

البيزو المكسيكي تحول إلى التحسن عقب المناظرة بعد فترة من التراجع خوفًا من فوز ترامب (أ.ف.ب)
البيزو المكسيكي تحول إلى التحسن عقب المناظرة بعد فترة من التراجع خوفًا من فوز ترامب (أ.ف.ب)
TT

الأسواق المالية تنحاز لكلينتون.. وتحسن أسهم «المخاطر العالية»

البيزو المكسيكي تحول إلى التحسن عقب المناظرة بعد فترة من التراجع خوفًا من فوز ترامب (أ.ف.ب)
البيزو المكسيكي تحول إلى التحسن عقب المناظرة بعد فترة من التراجع خوفًا من فوز ترامب (أ.ف.ب)

خاض مرشحا الانتخابات الرئاسية الأميركية الجمهوري دونالد ترامب، والديمقراطية هيلاري كلينتون، فجر أمس الثلاثاء مواجهة نارية، تبادلا خلالها الاتهامات في الكثير من الملفات، في مناظرة هي الأولى بينهما من بين ثلاث مناظرات تسبق الانتخابات المقررة في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني)، والتي تأتي قبل ستة أسابيع من موعد انتخابات لا يعرف بتاتًا كيف ستنتهي.
وخلال هذه المناظرة التي استضافتها جامعة هوفسترا قرب نيويورك، رحبت الأسواق المالية العالمية أمس بأداء المرشحة الديمقراطية كلينتون، إذ شهدت الأسهم والعملات ذات المخاطر العالية تحسنًا بعدما اعتبر مستثمرون أنها تقدمت على منافسها الجمهوري ترامب.
وانعكس تفوق كلينتون على منافسها في مناظرة استمرت 90 دقيقة، إيجابًا في أبرز الأسواق، ولكن على العكس جاءت الأسواق الأميركية بافتتاحية غير متوقعة مع خيبة آمال من التوصل إلى اتفاق نفطي في الجزائر.. فيما شهدت أسواق أخرى نشاطًا ملحوظًا بعد تراجعات سابقة.
وقال ديفيد سميث، المحلل الاقتصادي، في تعليقه لـ«الشرق الأوسط»، إن مناظرة كلينتون وترامب «بالتأكيد أغرب وأعنف مناظرة رئاسية في تاريخ الولايات المتحدة».
وأكد سميث أنه لا توجد عودة لخسائر الفترة القليلة الماضية، فقد شهدت الأسواق تقلبًا عنيفًا على مدار الأسبوعين الماضيين؛ خوفًا من فوز ترامب في الانتخابات.
وعلى الرغم من التراشق المتوقع وتبادل «اللكمات» السياسية من كلا الجانبين خلال المناظرة دون سقوط واضح بضربات قاضية، فإن الأسواق المالية أعلنت فوز كلينتون في تلك الجولة، فقد سلم المستثمرون بأفضلية المرشحة الديمقراطية والتي بدت أكثر رسوخًا في مواجهة القضايا الرئيسية.
وفتحت الأسهم الأميركية على انخفاض طفيف، بفعل تأثر أسهم شركات الطاقة بتراجع أسعار النفط، مع تبدد الآمال بشأن التوصل إلى اتفاق لتقليص تخمة المعروض من الخام، وتراجع مؤشر داو جونز الصناعي بواقع 16.4 نقطة أو ما يعادل 0.09 في المائة إلى 18078 نقطة. وانخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بمقدار 2.35 نقطة أو ما يوازي 0.11 في المائة إلى 2143 نقطة، وهبط مؤشر ناسداك المجمع بمقدار 4.13 نقطة أو 0.08 في المائة إلى 5253 نقطة.
فيما تعافت الأسهم الأوروبية من أقل مستوى في أسبوع مقتدية بمكاسب في آسيا، حيث ارتفعت الأسهم بفضل اعتقاد المتعاملين في السوق بأن المرشحة الديمقراطية كلينتون فازت في أول مناظرة في سباق الرئاسة في الولايات المتحدة، ويبدو أن عددًا كبيرًا من المستثمرين يفضلون رئاسة كلينتون؛ بينما ينتاب الأغلبية الشكوك بشأن ما تعنيه رئاسة ترامب للتجارة الدولية والاقتصاد المحلي، فيما أظهر استطلاع لشبكة «سي أن إن» أن 62 في المائة من المشاهدين يعتقدون أن كلينتون فازت في المناظرة، مقابل 27 في المائة يعتقدون أن ترامب كان هو الفائز.
وارتفع مؤشر البنوك الكبرى في أوروبا بما نسبته 0.9 في المائة وسجل أكبر مكاسب، بينما صعدت أسهم شركات السفر والرحلات بنحو 0.8 في المائة، وارتفع مؤشر ستوكس 600 للشركات الأوروبية 0.5 في المائة، وصعد مؤشر داكس الألماني 0.6 في المائة، وكل من فايننشال تايمز البريطاني وكاك الفرنسي بنحو 0.7 في المائة.
وأغلقت سوق طوكيو بارتفاع بنحو 0.8 في المائة في تحول واضح للنمط، بالمقارنة مع الافتتاح على تراجع، فيما استعادت سوق سيدني النشاط بعد تراجع أولي، فيما افتتحت بورصة هونغ كونغ تعاملاتها بارتفاع 0.5 في المائة، غبر أنها قفزت في فترة بعد الظهر لتقفل على ارتفاع بأكثر من واحد في المائة، كما أقفلت بورصة شنغهاي على ارتفاع بـ0.6 في المائة بعد ضبابية خلال النهار، وجاء أداء سيول وبانكوك وسنغافورة إيجابيًا أيضًا.
وعلق مايكل ماكارثي، المحلل لدى «سي إم سي ماركس» لوكالة «بلومبورغ نيوز»، قائلاً إن «مستقبل الولايات المتحدة أصبح أكثر وضوحًا بعد المناظرة، وأعتقد أن هذا أحد العوامل» لانتعاش الأسواق الآسيوية، وأضاف: «على الصعيد السياسي، لا شك في تقدم كلينتون لجهة النبرة والحضور. هذا تقييمي حتى الآن».
على صعيد العملات الأجنبية، سجل الين - عملة الملاذ الآمن - تراجعًا، بينما تحسنت عملات الأسواق الناشئة وغيرها من العملات؛ إذ كان المستثمرون أكثر اطمئنانًا إزاء العملات ذات المخاطر.
كما تحسن البيزو المكسيكي بعدما تراجع بشكل قياسي وارتفع نحو 2 في المائة ليصل إلى 19.4391 في مقابل الدولار، وشهدت العملة المكسيكية تراجعا قبل المناظرة، نظرا إلى المخاوف من أن رئاسة ترامب قد تؤثر في العلاقات السياسية والاقتصادية مع الدولة الجارة.
وفي هذا السياق، قال رئيس الأبحاث الإقليمية في مجموعة أستراليا ونيوزيلندا المصرفية في سنغافورة كون غوه، إنه «نظرًا إلى أن البيزو المكسيكي كان العملة الأكثر حساسية لنتائج الانتخابات الأميركية، عاد إلى الصدارة مع رد فعل الأسواق المالية على المناظرة».
ووافق أنغوس نيكولسون، المحلل لدى «آي جي ليمتد» في ملبورن، على أن التغير السريع في الأسواق قد يكون انعكاسًا للأداء الجيد لكلينتون، وأضاف في حديثه لوكالة بلومبرغ أن «ترامب يعتبر إلى حد كبير عاملا سلبيا للأسواق. وبالتأكيد فإن أداءه السيئ في المناظرة سيعيد طمأنة الكثير من المستثمرين. لكن الوقت لا يزال مبكرًا بعد».
وسيستأنف المرشحان للبيت الأبيض حملتيهما في ولايات تعتبر حاسمة لانتخابات نوفمبر المقبل بعد أول مناظرة تلفزيونية حامية بينهما أعطت زخمًا للمرشحة الديمقراطية.
ولا يزال يتعين معرفة ما إذا كانت المناظرة ستترك أثرًا في الأميركيين الذين لم يحسموا خيارهم بعد قبل 42 يومًا من الانتخابات. وأظهرت استطلاعات الرأي في وقت سابق تقاربًا في السباق، حيث نالت هيلاري كلينتون 43 في المائة من نيات التصويت مقابل 41,5 في المائة لترامب، بحسب المعدل الذي احتسبه موقع «ريل كلير بوليتيكس».
وندد ترامب خلال المناظرة باتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية التي وقعها الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1993، محاولاً وضع هيلاري زوجة كلينتون في موقف دفاعي، وقال إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي ستكون أسوأ.
وقالت كلينتون عن اتفاقية الشراكة عبر الهادئ التي أيدتها عندما كانت وزيرة للخارجية لكنها تعارضها حاليًا: «تمنيت أن تكون اتفاقية جيدة.. لكنني خلصت إلى أنها لم تكن كذلك». وأوضحت كلينتون أنها سوف تقيم الاتفاقيات التجارية بناء على ما إذا كانت ستخلق فرص عمل.
* مستقبل النمو العالمي:
لكن السؤال الذي يطرح نفسه حاليًا هل كانت المناظرة الأولى بداية لتلقى لمحة لظهور توقعات الفائز في الرئاسة لدعم معدلات النمو العالمية، خاصة في ظل تخفيض منظمة التجارة العالمية لتقديرات النمو في عام 2016، محذرة من أنه سيكون «الأبطأ منذ الأزمة المالية».
وتفيد التقديرات الأخيرة للمنظمة بأن التجارة العالمية ستسجل نموًا نسبته 1.7 في المائة هذه السنة، أي أقل بشكل واضح من النمو الذي كان مقدرًا بـ2.8 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي.
وقالت منظمة التجارة في بيان، إن هذا التباطؤ «يأتي بعد انخفاض أكبر مما كان متوقعا في حجم تجارة البضائع في الفصل الأول (- 1,1 في المائة من فصل إلى آخر وفق معدل الصادرات والواردات المصححة للتبادلات الموسمية)، وانتعاش أقل مما كان متوقعًا في الفصل الثاني (+0,3) في المائة».
وترى المنظمة أن السبب هو خصوصا تباطؤ نمو إجمالي الناتج الداخلي والتجارة في الاقتصادات النامية مثل الصين والبرازيل وكذلك أميركا الشمالية، وخفضت المنظمة تقديراتها لعام 2017 أيضًا، مشيرة إلى أن نمو التجارة سيتراوح بين 1,8 في المائة و3,1 في المائة، مقابل 3,6 في المائة في التقديرات السابقة.
ونقل البيان عن المدير العام للمنظمة روبرتو ازيفيدو أن «التباطؤ المدهش لنمو التجارة خطير ويفترض أن يشكل ناقوس خطر». وأضاف أن «ما يثير القلق خصوصا هو العداء المتزايد للعولمة».
من جهة أخرى، تتوقع المنظمة أن يرتفع إجمالي الناتج الداخلي الواقعي في العالم بنسبة 2,2 في المائة في 2016.
وتدل مؤشرات كثيرة إلى تحسن التجارة العالمية في النصف الثاني من العام، بما في ذلك حركة مرافئ الحاويات أو زيادة طلبيات التصدير في الولايات المتحدة، وقالت المنظمة: «لكن عددًا من الشكوك تحيط بآفاق بقية السنة والسنة المقبلة، بينها التقلبات المالية الناجمة عن التغييرات التي تطال السياسة النقدية للدول المتطورة، والآثار الممكنة للتصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
وخلال المناظرة، هدد ترامب باستخدام التعريفات الجمركية لتضيق العجز التجاري، في حين حذرت كلينتون من هذا الإجراء، وقالت إنه «قد يشعل حربًا تجارية»، الأمر الذي يرجح كفة كلينتون لصالح دعم التجارة العالمية لإتمام الاتفاقات التجارية للولايات المتحدة المتوقفة.



الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تتوقع نمواً اقتصادياً عالمياً ضعيفاً في 2025

جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)
جانب من حي مانهاتن في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

قالت الأمم المتحدة، في وقت متأخر، يوم الخميس، إن الاقتصاد العالمي قاوم الضربات التي تعرَّض لها بسبب الصراعات والتضخم، العام الماضي، وإنه من المتوقع أن ينمو بنسبة ضعيفة تبلغ 2.8 في المائة في 2025.

وفي تقرير «الوضع الاقتصادي العالمي وآفاقه (2025)»، كتب خبراء اقتصاد الأمم المتحدة أن توقعاتهم الإيجابية كانت مدفوعة بتوقعات النمو القوية، وإن كانت بطيئة للصين والولايات المتحدة، والأداء القوي المتوقع للهند وإندونيسيا. ومن المتوقَّع أن يشهد الاتحاد الأوروبي واليابان والمملكة المتحدة انتعاشاً متواضعاً، كما يقول التقرير.

وقال شانتانو موخيرجي، رئيس فرع مراقبة الاقتصاد العالمي في قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة: «نحن في فترة من النمو المستقر والضعيف. قد يبدو هذا أشبه بما كنا نقوله، العام الماضي، ولكن إذا دققنا النظر في الأمور، فستجد أن الأمور تسير على ما يرام».

ويقول التقرير إن الاقتصاد الأميركي تفوق على التوقعات، العام الماضي، بفضل إنفاق المستهلكين والقطاع العام، لكن من المتوقَّع أن يتباطأ النمو من 2.8 في المائة إلى 1.9 في المائة هذا العام.

ويشير التقرير إلى أن الصين تتوقع تباطؤ نموها القوي قليلاً من 4.9 في المائة في عام 2024 إلى 4.8 في المائة في عام 2025، وذلك بسبب انخفاض الاستهلاك وضعف قطاع العقارات الذي فشل في تعويض الاستثمار العام وقوة الصادرات. وهذا يجبر الحكومة على سن سياسات لدعم أسواق العقارات ومكافحة ديون الحكومات المحلية وتعزيز الطلب. ويشير التقرير إلى أن «تقلص عدد سكان الصين وارتفاع التوترات التجارية والتكنولوجية، إذا لم تتم معالجته، قد يقوض آفاق النمو في الأمد المتوسط».

وتوقعت الأمم المتحدة، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يبلغ النمو الاقتصادي العالمي 2.4 في المائة في عام 2024. وقالت، يوم الخميس، إن المعدل كان من المقدَّر أن يصبح أعلى، عند 2.8 في المائة، ويظل كلا الرقمين أقل من معدل 3 في المائة الذي شهده العالم قبل بدء جائحة «كوفيد - 19»، في عام 2020.

ومن المرتقب أن ينتعش النمو الأوروبي هذا العام تدريجياً، بعد أداء أضعف من المتوقع في عام 2024. ومن المتوقَّع أن تنتعش اليابان من فترات الركود والركود شبه الكامل. ومن المتوقَّع أن تقود الهند توقعات قوية لجنوب آسيا، مع توقع نمو إقليمي بنسبة 5.7 في المائة في عام 2025، و6 في المائة في عام 2026. ويشير التقرير إلى أن توقعات النمو في الهند بنسبة 6.6 في المائة لعام 2025، مدعومة بنمو قوي في الاستهلاك الخاص والاستثمار.

ويقول التقرير: «كان الحدّ من الفقر العالمي على مدى السنوات الثلاثين الماضية مدفوعاً بالأداء الاقتصادي القوي. وكان هذا صحيحاً بشكل خاص في آسيا؛ حيث سمح النمو الاقتصادي السريع والتحول الهيكلي لدول، مثل الصين والهند وإندونيسيا، بتحقيق تخفيف للفقر غير مسبوق من حيث الحجم والنطاق».

وقال لي جون هوا، مدير قسم التحليل الاقتصادي والسياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية: «لقد تجنَّب الاقتصاد العالمي إلى حد كبير الانكماش واسع النطاق، على الرغم من الصدمات غير المسبوقة في السنوات القليلة الماضية، وأطول فترة من التشديد النقدي في التاريخ». ومع ذلك، حذر من أن «التعافي لا يزال مدفوعاً في المقام الأول بعدد قليل من الاقتصادات الكبيرة».