لبنان: الحريري يدرس «كل الخيارات» بجدية لكن فرنجية ما يزال مرشحه للرئاسة

لبنان: الحريري يدرس «كل الخيارات» بجدية لكن فرنجية ما يزال مرشحه للرئاسة
TT

لبنان: الحريري يدرس «كل الخيارات» بجدية لكن فرنجية ما يزال مرشحه للرئاسة

لبنان: الحريري يدرس «كل الخيارات» بجدية لكن فرنجية ما يزال مرشحه للرئاسة

بات في حكم المؤكد أن الجلسة المقرر أن يعقدها البرلمان اللبناني يوم غد لانتخاب رئيس للجمهورية، لن تنجح في سد الفراغ في منصب الرئاسة الشاغر منذ 25 مايو (أيار) 2014. بعد أن سقطت الرهانات مرة جديدة على تفاهم يأتي برئيس تكتل الإصلاح والتغيير العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية، وبالتالي استمرار كتلته بالتعاون مع كتلة «حزب الله» في منع الوصول إلى النصاب القانوني للجلسة البرلمانية.
وفيما يفترض أن تحرّك عودة زعيم تيار «المستقبل»، ورئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري إلى بيروت، المياه الراكدة في ملف الفراغ الرئاسي، إلا أن كل التكهنات التي سبقت وتلت عودة الحريري حول إمكانية حمله مبادرة تخرج الأزمة الرئاسية المستمرة منذ سنتين وأربعة أشهر من عنق الزجاجة.
وقالت مصادر رفيعة في كتلة نواب «المستقبل» التي يرأسها الحريري لـ«الشرق الأوسط»، إن «زعيم الكتلة يدرس كل الخيارات بجدية وبترو، لكن نواب الكتلة سوف ينزلون إلى الجلسة المقررة لانتخاب رئيس الجمهورية للتصويت للمرشح سليمان فرنجية انسجاما مع الموقف المتخذ. وأوضحت أن الحريري يتأنى في اتخاذ قراره بانتظار صدور قراءة متأنية لكل الأوضاع داخل التيار والكتلة ومع القوى السياسية كلها وصولا إلى الأرضية المشتركة التي تخدم المصلحة الوطنية العليا». وأشارت المصادر إلى أن نواب الكتلة سوف يتقيدون جميعا بموقف الرئيس الحريري عندما يتخذه لأنه لن يفرضه عليهم، بل سوف يتخذه بالتشاور معهم. وعشية الجلسة الـ46 لانتخاب الرئيس المقررة يوم غدٍ الأربعاء، فإن الأجواء توحي بأنها لن تفضي إلى جديد، وهي محكومة بتأجيل إضافي كسابقاتها، وفيما تترقب الأوساط اللبنانية، الموقف الذي ستخرج به كتلة نواب «المستقبل» بعد اجتماعها الذي يُعقد عصر اليوم، والذي لم يحسم ما إذا كان سيرأسها الحريري أو الرئيس فؤاد السنيورة. أوضح عضو الكتلة النائب أحمد فتفت أن يكون اجتماع الكتلة عصر اليوم «مناسبة لعرض آخر التطورات، لا سيما ما يتعلّق بالملف الرئاسي». وتوقع فتفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا تحمل الساعات التي تسبق موعد جلسة انتخاب الرئيس غدًا الأربعاء أي جديد». وقال: «ما زلنا في مرحلة تشاور، وهناك مروحة من اللقاءات سيجريها الرئيس الحريري مع المعنيين بهذا الملف، وفي ضوئها يتحدد المسار الذي ستسلكه الأمور». وعن مدى صحة التسريبات التي تتحدث عن عودة الحريري بقناعة تفضي إلى تأييده انتخاب عون رئيسًا للجمهورية، أجاب فتفت «أنا لست بهذا الجوّ، ولا أعتقد أن شيئا تغيّر حتى تتبدل قناعاتنا»، داعيًا إلى عدم «استباق نتائج المشاورات التي سيجريها الرئيس الحريري مع عدد من المسؤولين، خصوصا أن هذه المشاورات بدأت بعيدًا عن الإعلام».
أما النائب ميشال موسى، عضو كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، فرأى أن «الحلول الأفرادية لكل مسألة على حدة لن توصل إلى نتيجة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحلّ لن يكون إلا بالسلة الشاملة التي طرحها الرئيس بري، لأنها تشكّل المسار الذي يؤدي إلى بلورة تفاهم وطني على كل القضايا العالقة، بدءًا من انتخاب رئيس للجمهورية إلى قانون الانتخابات إلى الحكومة وغيرها». وإذ رأى موسى أن «الأزمة حتى الآن تراوح مكانها»، لفت إلى أن «الاتصالات لا تزال قائمة». وأمل في أن «تساعد عودة الرئيس سعد الحريري في تفعيل المشاورات، وأن تفضي إلى نتيجة إيجابية». من جهته، رأى حزب «الكتائب اللبنانية»، بعد اجتماع مكتبه السياسي، أن «جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في 28 من هذا الشهر الحالي (غدًا) يجب أن تكون جلسة مكتملة نصابًا واقتراعًا، وأن تكون عملية دستورية دون ترهيب وترغيب ومحاصصة». وقال: «لا أحد يملك سلطان تعطيل البلاد، ولا أحد يملك سلطة ابتزاز اللبنانيين وتوزيع المواقع الدستورية أو حجبها أو تجييرها، وعلى الجميع أن يعي أن السيادة ليست تفصيلا في الحياة السياسية وهي التي تؤمن استمرارية المؤسسات والدولة على أسس سيادية تضمن الولاء للبنان مدخلا للدولة القادرة». وفي رفضٍ مبطن لانتخاب عون رئيسًا للجمهورية، أكد حزب «الكتائب»، استمراره في «رفض انتخاب أي مرشح لا يحمل مشروعا سياديا وطنيا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم