مدخرات صندوق الاحتياطي الروسي مهددة بالنفاد

{الدفاع} و{المالية} يختلفان على الإنفاق العسكري.. وملايين بحوزة مسؤول «مكافحة الفساد»

احتياطي روسيا من سندات الخزينة الأميركية تراجع بنحو 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو (رويترز)
احتياطي روسيا من سندات الخزينة الأميركية تراجع بنحو 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو (رويترز)
TT

مدخرات صندوق الاحتياطي الروسي مهددة بالنفاد

احتياطي روسيا من سندات الخزينة الأميركية تراجع بنحو 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو (رويترز)
احتياطي روسيا من سندات الخزينة الأميركية تراجع بنحو 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو (رويترز)

يبدو أن روسيا ستضطر لا محالة هذا العام لاستهلاك كل مدخرات صندوق الاحتياطي لتغطية العجز في الميزانية، ذلك أن التصريحات الرسمية والتسريبات الإعلامية بشأن هذا الاحتمال تتكرر بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة. هذا في الوقت الذي تراجع فيه احتياطي روسيا من سندات الخزينة الأميركية بقدر 3 مليارات دولار خلال شهر يوليو (تموز)، فيما يطفو على السطح مجددا جدل بين وزارتي المالية والدفاع الروسيتين بشأن حجم التمويل الحكومي للمؤسسة العسكرية وتحديث السلاح الروسي.
وبينما تحاول الحكومة جاهدة تأمين أي مبالغ إضافية لتغطية العجز في الميزانية، كشفت عملية أمنية عن جريمة فساد مالي، المتهم فيها نائب رئيس القسم الخاص بمكافحة الفساد في وزارة الداخلية الروسية، وحسب التقديرات فقد عثر بحوزته وفي حسابات يقال إنها له على مبالغ تزيد عن 9 مليارات روبل روسي (نحو 138 مليون دولار)، علما بأن الحكومة بالكاد تمكنت مؤخرا من تخصيص مبلغ 3 مليارات روبل لدعم مجمع صناعة السيارات الروسي.
ويوم أمس، نقلت وكالة «تاس» عن مصدر مقرب من وزارة المالية الروسية قوله إن روسيا ستنفق كل مدخرات صندوق الاحتياطي هذا العام بحال لم تجر عمليات الخصخصة بالحجم المخطط له. ويقصد بذلك الخطة التي اعتمدتها الحكومة الروسية لخصخصة عدد من «المؤسسات الاستراتيجية» التي كانت خصخصتُها قبل الأزمة تعد من المحرمات، على اعتبار أنها شركات يلعب دخلها دورا رئيسيا في تأمين القسط الأكبر من دخل الميزانية الحكومية، أي أنها من أهم مصادر الدخل القومي، وهي شركات من القطاع النفطي مثل «باش نفط» و«روس نفط»، فضلا عن شركة الألماس الكبرى عالميا «ألروسا»، الوحيدة التي تمت خصخصتها حتى الآن، وهناك شركات أخرى مثل شركة النقل البحري، وغيرها.
والهدف من تلك العمليات هو تأمين الجزء الأكبر من عجز الميزانية الروسية لهذا العام، والذي يقدر بنحو ما بين 2.5 إلى 3 مليارات دولار.
وكان أليكسي لافروف، نائب وزير المالية الروسي، قد قال في وقت سابق، إن كل مدخرات صندوق الاحتياطي سيتم إنفاقها عام 2017، وبهذه الحال سيتم تمويل عجز الميزانية من مدخرات صندوق الرفاه الوطني. بينما قال أليكسي أوريشيكن، وهو نائب آخر من نواب وزير المالية الروسي إن الوزارة ستلجأ إلى الاقتراض الداخلي وتوسيعه لتمويل عجز الميزانية بغية الحفاظ على مدخرات صندوقي الاحتياطي والرفاه الوطني.
في سياق متصل، ذكرت وزارة المالية الأميركية يوم أمس، أن حجم الاحتياطي الروسي في سندات الخزينة الأميركية تراجع خلال شهر يوليو العام الجاري بقدر 2.7 مليار دولار، ليصل إلى 88.2 مليار فقط، وتأتي روسيا في المرتبة السادسة عشرة بين الدول التي تمتلك حصصا كبيرة من سندات الخزينة الأميركية.
وسط هذه الظروف، شرعت وزارتا المالية والدفاع الروسيتان في بحث مسألة حجم التمويل الحكومي للإنفاق العسكري الروسي، وبصورة خاصة لتمويل برنامج تحديث السلاح في الجيش الروسي لمرحلة سنوات 2018 - 2025. وقد جرى بحث هذه المسألة خلال اجتماع لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إلا أن الطرفين لم يتمكنا على الرغم من ذلك من تجاوز أي نقطة من النقاط الخلافية بينهما، وفق ما ذكرت صحيفة «كوميرسانت» الروسية، التي نقلت عن مصدر مطلع على تلك المحادثات تأكيداته أن «الفارق في تقدير حجم الإنفاق العسكري بين العسكريين وموظفي وزارة المالية يبلغ نحو 10 تريليونات روبل (نحو 153 مليار دولار)». ومن المتوقع أن تتكثف النقاشات بين الجانبين بهذا الصدد، ذلك أنه يجب عليهما إعداد الاقتراحات حول تمويل تحديث القوات الروسية حتى نهاية العام الجاري، على أن يتم إنجاز مشروع برنامج الإنفاق الحكومي وعرضه حتى الأول من يوليو 2017 على الرئيس لتوقيعه.
ويرجح مراقبون أن تكون الكفة في المحادثات لصالح وزارة الدفاع الروسية، لا سيما أن بوتين كان قد شدد خلال الاجتماع الذي جرى في الكرملين في التاسع من سبتمبر (أيلول) الجاري، على أنه «خلال إعداد المعايير المالية للبرامج الحكومية يجب الانطلاق من ضرورة ضمان تزويد القوات المسلحة بأسلحة ومعدات حديثة تسمح بتنفيذ مهام الدفاع عن روسيا بوجه التهديدات المحتملة على أكمل وجه». ولم تصدر أي تصريحات رسمية عن الوزارات الروسية بعد ذلك الاجتماع، إلا أن صحفا روسية ذكرت أن الخلافات بين وزارة المالية ومجمع المؤسسات العسكرية بقيت على حالها، إذ يقدر وزير الدفاع الروسي الاحتياجات لتغطية برنامج تحديث العتاد الحربي في القوات الروسي بقدر 22 تريليون روبل (337 مليار دولار)، بينما يرى وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف أن 12 تريليونا (184 مليار دولار) ستؤدي المهمة.
وفي الوقت الذي تبذل فيه الحكومة الروسية جهدها من أجل تأمين «مليار إضافي» لتغطية النفقات وعجز الميزانية، تتواصل في روسيا لليوم السابع على التوالي فصول جريمة فساد مالي مدوية يدور الحديث فيها عن مبالغ ضخمة، من شأنها أن تؤثر بشكل أو بآخر حتى على حجم العجز في الميزانية الروسية لو تم إدخالها إلى تلك الميزانية. وكانت أجهزة الأمن الروسية قد أعلنت الأسبوع الماضي عن توقيف العميد دميتري زاخارتشينكو، القائم بأعمال رئيس القسم «ت» في وزارة الداخلية الروسية، وهو القسم المسؤول عن الجريمة الاقتصادية والفساد المالي. وتوجه السلطات الأمنية للعميد زاخارتشينكو تهمة «الرشوة»، فضلا عن تهم أخرى، حيث عُثر خلال التفتيش الأولي على 20 مليون روبل في سيارته. وبعد عمليات بحث شملت شقته وشقق آخرين من أفراد أسرته، تقول الأجهزة الأمنية إنها عثرت على مبالغ كبيرة بالعملات الصعبة والروبل الروسي تقدر بشكل عام بنحو 8.5 إلى 9 مليارات روبل.
وخلال التحقيقات اكتشف الأمن الروسي وجود 6 حسابات مصرفية على اسم والد دميتري زاخارتشينكو في مناطق الأوفوشور، وفي كل حساب مبلغ يتراوح بين 45 إلى 47 مليون يورو. بينما عثر الأمن في وقت سابق خلال التفتيش في شقق أفراد عائلة زاخارتشينكو على مبلغ 120 مليون دولار، ومليوني يورو. وفي الوقت الحالي ينظر الادعاء بأكثر من احتمال حول المصدر الحقيقي لتلك المبالغ الضخمة من الأموال، وكيف وصلت إلى يد المسؤول الكبير في وزارة الداخلية الروسية، بينما ينفي زاخارتشينكو كل التهم الموجهة إليه، ويقول إن الأموال ليست له ولا علاقة له بها، ويؤكد أن العملية كلها تم «تركيبها» لتوجيه الاتهامات له كي لا يشغل منصب رئيس قسم مكافحة الجريمة الاقتصادية والفساد في الوزارة، ويطلب من النيابة العامة وضعه تحت الحجز المنزلي في شقة أخته، التي يقول إنها «مزودة بكاميرات حتى في الحمام» ويمكن للأمن مراقبته والتأكد من أنه لا ينوي الفرار.
ويرى البعض أن مصدر تلك الأموال يعود إلى عمليات اختلاس مصرفية تقوم بها مجموعات منظمة، ويشارك زاخارتشينكو بعمل تلك المجموعات حيث يشرف على تهريب تلك المبالغ خارج البلاد. بينا يرى آخرون أنها مبالغ ربما تعود لمصارف في روسيا شعرت أن البنك المركزي قد يسحب منها التراخيص، ولذلك بدأت بعملية تهريب للأموال خارج البلاد. إلا أن الحقيقة تبقى لدى الأمن الروسي الذي لم ينه تحقيقاته بعد.
وكان لافتا أنه في اليوم الذي أعلن الأمن الروسي فيه عن تلك الجريمة، صدرت تصريحات عن الحكومة الروسية تؤكد فيها أنها خصصت أكثر من 3 مليارات روبل لدعم مجمع صناعة السيارات الروسية .



ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
TT

ترمب يحجم عن فرض الرسوم الجمركية

ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)
ترمب يلقي خطاب تنصيبه بعد أداء اليمين الدستورية (أ.ف.ب)

يُرجئ دونالد ترمب فرض التعريفات الجمركية خلال يومه الأول ويراهن بشكل كبير على أن إجراءاته التنفيذية يمكن أن تخفض أسعار الطاقة وتروض التضخم. ولكن من غير الواضح ما إذا كانت أوامره ستكون كافية لتحريك الاقتصاد الأميركي كما وعد.

فقد قال ترمب في خطاب تنصيبه إن «أزمة التضخم ناجمة عن الإفراط في الإنفاق الهائل»، كما أشار إلى أن زيادة إنتاج النفط ستؤدي إلى خفض الأسعار.

وتهدف الأوامر التي يصدرها يوم الاثنين، بما في ذلك أمر مرتبط بألاسكا، إلى تخفيف الأعباء التنظيمية على إنتاج النفط والغاز الطبيعي. كما أنه يعتزم إعلان حالة طوارئ وطنية في مجال الطاقة على أمل إطلاق المزيد من إنتاج الكهرباء في إطار المنافسة مع الصين لبناء تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على مراكز البيانات التي تستخدم كميات هائلة من الطاقة.

ويعتزم ترمب التوقيع على مذكرة رئاسية تسعى إلى اتباع نهج حكومي واسع النطاق لخفض التضخم.

كل هذه التفاصيل وفقاً لمسؤول قادم من البيت الأبيض أصر على عدم الكشف عن هويته أثناء توضيحه لخطط ترمب خلال مكالمة مع الصحافيين، وفق ما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس».

وقال المسؤول إن الإدارة الجديدة، في أول يوم له في منصبه، ستنهي ما يسميه ترمب بشكل غير صحيح «تفويضاً» للسيارات الكهربائية. على الرغم من عدم وجود تفويض من الرئيس الديمقراطي المنتهية ولايته لفرض شراء السيارات الكهربائية، فإن سياساته سعت إلى تشجيع الأميركيين على شراء السيارات الكهربائية وشركات السيارات على التحول من السيارات التي تعمل بالوقود إلى السيارات الكهربائية.

هدّد ترمب، خلال حملته الانتخابية وبعد فوزه في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، بفرض رسوم جمركية على الصين والمكسيك وكندا ودول أخرى. ولكن يبدو أنه يتراجع حتى الآن عن فرض ضرائب أعلى على الواردات. وأشار المسؤول إلى تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» يقول إن ترمب سيوقع فقط على مذكرة تطلب من الوكالات الفيدرالية دراسة القضايا التجارية.

ومع ذلك، تعهد ترمب في خطاب تنصيبه بأن التعريفات الجمركية قادمة، وقال إن الدول الأجنبية ستدفع العقوبات التجارية، على الرغم من أن هذه الضرائب يدفعها المستوردون المحليون حالياً وغالباً ما يتم تمريرها إلى المستهلكين.

لقد كان قرار التوقف ودراسة التعريفات الجمركية إشارة إلى الحكومة الكندية بأنه يجب أن تكون مستعدة لجميع الاحتمالات تقريباً بشأن اتجاه التجارة مع الولايات المتحدة.

«ربما يكون قد اتخذ قراراً بتعليق التهديد بالتعريفات الجمركية نوعاً ما على قائمة كاملة من الدول. سننتظر ونرى»، وفق ما قال وزير المالية الكندي دومينيك لوبلانك. أضاف: «لقد كان السيد ترمب في ولايته السابقة غير قابل للتنبؤ، لذا فإن مهمتنا هي التأكد من أننا مستعدون لأي سيناريو».

وبشكل عام، يواجه الرئيس الجمهوري مجموعة من التحديات في تحقيق طموحاته في خفض الأسعار. فقد نجح بايدن في خفض معدل التضخم على مدار عامين، إلا أنه سيغادر منصبه مع استمرار نمو الأسعار الذي فاق نمو الأجور على مدار السنوات الأربع الماضية.

ومن بين الدوافع الكبيرة للتضخم استمرار نقص المساكن، كما أن إنتاج النفط الأميركي وصل بالفعل إلى مستويات قياسية، حيث يواجه المنتجون حالة من عدم اليقين بشأن الطلب العالمي هذا العام.

مجلس الاحتياطي الفيدرالي هو من الناحية الفنية الهيئة الحكومية المكلفة الحفاظ على التضخم عند هدف سنوي يبلغ 2 في المائة تقريباً. وتتمثل أدواته المعتادة في تحديد أسعار الفائدة قصيرة الأجل لإقراض البنوك لبعضها البعض، بالإضافة إلى مشتريات السندات والاتصالات العامة.

وقال ترمب إن إنتاج الموارد الطبيعية هو المفتاح لخفض التكاليف بالنسبة للمستهلكين الأميركيين، سواء في المضخة أو في فواتير الخدمات العامة.

تتخلل أسعار الطاقة كل جزء من الاقتصاد، لذا فإن زيادة إنتاج الولايات المتحدة من النفط والغاز الطبيعي وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. وقد اشتكى ترمب، الذي تعهد باستعادة «هيمنة الولايات المتحدة في مجال الطاقة»، من أن إدارة بايدن حدّت من إنتاج النفط والغاز في ألاسكا.

ومع ذلك، ووفقاً للأوزان الترجيحية لمؤشر أسعار المستهلك، فإن الإنفاق على الطاقة يمثل في المتوسط 6 في المائة فقط من النفقات، أي أقل بكثير من الغذاء (13 في المائة) أو المأوى (37 في المائة).

عاد التضخم، الذي كان خامداً لعقود، إلى الظهور من جديد في أوائل عام 2021 مع تعافي الاقتصاد بقوة غير متوقعة من عمليات الإغلاق بسبب كوفيد-19. طغت الطفرة في طلبات العملاء على سلاسل التوريد في أميركا، ما تسبب في حدوث تأخيرات ونقص وارتفاع الأسعار. وكافحت مصانع رقائق الحاسوب والأثاث وغيرها من المنتجات في جميع أنحاء العالم للانتعاش.

وقد سارع المشرعون الجمهوريون إلى إلقاء اللوم على إدارة بايدن في إغاثة إدارة بايدن من الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار، على الرغم من أن التضخم كان ظاهرة عالمية تشير إلى عوامل تتجاوز السياسة الأميركية. وازداد التضخم سوءاً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية.

ورداً على ذلك، رفع «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة القياسي 11 مرة في عامي 2022 و2023. انخفض التضخم من أعلى مستوى له منذ أربعة عقود عند 9.1 في المائة في منتصف عام 2022. لكن التضخم ارتفع منذ سبتمبر (أيلول) إلى معدل سنوي بلغ 2.9 في المائة في ديسمبر (كانون الأول).

من المحتمل أن تحتاج العديد من الخطوات التي يتخذها ترمب إلى موافقة الكونغرس. تنتهي أجزاء من تخفيضاته الضريبية لعام 2017 بعد هذا العام، ويعتزم ترمب تمديدها وتوسيعها بتكلفة قد تتجاوز 4 تريليونات دولار على مدى 10 سنوات. ويرى ترمب أن التخلص من الدعم المالي للطاقة المتجددة في عهد بايدن هو وسيلة محتملة لتمويل تخفيضاته الضريبية.