مسؤولون أميركيون: دول داعمة للمعارضة السورية ستوفر صواريخ مضادة للطائرات

المتحدث باسم الخارجية قال إن الدبلوماسية خيارنا الوحيد.. والتسليح سيؤدي إلى التصعيد

مسؤولون أميركيون: دول داعمة للمعارضة السورية ستوفر صواريخ مضادة للطائرات
TT

مسؤولون أميركيون: دول داعمة للمعارضة السورية ستوفر صواريخ مضادة للطائرات

مسؤولون أميركيون: دول داعمة للمعارضة السورية ستوفر صواريخ مضادة للطائرات

قال مسؤولون أميركيون إن انهيار أحدث اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا زاد من احتمال قيام الدول الحليفة للمعارضة بتسليحها بصواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف للدفاع عن أنفسهم في مواجهة الطائرات السورية والروسية. في حين أشار مسؤول بالخارجية، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الإدارة الأميركية لا تزال تعتقد أنه لا يوجد حل عسكري في سوريا وأن المزيد من التسليح سيؤدي إلى تصعيد الصراع ومزيد من سفك الدماء. وأكد المسؤول الأميركي أن الدبلوماسية هي الخيار والنهج الأفضل لإدارة الأزمة السورية وأن على روسيا الالتزام بتنفيذ تعهداتها.
وكان تقرير لوكالة «رويترز» نقلا عن مسؤولين أميركيين، أمس، تحدث عن احتمالات عالية للتوجه نحو تسليح المعارضة السورية بأنظمة دفاعية متقدمة، وأشار التقرير إلى أن واشنطن حالت دون وصول كميات كبيرة من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف إلى سوريا، بغرض توحيد الحلفاء الغربيين والعرب خلف هدف تقديم التدريب وأسلحة المشاة لجماعات المعارضة المعتدلة مع مواصلة الولايات المتحدة المحادثات مع موسكو.
وقال مسؤول أميركي ثان إن «الدول الحليفة للمعارضة تعتقد أن السبيل الأمثل لإقناع الروس بالتراجع - وهو ما أفلح في أفغانستان قبل نحو 30 عاما - هو تحييد قوتهم الجوية بتزويد المقاتلين بأنظمة الدفاع الجوي المحمولة».
وتابع يقول: «تمكنا حتى الآن من إقناعهم بأن مخاطر ذلك أكبر في يومنا هذا، لأننا لا نتعامل مع الاتحاد السوفياتي وإنما مع زعيم روسي عازم على إعادة بناء القوة الروسية ومن غير المرجح أن يتراجع»، في إشارة إلى الرئيس فلاديمير بوتين.
وتحطمت أحدث محاولة أميركية لإنهاء الحرب السورية المستمرة منذ خمس سنوات ونصف في 19 سبتمبر (أيلول)، عندما تعرضت قافلة مساعدات إنسانية للقصف في هجوم وألقت واشنطن باللوم على طائرات روسية، فيما نفت روسيا ضلوعها في الحادث.
ولا تزال الحكومة الأميركية تعتقد أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لإنهاء حمام الدم بعدما كثفت قوات سوريا مدعومة من روسيا قصفها لشرق حلب المعقل الحضري الرئيسي الذي يسيطر عليه المعارضون.
ومع استمرار روسيا والنظام السوري في قصف المدنيين في حلب دون تحرك حاسم من قبل واشنطن، زادت الاحتمالات أن تسعى دول إلى تزويد جماعات المعارضة بتلك الأسلحة المضادة للطائرات. وتتمثل إحدى عواقب الفشل الدبلوماسي الأخير في زيادة إمدادات الأسلحة لفصائل المعارضة المسلحة، بما يشمل صواريخ مضادة للطائرات تطلق من على الكتف وهو ما منعت الولايات المتحدة - إلى حد بعيد - حدوثه حتى الآن.
وقال مارك تونر، المتحدث باسم الخارجية الأميركية، خلال المؤتمر الصحافي، مساء أول من أمس: «ما زلنا ملتزمين بمواصلة العملية الدبلوماسية. إنها حقا السبيل الوحيد للخروج من الفوضى في سوريا، وكما قال الوزير كيري إن ما يحدث في حلب غير مقبول وإنه من الصعب أن نتحدث عن حكومة انتقالية أو عملية تفاوض بينما تتعرض المعارضة والمدنيون للقصف في حلب».
وشدد تونر على أن «النظام، وربما إلى حد ما روسيا، يعتقدان أن هناك حلا عسكريا في سوريا؛ ولذا من الصعب متابعة عملية دبلوماسية إذا سار الطرفان على هذا السيناريو».
وعندما سئل تونر: هل الولايات المتحدة مستعدة لفعل شيء بخلاف المفاوضات لمحاولة وقف العنف؟، لم يوضح خطوات أخرى، لكنه أكد أن «واشنطن لا ترغب في أن يضخ أحد المزيد من الأسلحة للاستخدام في الصراع»، مشيرا إلى أن كل المناقشات تدور داخل الوكالات الأميركية حول الخيارات المتاحة، وأصر على أن العملية الدبلوماسية هي الخيار الأفضل لدى الإدارة، وتحت إلحاح الصحافيين عن الخيارات الأخرى بعد فشل الخيار الدبلوماسي، قال تونر: «سياستنا في سوريا الآن هي السعي لعملية دبلوماسية من خلال مجموعة دعم سوريا، ومن خلال الحوار المباشر مع روسيا لجلب بعض المصداقية للعملية ولم نصل بعد لذلك، لكنه الخيار الذي سنواصل متابعته»، وأضاف: «هناك أولئك الذين يدعمون جماعات المعارضة داخل سوريا قد يسعون إلى تسليحهم لكن النتيجة لن تكون سوى التصعيد في قتال مروع بالفعل... الأمور قد تتحول من سيئ إلى أسوأ بكثير».
غير أن مسؤولا آخر بالإدارة الأميركية، قال إن «المعارضة لها الحق في الدفاع عن نفسها ولن تترك دون دفاع في مواجهة هذا القصف العشوائي». وأشار المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه إلى أن «حلفاء وشركاء» آخرين للولايات المتحدة يشاركون في المحادثات الأميركية الروسية لإيجاد حل للحرب.
وقال المسؤول بالإدارة الأميركية: «لا نعتقد أنهم سينظرون بلا مبالاة إلى الأعمال الشائنة التي شاهدناها في الساعات الاثنتين والسبعين الماضية»، مضيفا أنه لن يعلق بشأن «قدرات محددة قد يتم ضمها إلى المعركة». ورفض الإفصاح عن مزيد من التفاصيل.
وسعى الرئيس الأميركي باراك أوباما لتجنب الدخول في حرب أخرى بالشرق الأوسط، ويبدو أنه من غير المرجح أن يفعل ذلك في شهوره الأخيرة في السلطة. ويقول منتقدون لأوباما إن تردد البيت الأبيض في استخدام القوة عرقل الدبلوماسية الأميركية.
وقال عضوا مجلس الشيوخ الجمهوريان جون مكين ولينزي جراهام، في بيان: «الدبلوماسية في غياب وسيلة ضغط، هي وصفة للفشل». وأضافا: «بوتين والأسد لن يفعلا ما نطلبه منهما بدافع من طيب قلبيهما أو بدافع من الاهتمام بمصلحتنا أو بمعاناة الآخرين... يجب إرغامهما وهذا يتطلب قوة... الحرب والرعب واللاجئون وعدم الاستقرار... كل هذا سيستمر إلى أن تكون الولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ خطوات لتغيير الأوضاع على الأرض في سوريا».
من جانبه، اتهم جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض، الروس باستهداف إمدادات المياه في شرق حلب التي تستخدمها مخيمات اللاجئين وقوافل المساعدات و«أصحاب الخوذ البيضاء»، وهي جماعة مدنية تسعى لإنقاذ ضحايا الضربات الجوية. وقال إرنست للصحافيين: «فكرة استخدام الوصول إلى إمدادات المياه النظيفة للمدنيين باعتبارها سلاحا لا يمكن تصورها».
وقالت سارة مورجان، مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش في واشنطن، إن الأفعال التي زعم إرنست حدوثها «تشكل جميعا جرائم حرب بموجب القانون الدولي».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.