الرئيس التونسي يبدأ زيارته الثانية للولايات المتحدة

تمويل الاقتصاد التونسي وضمان الاستقرار في ليبيا أهم الملفات المطروحة

الرئيس التونسي يبدأ زيارته الثانية للولايات المتحدة
TT

الرئيس التونسي يبدأ زيارته الثانية للولايات المتحدة

الرئيس التونسي يبدأ زيارته الثانية للولايات المتحدة

غادر الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس، تونس متجها إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد أكثر من سنة على أول زيارة له، التقى خلالها الرئيس باراك أوباما.
وتكتسي زيارة السبسي لأميركا أهمية خاصة بالنظر إلى الملفات الكبرى التي سيطرحها بمناسبة المشاركة في أعمال الدورة الحادية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وكذلك لطبيعة الملفات المحلية والدولية التي سيطرحها الباجي على المنظمة الأممية.
ويتخذ ملف الأزمة الليبية واستقرار الوضع السياسي والأمني لصالح حكومة الوفاق الوطني، ومن ثم إرساء دعائم تنفيذ الاتفاق السياسي، أولوية بالنسبة للرئيس التونسي الذي تأوي بلاده نحو مليوني ليبي فوق ترابها، وتنظر بريبة إلى عدم الاستقرار في ليبيا، وتواصل التهديدات الإرهابية الآتية إلى تونس من القطر الليبي المجاور.
ويضم الوفد المرافق لرئيس الجمهورية بالخصوص وزيري الخارجية والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي، ومن المنتظر أن تذكر تونس بانضمامها المبكر إلى منظمة الأمم المتحدة قبل نحو 60 سنة. ويحضر الوفد التونسي أعمال المنتدى الاقتصادي الأفريقي - الأميركي، ويلتقي عددا من رؤساء الدول وكبار المسؤولين في الشركات الأميركية والمؤسسات المالية الدولية، التي ستكون حاضرة بقوة.
ووفق مصادر من الرئاسة التونسية، فإن المنتدى الأميركي - الأفريقي يعقد بمشاركة نحو 35 رئيس دولة وأكثر من مائتي شركة أميركية كبرى، وهو ما يمثل فرصة استثنائية للتسويق للمؤتمر الدولي للاستثمار الذي تنظمه تونس يومي 29 و30 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، لحشد الدعم الدولي لمشروعات التنمية المبرمجة حتى سنة 2020.
وبشأن هذه الزيارة الجديدة إلى الولايات المتحدة الأميركية، قال المحلل السياسي المنذر ثابت لـ«الشرق الأوسط»، إن حصول تونس على الدعم الأميركي وتنفيذ ما تضمنته مذكرة التعاون الاقتصادي والأمني الموقعة بين البلدين خلال سنة 2015، بإمكانه أن يمنح البلاد «جرعة أوكسجين» ويبعث برسائل إيجابية إلى مختلف شركاء تونس. وأشار ثابت إلى أن الرئيس التونسي يدرك أن مجموعات الضغط الأميركية والدولية هي التي تتولى توجيه سياسة العالم الاقتصادية والأمنية عبر مجموعة من القرارات والمؤتمرات الدولية، وفي حال ضمان ثقة الإدارة الأميركية ودعمها، فإن عدة حلول ستفتح أمام السلطات التونسية.
وأضاف ثابت أن الرئيس التونسي سيدافع بحماس عن الاستثناء التونسي في دول ما يسمى بـ«الربيع العربي»، وسيدعو إلى دعم تجربة الانتقال الديمقراطي ومشاركة تونس انتقالها الاقتصادي.
أما على المستوى السياسي المحلي، فقد يشكل تنقيح دستور 2014، وطرح تعديل النظام السياسي في تونس من نظام برلماني معدل إلى نظام رئاسي معدل، أبرز المحاور المطروحة في المحادثات بين تونس والولايات المتحدة نتيجة عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي المسجل في تونس وتواتر أكثر من 8 حكومات في فترة زمنية أقل من 6 سنوات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.