قلب الدين حكمتيار.. «حمائمي» يحط قريبًا في كابل

الرئيس أشرف غني يتقرب من مجموعته المتمردة لاستمالة «طالبان»

محمد أمين كريم (يمين) ممثل قلب الدين حكمتيار ومستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حنيف اتمر (يسار) يمسكان بالوثيقة الموقعة (رويترز)
محمد أمين كريم (يمين) ممثل قلب الدين حكمتيار ومستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حنيف اتمر (يسار) يمسكان بالوثيقة الموقعة (رويترز)
TT

قلب الدين حكمتيار.. «حمائمي» يحط قريبًا في كابل

محمد أمين كريم (يمين) ممثل قلب الدين حكمتيار ومستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حنيف اتمر (يسار) يمسكان بالوثيقة الموقعة (رويترز)
محمد أمين كريم (يمين) ممثل قلب الدين حكمتيار ومستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حنيف اتمر (يسار) يمسكان بالوثيقة الموقعة (رويترز)

تبذل حكومة الرئيس الأفغاني أشرف غني جهودا حثيثة لإحياء محادثات السلام مع الحركات السياسة المتمردة، بما فيها حركة طالبان التي تتزايد قوة. واتفاقها، أمس، مع ثاني أكبر مجموعة في البلاد يقودها قلب الدين حكمتيار، يشكل انتصارا رمزيا للرئيس.
فحكمتيار الذي يرأس حاليا «الحزب الإسلامي»، الذي لا يقوم بأي تحرك تقريبا، هو واحد من سلسلة شخصيات مثيرة للجدل تسعى الحكومة الأفغانية إلى إعادتها للسياسة في حقبة ما بعد «طالبان».
وتعد هذه أول اتفاقية سلام توقعها الحكومة الأفغانية مع جماعة مسلحة معارضة منذ الإطاحة بنظام حركة طالبان، أواخر عام 2001.
وقد وقعت الحكومة الأفغانية وممثلو «الحزب الإسلامي» على مسودة اتفاق سلام ومصالحة بشكل رسمي، في مقر مجلس السلام والمصالحة، في العاصمة كابل، بعد أشهر عدة من مفاوضات عسيرة.
من جانب الحكومة الأفغانية، وقع سيد أحمد جيلاني، رئيس مجلس السلام المخول بإجراء مفاوضات ومباحثات سلام مع المتمردين، بمن فيهم «طالبان»، ومستشار الرئيس الأفغاني لشؤون الأمن القومي حنيف اتمر. ووقع من طرف حكمتيار محمد أمين كريم، رئيس وفد الحزب، خلال احتفال حضره مسؤولون رفيعو المستوى، وأنصار الحزب في كابل.
وقال أمين كريم، بعد التوقيع، إن الاتفاقية «الخطوة الأولى نحو الوصول إلى سلام وأمن قوي في البلاد»، معربا أيضًا عن دعمه للحوار في أفغانستان، وحاثا جماعات مسلحة أخرى تحارب الحكومة الأفغانية على المشاركة في عملية السلام، وحل المشكلات من خلال المفاوضات والوسائل السلمية. غير أنه أشار إلى أن الحزب الإسلامي سيستمر في نضاله حتى يتم طرد جميع القوات الأجنبية من أفغانستان.
وتحدث محمد حنيف اتمر، المستشار الرئاسي الأفغاني للأمن الوطني، في هذه المناسبة، ودعا لتطبيق اتفاقية السلام في وقت مبكر، وقال إن اتفاقية السلام التي تم توقيعها مع الحزب الإسلامي ترتكز على دستور البلاد، والحزب الإسلامي ملتزم بالعمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار، وإعادة بناء البلاد التي مزقتها الحرب.
وسيتم تطبيق الاتفاقية بعد توقيع الرئيس الأفغاني أشرف غني وزعيم الحزب قلب الدين حكمتيار، ومن المتوقع أن يتم توقيع الاتفاقية خلال أيام. وبحسب ما ينص عليه الاتفاق الذي وصف من كل الأطراف الأفغانية بالتاريخي، سوف توقف الجماعة كل أنشطتها العسكرية، وتفكك عملياتها العسكرية، كما يوفر الاتفاق «حصانة قضائية» لجميع أفراد الجماعة.
يشار إلى أن جماعة الحزب الإسلامي، التي يقودها قلب الدين حكمتيار، هي الجماعة الأم للحزب الإسلامي، وقد انشق عنها فصيل آخر بالاسم نفسه، وهي تشارك العملية السياسية في كابل منذ أكثر من عقد، بقيادة عبد الهادي أرغنديوال، وزير الاقتصاد سابقا.
وقد تأسست جماعة الحزب الإسلامي، بقيادة حكمتيار، عام 1977، إبان الغزو السوفياتي السابق لأفغانستان، وتحول الحزب إلى أحد أكبر الأحزاب التابعة للمجاهدين الذين قاتلوا القوات الروسية آنذاك. وبعد سيطرة «طالبان» على مقاليد الحكم في كابل، تحول حكمتيار مرة أخرى إلى طرف معارض، لكنه لم يقاتل حكومة «طالبان»، بل ظل حياديا. وهو يتنقل بين إيران وباكستان، بينما انضم غالبية مقاتليه إلى جماعة طالبان. وبعد رحيل نظام «طالبان»، تحول قلب الدين حكمتيار مرة أخرى إلى طرف في صراع دام بين الجماعات المتمردة وحكومة كابل المدعومة من قبل الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، وشن أفراده حربا ضد القوات الدولية والحكومة منذ عام 2001.
وبموجب الاتفاق الموقع بين الطرفين، فإن الحزب الإسلامي يتخلى عن الحرب والنشاط العسكري، ويقبل بالدستور الأفغاني، وينخرط في العملية السياسية، من خلال مزاولة النشاط السياسي السلمي في كل المحافظات الأفغانية، البالغ عددها أربع وثلاثون محافظة. وفي المقابل، تتعهد الحكومة الأفغانية بالسعي إلى إزالة اسم حكمتيار، وباقي أعضاء الحزب، من لوائح سوداء للأمم المتحدة والولايات المتحدة، ورفع حظر السفر عن زعيم الحزب حكمتيار.
والحزب الإسلامي الذي كان حزبا قويا، وذا قاعدة شعبية واسعة أيام القتال الأفغاني في ثمانينات القرن الماضي، عاش مراحل عصيبة من حياته السياسية، ودخل في تحالفات متناقضة بعد سقوط الحكم الشيوعي في عام ١٩٩١ في كابل، إذ انخرط في الحرب الأهلية التي استمرت حتى مجيء «طالبان»، وقتل عشرات الآلاف من المدنيين في كابل. وقد وجه اللوم إلى زعيم الحزب حكمتيار الذي كان سببا في قصف المدينة، بحجة تحالف باقي الأحزاب مع العناصر الشيوعية، لكنه سرعان ما تحول إلى حليف للجنرال الشيوعي في ذاك الوقت عبد الرشيد دوستم، ثم انقلب عليه وتحالف مع فصيل آخر. وفي أيام «طالبان» التي واجهت نفوذ الحزب، خصوصا في مناطق الباشتون، هرب حكمتيار إلى إيران أولا، ثم إلى باكستان، وبات يعيش في مخيم اللاجئين في بشاور. وبعد سقوط الحكومة الطالبانية المتشددة، أعلن حكمتيار حربا على حكومة كابل، وبدء التحرك العسكري في عدة مناطق كانت خاضعة له، خصوصا في محيط العاصمة كابل، مثل ولاية لوجر وغزني، وولاية وردك ذات الأغلبية الباشتونية. وقد أدرج اسمه في لوائح سوداء دوليا، وأعلنت السفارة الأميركية في كابل، في بيان لها، أنها تدعم الاتفاق الموقع بين الحزب والحكومة، ما دام الحزب قد قبل بالدستور الأفغاني، والتزم باحترام حقوق المرأة والأقليات، وتخلى عن الحرب، وانفصل عن الجماعات الإرهابية.
في حين وجه أعضاء سابقون وحاليون في جماعة طالبان انتقادا لاذعا لاتفاق السلام بين حكمتيار والحكومة، واصفين ذلك بأنه خضوع من حكمتيار لسلطة الاحتلال.
يقول المحلل السياسي الأفغاني مجيد روزي إن هذا الاتفاق لا يتوقع أن يكون له أي تأثير على مسار الحرب الحالية في البلد، والسبب أن حكمتيار وجماعته لم يعد له أي حضور عسكري، وإنما أراد الرجل الانخراط في العمل السياسي، لينهي حياته بهذا الشكل في كابل، مضيفا أن حكمتيار سلاح ذو حدين، فإما أن يتحول إلى حمامة سلام يدعم الحكومة في الاستقرار والأمن، وإما أنه سيتحول إلى عنصر مزعج للسلطات، قد يؤدي إلى التسريع برحيلها.
وعلى الرغم من تحفظ بعض قادة المتشددين السابقين، والشخصيات السياسية المؤثرة، على اتفاق السلام الموقع بين الحزب الإسلامي والحكومة، فإن الأغلبية الساحقة من الأفغان يأملون في أن يؤدي هذا الاتفاق إلى حقن الدماء، وأن تسير «طالبان» في الاتجاه نفسه، لإنهاء الحرب المدمرة المستمرة منذ عقود.
ويؤكد الباحث السياسي أحمد سعيدي أن الهدف الحقيقي من وراء اتفاق السلام هذا هو تعزيز سلطة الرئيس أشرف غني الذي يعاني من فقدان وضعف القاعدة الشعبية في أوساط الباشتون، والذي يسعى من خلال حضور حكمتيار في العاصمة إلى توجيه رسائل متعددة الاتجاه. فهو سيعزز مكانته وسط المتشددين من خلال وجود حكمتيار إلى جانبه، كما أن الرجل سيكون داعمه الأساسي مقابل شريكه في الحكم، خصم حكمتيار السابق عبد الله عبد الله، رئيس السلطة التنفيذية في حكومة الوحدة الوطنية.



فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».