الرمادي تشكو من الاهتمام بالفلوجة على حسابها

مسؤول محلي: هنالك دوافع انتخابية

سكان يعاينون الدمار في أحد أحياء الرمادي («الشرق الأوسط»)
سكان يعاينون الدمار في أحد أحياء الرمادي («الشرق الأوسط»)
TT

الرمادي تشكو من الاهتمام بالفلوجة على حسابها

سكان يعاينون الدمار في أحد أحياء الرمادي («الشرق الأوسط»)
سكان يعاينون الدمار في أحد أحياء الرمادي («الشرق الأوسط»)

يشكو مسؤولون في محافظة الأنبار من اهتمام حكومة المحافظة بالفلوجة أكثر من اهتمامهم بالرمادي، مركز المحافظة، التي تعرضت للدمار بشكل هائل، حيث سويت بالأرض العشرات من الأحياء السكنية بالكامل، تاركة آلاف الأطنان من الركام والأنقاض تصعب على الأهالي إزالتها.
وقال نائب محافظ الأنبار، علي فرحان الدليمي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «المسؤولين في حكومة الأنبار المحلية، وعلى رأسهم محافظ الأنبار صهيب الراوي، وعدد كبير من النواب في البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، ووزير التخطيط سلمان الجميلي وأعضاء في مجلس المحافظة، انصب جل اهتمامهم على تنظيف وتأهيل مدينة الفلوجة، تاركين بالكامل عمليات تأهيل مدينة الرمادي، التي يتجاوز عدد النازحين العائدين إليها نصف مليون نسمة، لم يجدوا أي خدمات تذكر في بعض المناطق التي لم تصلها فرق الجهد الهندسي بسبب سحب كل الآليات التابعة للدوائر الخدمية في المحافظة ونقلها بالكامل إلى مدينة الفلوجة التي لم تتعرض للدمار سوى بنسبة 20 في المائة، بينما تتجاوز نسبة الدمار في مدينة الرمادي 80 في المائة».
وأضاف الدليمي: «لقد شكلنا فور تحرير مدينة الرمادي من قبضة تنظيم داعش الإرهابي لجنة لتأهيل الخدمات من أجل الإسراع بعودة الأهالي إلى مناطقهم، وبالفعل بدأنا العمل في تأهيل شبكات الماء وفتح وتنظيف الطرق وإعادة الكهرباء، وسبقت هذه العمليات تطهير المدينة من العبوات الناسفة والمخلفات الحربية، لكن لم نستطع إكمال مهمتنا بعد أن تم سحب كل الآليات والفرق الهندسية إلى الفلوجة، تاركين الأهالي العائدين إلى مدينة الرمادي بين أنقاض بيوتهم، لا حول لهم ولا قوة، فيما لم يتم تخصيص مبالغ مالية كافية من أجل تنظيف المدينة بالكامل وكل الأموال التي وصلت إلينا لا تمثل شيئًا قياسًا بالدمار الهائل الذي تعرضت له الأحياء السكنية في المدينة».
وعزا الدليمي الاهتمام بمدينة الفلوجة مع ترك العمل بشكل نهائي في الرمادي، إلى وجود عدد كبير من المسؤولين الذين بيدهم القرار معنيين بأمر الفلوجة دون سواها من أجل كسب الأصوات في الانتخابات المقبلة. «نحن مع إعمار مدينة الفلوجة وعودة أهلها النازحين، لكن لن نقبل أن تكون تلك الحملات على حساب المنكوبين من أهالي مدينة الرمادي».
إلى ذلك، قال المستشار الإعلامي لمحافظ الأنبار، باسم الأنباري، إن «فرق الجهد الهندسي العاملة في مدينة الفلوجة، ورغم ما تبذله من عمل من أجل تنظيف وتأهيل المدينة، تحتاج إلى مبالغ كبيرة من أجل إتمام مهامها، لكن العجز المالي في خزينة الحكومة المركزية والمحلية يحول دون إتمام عمليات تنظيف وتأهيل مدينة الفلوجة بالكامل، حيث لا تزال هناك كميات كبيرة من العبوات الناسفة في بعض المناطق السكنية في المدينة، ولم يتم تنظيف إلا بعض الأحياء السكنية في وسط المدينة وتأهيل مراكز الشرطة والمراكز الصحية ومشفى المدينة».
وأضاف الأنباري أن «تركيز الجهد في مدينة الفلوجة جاء لاستحالة العمل في مدينة الرمادي التي تعرضت للدمار الهائل، حيث قدرت الأموال اللازمة لإعادة تنظيف وتأهيل وإعمار المدينة بأكثر من 22 مليار دولار، حسب اللجان المختصة بذلك، وهذا ما تعجز عن توفيره الحكومتان المركزية والمحلية، لذلك تم التركيز على تنظيف وتأهيل مدينة الفلوجة من أجل الإسراع بعودة أهلها النازحين».
وفي مدينة الرمادي، قال المواطن محمد إبراهيم الفهداوي إن «الدمار الهائل في منطقتنا كارثي، حيث شمل التدمير 1500 دار بالكامل تمثل حي البكر أحد أحياء المدينة، واليوم أحتاج لمبلغ ضخم من المال لإزالة الأنقاض والوصول إلى موقع الدار، بينما وقفت الحكومة المحلية موقف المتفرج دون إبداء أي مساعدة لنا برفع تلك الأنقاض في أقل تقدير». وأضاف الفهداوي: «لدي تسعة أبناء وأنا المعيل الوحيد لعائلتي، وعندما قررت العودة إلى مدينتي من رحلة النزوح في المخيمات وجدت أمامي هذا الخراب. أنا لا أطلب من حكومة الأنبار سوى إزالة الأنقاض من أجل أن أنصب خيمة على أرض داري تؤوي عائلتي، فلماذا تتركنا الحكومة المركزية والمحلية في مثل هذا الحال؟».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.