المغرب: زعيما حزبين سياسيين يقيمان حصيلة حكومة ابن كيران

العنصر: لا يمكن لوزير العدل التخلي عن مسؤوليته وهو معين من أعلى سلطة في البلاد

المغرب: زعيما حزبين سياسيين يقيمان حصيلة حكومة ابن كيران
TT

المغرب: زعيما حزبين سياسيين يقيمان حصيلة حكومة ابن كيران

المغرب: زعيما حزبين سياسيين يقيمان حصيلة حكومة ابن كيران

دافع كل من محند العنصر، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية المغربي وزير الداخلية والتعمير السابق، ونبيل بن عبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية وزير السكنى وسياسة المدينة، عن حصيلة حكومة عبد الإله ابن كيران، وأكدا أنها كانت إيجابية في مجملها.
وجاءت تصريحات المسؤولين المغربيين مخالفة لحليفهما في الحكومة صلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار ووزير الخارجية، الذي قدم تقييما سلبيا لحصيلة حكومة هو عضو فيها، ويشغل حزبه فيها إحدى الوزارات المهمة وهي الاقتصاد والمالية.
في سياق ذلك، أوضح العنصر أمس خلال لقاء صحافي خصص لتقديم البرنامج الانتخابي للحزب أن التجربة الحكومية الحالية كانت لها إيجابيات كثيرة، حيث استطاع المغرب أن يخرج من دون خسارات كبيرة، مقارنة مع دول عرفت مشاكل كبرى في الفترة ذاتها، مشيرا إلى أنها «أول حكومة تعمل في ظل دستور جديد، وجاءت بإجراءات جريئة مضرة شيئا ما بالمواطن فيما يتعلق بالإجراءات التي اتخذت لإصلاح صندوق المقاصة (صندوق دعم المواد الأساسية) وصندوق التقاعد، لكنها ضرورية حتى لا يسقط المغرب فيما لا تحمد عقباه».
وأقر العنصر في المقابل بتعثر الحكومة في مجالين رئيسيين يعدهما حزبه من الأولويات، هما تنمية المناطق القروية وتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، مشيرا إلى أن حزبه لا يتنصل من مسؤوليته بهذا الشأن بحكم مشاركته في الحكومة.
من ناحية أخرى، لم يضع العنصر أي خطوط حمراء بشأن تحالفاته المقبلة، وقال إنه مستعد للتحالف مع حزب العدالة والتنمية إذا ما تصدر نتائج الانتخابات، على أساس التوافق بشأن أولويات البرنامج الحكومي الذي يركز فيها حزبه على التنمية في القرى.
وتعليقا على بعض الأحداث التي عرفتها الساحة السياسية المغربية في غمار التحضير للانتخابات، لا سيما فيما يتعلق بمسيرة الاحتجاج التي خرجت في الدار البيضاء ضد ابن كيران، والتشنج الذي حدث بين وزيري العدل والداخلية، قال العنصر إنه لا اعتراض له على خروج مظاهرة ضد الحكومة أو غيرها لأن الأمر يتعلق بحرية التعبير المكفولة للمواطنين، «لكن ما أراه عيبا هو ألا يعرف من دعا لهذه المسيرة حتى أحكم عليها وأقول إنها صائبة أم لا؟».
أما بشأن الاحتقان الذي ظهر بين مصطفى الرميد وزير العدل والحريات، ومحمد حصاد وزير الداخلية، بعد أن أعلن الرميد أنه لا يستشار في التحضير للانتخابات، وأنه غير مسؤول عما قد يقع فيها من تجاوزات، فقد قال العنصر إن «إشراف كل من الرميد وحصاد على الانتخابات لم يكن اختيارا من قبلهما، بل تم في إطار توجيه وتعيين ملكي»، وأضاف أنه «إذا حدث مشكل بينهما فينبغي أن يحل بالحوار، ولا أعتقد أن الرميد من خلال تدوينة يمكن أن يتخلى عن مسؤوليته وهو معين من قبل أعلى سلطة في البلاد».
وفي معرض تقديمه للخطوط العريضة لبرنامج حزبه الانتخابي، قال العنصر إن كل الإجراءات التي يقترحها تدور حول «كرامة المواطن»، ومن هذا المنظور «وعد بتنمية القرى ومحاربة الفساد الإداري والانتخابي، وخلق الثروة التي تؤدي إلى توفير العمل، وغيرها من الإجراءات».
بدوره قال بن عبد الله إن حصيلة حكومة ابن كيران كانت إيجابية نظرا للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التي أقرتها، وقدرتها على التحكم في التوازنات الماكرو - اقتصادية، ناهيك أن التجربة الحكومية ساهمت في إرساء الاستقرار في البلاد، مشيرا إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات تهم الجانب الاجتماعي يعتز بها حزبه بحكم مرجعيته اليسارية والاشتراكية، التي تولي اهتماما خاصا لهذا المجال، منوها في المقابل بالأداء الإيجابي لوزراء حزبه في القطاعات التي أشرفوا عليها، وهي الصحة والثقافة والسكن وقطاع الماء.
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان حزبه سيبقى وفيا للالتزام والتحالف الذي يجمع بينه وبين حزب العدالة والتنمية، والمتعلق بالوجود معا سواء في الحكومة أو المعارضة، لا سيما بعد بيان الديوان الملكي، قال ابن عبد الله إن الأسباب التي دفعته للانخراط في التجربة الحكومية في 2011 ما زالت قائمة والحزب لن يغير موقفه، مشددا على أن حزبه مستقل في قراره، ولم يلغ هويته رغم تحالفه مع حزب يختلف معه في المرجعية.
وحاول ابن عبد الله خلال اللقاء الصحافي، الذي نظمه مساء أول من أمس، تجنب التعليق على بيان الديوان الملكي الذي وجه إليه انتقادات حادة بشأن تصريحاته المتعلقة بفؤاد عالي الهمة، مستشار الملك محمد السادس مؤسس حزب الأصالة والمعاصرة المعارض، إلا أنه اضطر للتعليق نظرا لعدد الأسئلة التي تطرقت للموضوع، مكتفيا بالقول إن حزبه «رد على بيان الديوان الملكي بما يقتضيه الاحترام الواجب واللياقة المطلوبة، والبيان الذي أصدره المكتب السياسي للحزب يدخل في إطار التفاعل الإيجابي مع بيان الديوان الملكي من قبل حزب مسؤول وانتهى الموضوع».
ووعد ابن عبد الله بمجموعة من الإجراءات في برنامجه الانتخابي، منها تقديم منحة مالية شهرية للفقراء أطلق عليها اسم «راتب الكرامة»، قيمتها ألف درهم (100 دولار)، وهو الإجراء نفسه الذي كان ابن كيران يسعى لتنفيذه، ولقي معارضة شديدة من قبل أحزاب المعارضة وحتى داخل التحالف الحكومي لأن خصومه رأوا فيه أنه سيضاعف شعبية حزب العدالة والتنمية، مما اضطر رئيس الحكومة للتخلي عنه وتعويضه بإجراءات بديلة تتمثل في إنشاء صندوق التماسك الاجتماعي يقدم مساعدات مالية للأرامل والمطلقات. كما وعد بن عبد الله بفتح حوار بين الأحزاب السياسية لتجاوز التشنج الحاصل بينها. ومن بين الإجراءات التي سطرها الحزب في برنامجه الانتخابي توطيد قيم الحداثة والمساواة، ورفع تمثيل النساء في البرلمان، وإطلاق مشروع «مغرب الثقافة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».