تراشق أميركي ـ روسي في مجلس الأمن بعد أن قتل التحالف 90 جنديًا سوريًا

باور اتهمت موسكو بالنفاق.. وتشوركين متهكمًا: من يدير السياسات عندكم البيت الأبيض أم البنتاغون؟

تراشق أميركي ـ روسي في مجلس الأمن بعد أن قتل التحالف 90 جنديًا سوريًا
TT

تراشق أميركي ـ روسي في مجلس الأمن بعد أن قتل التحالف 90 جنديًا سوريًا

تراشق أميركي ـ روسي في مجلس الأمن بعد أن قتل التحالف 90 جنديًا سوريًا

شهدت الجلسة الطارئة التي عقدها مجلس الأمن الدولي مساء أول من أمس، على خلفية الضربات التي شنها التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن على منطقة دير الزور وأسفرت عن مقتل نحو 90 جنديًا سوريًا، تراشقًا أميركيًا - روسيًا.
وخرجت سامانتا باور سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة من الجلسة، بينما كان المندوب الروسي فيتالي تشوركين يتحدث لأعضاء مجلس الأمن، وأبدت عدم اكتراثها بالاستماع لما سيقوله تشوركين. وقالت باور للصحافيين بعد مغادرتها إن روسيا تمارس الألاعيب والنفاق، وتحاول مثل السحرة أن تخلق نوعا من التضليل لتشتيت الأنظار عن جرائم النظام السوري. واتهمت المندوبة الأميركية روسيا بعدم الالتزام بدورها في الاتفاق التي أمضى الجانبان الأميركي والروسي شهورًا طويلة من المفاوضات للتوصل إليه.
وحول ضربات قوات التحالف على مواقع النظام في دير الزور، قالت باور: «نحن نجمع المعلومات لكن أستطيع أن أؤكد أن الضربة كانت تستهدف (داعش). لقد أوقفنا الضربة عندما أبلغتنا روسيا بوجود احتمال أننا استهدفنا مواقع ومعدات للجيش السوري، ونقوم حاليا بالتحقيق في هذا الأمر».
وسخرت باور من دعوة روسيا لعقد الجلسة الطارئة بمجلس الأمن لمناقشة الضربات الأميركية في دير الزور، وقالت: «هذه ألاعيب ونفاق فريد من نوعه. منذ عام 2001 قام نظام الأسد بضرب أهداف مدنية عمدا، ومنع قوافل المساعدات الإنسانية من الوصول للمحتاجين، واستخدم الأسلحة الكيماوية ضد شعبه عشرات المرات، وروسيا لم تعرب عن غضبها أو تطلب تحقيقا أو عقد جلسة طارئة لمناقشة فظائع النظام السوري. ومنذ العام الماضي تساند الأسد في قصف مدنيين ومستشفيات وأسواق». وأبدت باور امتعاضها وسخريتها قائلة: «بجدية، هل يدعون حقا لجلسة طارئة لمناقشة قصف تم بالخطأ، واعترفنا أننا سنحقق فيه. تخيلوا عدد المرات التي كان يتعين على مجلس الأمن أن يعقدها لو كان الأمر يستدعي ذلك في كل مرة يقوم النظام السوري بقصف مدرسة أو سوق أو مستشفى». وأضافت: «روسيا لم تلتزم بدورها في الاتفاق الذي أمضينا شهورا في المفاوضات للتوصل إليه وهي تعرف من هم الجماعات الإرهابية ومن هي جماعات المعارضة. طلبها بعقد جلسة طارئة محاولة تضليل وتشتيت الأنظار كما يفعل السحرة لتشتيت الأنظار عن جرائم النظام السوري».
واستنكرت المندوبة الأميركية اتهامات روسيا للولايات المتحدة بحماية «داعش» وقالت: «حقا؟ أن نقود تحالفا من عشرات الدول لتدمير (داعش)، والمندوب الروسي الذي اتهمنا (بالقصف) عليه أن يخجل من نفسه. هذا أمر جاد، وليس لعبة. الحكومة السورية هي التي سمحت لـ(داعش) بالنمو، واستراتيجية الأسد وتكتيكاته هي هدية للإرهابيين في سوريا وخارجها، وعلى روسيا التوقف عن تسديد أهداف رخيصة والتركيز على تنفيذ الصفقة التي تستهدف إنقاذ الأرواح».
بدوره، خرج فيتالي تشوركين من الجلسة الطارئة للتحدث للصحافيين وقال للصحافيين إنه أمضى أربعين عاما في العمل الدبلوماسي ولم ير خلال هذه الفترة تصرفا يتسم بالغلظة مثلما رأى هذه المرة من المندوبة الأميركية. وشكك المندوب الروسي في توقيت وهدف الضربات الجوية التي قادتها الولايات المتحدة مع قوات التحالف، مشيرا إلى أنها تثير علامات استفهام كبيرة جدا، ويصعب تصديق أنها كان مصادفة أو خطأ، خاصة أنها تأتي قبل يومين فقط من البدء بتنفيذ التنسيق العسكري الروسي - الأميركي وفق الاتفاق. وقال تشوركين: «لدينا شكوك حول سبب القرار المفاجئ للولايات المتحدة بضرب الجيش السوري الذي يدافع عن دير الزور، ولماذا التوقيت قبل يومين من بدء تنفيذ التنسيق الأميركي - الروسي وفق اتفاق التاسع من سبتمبر (أيلول) الحالي؟». وأضاف: «إذا كانت الولايات المتحدة تريد ضرب النصرة كان يمكن لها أن تنتظر يومين وتنسق معنا لكنها اختارت القيام بهذه العملية المشبوهة والمثيرة للشكوك وحدها». وأكد تشوركين في إجابته على أسئلة الصحافيين: «من الصعب التصديق أنه حدث عارض سواء من حيث التوقيت أو الهدف، لكن علينا أن ننتظر ونرى الخطوة التالية».
وشكك المندوب الروسي في إمكانية صمود اتفاق وقف إطلاق النار في سوريا، مشيرا إلى أن الاتفاق يواجه أزمة. وتابع: «آمل أن يجد الأميركيون طريقا لإظهار جديتهم في مكافحة الإرهاب، وإيجاد تسوية سياسية لسوريا والتوقف عن إلقاء اللوم على روسيا في كل شيء». وأشار المندوب الروسي إلى أن واشنطن ترفض الكشف عن الاتفاق حتى لأعضاء مجلس الأمن، متهما الولايات المتحدة بشن الضربة على دير الزور لعرقلة تنفيذ التنسيق المشترك. ثم تساءل بتهكم: «من يدير الأمور في واشنطن هل هو البيت الأبيض أم البنتاغون؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.