تونس: تمديد الطوارئ وإقالة مسؤولين على خلفية الاحتجاجات

«النهضة» قلقة من التعيينات الجديدة للشاهد

تونس: تمديد الطوارئ وإقالة مسؤولين على خلفية الاحتجاجات
TT

تونس: تمديد الطوارئ وإقالة مسؤولين على خلفية الاحتجاجات

تونس: تمديد الطوارئ وإقالة مسؤولين على خلفية الاحتجاجات

أعلنت الرئاسة التونسية أمس تمديد حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر، وأفادت في بيان بأن الرئيس الباجي قايد السبسي قرر بعد استشارة رئيس البرلمان بشأن الأوضاع الأمنية في البلاد وعلى الحدود تمديد الطوارئ لمدة شهر آخر بدءا من يوم غد.
وجاء هذا القرار بعد ساعات من إعلان يوسف الشاهد، رئيس الحكومة التونسية، عن إعفاء كل من والي (محافظ) جندوبة (شمال غربي)، ومعتمد مدينة فرنانة (المسؤول الحكومي المحلي)، والكاتب العام لبلدية فرنانة من مهامهم، وذلك على خلفية التحركات الاحتجاجية التي شهدتها منطقة فرنانة على مدى أسبوع، بعد انتحار شاب من المنطقة حرقًا أمام مقر البلدية.
وكانت تلك الحادثة منطلقًا لتحركات مطالبة بالتنمية الجهوية، وتفعيل التمييز الإيجابي بين الجهات، وخلق فرص الشغل والاهتمام بالبنية التحتية، وكان من ضمن مطالب المحتجين إقالة والي جندوبة، والمسؤولين الحكوميين بمدينة فرنانة.
وتطورت الاحتجاجات الأخيرة لتبلغ حد منع الشاحنات من إدخال مواد كيميائية إلى محطة ضخ المياه الموجودة في الخزان بمدينة فرنانة، وهو خزان يزود عدة مدن تونسية، من بينها العاصمة بالماء الصالح للشرب، ولجأت الحكومة لاستعمال القوة العامة لإيصال تلك المواد.
وتخشى السلطات التونسية من تكرر امتداد الاحتجاجات الاجتماعية من مدينة إلى أخرى، على غرار ما حصل خلال السنة الماضية حين أقدم شاب من مدينة القصرين (وسط غربي على اعتلاء عمود كهربائي وموته صعقًا بالكهرباء، وذلك بعد سحب اسمه من قائمة الناجحين في إحدى مناظرات القطاع العام.
وكان البرلمان التونسي قد خصص جلسة عامة للنظر في الوضع الاجتماعي المحتقن في منطقة فرنانة من ولاية جندوبة، فيما أعلنت الحكومة عن تنظيم مجلس وزاري اليوم للنظر في مطالب الجهة.
وخلال تلك الجلسة البرلمانية، دعا عدد من نواب البرلمان في مداخلاتهم إلى إقالة معتمد فرنانة، والكاتب العام للمعتمدية ووالي جندوبة، واعتبر شاكر العيادي، النائب في البرلمان عن منطقة جندوبة، أن والي جندوبة لا يؤدي مهامه على أكمل وجه، وطالب برحيله.
أما النائب فيصل التبيني (حزب الفلاحين) فقد انتقد تعامل الحكومة مع الاحتقان الشعبي والاحتجاجات التي تعيشها فرنانة منذ أكثر من أسبوع، ودعا إلى تفهم مطالب المحتجين والاستفادة من مظاهر الاحتجاج السلمي، على حد تعبيره.
وفي السياق ذاته، أجرى رئيس الحكومة حركة جزئية على المسؤولين في الجهات، شملت 12 محافظًا من بين 25 محافظة في تونس.
واعتمد رئيس الحكومة في التعيينات الجديدة عدة مقاييس، من بينها الكفاءة والشباب، خاصة في المناطق الساخنة التي تعرف احتجاجات اجتماعية تطالب بالتنمية والتشغيل.
كما غيرت الحكومة المسؤولين في ولايات تونس العاصمة، وعينت عمر منصور وزير العدل السابق في هذا المنصب، كما شهدت ولايات الجنوب التي تعرف تحركات احتجاجية تغييرات شملت قبلي، حيث تولى المسؤولية وليد اللوقيني المتحدث السابق باسم وزارة الداخلية، علاوة على توزر وقابس. كما عرفت ولاية القصرين تعيين حسين الخديمي واليًا على المنطقة، وهو خريج كلية العلوم بتونس عمل بالإدارة العامة للعمليات بوزارة الداخليّة.
وفي تعليقه على حركة الولاة التي أعلنت عنها الحكومة، قال زبير الشهودي، عضو شورى حركة النهضة، في تصريح إعلامي إن هناك غموضًا حول معايير إعفاء الولاة، باعتبارهم المسؤولين بالمقام الأول على مستوى الجهات، مضيفًا أن منهجية تقييم الأداء غابت عن حركة الولاة الأخيرة، وأن «خطوات رئيس الحكومة يوسف الشاهد في التعيينات الأخيرة، وخصوصًا في ما يهم حركة نقل الولاة، لا تبعث عن الطمأنينة على مسار حكومة الوحدة الوطنية، كما أن شفافية التعيينات ينقصها الوضوح»، على حد تعبيره.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.