تواجه محافظات العراق خطرًا كبيرًا بسبب تفشي ظاهرة تعاطي المخدرات، وامتدت الظاهرة أخيرًا إلى محافظة الأنبار التي تحررت مدنها من قبضة تنظيم داعش وعاد أهلها للتو إلى مناطق سكناهم. وأقر عضو اللجنة الأمنية في مجلس المحافظة، راجع بركات العيساوي، بانتشار تعاطي الحبوب المخدرة بين الشباب للمرة الأولى في المحافظة، مطالبًا السلطات المحلية والقوات الأمنية بمحاربة هذه الظاهرة ومعاقبة مروجيها. وقال العيساوي لـ«الشرق الأوسط» إن سرعة انتشار ظاهرة ترويج الحبوب المخدرة والمواد الممنوعة، تؤكد أن هناك مخططًا تخريبيًا يستهدف الأنبار وشبابها، فالسرعة الملحوظة لانتشار هذه الظاهرة الخطيرة داخل مدينة الرمادي وبعض المناطق المحررة، على الرغم من الإجراءات الأمنية الصارمة التي تتخذها القوات الأمنية، أمر خطير لا بد من معالجته قبل انتشاره بصورة لا يمكن السيطرة عليها مستقبلاً. وأضاف العيساوي «أن من أهم العوامل التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الأنباري قيام عناصر من عصابات (داعش) الإجرامية بجلب حبوب مخدرة بكميات كبيرة وإدخالها إلى المناطق الخاضعة لسيطرته، إضافة إلى البطالة والتهجير وعوامل كثيرة أخرى». وتابع أن «محافظة الأنبار ذات طابع ديني محافظ ولم تشهد ترويج الحبوب المخدرة والمواد الممنوعة في الفترة السابقة، إلا أن الفترة الحالية شهدت انخراط بعض من الشباب في هذا العالم الغريب على مجتمعنا، الأمر الذي يدعونا جميعًا إلى العمل من أجل إنقاذ شبابنا من الضياع ومطاردة تجار السموم وتقديمهم إلى المحاكم المختصة وإنزال أقصى العقوبات بحقهم». وعزا مراقبون أسباب انتشار المخدرات إلى ضعف أداء الأجهزة الأمنية وانشغالها بمطاردة وبمقاتلة المجاميع المسلحة ووجود جهات داخلية وخارجية مستفيدة من انتشارها في (البلاد) بعد عام 2003، بالإضافة إلى ضعف الرقابة من قبل الأهل وإهمالهم لأولادهم، فضلاً عن البطالة التي تعد السبب الرئيسي للانحراف. وقال الدكتور خالد القره غولي رئيس المركز الإعلامي والصحافي في محافظة الأنبار لـ«الشرق الأوسط»، إن «ظاهرة تعاطي وانتشار المخدرات في محافظة الأنبار، بدأت تخيم على جميع مدن المحافظة، وإن هذه المخدرات تأتي على شكل حبوب في أكياس رسم عليها شكل طائر جارح»، مضيفًا أن «كميات كبيرة من هذه الحبوب والمواد المخدرة تم ضبطها من قبل السلطات الأمنية في الأنبار، وهي مستخلصة من مواد مخدرة لا تختلف كثيرًا عن الهيروين والخشخاش والكوكايين والحشيش، وأن هذه المواد بطبيعتها تصيب الخلايا الرمادية الموجودة في الدماغ بأضرار جسيمة، بل تقضي عليها، مما يعطي المدمن شعورًا بالنشوة والسعادة الزائفة التي لا تلبث أن تزول بزوال المؤثر».
الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084337-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%83%D8%A9
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.
وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.
ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.
يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.
ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.
أدوات الإصلاح
طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.
ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.
وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.
ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.
ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.
الحل بالتنمية المستدامة
وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.
إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.
واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.
وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.
وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.
ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.