أصدقاء مهاجم مينيسوتا: كان «فتى أميركيًا عاديًا»

ضاهر الصومالي أحد جنود «داعش» أثار الرعب في كل مكان

الزعماء المحليون للجالية الصومالية في سانت كلاود بمينيسوتا يتجمعون عقب انتشار خبر الاعتداء الذي نفذه ضاهر عدن «نيويورك تايمز»
الزعماء المحليون للجالية الصومالية في سانت كلاود بمينيسوتا يتجمعون عقب انتشار خبر الاعتداء الذي نفذه ضاهر عدن «نيويورك تايمز»
TT

أصدقاء مهاجم مينيسوتا: كان «فتى أميركيًا عاديًا»

الزعماء المحليون للجالية الصومالية في سانت كلاود بمينيسوتا يتجمعون عقب انتشار خبر الاعتداء الذي نفذه ضاهر عدن «نيويورك تايمز»
الزعماء المحليون للجالية الصومالية في سانت كلاود بمينيسوتا يتجمعون عقب انتشار خبر الاعتداء الذي نفذه ضاهر عدن «نيويورك تايمز»

يبدو الرجل الذي تقول الشرطة إنه طعن 10 أشخاص في أحد مراكز التسوق هنا يوم السبت، وكأنه نموذج للاستيعاب الأميركي، وليس من المتطرفين، كما قالت عنه عائلته والأشخاص الذين يعرفونه. وهو نجل لاجئين صوماليين، وعاش في الولايات المتحدة أغلب سنوات حياته، وكان أداؤه الدراسي جيدا، ويمارس الرياضة، ويعمل حارس أمن، ويتلقى الدورات التدريبية في إحدى الكليات المحلية.
ولكن هناك وصف جديد ظهر بشأنه: «الإرهابي». فأثناء سيره في مركز كروس - رودز التجاري، مرتديا سترة حراس الأمن وحاملا سكينا في يده، كان المهاجم، والمعروف لدى المسؤولين باسم ضاهر عدن يبلغ من العمر (20 عاما)، يذكر اسم الله بصوت مرتفع وسأل أحد الضحايا إن كان مسلما من عدمه، على نحو ما أفادت الشرطة. وزعم تقرير صادر عن وكالة أنباء على صلة بتنظيم داعش الإرهابي يوم الأحد أن «أحد جنود الخلافة» كان وراء حادثة الطعن المروعة. ويحقق مكتب التحقيقات الفيدرالية الأميركية في الحادثة من واقع أنها عمل إرهابي محتمل. ولم يتأكد مسؤولو إنفاذ القانون في الولايات المتحدة ما إذا كان ضاهر عدن قد أجرى اتصالات مع أي جماعة إرهابية، أو كانت له خلفية من «التطرف الذاتي»، استجاب من خلالها لدعوات التطرف العنيف تلك التي تستخدمها الجماعات الإرهابية في استمالة المواطنين الغربيين من أجل شن الهجمات الفردية في الداخل. وأكد قائد شرطة سانت كلاود، ويليام بلير آندرسون، أن التحقيقات لا تزال في بدايتها، وأضاف: «أريد معرفة كل شيء بخصوص هذا الشخص منذ ولادته وحتى يوم السبت الماضي».
ويقول جامع عليماد، أحد الزعماء المحليين للجالية الصومالية في سانت كلاود وأحد أصدقاء عائلة عدن، الذي شاهد ضاهر عدن في وقت سابق من هذا الصيف: «كان صبيا أميركيا عاديا. ولم أر أحد أكثر انخراطا في الحياة الأميركية من هذا الفتى». فر العملاء داخل مركز التسوق من المهاجم المذكور في اتجاه مخارج المبنى، وانتهت الحادثة المروعة عندما أطلق أحد ضباط الشرطة، من خارج الخدمة وقتئذ، النار على ضاهر عدن وأرداه قتيلا داخل متجر ماسي بالمركز التجاري بالمدينة.
وفي يوم الاثنين، رفعت شرطة سانت كلاود عدد ضحايا حادثة الطعن من تسعة أشخاص إلى عشرة، وفسرت الشرطة ذلك بأنها علمت بأن أحد الضحايا لم يتلق العلاج الطبي الفوري في أعقاب الحادثة. ولم يعان أي من الرجال الثمانية والمرأتين الذين تعرضوا للحادثة من إصابات مهددة للحياة، ولم يبق أي منهم في المستشفيات لفترة طويلة، كما أفاد المسؤولون. وأعيد افتتاح مركز التسوق للعمل مرة أخرى صباح يوم الاثنين. ومنذ وقوع الهجوم، حاول كل من يعرف ضاهر عدن أن يجمع ما بين شخصية الشاب الهادئ، دمث الأخلاق ومن شاهدوه يحمل على يديه آثار أفعاله الدموية ضد الأبرياء. وقال أناس ممن تحدثوا مع عائلته إنه لم تبد عليه علامات التطرف أبدا، وفي يوم السبت، يوم الحادثة، كان يبدو في حالة معنوية جيدة، وقال إنه ذاهب إلى المركز التجاري لشراء هاتف آيفون جديد.
يقول حاجي يوسف، مدير جماعة «يونايت كلاود»، تلك التي تحاول تسوية التوترات بين الثقافات في المدينة: «إنه أمر كان يخفيه بشكل جيد للغاية إن كان حقا فعل فعلته تلك». يقول محمود إسماعيل محمد، المدير التنفيذي لمنظمة الخلاص الصومالي في منطقة سانت كلاود، إنه ساعد عائلة عدن على الاستقرار في مدينة سانت كلاود قبل نحو سبع أو ثماني سنوات: «لا يمكننا تصديق الكلام الذي يقال»، في إشارة إلى انتظار إفراج الشرطة عن تسجيلات الفيديو المتعلقة بالحادثة، وأضاف يقول: «إن ما حدث في تلك الليلة بين مغادرة ضاهر لمنزله وحادثة الطعن لا يزال سؤالا يساوي مليون دولار».
انتقل بعض من أصدقاء ضاهر عدن وزملائه في الدراسة إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم الأمر وارتباكهم بشأنه. وقال أحدهم ويدعى تشامي على حسابه على «تويتر»: «كان شابا لطيفا ومتواضعا، وهكذا أراه حتى الآن». وأصدر عبد الواحد أسامة، وهو محامي عائلة ضاهر عدن، بيانا مساء الاثنين، قال فيه إن أقارب ضاهر يريدون الإعراب عن «تعاطفهم الشديد وتعازيهم» لضحايا الهجوم وخالص دعائهم بالشفاء العاجل.
وأضاف المحامي في بيانه المعلن يقول: «كعائلة واحدة، فإننا ملتزمون بالتعاون الكامل، في حدود القانون الأميركي، مع كل وكالات إنفاذ القانون أثناء مجريات التحقيقات في الحادثة».
كما حث البيان كذلك الناس على «عدم الاندفاع في إصدار الأحكام أو التسرع في الاستنتاجات. وأسرتنا تحب مدينة سانت كلاود وتحب الولاية بأسرها». وقال الرئيس أوباما إنه اطلع على مجريات التحقيقات بشأن حادثة ولاية مينيسوتا، وإنه ليس هناك من دليل قائم على وجود صلة بين الانفجارات التي ضربت مدينة نيويورك وضواحيها يوم السبت وحادثة سانت كلاود.
وقال الرئيس الأميركي، في مؤتمر صحافي عقد في نيويورك، حيث يحضر الدورة السنوية لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة: «عند هذه النقطة، فإننا لا نرى أي صلة بين هذه الحادثة وما وقع في نيويورك ونيوجيرسي».
وقال السيد عليماد إن ضاهر عدن قد هاجر إلى الولايات المتحدة طفلا ونشأ في مدينة سانت كلاود. وقال إنه كان متفوقا في دراسته، ولم يكن متدينا بشكل خاص، على الرغم من أنه لم يكن ملحدا أيضا.
وأضاف السيد عليماد يقول: «نريد الوصول إلى منتهى التحقيقات في هذه الحادثة. كما نريد أن نعرف ما الذي دفع هذا الفتى إلى ارتكاب ما فعل».
وذكرت صحيفة «ستار تريبيون» الصادرة في ولاية مينيسوتا أن ضاهر عدن عاش برفقة والده في شقة في سانت كلاود. وقال الوالد إن نجله ولد في كينيا، تلك التي فر إليها كثير من الصوماليين من الحرب الأهلية الدائرة في الصومال منذ سنوات طويلة.
كان ضاهر عدن يعمل بدوام جزئي في شركة حراسات أمنية تدعى «سكيوريتاس»، تلك التي كلفته بواجب الحراسة في عطلة نهاية الأسبوع في منشأة «إلكترولوكس» في سانت كلاود، وفقا لما أفادته الشركتان. ولقد أصدرت شركة «سكيوريتاس» بيانا قالت فيه إن ضاهر عدن قد استقال من العمل لديها في يونيو (حزيران) الماضي، مما يقدم معلومات قليلة حول تاريخ عمله لدى الشركة، باستثناء أن الشركة وظفته «وفقا لقانون العمل بولاية مينيسوتا وبما يتفق مع سياسة التوظيف في الشركة».
* «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.