موسكو ترد على فشل تعاونها مع واشنطن باللجوء إلى {الخيار الإيراني}

مصادر: الأميركيون والروس يوقعون خلال أيام على تنظيم مؤقت للتعاون في سوريا

موسكو ترد على فشل تعاونها مع واشنطن باللجوء إلى {الخيار الإيراني}
TT

موسكو ترد على فشل تعاونها مع واشنطن باللجوء إلى {الخيار الإيراني}

موسكو ترد على فشل تعاونها مع واشنطن باللجوء إلى {الخيار الإيراني}

بعد جلسة مجلس الأمن الدولي التي كانت روسيا خلالها، ومعها النظام السوري، في قفص الاتهام دوليًا، واصلت موسكو الدفاع عن موقفها ومحاولة تحميل الولايات المتحدة والمعارضة السورية المسؤولية عن فشل تنفيذ الاتفاق الروسي - الأميركي في سوريا. هذا في الوقت الذي قالت فيه وزارة الدفاع الروسية إنها باتت قريبة من التوصل لاتفاق مع البنتاغون حول تنظيم تنفيذ الاتفاق في سوريا، بينما تشير التطورات الميدانية إلى أن روسيا ربما قررت اللجوء إلى «الخيار الإيراني» في حلب، ردا على فشل إطلاق تعاون مع الولايات المتحدة في الملف السوري.
ونقلت صحيفة روسية عن مصدر مطلع من الأوساط العسكرية - الدبلوماسية، قوله إن العسكريين الأميركيين والروس يستعدون للتوقيع خلال أيام، على اتفاق «تنظيم مؤقت للتعاون في سوريا»، وأوضح المتحدث أن «الاتفاق الذي يدور الحديث عنه يحدد الآليات الرئيسية للإبلاغ عن نشاط القوى الجوية للبلدين، كما يحدد كيفية العمل في المواقف الإشكالية». وأكد المصدر لصحيفة لـ«إزفستيا»، أمس، أن «العمل على الاتفاق دخل المرحلة النهائية، وقد يتم إنجازه في الأيام القريبة المقبلة».
وتضيف الصحيفة أن وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين لم تتمكنا من التعليق على المعلومات حول ذلك الاتفاق، إلا أن مصدرا دبلوماسيا مطلعا على سير المحادثات أكد للصحيفة أن «سلسلة الاتهامات المتبادلة والمناخ السلبي العام في وسائل الإعلام لم يعيقا مواصلة الجانبين (الأميركي والروسي) الحوار البناء حول تبادل المعلومات بين العسكريين».
من جهته، وصف ديمتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الكرملين، الوضع في سوريا بأنه «معقد للغاية»، لافتًا إلى أن الكرملين يركز على مسائل عدة «دون أي انفعالات»، ومن تلك المسائل أنه «لم يتم حتى الآن الفصل بين المعارضة والمجموعات الإرهابية»، حسب قوله، كما أن «نظام وقف إطلاق النار قليل الفعالية»، مبديا قلق الكرملين من أن «المجموعات الإرهابية تستغل وقف إطلاق النار لحشد قواها، والتزود بالعتاد، ضمن تحضيرات، يبدو من الواضح أنها بهدف شن عمليات هجومية».
ورغم «حرص» بيسكوف على الحل السياسي، إلا أن كثيرين في موسكو يعتقدون بأن روسيا والنظام السوري سيعملان على «أفراغ حلب» لقلب موازين القوى، والعودة بعد ذلك إلى الجهود السياسية. وما يؤكد هذا الأمر سؤال وجهه الصحافيون لبيسكوف حول ما إذا كان الكرملين يتوقع «نقلة نوعية في التسوية السياسية للنزاع السوري بعد طرد المسلحين السوريين من حلب»، ولم يجب بيسكوف على ذلك السؤال مكتفيا بإحالته إلى وزارة الدفاع الروسية.
من جانبه كرر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاتهامات ذاتها للولايات المتحدة بشأن فشلها في تنفيذ التزاماتها بخصوص الفصل بين المعارضة والإرهابيين، إلا أنه زاد على ذلك في حديث تلفزيوني، يوم أمس، حين حاول توجيه الاتهام لواشنطن بالمسؤولية عن قصف قافلة المساعدات الإنسانية قرب حلب.
ورغم حدة الانتقادات التي وجهها، إلا أن لافروف لا يظن بأن «الولايات المتحدة ترى أنه آن الأوان لوضع شاهد على نعش الاتفاق»، مضيفًا أن «روسيا على أقل تقدير متمسكة بتلك الاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال الأشهر الأخيرة، وتم وضع النقاط على الحروف فيها خلال اللقاء بين الرئيسين بوتين وأوباما يوم السادس من سبتمبر (أيلول)». ولم تكن تصريحات ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي بعيدة عما قاله لافروف بهذا الصدد، إذ قال في إجابته على سؤال حول آفاق تنفيذ الاتفاق الأميركي - الروسي في سوريا، للصحافيين يوم أمس: «أعتقد أن هناك أملا. أجل كانت هناك انتهاكات كثيرة لوقف إطلاق النار، إلا أن القضية الأهم ما هو البديل؟ إما مواصلة الحرب، وإما مواصلة محاولات وقف تلك الحرب»، مؤكدًا أن موسكو «ضد العودة إلى الحرب ومع إطلاق وقف للأعمال القتالية والالتزام به، بموجب الاتفاق الأميركي - الروسي، ومع إطلاق المفاوضات السياسية بين السوريين».
وإذا كانت تصريحات الكرملين والخارجية تبدو «جزرة» في السياسات الروسية، فإن موسكو تستخدم «العصا بغلظة» في حلب التي تدفع ثمن الغضب الروسي إزاء فشل المساعي لإطلاق تعاون مع الولايات المتحدة عبر «العمل معًا» في سوريا، وفق ما يقول مراقبون. ويبدو أن موسكو التي لم تفقد الأمل بعد بتغيير في الموقف الأميركي قررت العودة في موضوع حلب إلى «الخيار الإيراني»، أي المشاركة بفعالية في عملية عسكرية واسعة تستهدف إعادة السيطرة على مدينة حلب، وهو الأمر الذي قالت مصادر عدة إن وزير الدفاع الإيراني حسن الدهقان عرضه على الجانب الروسي خلال لقاء مطلع شهر يونيو (حزيران) في طهران مع وزير دفاع النظام ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
وقد برزت بوضوح مؤشرات خلاف بين موسكو من جانب، وطهران ودمشق من جانب آخر بعد ذلك اللقاء، حيث نقلت تسريبات إعلامية بعد عدة أيام على لقاء طهران، عن مصدر مقرب من الحكومة السورية قوله إن دمشق مستاءة من قرار الهدنة التي أعلنتها روسيا في حلب، مضيفًا أن «روسيا لا تريد لنا أن نستعيد مدينة حلب». في حين استبعد ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، في تصريحات خلال الفترة ذاتها، قيام تحالف عسكري بين روسيا والنظام السوري وإيران.



الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يعدون بسداد ديون صغار المودعين خلال 17 عاماً

الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)
الحوثيون سيطروا على البنك المركزي وصادروا الدين العام الداخلي والخارجي وأرباحه (أ.ف.ب)

أطلقت الجماعة الحوثية التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء ومحافظات أخرى في شمال البلاد، وعداً بسداد جزء من الدين الداخلي لصغار المودعين على أن يتم دفع هذه المبالغ خلال مدة زمنية قد تصل إلى نحو 17 عاماً، وذلك بعد أن صادرت الأرباح التي تكونت خلال 20 عاماً، وقامت بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية.

وتضمنت رسالة موجهة من فواز قاسم البناء، وكيل قطاع الرقابة والإشراف على المؤسسات المالية في فرع البنك المركزي بصنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أسماه آلية تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين فقط.

وحددت الرسالة المستحقين لذلك بأنهم من استثمروا أموالهم في أذون الخزانة، ولا تتجاوز ودائع أو استثمارات أي منهم ما يعادل مبلغ عشرين مليون ريال يمني (40 ألف دولار)، بحسب أرصدتهم الظاهرة بتاريخ 30 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

عاملة في البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

وسيتم الصرف - بحسب الرسالة - لمن تقدم من صغار المودعين بطلب استعادة أمواله بالعملة المحلية، وبما لا يتجاوز مبلغ نحو 200 دولار شهرياً للمودع الواحد، وهو ما يعني أن السداد سوف يستغرق 16 عاماً وثمانية أشهر، مع أن الجماعة سبق أن اتخذت قراراً بتصفير أرباح أذون الخزانة قبل أن تعود وتصدر قراراً بتحويل تلك الودائع إلى حسابات جارية، ما يعني حرمان المودعين من الأرباح.

جملة شروط

حدد الحوثيون في رسالتهم التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط» موعد تقديم طلب الاستعاضة بدءاً من شهر فبراير (شباط) المقبل، وبشرط الالتزام بالتعليمات، وإرفاق المودع البيانات والتقارير المطلوبة، وضرورة أن يتضمن الطلب التزام البنوك الكامل بتنفيذ التعليمات الصادرة من إدارة فرع البنك المركزي.

وهددت الجماعة بإيقاف الاستعاضة في حال المخالفة، وحمّلوا أي بنك يخالف تعليماتهم كامل المسؤولية والنتائج والآثار المترتبة على عدم الالتزام.

صورة ضوئية لتوجيهات الحوثيين بشأن تعويض صغار المودعين

ووفق الشروط التي وضعتها الجماعة، سيتم فتح حساب خاص للخزينة في الإدارة العامة للبنك لتقييد المبالغ المستلمة من الحساب، ويكون حساب الخزينة منفصلاً عن حسابات الخزينة العامة الأخرى، كما سيتم فتح حسابات خزائن فرعية مماثلة لها في الفروع، على أن تتم تغذيتها من الحساب الخاص للخزينة في الإدارة العامة.

ومنعت الجماعة الحوثية قيد أي عملية دائنة بأرصدة غير نقدية إلى حسابات العملاء بعد تاريخ 30 نوفمبر، إلا بموافقة خطية مسبقة من قبل فرع البنك المركزي بصنعاء.

ويشترط البنك الخاضع للحوثيين تسليمه التقارير والبيانات اللازمة شهرياً أو عند الطلب، بما في ذلك التغيرات في أرصدة العملاء والمركز المالي، وأي بيانات أخرى يطلبها قطاع الرقابة، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام عمل من بداية كل شهر أو من تاريخ الطلب، مع استمرار الفصل الكامل بين أرصدة العملاء غير النقدية والأرصدة النقدية، وعدم صرف الإيداعات النقدية للعملاء لسداد أرصدة غير نقدية.

ومع ذلك، استثنى قرار التعويض صغار المودعين المدينين للبنك أو الذين عليهم أي التزامات أخرى له.

1.2 مليون مودع

وفق مصادر اقتصادية، يبلغ إجمالي المودعين مليوناً ومئتي ألف مودع لدى البنوك في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، في حين تقدر عائداتهم بثلاثة مليارات دولار، وهي فوائد الدين الداخلي، لكن الجماعة الحوثية تصر على مصادرة هذه الأرباح بحجة منع الربا في المعاملات التجارية والقروض.

الحوثيون حولوا مقر البنك المركزي في صنعاء إلى موقع للفعاليات الطائفية (إعلام حوثي)

وبحسب المصادر، فإن هذه الخطوة تأتي محاولةً من الجماعة الحوثية للتخفيف من آثار قرارهم بمصادرة أرباح المودعين بحجة محاربة الربا، حيث يعيش القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين حالة شلل تام بسبب التنفيذ القسري لقانون منع التعاملات الربوية، والذي قضى على مصداقية وثقة البنوك تجاه المودعين والمقترضين، كما ألغى العوائد المتراكمة لودائع المدخرين لدى البنوك، وعلى الفوائد المتراكمة لدى المقترضين من البنوك.

وأدى قرار الحوثيين بشطب الفوائد المتراكمة على أذون الخزانة والسندات الحكومية إلى تفاقم مشكلة ندرة السيولة في القطاع المصرفي؛ إذ تقدر قيمة أذون الخزانة والسندات الحكومية والفوائد المتراكمة عليها لأكثر من 20 سنة بأكثر من 5 تريليونات ريال يمني، وهو ما يعادل نحو 9 مليارات دولار، حيث تفرض الجماعة سعراً للدولار في مناطق سيطرتها يساوي 535 ريالاً.

كما جعل ذلك القرار البنوك في تلك المناطق غير قادرة على استرداد قروضها لدى المستثمرين، والتي تقدر بنحو تريليوني ريال يمني، والتي كانت تحصل على عوائد منها بما يقارب مليار دولار، والتي تبخرت بسبب قانون منع التعاملات الربوية.