حضور دولي لافت في كردستان استعدادًا لمعركة تحرير الموصل

مصادر مطلعة: «داعش» يملأ خندقه حول المدينة بالنفط الخام

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فوندر لاين في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فوندر لاين في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

حضور دولي لافت في كردستان استعدادًا لمعركة تحرير الموصل

رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فوندر لاين في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فوندر لاين في أربيل أمس («الشرق الأوسط»)

تشير الزيارات المكثفة لوزراء دفاع ومسؤولين عسكريين وسياسيين من دول التحالف الدولي ضد «داعش» إلى إقليم كردستان، وما تتزامن معها من استعدادات جارية على الأرض، إلى قرب انطلاق معركة الموصل، خاصة بعد توصل إقليم كردستان وبغداد وواشنطن إلى اتفاق عسكري بشأن عملية تحرير المدينة، يجعل الإقليم منطلقا للجيش العراق باتجاه الموصل. بدوره، يواصل تنظيم داعش تحضراته لمواجهة أي هجوم على المدينة التي يحتلها منذ أكثر من عامين.
وقال رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في مؤتمر صحافي مشترك عقده في أربيل أمس مع وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فوندر لاين، وحضرته «الشرق الأوسط» إن المساعدات الألمانية لقوات البيشمركة «مهمة جدا، وغيرت من موازين الحرب لصالحنا ضد تنظيم داعش وأنا متأكد أن ألمانيا سيكون لها دور مماثل في دعم معركة تحرير الموصل»، مبينا أن الاجتماع بين الجانبين شهد تبادل الآراء حول عملية تحرير الموصل والتطرق إلى الاتفاق بين وزارة البيشمركة ووزارة الدفاع العراقية بهذا الشأن.
بدورها، بينت وزيرة الدفاع الألمانية أن «الإرهاب لم ينته بعد، ونحتاج إلى مدة طويلة للقضاء عليه. الهدف المقبل هو تحرير الموصل وهناك استعدادات جارية منذ فترة من أجل ذلك، وبلا شك سيكون لقوات البيشمركة دور رئيسي في عملية تحريرها»، مشيرة إلى أن بلادها دربت حتى الآن أكثر من عشرة آلاف مقاتل من البيشمركة وقدمت أكثر من 90 مليون يورو بصورة أسلحة وأعتدة لإقليم كردستان، لافتة إلى أن «المرحلة المقبلة لبرامجنا في تدريب وتأهيل البيشمركة ستنتقل من أربيل إلى مواقع البيشمركة ونوسع من أعمال التدريب لتوفير الوقت ولتكون ذات فائدة أكبر». وسلمت الوزيرة الألمانية مفاتيح مشغل لتصليح الأسلحة لوزارة البيشمركة بلغت كلفتها أكثر من مليوني يورو، وتحتضن الورشة معهدا لتدريب قوات البيشمركة على كيفية تصليح الأسلحة والمدرعات من نوع «دينغو».
كما شهدت مدينة أربيل أمس اجتماعا عسكريا بين رئيس إقليم كردستان وقائد القيادة المركزية للجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل، والوفد المرافق له، وبحسب بيان لرئاسة إقليم كردستان: «بحث الجانبان بشكل دقيق الاستعدادات لمعركة الموصل والتعاون والتنسيق بين قوات البيشمركة والجيش العراقي والتحالف الدولي، ومرحلة ما بعد (داعش) في الموصل وخطورة وتحديات تلك المرحلة، وكيفية مواجهة المشاكل، وشددا على ضرورة أن يكون هناك اتفاق سياسي مصاحب للاتفاق العسكري للحفاظ على حياة مكونات محافظة نينوى وضمان الأمن والاستقرار فيها».
وبحسب القادة الميدانيين فإن من المقرر أن تنطلق عملية تحرير الموصل الشهر المقبل خاصة بعد أن فرضت القوات العراقية سيطرتها على قضاء الشرقاط التي تشكل محورا آخر من محاور الهجوم باتجاه الموصل. وتخضع خمس طرق رئيسية باتجاه الموصل لسيطرة قوات البيشمركة التي تحاصر المدينة من ثلاث جهات هي الشرقية والشمالية والغربية، ويشير القادة إلى أن الدور الذي ستلعبه البيشمركة في العملية المرتقبة هو دور الإسناد للجيش العراقي والشرطة المحلية التي ستدخل المدينة.
في المقابل، ذكرت مصادر مطلعة أن تنظيم داعش كثف من إجراءاته لمواجهة أي هجوم على المدينة من قبل القوات العراقية، فيما تشهد صفوف التنظيم هروب العشرات من مسلحيه يوميا باتجاه الأراضي السورية أو باتجاه القرى التابعة للموصل. وبين مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في الموصل، سعيد مموزيني، أن التنظيم «حفر الكثير من الأنفاق داخل مدينة الموصل لتسهيل حركة مسلحيه وتفادي استهدافهم من قبل طيران التحالف الدولي، وجهز هذه الأنفاق بالطعام اللازم لمسلحيه، كما أعد صهاريج محملة بالنفط الخام لإحراقها أثناء الهجوم، لكن هذه الاستعدادات لن تؤثر على عملية تحرير المدينة لأن التنظيم منهار من الداخل تماما»، مشيرا إلى أن أكثر 53 مسلحا من «داعش» هربوا أمس باتجاه الأراضي السورية. وأضاف مموزيني أن قوات البيشمركة قصفت بالمدفعية مواقع التنظيم في قرية كانونة شرق الموصل وأسفر القصف عن مقتل ستة مسلحين من التنظيم وإصابة آخرين بجروح.
من جهته، سلط مسؤول إعلام مركز تنظيمات الاتحاد الوطني الكردستاني في الموصل، غياث سورجي الضوء على استعدادات أخرى للتنظيم في الموصل تحسبا لهجوم القوات العراقية والبيشمركة على المدينة، وقال: «التنظيم ملأ الخندق الذي حفره حول الموصل بالنفط الأسود، ليشعل فيها النيران بهدف منع طيران التحالف الدولية من استهداف مسلحيه أثناء المعركة والحؤول دون تقدم القوات العراقية والبيشمركة إلى المدينة»، كاشفا أن «عدد مسلحي (داعش) الذين كانوا في الموصل خلال المدة الماضية كان نحو 10 آلاف مسلح، والآن وبسبب الهروب المتواصل انخفض هذا العدد إلى أقل من 4000 مسلح، لذا التنظيم يعتقل شباب الموصل ويزج بهم في معسكرات تدريبه بالقوة كي يعوض النقص في صفوفه».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.