الجيش الليبي يتصدى لهجوم شنّته ميليشيات في الهلال النفطي

مسؤول عسكري ينفي لـ «الشرق الأوسط» مشاركة طائرات مصرية

أفراد من هيئة السلامة الوطنية الليبية يخمدون حريقا خلال مظاهرات لدعم خليفة حفتر في بنغازي الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
أفراد من هيئة السلامة الوطنية الليبية يخمدون حريقا خلال مظاهرات لدعم خليفة حفتر في بنغازي الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
TT

الجيش الليبي يتصدى لهجوم شنّته ميليشيات في الهلال النفطي

أفراد من هيئة السلامة الوطنية الليبية يخمدون حريقا خلال مظاهرات لدعم خليفة حفتر في بنغازي الجمعة الماضية (أ.ف.ب)
أفراد من هيئة السلامة الوطنية الليبية يخمدون حريقا خلال مظاهرات لدعم خليفة حفتر في بنغازي الجمعة الماضية (أ.ف.ب)

أعلن الجيش الوطني في ليبيا أنه تصدى أمس لهجوم جديد شنته ميليشيات جهاز حرس المنشآت النفطية الموالي لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة برئاسة فائز السراج، في مينائي السدرة، وراس لانوف، بمنطقة الهلال النفطي.
ونفى مسؤول رفيع المستوى في الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر لـ«الشرق الأوسط» ما رددته أمس قناة الجزيرة نقلاً عن المهدي البرغثي، وزير الدفاع في حكومة السراج، عما وصفه بوجود فرضيات عن قصف مصري لمينائي السدرة وراس لانوف. وقال مسؤول في سلاح الطيران التابع للجيش الليبي إنه غير صحيح أن طائرات مصرية شاركت إلى جانب طائرات ليبية في قصف الميناءين، مؤكدًا في المقابل أن القوات البرية والجوية في الجيش الليبي تمكنت من إحباط الهجوم وبدأت في مطاردة المهاجمين.
وقالت مصادر عسكرية ليبية لـ«الشرق الأوسط» إن قوات الجيش نجحت في إحباط هجوم مشترك نفذته ميليشيات يقودها إبراهيم الجضران، رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية مع ميليشيات «سرايا الدفاع عن بنغازي» بقيادة زياد بلعم، في محاولة لاستعادة السيطرة على موانئ النفط الرئيسة في منطقة الهلال النفطي.
وأوضحت أن الاشتباكات أسفرت عن اشتعال النيران في أحد خزانات النفط في ميناء السدرة، لكن قوات الأمن والسلامة سيطرت على الوضع، مشيرة إلى أن قوات الجيش قتلت خمسة من ميليشيات الجضران، وضبطت 4 آليات مسلحة. والسدرة وراس لانوف ضمن أربعة موانئ انتزعت قوات الجيش الوطني الموالي لحفتر السيطرة عليها من حرس المنشآت النفطية الأسبوع الماضي في هجوم خاطف ودون أي خسائر بشرية أو مادية تذكر.
واعتبر العميد عبد السلام الحاسي آمر غرفة عمليات «الكرامة» التابعة للجيش الذي يقوده حفتر أن الوضع في الموانئ النفطية والمنطقة القريبة منها تحت السيطرة، مؤكدًا أن قوات الجيش تسيطر على الموانئ النفطية والمنطقة السكنية راس لانوف بالكامل، كما تقوم بتطهير منطقة السدرة، وملاحقة بقايا فلول المسلحين في الصحراء، وجارٍ التعامل معهم.
وتضم منطقة الهلال النفطي أربعة موانئ تصدير رئيسية في منتصف الطريق بين مدينتي بنغازي وسرت.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية عن القائد الميداني بالكتيبة 203 محمد القابسي إصابة إبراهيم الجضران خلال الاشتباكات المسلحة في منطقة راس لانوف، بالإضافة إلى اعتقال 9 من عناصر القاعدة المتحالفة معه، وتكبيدهم خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ونجح سلاح الجو الليبي باستخدام الطائرات المروحية في تدمير آليات عسكرية للجماعات الإرهابية خلال عملية المطاردة وفقًا لما أكده القابسي. كما أعلن الجيش أن اللواء 12 مجحفل اقتحم بلدة النوفلية من المحور الجنوبي وسيطر على مشروع نينة الزراعي في الجفرة، والذي يبعد عن مدينة سوكنة نحو 40 كيلومترًا.
وقال الملازم محمد أبسيط: «تقدمت قوات حرس المنشآت صباح أمس ونحن نخوض اشتباكات معها في مدينة راس لانوف».
كما أعلن العقيد مفتاح المقريف، آمر القوة المكلفة بحماية المنشآت النفطية في القوات التي يقودها حفتر: «قمنا بصد هجوم الميليشيات (...) التي تقدمت مدعومة بأطراف خارجة عن القانون من غرب ليبيا حتى وصلت لمنطقة راس لانوف». وتابع: «قمنا بصدهم ونلاحقهم في المنطقة (...)، وقد تمكنا من أسر بعض عناصرهم».
وكان علي الحاسي، المتحدث باسم جهاز حرس المنشآت التابع لحكومة السرج، قد زعم في وقت سابق أن قواته هاجمت السدرة وراس لانوف، وأن قوات الجيش تحاول استهداف القوات المهاجمة بالطائرات».
واعتبر السفير البريطاني لدى ليبيا، بيتر ميليت، في تغريدة على «تويتر» عقب اندلاع الاشتباكات أن «القتال المستمر حول منشآت الهلال النفطي مضر بمستقبل ليبيا الاقتصادي. الحوار أفضل طريقة لحل الخلافات». فيما أكد المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، جوناثان واينر، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية مؤخرًا أن الولايات المتحدة تؤيد تصدير النفط من الموانئ التي خرجت عن سيطرة حكومة الوفاق الوطني، طالما أن عائدات المبيعات تصب في صالح هذه الحكومة وحدها، كما دعا إلى تجنب التصعيد العسكري، مشجعًا الحكومة بدل ذلك على الدخول في حوار.
وتهدد هذه الاشتباكات خطط المؤسسة الوطنية للنفط التي تدير هذا القطاع الحيوي منذ عقود حيال استئناف التصدير من موانئ هذه المنطقة المهمة، بعدما أعلنت المؤسسة يوم الخميس الماضي رفع حالة «القوة القاهرة» عنها؛ الأمر الذي يتيح قانونيًا بدء التصدير منها.
وتواجه ليبيا أزمة كبيرة في السيولة، واستئناف تصدير النفط أمر بالغ الأهمية لبلد يعاني من فوضى سياسية، وانقسامات، ونزاع عسكري متعدد الأطراف، منذ الإطاحة بالنظام السابق في عام 2011.
وفي ليبيا سلطتان تحظى كل منهما بدعم قوات مسلحة، حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من المجتمع الدولي ومقرها طرابلس، وحكومة موازية تحظى بدعم البرلمان المنتخب ومقرها مدينة البيضاء في الشرق.
ومنذ انتفاضة عام 2011 والإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، يعيش قطاع النفط الليبي تراجعًا مستمرًا. وأصبحت ليبيا، أغنى دول أفريقيا بالنفط مع احتياطي يبلغ 48 مليار برميل، تحقق أدنى إنتاج بين دول منظمة «أوبك» في عام 2015، بحسب «أوبك».
وأغلقت موانئ التصدير في المنطقة النفطية في مراحل عدة منذ 2011، كان آخرها بداية العام الحالي إثر تعرضها لهجمات شنها تنظيم داعش، وتمكنت ميليشيات الجضران من صدها. إلى ذلك، أعلنت قوات موالية لحكومة السراج في مدينة سرت الساحلية أنها استأنفت معركتها مع تنظيم داعش في سرت بعد نحو أسبوعين من الهدوء على جبهات القتال في المدينة.
وقال المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص» على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك إنه تم تفجير سيارتين مفخختين بالحي السكني رقم 3، قبل وصولهما للخطوط الأمامية مع استمرار تقدم القوات، مشيرًا إلى استهداف المدفعية الثقيلة للمواقع التي تختبئ فيها فلول «داعش» في سرت.
وقال المتحدث باسم العملية، رضا عيسى، إن استئناف المعركة جاء «بعد عدة اجتماعات عقدها القادة الميدانيون، وهناك تقدم يتحقق حاليًا، حيث إن قواتنا تشتبك مع عناصر (داعش)»، لافتًا إلى أن «إصابات وقعت في صفوف قواتنا»، من دون أن تحدد طبيعة هذه الإصابات.
لكن المستشفى الميداني في سرت أعلن في المقابل عن مصرع 3 وسقوط 20 جريحًا من القوات شبه الحكومية خلال هذه الاشتباكات، مشيرًا إلى نقل الجرحى إلى مستشفى مصراتة المركزي. ونقلت قناة النبأ التلفزيونية الموالية لجماعة الإخوان المسلمين عن العميد محمد الغصري الناطق باسم عملية البنيان المرصوص، تأكيده على مصرع اثنين من قيادات «داعش» في سرت، مشيرًا إلى أن قوات السراج تخوض معارك في عمارات الـ600 ومنطقة الجيزة البحرية.
ويأتي استئناف العملية العسكرية التي انطلقت في منتصف مايو (أيار) الماضي بعد أقل من أسبوع على قرار الحكومة الإيطالية إقامة مستشفى ميداني في مصراتة التي تبعد 200 كيلومتر شرق العاصمة طرابلس، مركز القوات الحكومية، وذلك بطلب من حكومة السراج.
وقال عيسى إن المستشفى الإيطالي «قيد التجهيز، وهناك ترتيبات تسير بحسب ما هو مخطط لها»، علمًا بأنه قتل أكثر من 450 من عناصر القوات الحكومية، وأصيب نحو 2500 بجروح منذ بدء عملية «البنيان المرصوص».
وغالبًا ما يكتظ المستشفى المركزي في مصراتة بجرحى القوات مع بداية كل هجوم جديد، ما يضطر القادة الميدانيين إلى تعليق الهجمات ضد مواقع تنظيم داعش؛ حتى يتمكن المستشفى من استقبال مزيد من الجرحى.
وتواجه قوات السراج أثناء تقدمها في سرت سيارات مفخخة يقودها انتحاريون وعشرات العبوات الناسفة المزروعة على الطرقات وبين المنازل، إضافة إلى نيران القناصة المتمركزين في الأبنية.
من جهة أخرى، قام سكان غاضبون يحتجون على تردى الأحوال المعيشية والانقطاع المستمر للكهرباء بإغلاق بعض شوارع العاصمة الليبية طرابلس مساء أول من أمس. وقالت مصادر إن مجموعات من الأهالي خرجت بشكل مفاجئ في عدة شوارع، حيث قاموا بإغلاق الطرق وحرق الإطارات المطاطية؛ احتجاجًا على تجدد انقطاع التيار الكهربائي لمدة طويلة وصلت إلى أكثر من 12 ساعة يوميًا.
كما أغلق السكان مدخل الطريق السريع المؤدي إلى العاصمة، ومدخل الطريق الدائري الثاني من جهة منطقة تاجوراء بالسواتر الترابية.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.